أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 1037

جلسة 24 من أبريل سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فودة، محمد لطفي السيد، ومحمد لبيب الخضري.

(207)
الطعن رقم 267 لسنة 43 القضائية

1 - قضاة "رد القاضي". دعوى "وقف الدعوى". بطلان "بطلان الأحكام".
تقديم طلب الرد. مؤداه. وقف الدعوى الأصلية بقوة القانون. الحكم فيها أن القاضي المطلوب رده قبل الفصل في الطلب. أثره البطلان. علة ذلك.
2 - استئناف. دعوى "ترك الخصومة". قضاة "رد القاضي".
تنازل الطاعن عن طلب الرد بعد إبدائه طلبه الأصلي بالفصل فيه. أثره. عدم قبول التنازل. علة ذلك.
1 - مؤدى نص المادة 162 من قانون المرافعات أن وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم في طلب الرد - يتم بقوة القانون ودون ما حاجة إلى صدور حكم بذلك، وقضاء القاضي المطلوب رده في الدعوى قبل الفصل في طلب الرد هو قضاء ممن حجب عن الفصل في الدعوى لأجل معين، ومن ثم يقع باطلاً لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة تقرر لاعتبارات تتصل بالاطمئنان إلى توزيع العدالة.
2 - يشترط في الترك أن يكون جازماً وقاطعاً وغير معلق على شرط أراده التارك من شأنه تمسكه بذات الحق أو الخصومة محل التنازل أو بأي أثر من آثارها وإذ كان الثابت أن طلب الطاعن إثبات تنازله عن طلب الرد إنما أبدي منه تالياً لطلبه الأصلي الفصل في طلب رد القاضي المطعون ضده وطلبه الاحتياطي إحالة الدعوى إلى التحقيق، بما مؤداه اقتران هذا التنازل بشرط عدم إجابته إلى طلبه الأصلي وهذا يعني تمسكه بخصومة الاستئناف وبحقه في طلب الرد الذي يصبح لا وجود له بالحكم الذي صدر في طلبه الأصلي بتأييد الحكم المستأنف الصادر برفض طلب الرد وبهذا الحكم يزول محل التنازل وتنتهي ولاية المحكمة وتكون الخصومة في الاستئناف قد انتهت.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن - وهو المستشكل في الإشكال رقم 1744 سنة 1970 مدني تنفيذ عابدين - قرر في 2/ 1/ 1970 بقلم كتاب تلك المحكمة برد القاضي المطعون ضده عن نظر الإشكال فقيد طلبه برقم 132 سنة 1971 مدني كلي القاهرة، وقال الطاعن بياناً له أنه سبق أن طلب رد قاضي الإشكال السابق الذي حجزه للحكم فلا يجوز نزع الدعوى من يده إلى أن يصدر قضاء بوقفها حتى يفصل في طلب الرد أو يعيدها القاضي إلى المرافعة، بيد أن المستشار رئيس المحكمة ندب المطعون ضده لنظر الإشكال، ومن ثم تقدم الطاعن متظلماً من ذلك طالباً إبطال أمر الندب وإنهاء طلب الرد تبعاً لذلك، واحتياطياً برد القاضي المطعون ضده ومن باب الاحتياط البعيد النزول بالغرامة إلى الحد الأدنى، وقد أجاب المطعون ضده على طلب الرد بطلب رفضه. وفي 25/ 4/ 1971 قضت المحكمة: أولاً: بعدم قبول التظلم فيما أمر به المستشار رئيس المحكمة بندب القاضي المطعون ضده شكلاً، ثانياً: برفض طلب الرد وبإلزام الطاعن مصروفاته مع تغريمه خمسين جنيهاً. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2139 سنة 88 قضائية القاهرة وفي مذكرته الختامية انتهى إلى طلب الحكم: أولاً: أصلياً برد القاضي المطعون ضده واحتياطياً بإحالة الدعوى إلى التحقق لإثبات ما دار بمحضر الجلسة، ثانياً: في حالة قبول التنازل عن طلب الرد مع الإعفاء من الغرامة فإنه يقرر بالتنازل, ثالثاً: من باب الاحتياط البعيد النزول بالغرامة إلى الحد الأدنى، وبجلسة 30/ 1/ 1973 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الإشكال يبقى في حوزة القاضي السابق الذي حجزه للحكم طالما لم يصدر فيه قضاء بوقفه حتى يفصل في طلب رده أو بإعادته للمرافعة ومن ثم فلم يكن يجوز ندب القاضي المطعون ضده لنظر الإشكال قبل صدور مثل هذا القرار، ولا يغني عن ذلك ما قرر الحكم المطعون فيه من أن الوقف يقع بقوة القانون إذ لا بد من حكم يقرر ذلك.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك لأن المادة 162 من قانون المرافعات تنص على أنه "يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيها نهائياً. ومع ذلك يجوز للمحكمة في حال الاستعجال وبناء على طلب الخصم الآخر ندب قاضي بدلاً ممن طلب رده.." ومؤدى ذلك أن الوقف في هذه الحالة إنما يتم بقوة القانون ودون ما حاجة إلى صدور حكم بذلك، وقضاء القاضي المطلوب رده في الدعوى قبل الفصل في طلب الرد هو قضاء من حجب عن الفصل في الدعوى لأجل معين، ومن ثم يقع باطلاً لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة تقرير لاعتبارات تتصل بالاطمئنان إلى توزيع العدالة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون النعي عليه بمخالفته في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ومخالفة قواعد الإثبات بعدم إجابته إلى طلبه الإحالة على التحقيق لإثبات ما دار بمحضر الجلسة.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك لأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب إجراء التحقيق ليس حقاً للخصوم وإنما للمحكمة عدم الاستجابة إليه متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد رفض طلب الإحالة إلى التحقيق "لأن المستأنف" الطاعن لم يبين الوقائع التي يريد إثباتها للتدليل على أن السيد القاضي كون رأيه مقدماً.... وأن محضر الجلسة هو محضر رسمي لا يجوز إثبات عكس ما جاء به إلا بالطعن بالتزوير.. وكان ذلك صحيحاً قانوناً، فإن ما انتهت إليه من رفض طلب الإحالة إلى التحقيق يكون محمولاً على ما يكفي لحمله ولا إخلال فيه بحق الطاعن في الدفاع ويضحى النعي بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون في وجه آخر، وفي بيان ذلك يقول أنه تنازل عن طلب الرد إلا أن الحكم المطعون فيه اشترط لقبوله أن يتم هذا التنازل أمام محكمة أول درجة وقبل أن يبدي القاضي طلباته حال أن الاستئناف يعيد الدعوى إلى حالتها الأولى وتقضي المحكمة الاستئنافية فيها كأنها لم تقدم من بادئ الأمر إلا إليها، كما أن طالب الرد لا يتصل علمه بالدعوى إلا بعد أن يقدم القاضي رده على الطلب إذ عقب ذلك تحدد الجلسة لنظره.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك لأنه ولئن كان الاستئناف - عملاً بالمادة 232 من قانون المرافعات - ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف وبالتالي يجوز التنازل في الاستئناف عن الحق المرفوع به الدعوى أصلاً أو عن الخصومة في الاستئناف ودون إعمال حكم المادة 142/ 2 من قانون المرافعات من اشتراط قبول خصم التارك إذا ما كان قد أبدى طلباته وذلك في حالة رد القاضي، لأن القاضي ليس طرفاً ذا مصلحة شخصية في الخصومة - لئن كان ذلك - إلا أنه يشترط في الترك أن يكون جازماً وقاطعاً وغير معلق على شرط أراده التارك من شأنه تمسكه بذات الحق أو الخصومة محل التنازل أو بأي أثر من آثارها, وإذ كان الثابت أن طلب الطاعن إثبات تنازله عن طلب الرد أنما أبدى منه تالياً لطلبه الأصلي الفصل في طلب رد القاضي المطعون ضده وطلبه الاحتياطي إحالة الدعوى إلى التحقيق، بما مؤداه اقتران هذا التنازل بشرط عدم إجابته إلى طلبه الأصلي وهذا يعني تمسكه بخصومة الاستئناف وبحقه في طلب الرد الذي يصبح لا وجود له بالحكم الذي صدر في طلبه الأصلي بتأييد الحكم المستأنف الصادر برفض طلب الرد وبهذا الحكم يزول محل التنازل وتنتهي ولاية المحكمة وتكون الخصومة في الاستئناف قد انتهت، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون وبحسبه ذلك فلا يجدي الطاعن تعييبه له بما تردى فيه من تقريرات قانونية خاطئة يبقى قائماً وصحيحاً بدونها ويكون النعي بهذا السبب غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.