أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 657

جلسة 22 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وعبد العال السمان.

(273)
الطعن رقم 2026 لسنة 52 القضائية

(1، 2) قضاة "مخاصمة القضاة". قانون "قانون الأحكام العسكرية".
(1) القواعد المنظمة لدعوى المخاصمة. المواد 494، 495، 497 مرافعات. نطاق سريانها قضاة المحاكم العادية وأعضاء النيابة لديها. امتداد سريانها على العاملين لدى جهات قضائية أخرى. شرطه. النص في قانون آخر على ذلك. نص المادة العاشرة من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966. مفاده.
(2) الحكم بالغرامة المبينة بالمادة 499 من قانون المرافعات. شرطه. خضوع المخاصم لأحكام هذه الدعوى. علة ذلك. اعتباره شرطاً شكلياً لازماً لقبول هذه الدعوى.
1- النص في المواد 494، 495، 497 من قانون المرافعات يدل على أن القواعد المنظمة لدعوى المخاصمة لا تسري إلا على المخاطبين بأحكامها من قضاة المحاكم العادية وأعضاء النيابة العامة لديها، ولا يمتد سريانها على غيرهم ممن يعملون لدى جهات قضائية أخرى إلا إذا نص قانون آخر على ذلك، وإذ كان قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 في المواد 60، 61، 62 قد نظم حالات عدم صلاحية القضاة العسكريين لنظر الدعوى وطلب ردهم عن نظرها دون أن يرد به نص على جواز مخاصمتهم طبقاً لقواعد دعوى مخاصمة قضاء المحاكم العادية المقررة بقانون المرافعات، وكان نص المادة العاشرة من القانون آنف الذكر إنما قصد به الإحالة إلى القوانين العامة في شأن ما يعتري مواد قانون الأحكام العسكرية من نقض في الأحكام المتعلقة بالإجراءات أو العقوبات الخاصة بالدعاوى الجنائية التي يختص القضاء العسكري بنظرها دون إجراءات الدعاوى المدنية التي حظرت المادة 49 منه على المحاكم العسكرية قبول نظرها، وأما النص الآخر الذي أشار إليه الطاعن والمقرر بالمادة 58 من هذا القانون فلا يستفاد منه إخضاع هؤلاء القضاة العسكريين للقواعد المنظمة لدعوى المخاصمة التي تسري على قضاة المحاكم العادية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه انتهى في منطوقه إلى القضاء بعدم جواز مخاصمة المطعون ضدهم الثلاثة الأول تأسيساً على أن دعوى المخاصمة المرفوعة عليهم غير مقبولة لعدم انطباق أحكامها على قضاة المحاكم العسكرية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - مفاد نص المادتين 496، 499 من قانون المرافعات أن الحكم بالغرامة يكون عندما تفصل المحكمة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وتقضي بعدم جواز المخاصمة أو برفضها وهو ما لا يتأتى لها إلا بعد التحقق من خضوع المخاصم لأحكام هذه الدعوى باعتباره شرطاً شكلياً لازماً لقبول هذه الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مورث الطاعنين أقام على المطعون ضدهم الثلاثة الأول رئيس وعضوي المحكمة العسكرية العليا دعوى المخاصمة المقيدة برقم 2080 لسنة 99 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة بطلب الحكم بتعلق أوجه المخاصمة بالدعوى رقم 7 لسنة 81 عسكرية أمن دولة عليا والقضاء بصحة المخاصمة، وقال شرحاً للدعوى أن السادة المخاصمين ارتكبوا غشاً وتدليساً وخطأ مهنياً جسيماً يتمثل في رفضهم سماع شهود النفي وإثبات طلبات الدفاع الجوهرية في تغيير محاضر جلسات نظر الدعوى واستبدال محاضر أخرى بها تتضمن بيانات مخالفة لحقيقة ما أثبت في المحاضر الأولى، ثم عزلهم لمحاميه الموكل عنه وندب محام آخر عنه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأثناء نظر الدعوى طلب المطعون ضده الرابع قبول تدخله للقضاء بعدم قبول الدعوى، وبتاريخ 13 من مايو سنة 1982 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون ضده الأخير وبعدم جواز المخاصمة وبتغريم رافعها خمسين جنيهاً، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم قضى بعدم جواز مخاصمة المطعون ضدهم الثلاثة الأول على سند من عدم سريان أحكام دعوى المخاصمة الواردة في المواد 494 وما بعدها من قانون المرافعات على قضاة المحاكم العسكرية، وإلى أن دعوى المخاصمة التي دعوى بطلان للحكم تتعارض أحكامها مع ما نصت عليه المادة 117 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 من حظر الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية أمام أية هيئة قضائية أو إدارية هذا في حين أن المستفاد من نص المادتين 10، 58 من هذا القانون هو انطباق أحكام دعوى المخاصمة على قضاة المحاكم العسكرية، كما أن النص في ذلك القانون على منع الطعن في الأحكام التي تصدر من هذه المحاكم ليس من شأنه أن يحول دون - رفع دعوى المخاصمة إذ هي ليست سبيلاً للطعن في الأحكام الأمر الذي يكون معه الحكم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن النص في المادة 494 من قانون المرافعات على أنه (تجوز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في الأحوال الآتية...." وفي المادة 495 منه على أن "ترفع دعوى المخاصمة بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة....." وفي المادة 497 على أنه "إذا حكم بجواز قبول المخاصمة وكان المخاصم أحد قضاة المحكمة الابتدائية أو أحد أعضاء النيابة لديها حدد الحكم جلسة لنظر موضوع المخاصمة في جلسة علنية أمام دائرة أخرى.... وإذا كان المخاصم مستشاراً في إحدى محاكم الاستئناف أو النائب العام أو المحامي العام فتكون الإحالة على دائرة خاصة..... أما إذا كان المخاصم مستشار بمحكمة النقض فتكون الإحالة إلى دوائر المحكمة مجتمعة ". يدل على أن القواعد المنظمة لدعوى المخاصمة لا تسرى إلا على المخاطبين بأحكامها من قضاة المحاكم العادية وأعضاء النيابة لديها، ولا يمتد سريانها على غيرهم ممن يعملون لدى جهات قضائية أخرى إلا إذا نص قانون آخر على ذلك، وإذ كان قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 في المواد60، 61، 62 قد نظم حالات عدم صلاحية القضاة العسكرية لنظر الدعوى وطلب ردهم عند نظرها..... دون أن يرد به نص على جواز مخاصمتهم طبقاً لقواعد دعوى مخاصمة قضاة المحاكم العادية المقررة بقانون المرافعات، وكان ما يتذرع به الطاعن من النص في المادة 10 من القانون آنف الذكر على أن "تطبق فيما لم يرد بشأنه نص في القانون النصوص الخاصة بالإجراءات والعقوبات الواردة في القوانين العامة". إنما قصد به الإحالة إلى القوانين العامة في شأن ما يعتري مواد قانون الأحكام العسكرية من نقص في الأحكام المتعلقة بالإجراءات أو العقوبات الخاصة بالدعاوى الجنائية التي يختص القضاء العسكري بنظرها دون إجراءات الدعاوى المدنية التي حظرت المادة 49 منه على المحاكم العسكرية قبول نظرها، وأما النص الآخر الذي أشار إليه الطاعن والمقرر بالمادة 58 من هذا القانون من أن "يعتبر ضباط القضاء العسكري نظراء للقضاة المدنين". فلا يستفاد منه إخضاع هؤلاء القضاة العسكريين للقواعد المنظمة لدعوى المخاصمة التي تسري على قضاة المحاكم العادية، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه انتهى في منطوقه إلى القضاء بعدم جواز مخاصمة المطعون ضدهم الثلاثة الأول تأسيساً على أن دعوى المخاصمة المرفوعة عليهم غير مقبولة لعدم انطباق أحكامها على قضاة المحاكم العسكرية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه ما استطرد إليه تزيداً من أسباب تنطوي على الخطأ طالما كان قضاؤه لم يتأثر بها من ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور في التسبيب إذ تمسك الطاعنان أمام محكمة الاستئناف ببطلان حضور المطعون ضده الرابع وتدخله في الدعوى في مرحلة حظر قبول دعوى المخاصمة في غرفة مشورة، إلا أن المحكمة التفتت عن بحث هذا الدفع والتعرض له وقضت بقبول هذا التدخل وهو ما يعيب حكمها بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأنه متى كان الحكم المطعون فيه انتهى صحيحاً في قضائه إلى أن دعوى مخاصمة القضاة العسكريين المطعون ضدهم الثلاثة الأول غير مقبولة لعدم انطباق أحكامها على هؤلاء القضاة فإن النعي الذي يثيره الطاعن في شأن خطأ الحكم في قبول تدخل المطعون ضده الرابع بصفته. أياً كان وجه الرأي فيه يعد نعياً غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون الخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم بعد أن انتهى إلى عدم خضوع القضاة المطعون ضدهم الثلاثة الأول لأحكام دعوى المخاصمة الوارد في قانون المرافعات قضى بتغريم مورثهما بالغرامة المنصوص عليها في المادة 494/ 1 من هذا القانون الذي يتعين للقضاء بها أن يخضع المخاصم لأحكام هذه الدعوى و بألا تتعلق أوجه المخاصمة بها وتقضي المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن النص في المادة 496 من قانون المرافعات على أن "تحكم المحكمة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها وذلك بعدم سماع الطلب......" وفي المادة 499 منه على أنه "إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها حكم على الطالب بغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تزيد عن مائتي جنيه......" مفاده أن الحكم بالغرامة يكون عندما تفصل المحكمة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وتقضي بعدم جواز المخاصمة أو برفضها وهو ما لا يتأتى لها إلا بعد التحقق من خضوع المخاصم لأحكام هذه الدعوى، باعتباره شرطاً شكلياً لازماً لقبول هذه الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن قضى بعدم جواز مخاصمة المطعون ضدهم الثلاثة الأول تبعاً لعدم خضوعهم لأحكام دعوى المخاصمة حكم بإلزام مورث الطاعنين بالغرامة المنصوص عليها في المادة 496 من المواد المنظمة لهذه الدعوى في قانون المرافعات فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص قضائه بهذه الغرامة.