أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 668

جلسة 25 من يونيه 1989

برئاسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فواد شرباش، عبد النبي خمخم نائبي رئيس المحكمة، محمد عبد البر حسين وحسام الدين الحناوي.

(275)
الطعن رقم 1499 لسنة 53 القضائية

خبرة. محكمة الموضوع "بطلان. حكم" تسبيبه "القصور".
ندب المحكمة خبيراً لاستكمال عناصر النزاع دون استبعاد تقارير الخبراء السابق تقديمها، إقامة قضائها على أحد التقارير دون تقرير الخبير الأخير لا بطلان. شرطه.
(1) لئن كان لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تقدير ما يدلي به الخبراء من آراء وأن الحكم بندب خبير ثان في الدعوى دون استبعاد تقرير الخبير الأول لا يعدو أن يكون إجراء تتخذه المحكمة لاستكمال عناصر النزاع فلا يحول ذلك دون رجوعها إلى تقرير الخبير الأول والأخذ به عند الفصل في موضوع الدعوى إلا أن الحكم يجب أن يكون فيه بذاته كما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد محضت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه، وذلك باستعراض هذه الأدلة والتعليق عليها بما ينبئ عن دراسة أوراق الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 167 لسنة 1975 أمام محكمة بور سعيد الابتدائية على الطاعنين طعناً في قرار لجنة تحديد الأجرة الصادر بشأن الشقة المبينة بالصحيفة وطلب الحكم بإلغاء هذا القرار وبتقدير أجرة الشقة وفقاً للقانون - ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتقدير أجرة العين محل النزاع بمبلغ 11.440 جنيه. استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بور سعيد" برقم 208 لسنة 21 قضائية، وندبت المحكمة لجنة من ثلاثة خبراء، وبعد أن قدمت اللجنة تقريرها قضت بتاريخ 23/ 4/ 1983 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أن محكمة الاستئناف ندبت لجنة من ثلاث خبراء لفحص اعتراضاتهما على تقرير الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه استناداً إلى تقرير الخبير الذي ندبته هذه المحكمة دون أن يعرض لتقرير لجنة الخبراء أو يشير في مدوناته إلى سبق انتداب محكمة الاستئناف لهم مما يدل على أن المحكمة لم تفطن لسابقة ندبها لهؤلاء الخبراء بدليل أنها تصدت لبحث شكل الاستئناف مع أنه محكوم من قبل بقبوله شكلاً.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لئن كان لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تقدير ما يدلي به الخبراء من آراء وأن الحكم بندب خبير ثان في الدعوى دون استبعاد تقرير الخبير الأول لا يعدو أن يكون إجراء تتخذه المحكمة لاستكمال عناصر النزاع فلا يحول ذلك دون رجوعها إلى تقرير الخبير الأول والأخذ به عند الفصل في موضوع الدعوى إلا أن الحكم يجب أن يكون فيه بذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد محصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه، وذلك باستعراض هذه الأدلة والتعليق عليها بما ينبئ عن دراسة أوراق الدعوى - لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن محكمة الاستئناف أصدرت بتاريخ 8/ 2/ 1981 حكماً تناولت فيه الرد على السبب الأول للاستئناف المتعلق ببطلان الحكم المستأنف وانتهت في قضائها إلى قبول الاستئناف شكلاً وندب ثلاث خبراء لأداء المأمورية التي أفصح عنها منطق الحكم، وكان الثابت أن هؤلاء الخبراء باشروا مأموريتهم وأودعوا تقريرهم عنها خلصوا فيه إلى تقدير أجرة شقة النزاع على نحو مغاير لما انتهى إليه خبير محكمة أول درجة الذي أخذه به الحكم المستأنف، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عاود القضاء بقبول الاستئناف شكلاً وعرض في أسبابه للرد على سبب الاستئناف المتعلق ببطلان الحكم المستأنف رغم سابقة قضاء المحكمة في هذين الأمرين وخلت أسبابه من الإشارة إلى سبق ندب المحكمة للخبراء الثلاثة وما انتهى إليه تقريرهم ولم يعرض لمناقشة هذا التقرير بشأن وجه الخلاف بينه وبين تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المستأنف، وقضى بتأييد هذا الحكم على سند من سلامة التقرير الذي أخذ به مما يحمل على أنه لم يتبين مراحل الدعوى أمام محكمة الاستئناف، ولم يفطن لوجود تقرير آخر بها من ثلاثة خبراء سبق أن ندبتهم المحكمة، ولم يحط بما جاء في هذا التقرير، ولم يناقش وجه الخلاف بينه وبين تقرير خبير محكمة أول درجة رغم ما قد يكون لذلك من أثر في تغيير وجه الرأي في الدعوى فيما لو عرضت له المحكمة الأمر الذي يعيب الحكم بقصور التسبيب ويوجب نقضه.