أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 671

جلسة 26 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى زعزوع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ طلعت أمين صادق، كمال نافع، يحيى عارف وكمال محمد مراد.

(276)
الطعن رقم 2564 لسنة 52 القضائية

(1 - 3) نقض "أثر نقض الحكم". حكم "تسبيب الحكم". إيجار "إيجار الأماكن. هلاك العين المؤجرة" محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
(1) نقض الحكم والإحالة. التزم المحكمة المحال إليها بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض، م 269 مرافعات. المقصود بالمسألة القانونية. ما طرح على محكمة النقض وأدلت برأيها فيه فاكتسب حجية الأمر المقضي. امتناع محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى عن المساس بهذه الحجية. لها بناء حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى.
(2) نقض الحكم لقصور في التسبيب ولو تطرق لبيان أوجه القصور لا يتضمن حسماً لمسألة قانونية تلتزم محكمة الإحالة بإتباعها. مثال بصدد دعوى إخلاء لهلاك العين المؤجرة.
(3) تقدير ما إذا كان الهلاك كلياً أو جزئياً للعين المؤجرة. من مسائل الواقع. خضوعه لسلطان قاضي الموضوع. متى أقام قضاءه على أسباب سائغة. مثال في إيجار بصدد قسمة محل تجاري إلى حانوتين.
1 - لئن كانت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات قد نصت في عجزها على أنه يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها إلا أنه لما كان المقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد ويصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيه بحيث يمتنع على ولمحكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية وما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنفوض ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها.
2 - نقض الحكم للقصور في التسبيب - أياً كان وجه هذا القصور - لا يعدو أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن تشمل الأحكام الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة "بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية حتى ولو تطرق لبيان أوجه القصور في الحكم المنقوض. لما كان ذلك، وكان الحكم النقض قد عاب على الحكم المنقوض قصوره في التسبيب إذ لم يرد على دفاع الطاعن والمستندات التي قدمها ولم يحقق ما إذا كانت العين المؤجرة قد هلكت هلاكاً كلياً وأقيم مكانها عين أخرى هي التي استأجرها الطاعن وكان هذا الذي أورده الحكم الناقض لا يتضمن فصلاً في مسألة قانونية اكتسبت قوة الأمر المقضي بحيث تحول بين محكمة الإحالة وبين معاودة النظر في دفاع الطاعن ومستنداته أو تحول بينها وبين الرد على هذا الدفاع بما يكفي لحمله مع تبيان مصدرها في ذلك من الأوراق أو تحول بينها وبين دحض دلاله مستندات الطاعن بدلالة أقوى منها بل لا تحول بينها وبين أن تبني حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصر الدعوى وهي في ذلك لا يقيدها إلا التزامها بتسبيب حكمها خضوعاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات.
3 - المقرر أن تقدير ما إذا كان الهلاك كلياً أو جزئياً - للعين المؤجرة - من مسائل الواقع التي تخضع لسلطان قاضي الموضوع وتقديره دون رقابة محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة وكان ما استخلصه الحكم بشأن ما تم من تعديل بالعين المؤجرة لا ينطبق عليه حالة الهلاك الكلي مستدلاً في ذلك من أن قسمة المحل إلى حانوتين لا تنفي معه الفائدة المرجوة من المحل وهو الانتفاع به على وجه دائم هو استخلاص سائغ ولا يغير منه ما ورد بالمستندات التي قدمها الطاعن والمشار إليها بسببي النعي ذلك أنها وإن كانت تفيد إجراء تعديلات جوهرية بالعين المؤجرة بحيث تعد في حكم المنشأة حديثاً إلا أنها لا تعني هلاك العين المؤجرة هلاكاً كلياً وإقامة عين جديدة بدلاً منها، ومن ثم يكون عقد المطعون ضدهم الستة الأول قائماً ويكون العقد الذي حرره المالك للطاعن في تاريخ لاحق عقداً ثانياً باطلاً طبقاً للمادتين 16/ 3، 44 ق 52 لسنة 1969 والمادة 135 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الستة الأول أقاموا الدعوى رقم 1524 لسنة 1975 أسيوط الابتدائية للحكم بإخلاء الطاعن من المحل المبين الحدود والمعالم بالصحيفة والتسليم استناداً إلى أن مورثهم كان يستأجر محلاً في عقار آلت ملكيته للمطعون ضده السابع الذي اتفق معه على الإخلاء المؤقت لإقامة أعمدة خرسانية وتقوية الأساسات لإقامة دور علوي به إلا أنه قام بتجزئة المحل إلى محلين أجرا إحداهما إلى آخر تمكنوا من استرداده منه وأجر الثاني إلى الطاعن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بالإخلاء والتسليم استأنف الطاعن بالاستئناف رقم 74 سنة 54 في أسيوط وبتاريخ 13/ 11/ 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم واحد لسنة 50 ق وبتاريخ 6/ 6/ 1981 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة وبعد تعجيل الاستئناف حكمت المحكمة بتاريخ 14/ 11/ 1982 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن المحل موضوع النزاع وإن زالت بعض معالمه وتقسيمه إلى محلين إلا أنه لم تنتفي معه الفائدة المرجوة منه وهي الانتفاع به على وجه دائم ولا تعتبر العين قد هلكت هلاكاً كلياً وبالتالي فلا محل لإعمال نص المادة 569/ 1 مدني وبذلك لم يلتزم الحكم بما قضت به محكمة النقض في الطعن رقم واحد لسنة 50 ق إعمالاً لنص المادة 269/ 2 من قانون المرافعات التي توجب على محكمة الاستئناف التزام الحكم الناقض في المسألة القانونية التي فصل فيها وحاصلها أن الحكم المنقوض قد شابه قصور في التسبيب إذ لم يرد على ما أثاره الطاعن من دفاع حول هلاك العين المؤجرة هلاكاً كلياً بما ينفسخ معه عقد الإيجار، وما قدمه تدليلاً على ذلك من مستندات تتمثل في محضر أعمال الخبير بشأن وصف العقار استمارتي المساحة وما جاء على لسان الشهود وما ثبت بملف رخصة البناء وإشارة مديرية الإسكان بشأن قيام المالك بهدم المحلات الكائنة بالدور الأرضي دون تصريح وإفادة مجلس المدينة بتحرير محضر مخالفة للمالك ولما ثبت بالكشفين المستخرجين من الضرائب العقارية المؤرخين 17/ 12/ 1977 بشأن المحلات التي كانت كائنة قبل سنة 1972 والتي استجدت بعد ذلك وإذ كانت ما تضمنته هذه المستندات يعد جوهرياً ويتغير به وجه الرأي في الدعوى وتؤكد الهلاك الكلي للعين المؤجرة وأن إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليها يعيبه بالقصور هذا إلى أن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون حين فاضل بين عقد المطعون ضدهم الستة الأول وبين عقد الطاعن وأعمل حكم المادة 573 مدني مع أنه لا وجه للمفاضلة لانفساخ العقد الأول بالهلاك الكلي عملاً بنص المادة 569/ 1 مدني.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كانت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات قد نصت في عجزها على أنه "يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها" إلا أنه لما كان المقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية وما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنفوض ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها، وكان نقض الحكم لقصور في التسبيب - أياً كان وجه هذا القصور - لا يعدو أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن تشمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة، بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفاً حتى ولو تطرق لبيان أوجه القصور في الحكم المنقوض، لما كان ذلك وكان الحكم الناقض قد عاب على الحكم المنقوض قصوراً في التسبيب إذ لم يرد على دفاع الطاعن والمستندات التي قدمها ولم يحقق ما إذا كانت العين المؤجرة قد هلكت هلاكاً كلياً وأقيم مكانها عين أخرى هي التي استأجرها الطاعن وكان هذا الذي أورده الحكم الناقض لا يتضمن فضلاً في مسألة قانونية اكتسبت قوة الأمر المقضي بحيث تحول بين محكمة الإحالة وبين معاودة النظر في دفاع الطاعن ومستنداته أو تحول بينها وبين الرد على هذا الدفاع بما يكفي لحمله مع تبيان مصدرها في ذلك من الأوراق أن تحول بينها وبين دحض دلالة مستندات الطاعن بدلالة أقوى منها بل لا تحول بينها وبين أن تبني حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصر الدعوى وهي في ذلك لا يقيدها إلا التزامها بتسبيب حكمها خضوعاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته "أن المطعون ضده السابع وإن قام بإزالة بعض معالم الحانوت موضوع النزاع إلا أنه قد قسمه حانوتين ومن ثم لم تنفي الفائدة المرجوة من المحل وهي الانتفاع به على وجه دائم بل ظل الغرض من أجله أجر المحل وإن كان انتقص منه الجزء الذي اقتطع من المحل عند إعادة تشييده ومن ثم تكون الدعوى خارجة عن نطاق تطبيق المادة 569/ 1 مدني ولا تنطبق على الواقعة الماثلة حالة الهلاك الكلي الذي يزيل منفعة العين على وجه الدوام والاستمرار، وكان من المقرر أن تقدير ما إذا كان الهلاك كلياً أو جزئياً من مسائل الواقع التي تخضع لسلطان قاضي الموضوع وتقديره دون رقابة محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة وكان ما استخلصه الحكم بشأن ما تم من تعديل بالعين المؤجرة لا ينطبق عليه حالة الهلاك الكلي مستدلاً في ذلك من أن قسمة المحل إلى حانوتين لا تنتفي معه الفائدة المرجوة من المحل وهي الانتفاع به على وجه دائم هو استخلاص سائغ ولا يغير منه ما ورد بالمستندات التي قدمها الطاعن والمشار إليها بسببي النعي ذلك أنها وإن كانت تفيد إجراء تعديلات جوهرية بالعين المؤجرة بحيث تعد في حكم المنشأة حديثاًً إلا أنها لا تعني هلاك بالعين المؤجرة هلاكاً كلياً وإقامة عين جديدة حرره بدلاً منها ومن ثم يكون عقد المطعون ضدهم الستة الأول قائماً ويكون العقد الذي حرره المالك للطاعن في تاريخ لاحق عقداً ثانياً باطلاً طبقاً للمادتين 16/ 3، 44 ق 52 لسنة 1969 والمادة 135 من القانون المدني فإن الطعن برمته يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.