أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1058

جلسة 19 من يونيه سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فاروق يوسف سليمان، خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي ومحمد محمود عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة.

(201)
الطعن رقم 1653 لسنة 60 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء" "الإخلاء لعدم سداد الأجرة" "التكليف بالوفاء". عقد "الشرط الفاسخ". التزام. إعلان.
(1) تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة. شرط أساسي لقبول دعوى الإخلاء للتأخير في سدادها. خلو الدعوى منه وقوعه باطلاً. أثره. عدم قبول الدعوى. م 18/ ب ق 136 لسنة 1981. بطلان التكليف. تعلقه بالنظام العام. جواز القضاء به من تلقاء نفس المحكمة ولو لم يتمسك به المستأجر.
(2) إعلان المستأجر بالتكليف بالوفاء. وجوبه بإحدى الوسيلتين المبينتين بالمادة 18/ ب ق 136 لسنة 1981 خلال خمسة عشر يوماً قبل رفع دعوى الإخلاء بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة. اعتبار هذا الإجراء منفصلاً عن رفع دعوى الإخلاء. تنكب المؤجر هذا الطريق أو عدم مراعاة الميعاد المحدد له. أثره. بطلان التكليف.
(3) إعمال أثر الشرط الصريح الفاسخ باعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه. شرطه. عدم تعارضه مع نص قانوني آمر. عدم تكليف المستأجر بالوفاء على النحو المبين بالمادة 18/ ب ق 136 لسنة 1981. أثره. بطلان الشرط.
(4) حكم "ما لا يعد قصوراً". دعوى "الدفاع فيها: الدفاع الجوهري".
انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة قانوناً بأسباب تكفي لحمل قضائه. النعي عليه بما لا يغير من هذا القضاء. غير منتج. الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه. ماهيته.
1 - نص المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاًً تعين الحكم بعدم قبولها، وهذا البطلان يتعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يتنبه إليه المستأجر أو يتمسك به.
2 - لما كانت الدعوى في ظل قانون المرافعات الحالي رقم 13 لسنة 1968 تعتبر مرفوعة طبقاً للمادة 63 منه بمجرد إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة، أما إعلان المدعي عليه بها تطبيقاً للمادتين 67، 68 منه فقد أصبح إجراء منفصلاً عن رفع الدعوى وتالياً له قصد به المشرع إعلامه بها وبطلبات المدعي فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته، كما يتحقق هذا القصد بحضور المدعي عليه الجلسة وإحاطته بالدعوى، فلازم ذلك أنه يجب على المؤجر إعلان المستأجر بالتكليف بالوفاء بإحدى الوسيلتين المبينتين بالنص المتقدم أي بكتاب موصى عليه بعلم الوصول دون مظروف أو على يد محضر وخلال ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي حدده قبل رفع الدعوى ويحصل ذلك بتمام إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة دون اعتبار لإعلانها التالي لها المنفصل عنها لكونه لازم لرفعها. فإذا ما تنكب المؤجر الطريق الذي رسمه القانون لإعلان التكليف بالوفاء للمستأجر قبل رفع الدعوى أو لم يلتزم الميعاد الحتمي الذي أوجب إجراءه خلاله أو تجاوزه كما في حالة جعله مصحوباً بدعوى الإخلاء بتضمينه صحيفتها موصولاً بإعلانها فإنه يكون باطلاً حابط الأثر قانوناً.
3 - يتعين لإعمال الشرط الفاسخ الصريح الوارد في عقد الإيجار ألا يتعارض مع نص قانوني آمر، فإذا ما وقع التعارض بينهما بطل الشرط فيما لا يوافق حكم النص، وترتيباً على ذلك فإن أثر الشرط الفاسخ الصريح - اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه لإخلاء المستأجر بالتزام دفع الأجرة - لا يعمل به إذا لم يقم المؤجر بما أوجبه نص المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 من تكليف المستأجر بالوفاء بها على النحو المبين به خلال الموعد الذي حدده سواء كانت الدعوى مرفوعة إلى القضاء الموضوعي أو المستعجل.
4 - لا على الحكم إن التفت عما أثاره الطاعن في دفاعه من أن إعمال الأثر الفوري للشرط الفاسخ الصريح الوارد في عقد الإيجار يغني عن التكليف بالوفاء بحسبانه غير منتج وأن الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه إنما هو الدفاع الجوهري المنتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 3151 لسنة 1987 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائه من الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها له، وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 12/ 3/ 1963 استأجر منه هذه الشقة وامتنع عن سداد الأجرة ورسم النظافة ومقابل استهلاك المياه اعتباراً من أول مارس سنة 1983 حتى يناير سنة 1987 بما جملته 600 مليم و501 جنيه - وإذ كان يحق له تكليفه في صحيفة الدعوى بالوفاء له بهذا المبلغ قبل أول جلسة محددة لنظرها فقد أقام الدعوى بطلبيه سالفي البيان. دفع المطعون ضده بعدم قبول الدعوى فحكمت المحكمة بعدم قبولها. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 9871 لسنة 104 قضائية. بتاريخ 7 من فبراير سنة 1990 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد به ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه اعتبر التكليف بالوفاء شرطاً لازماً لقبول دعوى إخلاء المستأجر لتأخيره في سداد الأجرة واستوجب اتخاذ هذا الإجراء قبل رفعها دون اعتداد بتضمينه صحيفتها بحسبان القواعد الواردة بشأنه في قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 من النظام العام ورتب على ذلك قضاءه بعدم قبول الدعوى في حين أن هذا القانون لم ينص على اعتبار التكليف بالوفاء شرطاً لقبول هذه الدعوى ولم يستلزم أن يكون سابقاً على رفعها بشكل معين، ولهذا فإن قيامه برفعها وتضمينه صحيفتها تكليف المطعون ضده الوفاء بالأجرة المستحقة كإعذار له لأدائها قبل خمسة عشر يوماً من الجلسة المحددة لنظرها توقياً للحكم بإخلائه يتفق وحكم القانون كما تتحقق به الغاية من هذا الإجراء، وإذ تقاعس عن أداء الأجرة بعد إعذاره فإنه يمتنع على محكمة الموضوع القضاء بعدم قبول الدعوى وكان يتعين عليها أن تقضي بإخلائه بعد أن انفسخ عقد الإيجار إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح الوارد به والذي لا تحول نصوص قانون إيجار الأماكن سالف الذكر دون إعماله وقد تمسك بذلك في دفاعه وأغفله الحكم مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية.. (ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلانه على يد محضر...." يدل على أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلال بسبب التأخير في سداد الأجرة فإذا خلت منه الدعوى أن وقع باطلاًً تعين الحكم بعدم قبولها، وهذا البطلان يتعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يتنبه إليه المستأجر أو يتمسك به، ولما كانت الدعوى في ظل قانون المرافعات الحالي رقم 13 لسنة 1968 تعتبر مرفوعة طبقاً للمادة 63 منه بمجرد إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة، أما إعلان المدعي عليه بها تطبيقاً للمادتين 67، 68 منه فقد أصبح إجراء منفصلاً عن رفع الدعوى وتالياً له قصد به المشرع إعلامه بها وبطلبات المدعي فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته، كما يتحقق هذا القصد بحضور المدعي عليه الجلسة وإحاطته بالدعوى، فلازم ذلك أنه يجب على المؤجر إعلان المستأجر بالتكليف بالوفاء بإحدى الوسيلتين المبينتين بالنص المتقدم أي بكتاب موصى عليه بعلم الوصول دون مظروف أو على يد محضر وخلال ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي حدده قبل رفع الدعوى ويحصل ذلك بتمام إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة دون اعتبار لإعلانها التالي لها المنفصل عنها لكونه لازم لرفعها. فإذا ما تنكب المؤجر الطريق الذي رسمه القانون لإعلان التكليف بالوفاء للمستأجر قبل رفع الدعوى أو لم يلتزم الميعاد الحتمي الذي أوجب إجراءه خلاله أو تجاوزه كما في حالة جعله مصحوباً بدعوى الإخلاء بتضمينه صحيفتها موصولاً بإعلانها فإنه يكون باطلاً حابط الأثر قانوناً، ولا يغير من هذا الحكم إيراد الشرط الفاسخ الصريح في عقد الإيجار إذ يتعين لإعمال هذا الشرط ألا يتعارض مع نص قانوني آمر، فإذا ما وقع التعارض بينهما بطل الشرط فيما لا يوافق حكم النص، وترتيباً على ذلك فإن أثر الشرط الفاسخ الصريح - اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه لإخلاء المستأجر بالتزام دفع الأجرة - لا يعمل به إذا لم يقم المؤجر بما أوجبه نص المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 من تكليف المستأجر بالوفاء بها على النحو المبين به خلال الموعد الذي حدده سواء كانت الدعوى مرفوعة إلى القضاء الموضوعي أو المستعجل. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر حين أقام قضاءه بعدم قبول دعوى الإخلاء على عدم سبقها بتكليف المستأجر بالوفاء بدفع الأجرة وأنه لا يغني عن ذلك تضمينه صحيفتها بما مؤداه عدم تحقق الغاية من هذا الإجراء لعدم مراعاة الميعاد المحدد له وهو ما يتفق وحكم المادة الخامسة من قانون المرافعات التي تنص على أنه "إذا نص القانون على ميعاد حتمي لاتخاذ إجراء يحصل بالإعلان فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله"، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا على الحكم من بعد التفاته عما أثاره الطاعن في دفاعه من أن إعمال الأثر الفوري للشرط الفاسخ الصريح الوارد في عقد الإيجار يغني عن التكليف بالوفاء بحسبانه لما سلف غير منتج وأن الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه إنما هو الدفاع الجوهري المنتج، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.