أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 704

جلسة 28 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان وعزت عمران.

(280)
الطعن رقم 1718 لسنة 52 القضائية

(1) دعوى "ضم الدعاوى" إيجار "إيجار الأماكن".
ضم دعويين يختلفان سبباً وموضوعاً، لا يترتب عليه اندماجهما وفقدان كل منهما استقلالها. وحدة الموضوع في الدعويين أو كون الطلب في أحدهما هو الوجه الآخر للطب في الدعوى الأخرى أو كون أساسهما واحداً. أثره اندماجهما وفقدان كل منهما استقلالها. تعجيل السير في إحداهما بعد انقطاع سير الخصومة فيها. يترتب عليه تعجيل الدعوى الأخرى. مثال في إيجار.
(2، 3) حكم "حجية الأحكام". حيازة. "دعاوى الحيازة". قضاء مستعجل. قوة الأمر المقضي. محكمة الموضوع.
(2) الأحكام الصادرة في دعاوى الحيازة. لا حجية لها في دعوى المطالبة بالحق لاختلاف الموضوع والسبب.
(3) الأحكام الصادرة من قاضي الأمور المستعجلة. لا تحوز حجية الشيء المحكوم فيه أمام محكمة الموضوع.
(4) قانون "سريان القانون".
(4) المراكز القانونية الاتفاقية التي نشأت في ظل القانون القديم خضوعها له في آثارها وانقضائها. القواعد الآمرة في القانون الجديد. وجوب إعمالها بأثر فوري على هذه المراكز من حيث آثارها وانقضائها على ما لم يكن قد اكتمل نشوؤه من عناصرها.
(5 - 6) إيجار "إيجار الأماكن، التنازل عن إيجار المنشاة الطبية".
(5) تنازل الطبيب عن العيادة الطبية المؤجرة له إلى طبيب آخر. جائز ق 51 لسنة 1981. وجوب إعمال حكمه على المنازعات السابقة طالما أن المراكز القانونية لم تكن قد استقرت بصدور حكم نهائي فيها. النص في العقد على عدم جواز التنازل. لا أثر له.
(6) إجارة المنشأة الطبية. استمرارها لصالح الطبيب المتنازل إليه. لا يشترط أن يكون مزاولاً للمهنة بالفعل في تاريخ التنازل.
(7) حكم "تسبيب الحكم الاستئنافي". استئناف.
تأييد قضاء الحكم الابتدائي في منطوقة. إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه على أسباب سائغة مستقلة مغايرة لأسباب الحكم الابتدائي. لا تناقض.
1 - إن كان الأصل أن ضم دعويين يختلفان سبباً وموضوعاً لنظرهما معاً تسهيلاً للإجراءات لا يؤدي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى دمج إحداهما في الأخرى بحيث تفقد كل منهما استقلالها، إلا أنه إذا كان موضوع الطلب في إحدى القضيتين المضمومتين هو بذاته موضوع القضية الأخرى أو كان الموضوع في كل منهما هو مجرد وجه من وجهي نزاع واحد أو كان أساسهما واحداً فإنه يترتب على ضمهما اعتبارهما خصومة واحدة فتفقد كل منهما استقلالها عن الأخرى مما مؤداه أن تعجيل إحداها بعد انقطاع سير الخصومة فيها يترتب عليه تعجيل الدعوى الأخرى لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن دعوى مورث الطاعنين على المطعون ضدها بإخلاء شقة النزاع لانفساخ عقد استئجار المطعون ضده الأول لها وبطلان تنازله عنها للمطعون ضده الثاني ودعوى الأخير على مورث الطاعنين بإلزامه بتحرير عقد إيجار له عن ذات الشقة لصحة التنازل عنها الصادر له من المستأجر الأصلي هما وجهان نزاع واحد يترتب على القرار الصادر بضمهما اندماجهما وفقدان كل منها استقلالها ومن ثم فإن تعجيل المطعون ضده الثاني لدعواه بعد الانقطاع يتضمن تعجيلاً لدعوى الأخرى وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون بمنأى عن البطلان.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأحكام التي تصدر في دعاوى الحيازة لا تحوز أية حجية في دعوى المطالبة بالحق لاختلاف الموضوع والسبب في الدعويين.
3 - الأحكام الصادرة من قاضي الأمور المستعجلة لا تحوز حجية الشيء المحكوم فيه أمام محكمة الموضوع عند نظر أصل الحق.
4 - الأصل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القانون يسري بأثر فوري مباشر على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه سواء في نشأتها أو في إنتاجها آثارها أو في انقضائها وأن المراكز القانونية التي نشأت وتكتمل خلال فترة تمتد من الزمان - فإن القانون القديم هو الذي يحكم العناصر والآثار التي تحققت في ظله. في حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التي تتم بعد نفاذه، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذي نشأت في ظله باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوي الشأن في بيان عناصر نشوئها وتحديد آثارها وأسباب انقضائها إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة فحينئذ يتعين تطبيق القانون الجديد بأثر فوري على ما لم يكن قد اكتمل نشوؤه من عناصرها وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقلة، كما يحكم أسباب انقضائها.
5 - إذ كان البين من الأوراق أن مورث الطاعنين قد أقام الدعوى بطلب إخلاء شقة النزاع التي كان يستأجرها المطعون ضده الأول - وهو طبيب - كعيادة طبية استناداً إلى تنازله عنها للمطعون ضده الثاني - وهو طبيب أيضاً دون إذن كتابي صريح من المؤجر، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى وبتحرير عقد إيجار له عن شقة النزاع وتمكينه منها وذلك استناداً إلى حكم المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية - الذي عمل به اعتباراً من 26/ 9/ 1981 - والتي تنص على أنه "لا ينتهي عقد إيجار المنشأة الطبية بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال ويجوز له ولورثته من بعده التنازل عنها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة، وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين" وإذ كان هذا النص آمراً بتجريم مخالفة المؤجر له وفقاً لنص المادة 16 من ذات القانون، وكانت آثار المركز القانوني الذي يتمتع به الطاعنون طبقاً لأحكام التشريع الاستثنائي لإيجار الأماكن التي تجيز لهم الحق في إخلاء العين المؤجرة إذا ما تنازل عنها المستأجر للغير دون إذن كتابي منهم قد أدركها القانون رقم 51 لسنة 1981 المشار إليه أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف وذلك قبل أن تتحقق تلك الآثار وتستقر بصدور حكم نهائي في النزاع فإن مؤدى ذلك هو عدم جواز الحكم بإخلاء متى توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون المذكور، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض إخلاء العين المؤجرة لثبوت تنازل المطعون ضده الأول - الطبيب المستأجر - عنها إلى المطعون ضده الثاني وهو طبيب مرخص له بمزاولة المهنة وهو ما أباحه المشرع في القانون المشار إليه فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ولا يغير من ذلك الاتفاق في عقد الإيجار باعتباره مفسوخاً في حالة تنازل المستأجر عن الإجارة دون إذن من المؤجر لأن ما ورد بهذا الاتفاق يتعارض مع نص قانوني آمر فيظل عقد إيجار المنشأة الطبية قائماً لصالح المتنازل إليه ولو خالف ذلك ما اتفق عليه المتعاقدان.
6 - النص في المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 لم يشترط لاستمرار الإجارة لصالح المتنازل إليه سوى أن يكون طبيباً مرخصاً له بمزاولة المهنة ولم تضع شرطاً بأن يكون مزاولاً لها بالفعل في تاريخ التنازل.
7 - الحكم المطعون فيه وإن كان قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من قضاء في منطوقه إلا أنه أقام قضاءه على أسباب مستقلة مغايرة لأسباب الحكم الابتدائي ولم يحل إليه في أسبابه ومن ثم فإن النعي عليه بالتناقض في هذا الخصوص يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 4074 سنة 1976 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بإخلاء شقة النزاع، وقال بياناً لدعواه أنه بتاريخ 28/ 4/ 1978 اقتحم المطعون ضده الثاني هذه الشقة المؤجرة للمطعون ضده الأول مدعياً شرائه العيادة الطبية بالجدك من مستأجرها، وإذ كان هذا التصرف هو في حقيقته تنازلاً عن الإجارة دون إذن من المالك فقد أقام الدعوى كما أقام المطعون ضده الثاني من جانبه على مورث الطاعنين الدعوى رقم 7458 سنة 1976 أمام ذات المحكمة طالباً إلزامه بتحرير عقد إيجار له عن شقة النزاع تأسيساً على شرائه للعيادة الطبية القائمة بها بوصفه طبيباً مرخصاً له بمزاولة المهنة وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين، قضت بتاريخ 9/ 2/ 1980 برفض دعوى الإخلاء، وفي دعوى المطعون ضده الثاني بإلزام الطاعنين بتحرير عقد إيجار له عن شقة النزاع وبتمكينه منها استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 1697 سنة 97 ق القاهرة، وبتاريخ 12/ 5/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه بطلان الإجراءات وفي بيان ذلك يقولون، أن الحكم رفض دفاعهم ببطلان الحكم الصادر برفض دعوى الإخلاء لعدم تعجيلها من الانقطاع بعد وفاة مورثهم على سند من أن تعجيل المطعون ضده الثاني لدعواه يتضمن تعجيلاً للدعوى الأخرى المنضمة لها وذلك رغم اختلاف الموضوع والخصوم في الدعويين، ومن ثم فإن تعجيل إحداهما لا يترتب عليه تعجيل الأخرى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان الأصل أن ضم دعويين يختلفان سبباً وموضوعاً لنظرهما معاً تسهيلاً للإجراءات لا يؤدي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى دمج إحداهما في الأخرى بحيث تفقد كل منهما استقلالها إلا أنه إذا كان موضوع الطلب في إحدى القضيتين المضمومتين هو بذاته موضوع القضية الأخرى، أو كان الموضوع في كل منهما هو مجرد وجه من وجهي نزاع واحد، أو كان أساسهما واحداً فإنه يترتب على ضمهما اعتبارهما خصومة واحدة فتفقد كل منهما استقلالها عن الأخرى مما مؤداه أن تعجيل إحداهما بعد انقطاع سير الخصومة فيها يترتب عليه تعجيل الدعوى الأخرى، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن دعوى مورث الطاعنين على المطعون ضدهما بإخلاء شقة النزاع لانفساخ عقد استئجار المطعون ضده الأول لها وبطلان تنازله عنها للمطعون ضده الثاني ودعوى الأخير على مورث الطاعنين بإلزامه بتحرير عقد إيجار له عن ذات الشقة لصحة التنازل عنها الصادر له من المستأجر الأصلي هما وجهان لنزاع واحد يترتب على القرار الصادر بضمهما اندماجهما وفقدان كل منهما استقلالها ومن ثم فإن تعجيل المطعون ضده الثاني لدعواه بعد الانقطاع يتضمن تعجيلاً للدعوى الأخرى وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون بمنأى عن البطلان، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته لحكم سابق حائز قوة الأمر المقضي، وفي بيان ذلك يقولون أن القضاء بتمكين المطعون ضده الثاني من شقة النزاع قد جاء على خلاف ما قضى به الحكم الصادر في الدعوى رقم 3671 سنة 1977 شمال القاهرة - الذي تأيد استئنافياً - بعدم قبول دعواه بطلب استرداد حيازة شقة النزاع لأن حيازته لها زالت تنفيذاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 3088 سنة 1976 مستعجل القاهرة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتمكينه من الشقة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحكام التي تصدر في دعاوى الحيازة لا تحوز أية حجية في دعوى المطالبة بالحق لاختلاف الموضوع والسبب في الدعويين، كما أن الأحكام الصادرة من قاضي الأمور المستعجلة لا تحوز حجية الشيء المحكوم فيه أمام محكمة الموضوع عند نظر أصل الحق لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 3671 سنة 1977 شمال القاهرة الابتدائية - المؤيد استئنافياً - قد قضى بعدم قبول دعوى المطعون ضده الثاني باسترداد حيازة شقة النزاع، كما قضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 3088 سنة 1977 مستعجل القاهرة بطرده من هذه الشقة، فإن أياً من هذين الحكمين لا يحوز قوة الأمر المقضي في دعواه بالمطالبة بأصل الحق الصادر بشأنه الحكم المطعون فيه بتحرير عقد إيجار له عن شقة النزاع وتمكينه منها، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون، أن الحكم طبق على واقعة الدعوى أحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 الخاص بالمنشآت الطبية رغم أن قواعده تنظيمية تحمي مصالح خاصة للأطباء ولا تتعلق بالنظام العام، وإذ استقرت المراكز القانونية لأطراف النزاع في ظل العمل بأحكام قانون إيجار الأماكن السابق رقم 52 لسنة 1969 بإبرام عقد بيع العيادة بالجدك في 10/ 3/ 1973 فإنه يكون هو القانون الواجب التطبيق كما أن القانون رقم 51 لسنة 1981 الذي أباح التنازل للغير عن العيادات الطبية يشترط لإعمال حكمه أن يكون الطبيب المتنازل إليه مزاول لعمله المرخص له بأدائه والثابت أن المطعون ضده الثاني (المتنازل له) قد هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنة 1969 واكتسب الجنسية الأمريكية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعرض عن تطبيق أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر إذا تنازل المستأجر عنه للغير دون إذن كتابي من المالك كما لم يعمل الحكم الشرط الصريح الفاسخ المتفق عليه في العقد إذا ما تنازل المستأجر عن الإجارة، وكان الحكم المطعون فيه قد تناقضت أسبابه مع أسباب الحكم الابتدائي الذي قضى بتأييده إذ أقام قضاءه بالإخلاء على توافر شروط البيع بالجدك وهو أساس مغاير للأساس الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الأصل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القانون يسري بأثر فوري مباشر على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه سواء في نشأتها أو في إنتاجها آثارها أو في انقضائها وأن المراكز القانونية التي نشأت وتكتمل خلال فترة تمتد من الزمان فإن القانون القديم هو الذي يحكم العناصر والآثار التي تحققت في ظله في حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التي تتم بعد نفاذه، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذي نشأت في ظله باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوي الشأن في بيان عناصر نشوئها وتحديد آثارها وأسباب انقضائها، إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة فحينئذ يتعين تطبيق القانون الجديد بأثر فوري على ما لم يكن قد اكتمل نشوؤه من عناصرها وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة، كما يحكم أسباب انقضائها، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن مورث الطاعنين قد أقام الدعوى بطلب إخلاء شقة النزاع التي كان يستأجرها المطعون ضده الأول - وهو طبيب - كعيادة طبية استناداً إلى تنازله عنها للمطعون ضده الثاني وهو طبيب أيضاً دون إذن كتابي صريح من المؤجر وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى وبتحرير عقد إيجار له عن شقة النزاع وتمكينه منها وذلك استناداً إلى حكم المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية - الذي عمل به اعتباراً من 26/ 9/ 1981 - والتي تنص على أنه "لا ينتهي عقد إيجار المنشأة الطبية بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال، ويجوز له ولورثته من بعده التنازل عنها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة، وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين" وإذ كان هذا النص آمراً بتجريم مخالفة المؤجر له وفقاً لنص المادة 16 من ذات القانون، وكانت آثار المركز القانوني الذي يتمتع به الطاعنين طبقاً لأحكام التشريع الاستثنائي لإيجار الأماكن الذي تجيز لهم الحق في إخلاء العين المؤجرة إذا ما تنازل عنها المستأجر للغير دون إذن كتابي منهم قد أدركها القانون رقم 51 لسنة 1981 المشار إليه أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف وذلك قبل أن تتحقق تلك الآثار وتستقر بصدور حكم نهائي في النزاع فإن مؤدى ذلك هو عدم جواز الحكم بالإخلاء متى توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون المذكور، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض إخلاء العين المؤجرة لثبوت تنازل المطعون ضده الأول - الطبيب المستأجر عنها إلى المطعون ضده الثاني - وهو طبيب مرخص له بمزاولة المهنة - وهو ما أباحه المشرع في القانون المشار إليه فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ولا يغير من ذلك الاتفاق في عقد الإيجار باعتباره مفسوخاً في حالة تنازل المستأجر عن الإجارة دون إذن من المؤجر لأن ما ورد بهذا الاتفاق يتعارض مع نص قانوني آمر على ما سلف بيانه فيظل عقد إيجار المنشأة الطبية قائماً لصالح المتنازل إليه ولو خالف ذلك ما اتفق عليه المتعاقدان، ولما كان النص في المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 المشار إليه لم يشترط لاستمرار الإجارة لصالح المتنازل إليه سوى أن يكون طبيباً مرخصاً له بمزاولة المهنة ولم تضع شرطاً بأن يكون مزاولاً لها بالفعل في تاريخ التنازل ومن ثم فإن النعي بهذا الشق يكون على غير أساس. والنعي مردود في شقه الثاني بأن الحكم المطعون فيه وأن كان قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من قضاء في منطوقه، إلا أنه أقام قضاءه على أسباب مستقلة مغايرة لأسباب الحكم الابتدائي - على ما سلف بيانه - ولم يحل إليه في أسبابه ومن ثم فإن النعي عليه بالتناقض في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.