أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 714

جلسة 28 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان وعزت عمران.

(281)
الطعن رقم 1231 لسنة 52 القضائية

(1، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "تحديد الأجرة". إثبات "إجراءات الإثبات"، "ندب الخبراء" خبرة. محكمة الموضوع.
(1) طعن المالك وحده على تقدير اللجنة للأجرة الكلية للمبنى. القضاء بإعادة توزيع الأجرة على وحدات العقار دون مساس بإجمالي القيمة الإيجارية. لا يعد إضراراً بمصلحة المالك الطاعن.
(2) محكمة الموضوع. لها الأخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بصحته. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الاعتراضات الموجهة إليه.
(3) تقدير قيمة الأرض. العبرة فيه بقيمتها السوقية وقت البناء. تقدير قيمة المباني بالتكلفة الفعلية وفقاً لسعر السوق في ذلك الوقت. م 11 ق 52 لسنة 1969.
1 - مفاد نص المادتين 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق على واقعة الدعوى -، 218 من قانون المرافعات يدل على أنه لا يجوز للمحكمة أن تسوئ من مركز الطاعن بالطعن المرفوع منه مما مؤداه أن مالك العقار لا يجوز أن يضار بطعنه على قرار اللجنة المختصة بتحديد الأجرة أو بطعنه على الحكم الابتدائي متى كان طعنه منصباً على تقدير الأجرة الكلية للمبنى ولم يطعن أحد من المستأجرين على هذا التقدير فإذا ما قضت محكمة الطعن بتخفيض القيمة الإيجارية الإجمالية للعقار في هذه الحالة فإنها تكون قد أساءت إلى مركز الطاعن، أما إذا اقتصر الحكم على إعادة توزيع القيمة الإيجارية المذكورة على وحدات العقار بما يزيد من أجرة واحدة معينة وينقص من أخرى دون المساس بإجمالي القيمة الإيجارية محل الطعن - وتخفيضها فلا يعد ذلك إضراراً بمصلحة المالك الطاعن.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى رأت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فلا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على ما يوجه إليه من اعتراضات إذ في أخذها بها محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الاعتراضات ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير.
3 - مفاد المادة 11 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق على واقعة الدعوى - أن العبرة في تقدير الأرض هي بثمن المثل وقت البناء وعلى أساس قيمتها السوقية كما أن تقدير قيمة المباني إنما يتعين أن يكون على أساس التكاليف الفعلية محسوبة وفقاً لسعر السوق وقت البناء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 10991 لسنة 1971 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طعناً على القرار الصادر بتاريخ 2/ 5/ 1970 من اللجنة المختصة بتقدير أجرة العقار محل النزاع طالباً زيادتها إلى ما يتفق والأسس القانونية للتقدير. كما أقام الدعوى رقم 1078 لسنة 1973 أما ذات المحكمة طعناً على القرار الصادر بتاريخ 20/ 3/ 1972 من اللجنة المختصة بتقدير أجرة الشقتين الواقعتين بالدور العلوي من ذات العقار والتي يشغل أحدهما المطعون ضده الرابع، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين قضت بتاريخ 22/ 5/ 1973 بعدم قبول الطعن الثاني لرفعه بعد الميعاد وبندب خبيراً لبيان القيمة الإيجارية للعقار وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 29/ 10/ 1974 بتأييد قرار اللجنة المطعون عليه الصادر بتاريخ 2/ 5/ 1970. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 5506 لسنة 91 ق القاهرة، كما استأنف الحكم الصادر بتاريخ 22/ 5/ 1973 بعدم قبول الطعن رقم 1078 لسنة 1973 بالاستئناف رقم 4815 لسنة 90 ق القاهرة. وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين قضت بتاريخ 20/ 1/ 1976 بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتقدير القيمة الإيجارية لوحدات العقار. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 19/ 2/ 1979 بإلغاء الحكم الصادر في الطعن رقم 1078 لسنة 1973 وبقبوله شكلاً وبإعادته لمحكمة أول درجة للفصل في موضوعه ثم حكمت بتاريخ 22/ 2/ 1982 في الاستئناف رقم 5056 لسنة 90 ق بتعديل الحكم المستأنف وتحديد إجمالي القيمة الإجمالية لأربع وحدات الكائنة بالعقار محل النزاع بمبلغ 414 مليم و67 جنيه شهرياً موزعاً عليها حسبما ورد بأسباب الحكم وتقرير مكتب الخبراء وذلك بخلاف رسم النظافة والضرائب المستحقة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه قام وحده دون المطعون ضدهم باستئناف الحكم الابتدائي الذي قضى بتأييد قرار اللجنة المطعون فيه إلا أن محكمة الاستئناف انتهت في قضائها إلى تخفيض أجرة الشقتين 3، 4 بالعقار محل النزاع، ولما كان المستأنف لا يضار باستئنافه فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في المادة 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق على واقعة الدعوى - على أن "تكون قرارات لجان تحديد الأجرة نافذة رغم الطعن عليها..... ويترتب على قبول الطعن إعادة النظر في تقدير أجرة جميع الوحدات التي شملها القرار المطعون عليه. ويعتبر الحكم الصادر في هذا الشأن ملزماً لكل من المالك والمستأجرين". وفي المادة 218 من قانون المرافعات على أنه "لا يفيد من الطعن إلا من رفعه" يدل على أنه لا يجوز للمحكمة أن تسوئ من مركز الطاعن بالطعن المرفوع منه، مما مؤداه أن مالك العقار لا يجوز أن يضار بطعنه على قرار اللجنة المختصة بتحديد الأجرة أو بطعنه على الحكم الابتدائي متى كان طعنه منصباً على تقدير الأجرة الكلية للمبنى ولم يطعن أحد من المستأجرين على هذا التقدير، فإذا ما قضت محكمة الطعن بتخفيض القيمة الإيجارية الإجمالية للعقار في هذه الحالة فإنها تكون قد أساءت إلى مركز الطاعن، أما إذا اقتصر الحكم على إعادة توزيع القيمة الإيجارية المذكورة على وحدات العقار بما يزيد من أجرة وحدة معينة وينقص من أخرى دون المساس بإجمالي القيمة الإيجارية - محل الطعن -وتخفيضها، فلا يعد ذلك إضراراً بمصلحة المالك الطاعن، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن اللجنة المختصة بتحديد الأجرة أصدرت قرارها بتاريخ 2/ 5/ 1970 - محل الطعن الحالي - بتقدير إجمالي - القيمة الإيجارية للعقار محل النزاع بمبلغ 619 مليم، 66 جنيه شهرياً وقامت بتوزيعها على الشقق الأربعة للعقار بواقع 15 جنيه، 13 جنيه، 619 مليم، 22 جنيه، 16 جنيه على التوالي، فطعن المالك على هذا القرار بالدعوى رقم 10991 لسنة 1971، وإذ أيدت محكمة أول درجة القرار المطعون فيه، فقد استأنف الطاعن وحده هذا الحكم طالباً زيادة القيمة الإيجارية الإجمالية للعقار للخطأ في تقدير قيمة الأرض والبناء والأساسات، وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف بزيادة القيمة الإيجارية الإجمالية للعقار إلى مبلغ 414 مليم، 67 جنيه شهرياً موزعاً على وحداته الأربع حسبما ورد بأسباب الحكم ومن ثم فإن الطاعن لا يكون قد أضير باستئنافه، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد خفض أجرة الشقة (3) بالدور العلوي إلى مبلغ 750 مليم، 18 جنيه بدلاً من 619 مليم، 22 جنيه مقابل زيادة أجرة الشقة (4) إلى 250 مليم، 18 جنيه بدلاً من 16 جنيه وزيادة أجرة الوحدتين الواقعتين بالدور الأرضي، ذلك أن الحكم لم يجر تخفيضاً على القيمة الإيجارية الكلية للعقار بل زاد فيها بمقدار 79.5 جنيه، ولا محل بعد ذلك لإجراء المقارنة بين ما انتهى إليه الحكم بشأن توزيع الأجرة وبين الأجرة التي تم تحديدها للشقتين 3، 4 بمقتضى قرار آخر صادر من اللجنة المختصة بتاريخ 30/ 3/ 1972 بعد إجراء تعديل بالشقتين المذكورتين ذلك أن هذا القرار هو موضوع الدعوى رقم 1078 لسنة 1973 التي قضت محكمة الاستئناف بإعادتها إلى محكمة أول درجة للفصل فيها، وهو ما ليس محلاً للمنازعة في الطعن الحالي، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أنه تسمك أمام محكمة الاستئناف بأن الخبير لم يتبع في تقريره الأسس القانونية لتقدير القيمة الإيجارية وذلك بشأن تقدير سعر الأرض والأساسات بأقل من ثمن المثل وقت البناء كما قدر سعراً للمباني يقل عن ثمن السوق في ذلك الوقت، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بتقدير الخبير دون أن يعني بالرد على هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى رأت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فلا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على ما يوجه إليه من اعتراضات إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الاعتراضات ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير. لما كان ذلك وكان مفاد المادة 11 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق على واقعة الدعوى - أن العبرة في تقدير قيمة الأرض هي بثمن المثل وقت البناء وعلى أساس قيمتها السوقية، كما أن تقدير قيمة المباني إنما يتعين أن يكون على أساس التكاليف الفعلية محسوبة وفقاً لسعر السوق وقت البناء، وكان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه أخذ بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير في تقديره للأسباب السائغة التي أقيم عليها ولا مخالفة فيها للقانون - ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير المحكمة للدليل في الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.