أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 723

جلسة 29 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(283)
الطعن رقم 1485 لسنة 56 القضائية

شفعة. ملكية "أسباب كسب الملكية". بيع.
الحق في الشفعة. نشوئه بمجرد انعقاد البيع ولو كان غير مسجل أو غير ثابت التاريخ. الأخذ بالشفعة. أثره. حلول الشفيع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته. مؤداه. ألا يحاج الشفيع باكتساب المشتري لملكية العقار المشفوع فيه بسبب الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد البيع الصادر إليه. شرطه. ألا يكون حق الشفعة ذاته قد سقط لأي سبب من أسباب السقوط.
لما كانت الشفعة سبباً من أسباب كسب الملكية وينشأ حق الشفيع في الأخذ بالشفعة بمجرد انعقاد البيع ولو كان غير مسجل أو غير ثابت التاريخ وكان من آثار الأخذ بالشفعة وفقاً لما هو مقرر بنص الفقرة الأولى من المادة 945 من القانون المدني أن يحل الشفيع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته فإن مؤدى ذلك أنه لا يجوز أن يحاج الشفيع في دعواه بطلب الأخذ بالشفعة باكتساب المشتري لملكية العقار المشفوع فيه بسبب الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد البيع الصادر إليه ما لم يكن حق الشفعة ذاته قد سقط بأي سبب من أسباب السقوط، فيمتنع لذلك على هذا المشتري الاحتجاج بتملك العقار بانتقال ملكيته إليه بتسجيل العقد أو مجابهة الشفيع باكتمال مدة حيازته للعقار المشفوع فيه نتيجة ضم مدة حيازة سلفه البائع تنفيذاً لالتزامه بالتسليم الناشئ عن العقد لما في ذلك كله من مناقضة لطبيعة الحق في الأخذ بالشفعة والآثار القانونية المترتبة على ثبوت هذا الحق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 4809 لسنة 1979 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده الثاني بطلب أحقيته في أن يأخذ بالشفعة اثني عشر متراً مربعاً في أرض وبناء المنزل المبين بالصحيفة لقاء ما أودعه من ثمن بخزانة المحكمة ومقداره سبعمائة وثمانون جنيهاً مع التسليم. وقال تبياناً لدعواه أن أخاه المطعون ضده الثاني يمتلك بالميراث عن والده حصة مقدارها اثنا عشر متراً مربعاً شائعة في كامل أرض وبناء المنزل آنف الذكر، وإذ كان يرث هو في هذا المنزل قدراً شائعاً مماثلاً، وكان قد نمى إلى علمه أن أخاه باع حصته الميراثية إلى الطاعن بموجب عقد مؤرخ 25/ 5/ 1978 مقابل ثمن مقداره سبعمائة وثمانون جنيهاً فقد أنذرهما برغبته في أخذ المقدار المبيع بالشفعة وأودع الثمن خزانة المحكمة وأقام الدعوى ليحكم بمطلبها. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره - حكمت بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1984 بالطلبات. استأنف الطاعن الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 77 لسنة 28 قضائية طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وبتاريخ 3 من مارس سنة 1986 قضت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد لحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاعه حاصله أنه اشترى الحصة المشفوع فيها بموجب عقد بيع عرفي، وتنفيذاً لهذا العقد تسلم العقار المبيع ووضع يده عليه منذ تاريخ الشراء في 25/ 5/ 1978 وضع يد هادئ وظاهر ومستمر بنية التملك فإذا ما ضمت مدة حيازة البائع له إلى مدة حيازته يكون وضع يده قد استطال إلى مدة تزيد على خمسة عشر عاماً فيكون بالتالي قد اكتسب ملكية المبيع بالتقادم الطويل، وإذ كان الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفاع على سند من أن سلفه البائع كان يمتلك المبيع عند إبرام العقد بطريق الميراث فلا يجوز الاحتجاج بضم مدة حيازته إلى حيازة الطاعن المشتري، وكان هذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه في رفض دفاعه يخالف نص المادة 955/ 2 من القانون المدني الذي يجوز بمقتضاه للمشتري باعتباره خلفاً خاصاً ضم حيازته إلى سلفه البائع في كل ما يرتبه القانون على الحيازة من أثر فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك بأنه لما كانت الشفعة سبباً من أسباب كسب الملكية وينشأ حق الشفيع في الأخذ بمجرد انعقاد البيع ولو كان غير مسجل أو غير ثابت التاريخ، وكان من آثار الأخذ بالشفعة وفقاً لما هو مقرر بنص الفقرة الأولى من المادة 945 من القانون المدني أن يحل الشفيع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته، فإن مؤدى ذلك أنه لا يجوز أن يحاج الشفيع في دعواه بطلب الأخذ بالشفعة باكتساب المشتري لملكية العقار المشفوع فيه بسبب الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد البيع الصادر إليه ما لم يكن حق الشفعة ذاته قد سقط بأي سبب من أسباب السقوط، فيمتنع لذلك على هذا المشتري الاحتجاج بتملك العقار بانتقال ملكيته إليه بتسجيل العقد أو مجابهة الشفيع باكتمال مدة حيازته للعقار المشفوع فيه نتيجة ضم مدة حيازة سلفه البائع تنفيذاً لالتزامه بالتسليم الناشئ عن العقد لما في ذلك كله من مناقضة لطبيعة الحق في الأخذ بالشفعة والآثار القانونية المترتبة على ثبوت هذا الحق، لما كان ذلك فإنه لا يكون مقبولاً من الطاعن مشتري العقار المشفوع فيه أن يتذرع في مواجهة الشفيع بتملك العقار بالتقادم الطويل، بسبب تنفيذ البائع لالتزامه بتسليم العقار إليه، وحيازته له امتداداً لحيازة سلفه واكتمال مدة التقادم بضم الحيازتين، وإذ انتهى الحكم صحيحاً إلى إطراح دفاع الطاعن في هذا الصدد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون فيما انتهى إليه من نتيجة صحيحة ويضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.