أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 734

جلسة 29 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(285)
الطعن رقم 406 لسنة 57 القضائية

(1، 2) شفعة. صورية. إثبات. دعوى "الخصوم فيها".
(1) بيع مشتر العقار المشفوع فيه لمشتر ثان قبل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وقبل تسجيلها. م 938 مدني. مؤداه. عدم جواز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشتري بها. شرطه. ألا يكون البيع الثاني صورياً.
(2) الصورية المطلقة. الطعن بها على عقد المشتري الثاني. وجوب تصدي المحكمة للفصل في هذا الطعن قبل أن تفصل في الدفع المبدي من هذا المشتري بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام الشفيع لمشتري ثالث باع إليه العقار. عله ذلك.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 938 من القانون المدني أنه إذا صدر من مشتري العقار المشفوع فيه بيع لمشتر ثان قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة وقبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسري في حق الشفيع، ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى فيها، إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صورياً، فإذا ادعى الشفيع صوريته وأفلح في إثبات ذلك اعتبر البيع الصادر من المالك للمشتري الأول - قائماً وهو الذي يعتد به في الشفعة دون البيع الثاني الذي لا وجود له.
2 - إذ كانت الصورية المطلقة إن صحت ينعدم بها وجود عقد البيع قانوناً فلا تترتب آثاره ولا تنتقل بمقتضاه ملكية العقار إن سجل إذ ليس من شأن التسجيل أن يصحح عقداً منعدماً. فإنه ينبني على ذلك أن الشفيع إذا طعن بالصورية المطلقة على عقد المشتري الثاني فدفع هذا الأخير بعدم قبول الدعوى لأنه تصرف في العقار المشفوع فيه إلى مشتر ثالث لم يختصمه الشفيع في دعواه كان لزاماً على المحكمة قبل أن تفصل في هذا الدفع أن تتصدى بداءة لبحث الطعن بالصورية وتدلي بكلمتها فيه حسماً له ذلك بأنه لو ثبتت صورية عقد المشتري الثاني كان منعدماً غير منتج لأي أثر قانوني ولو كان مسجلاً فلا يكون لهذا المشتري في مواجهة الشفيع ثمة حقوق تعلقت بالعقار المشفوع فيه ويغدو بالتالي غير مقبول منه أن يحتج قبله بتصرف صدر منه في هذا العقار إلى مشتر ثالث.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1542 لسنة 1980 مدني دمياط الابتدائية على المطعون ضدهم الخمسة الأول بطلب الحكم بأحقيته في أخذ العقار المبين بالصحيفة بالشفعة مع ما يترتب على ذلك من نقل الملكية إليه وشهر الحكم والتأثير بما يفيد محو آثار البيع الصادر من المطعون ضده الخامس إلى المطعون ضده الرابع والبيع الصادر من الأخير إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأول والتسليم مقابل ما أودع من ثمن مقداره 2450 جنيهاً، وقال بياناً لدعواه أنه علم بأن المطعون ضده الخامس باع للمطعون ضده الرابع العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن مقداره 2250 جنيهاً وأن المطعون ضده الرابع حرر لأبنائه المطعون ضدهم الثلاثة الأول عقداً صورياً تضمن بيعه لهم العقار المذكور لقاء ثمن مقداره ثلاثة ألاف جنيه إلا أن هذا البيع الثاني لا يعتد به لصوريته وأنه لما كان العقار سالف الذكر يقع ضمن قدر أكبر يشترك في ملكيته على الشيوع مع البائع ويحق له أخذه بالشفعة فقد أنذرهم برغبته في الأخذ بالشفعة بمقتضى البيع الأول الحقيقي وأودع الثمن الوارد بهذا البيع خزانة المحكمة وأقام دعواه ليحكم بمطلبها. وبتاريخ 14 من إبريل سنة 1981 قضت المحكمة بعدم جواز الأخذ بالشفعة. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة "مأمورية دمياط" بالاستئناف رقم 105 سنة 13 قضائية طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته، وأثناء نظر الاستئناف أدخل المطعون ضده الرابع المطعون ضده الأخيرة لتقديم المستندات الدالة على شرائه للعقار محل النزاع من أبنائه المطعون ضدهم الثلاثة الأول، وبتاريخ 3 من إبريل سنة 1984 - أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي صورية البيع الحاصل من المطعون ضده الرابع إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأول، وبعد أن سمعت الشهود عادت وحكمت بتاريخ 4 من يناير سنة 1987 بتعديل الحكم المستأنف إلى عدم قبول الدعوى وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه طلب الأخذ بالشفعة في البيع الأول الحاصل من المطعون ضده الخامس إلى المطعون ضده الرابع وتمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بصورية البيع الثاني الحاصل من المطعون ضده الرابع إلى أبنائه - المطعون ضدهم الثلاثة الأول - صورية مطلقة من شأنها أن ينعدم بها وجود العقد قانوناً، وعلى الرغم من أن محكمة الاستئناف أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات الطعن الذي أبداه بصورية ذلك العقد فإنها لم تحسم في قضائها هذا الطعن في حجبت نفسها عن بحثه واكتفت باعتناق الادعاء الذي ساقه هؤلاء المطعون ضدهم الثلاثة الأول بأن بيعاً صدر منهم عن ذات العقار إلى مشتر ثالث لم يمثل في خصومة الدعوى ورتبت على ذلك قضاءها بعدم قبول دعواه لعدم اختصام هذا المشتري الثالث، في حين أنه لو ثبتت صورية عقد البيع الثاني امتنع على المشترين بمقتضاه الاحتجاج ببيع ثالث صدر منهم عن العقار المشفوع فيه لانعدم عقدهم، هذا بالإضافة إلى ما ثبت في واقع الدعوى أن المشتري الثالث المدعي بيع العقار إليه لم يتدخل في خصومة الدعوى سواء مرحلتها الابتدائية أو الاستئنافية وحينما أدخل لأول مرة في خصومة الاستئناف من المطعون ضده الرابع لتقديم عقد البيع الصادر إليه لم يثر دفعاً أو دفاعاً بل طلب إخراجه من الخصومة بلا مصاريف الأمر الذي يصم الحكم بعيب يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 938 من القانون المدني أنه إذا صدر من مشتري العقار المشفوع فيه بيع لمشتر ثان قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة وقبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسري في حق الشفيع، ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها، إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صورياً، فإذا ادعى الشفيع صوريته وأفلح في إثبات ذلك اعتبر البيع الصادر من المالك للمشتري الأول - قائماً وهو الذي يعتد به في الشفعة دون البيع الثاني الذي لا وجود له، وإذ كانت الصورية المطلقة إن صحت ينعدم بها وجود عقد البيع قانوناً فلا تترتب آثاره ولا تنتقل بمقتضاه ملكية العقار المبيع إن سجل إذ ليس من شأن التسجيل إن يصحح عقداً منعدماً. فإنه ينبني على ذلك أن الشفيع إذا طعن بالصورية المطلقة على عقد المشتري الثاني فدفع هذا الأخير بعدم قبول الدعوى لأنه تصرف في العقار المشفوع فيه إلى مشتر ثالث لم يختصمه الشفيع في دعواه كان لزاماً على المحكمة قبل أن تفصل في هذا الدفع أن تتصدى بداءة لبحث الطعن بالصورية وتدلي بكلمتها فيه حسماً له ذلك بأنه لو ثبتت صورية عقد المشتري الثاني كان منعدماً غير منتج لأي أثر قانوني ولو كان مسجلاً فلا يكون لهذا المشتري في مواجهة الشفيع ثمة حقوق تعلقت بالعقار المشفوع فيه ويغدو بالتالي غير مقبول منه أن يحتج قبله بتصرف صدر منه في هذا العقار إلى مشتر ثالث. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى هذا النظر فأعرض عن الفصل في الطعن بالصورية المطلقة - التي تمسك بها الشفيع الطاعن - على عقد البيع الثاني الصادر من المشتري الأول - المطعون ضده الرابع - إلى أبنائه المطعون ضدهم الثلاثة الأول - مكتفياً في قضائه بالتعويل على ما ساقه هؤلاء من إدعاء بيعهم العقار المشفوع فيه إلى مشتري ثالث لم يختصه الطاعن في دعواه، وخلص إلى القضاء بعدم قبول الدعوى لعدم توجيه إجراءاتها إلى هذا المشتري الثالث فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.