أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 1099

جلسة 28 من أبريل سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، عدلي السعدني، محمد مختار منصور ومحمود نبيل البناوي.

(221)
الطعن رقم 150 لسنة 49 القضائية

1 - إثبات "عبء الإثبات". التزام.
انشغال ذمة المدين بالالتزام بمجرد إثبات الدائن نشأته. على المدين إثبات براءة ذمته منه. المادة الأولى إثبات.
2 - التزام "تنفيذ الالتزام" "حق الحبس". بيع "التزامات المشتري" حبس الثمن".
حق الحبس. مناطه. وجوب أن يكون حق الحابس حال الأداء غير متوقف على تنفيذ التزامه أولاً. عدم جواز حبس المشترين لباقي الثمن لمجرد تشككهم في قدرة البائعة على تقديم مستندات التسجيل متى كان التزامها موقوفاً في العقد على سدادهم لكامل الثمن. علة ذلك.
3 - دعوى "إجراءات الدعوى". وكالة. بطلان "بطلان الإجراءات".
غياب أو عدم صحة تمثيل من حضر عن المدعي. لا يبطل الخصومة أو يسقطها أو يمنع المحكمة من الفصل فيها طالما بدأت وانعقدت بإجراءات صحيحة.
4 - التزام "انقضاء الالتزام: التقادم". تقادم "التقادم المسقط".
التقادم المسقط عدم سريانه بالنسبة لكل قسط إلا من وقت استحقاقه. علة ذلك.
5 - حكم "ما لا يعد قصوراً". دعوى "الطلبات في الدعوى". إثبات "إجراءات الإثبات". "الاستجواب "طرق الإثبات" "اليمين الحاسمة".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه. هو الطلب الصريح الجازم. مثال في يمين حاسمة واستجواب.
1 - النص في المادة الأولى من قانون الإثبات على أنه "على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه" يدل على أنه يكفي الدائن إثبات نشأة الالتزام فيثبت بذلك انشغال ذمة المدين به ويكون عليه بعد ذلك إثبات براءة ذمته منه.
2 - النص في المادة 246 من القانون المدني على أنه لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، مفاده أن حق المدين في الامتناع عن التنفيذ لا يقوم أصلاً إلا إذ كان دائنه قد أخل بالوفاء بالتزام عليه لهذا المدين مرتبط بالتزام هذا الأخير، ولازم ذلك أن يكون حق الحابس حال الأداء ولا يتوقف استحقاقه على قيامة بتنفيذ التزامه هو أولاً. وكان الأجل الواقف لا يسقط إلا في الحالات التي يحددها القانون أو الاتفاق. وكان متفقاً في عقد البيع أن أجل التزام المطعون ضدها - البائعة - بتقديم المستندات اللازمة للتسجيل لا يحل أصلاً إلا بعد سداد الطاعنين - المشترين - كامل الثمن أي أن تنفيذ المطعون ضدها لهذا الالتزام يتوقف على قيام الطاعنين بسداد كامل الثمن أولاً، ولم يكن ثمة سند من القانون أو الاتفاق يرتب على مجرد التشكك في قدرة المطعون ضدها على تنفيذ ذلك الالتزام سقوط أجله حتى يحق للطاعنين حبس باقي الثمن لهذا السبب، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون لرفضه الدفع بالحبس المبدى من الطاعنين يكون على غير أساس.
3 - مفاد المواد 63، 68، 82 من قانون المرافعات أن الخصومة تبدأ باتصالها بالمحكمة المرفوعة إليها ويتم انعقادها باتصالها بأطراف الدعوى طبقاً للإجراءات التي رسمها القانون ومتى تم إيداع صحيفة افتتاح الدعوى قلم كتاب المحكمة وإعلانها إلى المدعى عليهم وسلمت هذه الإجراءات من البطلان قامت الخصومة أمام المحكمة فلاً يبطلها أو يسقطها أو يمنع المحكمة من الفصل فيها مجرد غياب أو عدم صحة تمثيل من حضر عن المدعي فيها.
4 - إذ كان من المقرر قانوناً بالمادة 381 من القانون المدني أنه لا يبدأ سريان التقادم المسقط أصلاً إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء فإذا كان الدين مؤجلاً فإن هذا التقادم لا يسري إلا من الوقت الذي ينقضي فيه الأجل، وكان كل قسط من الدين المقسط مستقلاً في تاريخ استحقاقه عن غيره من الأقساط فمن ثم لا يسرى التقادم بالنسبة لكل قسط إلا من وقت استحقاقه.
5 - إذا كان البين مما قدمه الطاعنون من مذكرات أمام محكمة الاستئناف أنهم لم يوجهوا فعلاً يميناً حاسمة إلى المطعون ضدها أو أنهم طلبوا من المحكمة استجوابها في أمر معين وإنما اقتصر طلبهم على حضورها شخصياً للتحقق من وجودها وأنها ما زالت على قيد الحياة وتوطئه لتوجيه يمين حاسمة إليها واستجوابها وهو ما لا يعتبر طلباً صريحاً جازماً بالاستجواب أو باليمين حتى تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه فإن النعي على الحكم المطعون فيه إخلاله بحق الدفاع والقصور يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها قدمت طلباً إلى السيد رئيس محكمة المنصورة الابتدائية لإصدار أمر أداء بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 4634.920 جنيهاً قيمة باقي ثمن الأرض الزراعية التي باعها مورثها للطاعنين الستة الأول والمرحومة..... مورثة باقي الطاعنين بموجب العقد المؤرخ 2/ 5/ 1961 والذي حل أجل سداد آخر قسط منه في 8/ 11/ 1962، وإذ رفض هذا الطلب وحددت جلسة لنظره قيدت الدعوى برقم 2791 سنة 1976 مدني كلي المنصورة، بتاريخ 5/ 1/ 1977 قضت المحكمة للمطعون ضدها بطلباتها, استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة باستئناف رقم 107 سنة 29 ق طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى. بتاريخ 23/ 12/ 1978 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إنه استند فيما انتهى إليه من أنهم لم يسددوا باقي الثمن المطالب به إلى تضاربهم في دفاعهم بأن قالوا في البداية أنهم سددوه لمورث المطعون ضدها ثم قالوا أن هذا السداد تم لوكيل هذا المورث ثم عادوا وقرروا بصحيفة استئنافهم استعدادهم لإيداع هذا المبلغ خزانة المحكمة وهو استخلاص فاسد أن السداد للمورث أو لوكيله شيء واحد أما إبداؤهم الاستعداد للإيداع فلم يكن سوى دفع احتياطي لا ينقض الدفاع الأصلي. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بالفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى قام قضاء الحكم المطعون فيه على أسباب سائغة تكفي لحمله فإن النعي على ما تزيد فيه من الأسباب فيما لا يلزم لحمل قضائه يكون - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج. وكان النص في المادة الأولى من قانون الإثبات على أنه "على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه" يدل على أنه يكفي إثبات نشأة الالتزام فيثبت بذلك انشغال ذمة المدين به ويكون عليه بعد ذلك إثبات براءة ذمته منه وكان الطاعنون قد ركنوا في إثبات إدعائهم التخالص عن باقي الثمن إلى قرائن هي أن مورث المطعون ضدها قام بتعديل إقراره الخاص بالإصلاح الزراعي فأدخل الأرض المباعة لهم ضمن احتفاظه، وأنه لم يطالب بباقي الثمن طيلة حياته مما يكشف عن تخالصه بالثمن وأن سدادهم مبلغ 1500 جنيهاً بعد استيلاء الإصلاح الزراعي على هذه الأرض يكشف عن حرصهم على الاستمرار في السداد ويدل على صدق قولهم بالتخالص. وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن هذه القرائن لا تنهض دليلاً على حصول التخالص الذي ادعاه الطاعنون وأقام ذلك على أسباب سائغة لم يوجه إليها الطاعنون أي نعي بما مؤداه إخفاقهم في إثبات براءة ذمتهم من الدين موضوع النزاع وهو ما يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص فإن النعي على ما تزيد فيه من استناده إلى بعض قرائن لتأكيد انتفاء سبق التخالص عن ذلك الدين - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا بحقهم في حبس باقي الثمن إلى أن تقوم المطعون ضدها بتقديم مستندات الملكية وما يلزم لتسجيل العقد وأنه لا يؤثر في هذا الحق ما ورد بعقد شرائهم من أن المطالبة بهذه المستندات لا تكون إلا بعد سدادهم كامل الثمن إزاء تشككهم في قدرة المطعون ضدها على الوفاء بهذا الالتزام بعد أن توفي مورثها الأمر الذي يسقط أجل التزامها بتقديم تلك المستندات ويخولهم الحق في حبس باقي الثمن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع بالحبس متقيداً بالأجل المحدد في عقد البيع يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النص في المادة 246 من القانون المدني على أنه لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، مفاده أن حق المدين في الامتناع عن التنفيذ لا يقوم أصلاً إلا إذا كان دائنه قد أخل بالوفاء بالتزام عليه لهذا المدين مرتبط بالتزام هذا الأخير، ولازم ذلك أن يكون حق الحابس حال الأداء ولا يتوقف استحقاقه على قيامه بتنفيذ التزامه هو أولاً. وكان الأجل الواقف لا يسقط إلا في الحالات التي يحددها القانون أو الاتفاق. لما كان ذلك وكان متفقاً في عقد البيع أن أجل التزام المطعون ضدها بتقديم المستندات اللازمة للتسجيل لا يحل أصلاً إلا بعد سداد الطاعنين كامل الثمن أي أن تنفيذ المطعون ضدها لهذا الالتزام يتوقف على قيام الطاعنين بسداد كامل الثمن أولاً، ولم يكن ثمة سند من القانون أو الاتفاق يرتب على مجرد التشكك في قدرة المطعون ضدها على تنفيذ ذلك الالتزام سقوط أجله يحق للطاعنين حبس باقي الثمن لهذا السبب فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون لرفضه الدفع بالحبس المبدى من الطاعنين, يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف ببطلان التوكيل الذي استند إليه محامي المطعون ضدها في مباشرته الدعوى أمام محكمة أول درجة لصدوره في بلد أجنبي دون اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصديق عليه من وزارة الخارجية المصرية ومن ثم لا يعتد حضور ذلك المحامي وبالتالي تكون الخصومة قد سقطت لعدم حضور المدعية بنفسها أو بوكيل عنها مما يبطل الحكم الصادر فيها. وإذا أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض هذا الدفع على سند مما أسماه التعليمات الصادرة في هذا الشأن من الشهر العقاري رغم عدم إيداع هذه التعليمات ملف الدعوى فإنه يكون قد قضى بعلمه مما يبطله كما فوت عليهم فرصة طلب إدخال وزير الخارجية ليطعن على أختام ذلك التوكيل بالتزوير وبذلك يكون قد أخل بحقهم في الدفاع مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان مفاد المواد 63، 68، 82 من قانون المرافعات أن الخصومة تبدأ باتصالها بالمحكمة المرفوعة إليها ويتم انعقادها باتصالها بأطرف الدعوى طبقاً للإجراءات التي رسمها القانون ومت تم إيداع صحيفة افتتاح الدعوى قلم كتاب المحكمة وإعلانها إلى المدعى عليهم, وسلمت هذه الإجراءات من البطلان قامت الخصومة أمام المحكمة فلاً يبطلها أو يسقطها أو يمنع المحكمة من الفصل فيها مجرد غياب أو عدم تمثيل من حضر عن المدعي فيها. وكان الطاعنون قد أقاموا دفعهم ببطلان وسقوط الخصومة على مجرد عدم صحة حضور محامي المدعية (المطعون ضدها) لعدم صحة وكالته عنها. فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض هذا الدفع يكون صحيح النتيجة ويكون النعي على الأساس القانوني الذي أقام عليه قضاءه في هذا الخصوص - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون ضدها في باقي الثمن بالتقادم الطويل ولما كان باقي الثمن جزء من الالتزام بدفع الثمن الذي يبدأ ميعاد تقادمه المسقط من تاريخ نشأته فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفع تأسيساً على أن ميعاد التقادم لا يبدأ إلا من تاريخ الاستحقاق يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر قانوناً بالمادة 381 من القانون المدني أنه لا يبدأ سريان التقادم المسقط أصلاً إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء فإذا كان الدين مؤجلاً فإن هذا التقادم لا يسرى إلا من الوقت الذي ينقضي فيه الأجل، وكان كل قسط من الدين المقسط مستقلاً في تاريخ استحقاقه عن غيره من الأقساط, فمن ثم لا يسرى التقادم بالنسبة لكل قسط إلا من وقت استحقاقه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور، وفي بيان ذلك يقولون إنهم طلبوا بمذكراتهم أمام محكمة الاستئناف حضور المطعون ضدها شخصياً لاستجوابها وتوجيه اليمين الحاسمة إليها إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل ذلك مما يعيبه بالقصور والإخلال بحق الدفاع، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان البين مما قدمه الطاعن من مذكرات أمام محكمة الاستئناف أنهم لم يوجهوا فعلاً يميناً حاسمة إلى المطعون ضدها أو أنهم طلبوا من المحكمة استجوابها في أمر معين وإنما اقتصر طلبهم على حضورها شخصياً للتحقق من وجودها وأنها ما زالت على قيد الحياة وتوطئه لتوجيه يمين حاسمة إليها واستجوابها وهو ما لا يعتبر طلباً صريحاً جازماً بالاستجواب أو باليمين حتى تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه. فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.