أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 746

جلسة 29 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وعبد العال السمان.

(287)
الطعن رقم 751 لسنة 57 القضائية

حكم "حجية الحكم: الحكم الجنائي". قوة الأمر المقضي. مسئولية.
الحكم الجنائي البات الصادر في الدعوى الجنائية بإدانة المتهم وفي الدعوى المدنية بإلزامه بالتضامم مع شركة التأمين بأداء التعويض المؤقت. حجيته أمام المحاكم المدنية. نطاقها. ما فصل فيه في الدعوى الجنائية وفي المسائل الأساسية التي حسمها في الدعوى المدنية. أثر ذلك. امتناع العودة في دعوى تكملة التعويض إلى المناقشة في تلك المسألة ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو ولم يبحثها الحكم.
أجازت الفقرة الثانية من المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 85 لسنة 1976 للمضرور من الجريمة إدخال المؤمن لديه في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً للدعوى الجنائية، كما أجازت المادة 258 مكرراً من ذات القانون المضافة بالقانون 85 لسنة 1976 رفع الدعوى المدنية قبل المؤمن لديه لتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الجنائية، فإذا استعمل المضرور هذا الحق وصدر حكم جنائي من المحكمة الجنائية صار باتاً قضى بإدانة المتهم لاقترافه الجريمة المنسوبة إليه وبإلزامه في الدعوى المدنية بأداء تعويض مؤقت بالتضامم مع شركة التأمين المؤمن لديها على السيارة التي تسببت في وقوع الحادث فإن هذا الحكم لا تقتصر حجيته أمام المحاكم المدنية على ما فصل فيه في الدعوى الجنائية من ارتكاب المتهم للجريمة التي دين عنها بل تمتد حجيته إلى قضائه في المسألة الأساسية التي حسمها في الدعوى المدنية سواء في شأن تحقق مسئولية مرتكب الحادث عن التعويض بتوافر أركان هذه المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية أو بصدد ثبوت مساءلة شركة التأمين عن أداء التعويض للمضرور عن الأضرار التي حاقت به من جراء الحادث الذي وقع بسيارة مؤمن عليها لديها فيمتنع على هذه الشركة في دعوى تكملة التعويض العودة إلى مناقشة تلك المسألة التي فصل فيها الحكم ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 363 لسنة 1984 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضده الثاني والشركة الطاعنة طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليه مبلغ مائة ألف جنيه، وقال بياناً للدعوى أنه بتاريخ 22/ 1/ 1980 تسبب المطعون ضده الثاني خطأ في إحداث إصابته أثناء قيادته السيارة المملوكة له والمؤمن عليها لدى الشركة الطاعنة، وقد ضبط عن واقعة الحادث محضر الجنحة رقم 343 لسنة 1980 باب شرق، وأقامت النيابة العامة الدعوى الجنائية على المطعون ضده الثاني فتدخل فيها مدعياً بالحقوق المدنية وطالباً إلزام هذا الأخير والشركة الطاعنة بأن يؤديا إليه تعويضاً مؤقتاً مقداره واحد وخمسون جنيهاً، فقضت المحكمة الجنائية بمعاقبة المتهم المطعون ضده الثاني وبإلزامه والشركة الطاعنة أن يؤديا له بالتضامم التعويض المؤقت وصار هذا الحكم باتاً، وإذ حاقت به أضراراً مادية وأدبية من جراء الحادث يقدر جبراً لها تعويضاً كاملاً بالمبلغ المطالب به فقد أقام دعواه ليقضي بمطلبها، وبتاريخ 25 من يونيه سنة 1984 فقضت المحكمة بإلزام المطعون ضده الأول والشركة الطاعنة أن يؤديا بالتضامم إلى المطعون ضده الثاني مبلغ عشرة آلاف جنيه، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية برقم 719 لسنة 40 قضائية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، واستأنف هذا الحكم أيضاً المطعون ضده الثاني أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 749 لسنة 40 قضائية طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، كما أقامت الشركة الطاعنة استئنافاً فرعياً عن الحكم طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى بالنسبة لها، وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني للاستئناف الأول. حكمت بتاريخ 21 من يناير سنة 1987 في موضوع الاستئناف رقم 749 سنة 40 قضائية والاستئناف الفرعي المقام من الشركة الطاعنة برفضهما وفي الاستئناف رقم 719 لسنة 40 قضائية بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضده الثاني والشركة الطاعنة بالتضامم أن يؤديا إلى المطعون ضده الأول مبلغ اثنين وعشرين ألف جنيه. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بانتفاء مسئوليتها عن التعويض تأسيساً على أن السيارة التي تسببت في إحداث الضرر محل المطالبة بالتعويض لم يكن مؤمناً عليها لدى الشركة في اليوم الذي وقع فيه الحادث إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع أخذاً بحجية الحكم الجنائي القاضي بإلزامها أداء التعويض المؤقت بالتضامم مع المطعون ضده الثاني، هذا في حين أن حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية قاصرة على ما قضى به في الدعوى الجنائية أو بالتعويض على مرتكب الحادث أما قضاؤه بإلزام الشركة الطاعنة بأداء تعويض مؤقت فلا يحوز حجية تمنع المحاكم المدنية صاحبة الولاية الأصلية من تحقيق دفاعها للوقف على مدى تحقق وثبوت مساءلتها عن تغطية المسئولية المدنية بدفع التعويض الكامل للمضرور، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن الفقرة الثانية من المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 85 لسنة 1976 قد أجازت للمضرور من الجريمة إدخال المؤمن لديه في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً للدعوى الجنائية، كما أجازت المادة 258 مكرراً من ذات القانون المضافة بالقانون رقم 85 لسنة 1976 رفع الدعوى المدنية قبل المؤمن لديه لتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الجنائية، فإذا استعمل المضرور هذا الحق وصدر حكم جنائي من المحكمة الجنائية صار باتاً قضى بإدانة المتهم لاقترافه الجريمة المنسوبة إليه وبإلزامه في الدعوى المدنية بأداء تعويض مؤقت بالتضامم مع شركة التأمين المؤمن لديها على السيارة التي تسببت في وقوع الحادث فإن هذا الحكم لا تقتصر حجيته أمام المحاكم المدنية على ما فصل فيه في الدعوى الجنائية من ارتكاب المتهم للجريمة التي دين عنها بل تمتد حجيته إلى قضائه في المسألة الأساسية التي حسمها في الدعوى المدنية سواء في شأن تحقق مسئولية مرتكب الحدث عن التعويض بتوافر أركان هذه المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية أو بصدد ثبوت مساءلة شركة التأمين عن أداء التعويض للمضرور عن الأضرار التي حاقت به من جراء الحادث الذي وقع بسيارة مؤمن عليها لديها فيمتنع على هذه الشركة في دعوى تكملة التعويض العودة إلى مناقشة تلك المسألة التي فصل فيها الحكم ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول اختصم الشركة الطاعنة في الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية في قضية الجنحة رقم 343 لسنة 1980 باب شرق الإسكندرية باعتبارها الشركة المؤمن لديها على السيارة التي تسببت في وقوع الحادث وأنها بذلك تلتزم مع المتهم بأداء التعويض المؤقت إليه عما أصابه من ضرر، فإن الحكم الجنائي الصادر في تلك القضية الجنائية والذي قضى في الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية بإلزام المتهم المطعون ضده الثاني والشركة الطاعنة بالتضامم أن يؤديا إلى المضرور المطعون ضده الأول مبلغ واحد وخمسين جنيهاً تعويضاً مؤقتاً يجوز حجية - بعد أن صار باتاً - في شأن ثبوت مسئولية الشركة الطاعنة باعتبارها الشركة المؤمنة على السيارة التي تسببت في إحداث الضرر الذي حاق بالمطعون ضده الأول ما يمتنع معه على هذه الشركة أن تثير من جديد في الدعوى المطروحة التي أقيمت بطلب تكملة التعويض منازعة تتعلق بتحقق مساءلتها ونفي حصول تأمين لديها على السيارة المتسببة في الحادث لورود هذه المنازعة على ذات المسألة الأساسية المقضي فيها بالحكم الجنائي، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون أصاب صحيح القانون ويغدو النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.