أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 751

جلسة 9 من يوليه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد شرباش نائب رئيس المحكمة، محمد عبد البر حسين، خلف فتح الباب وحسام الدين الحناوي.

(288)
الطعن رقم 359 لسنة 53 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش".
المستأجر لمكان مفروش. حقه في الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار م 46 ق 49 لسنة 1977 - شرطه - استمراره منتفعاً بالعين سالفة الذكر مدة خمس سنوات سابقة على تاريخ العمل بالقانون المذكور. ما نصت عليه م 18 فقرة أخيرة ق 136 لسنة 81 عدم سريانه على تلك الحالة. علة ذلك.
(2) إيجار "إيجار الأماكن": ترك العين المؤجرة والتنازل عنها وتأجيرها من الباطن. محكمة الموضوع: "مسائل الواقع".
إثبات ونفي تخلي المستأجر عن العين المؤجرة وتنازله عنها لآخر أو تأجيرها من الباطن. واقع تستقل بتقديره محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
تقدير أقوال الشهود - واستخلاص الواقع منها. من سلطة قاضي الموضوع. شرطه. عدم الخروج بها عما يؤدي إليه مدلولها.
1 - النص في المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "يحق للمستأجر الذي يسكن في عين استأجرها مفروشة من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون البقاء في العين ولو انتهت المدة المتفق عليها.... - ...." يدل على أن استفادة المستأجر لعين مفروشة من مالكها برخصة الامتداد القانوني لعقد الإيجار تستلزم أن تكون العين مؤجرة مفروشة للسكنى وأن يستمر مستأجراً لها مدة خمس سنوات متصلة سابقة على 9/ 9/ 1977 - تاريخ العمل بأحكام هذا القانون - وقد جاء هذا النص استثناء من القواعد العامة في إنهاء عقود الإيجار المفروش بانتهاء مدته وذلك لصالح طائفة معينة من المستأجرين، هم أولئك الذي استمرت سكناهم بالعين المفروشة مدة خمس سنوات متصلة سابقة على التاريخ المشار إليه، ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في فقرتها الأخيرة من أنه مع عدم الإخلال بأسباب الإخلاء التي ذكرتها فإنه "لا تمتد بقوة القانون عقود إيجار الأماكن المفروشة، ذلك أن حكم هذا النص لا يستطيل إلى عقود الإيجار التي يسري عليها نص المادة 46 من القانون 49 لسنة 1977 أو يتضمن إلغاء لها باعتبارها تنطبق على حالة معينة اكتملت أركانها بصدور القانون الذي نظمها ووفقاً لأحكامه، ولو أن المشرع - في القانون رقم 136 لسنة 81 قصد إلى تعطيل هذه المادة بالنسبة للمراكز التي لم تكن قد استقرت بعد حكم نهائي عند نفاذه لنص صراحة على إلغائها كما فعل بالنسبة للمادتين 23، 31 من ذلك القانون، يؤكد ذلك ما جاء بتقرير اللجنة المشتركة بمجلس الشعب من أن ما ورد بالفقرة الأخيرة من المادة 18 آنفة الإشارة لا علاقة له بحكم المادة 46 من القانون 49 سنة 1977.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إثبات ونفي تخلي المستأجر عن العين المؤجرة وتنازله عنها أو تأجيرها من الباطن هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
3 - لقاضي الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها ما دام لم يخرج بهذه الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 2473 سنة 1981 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة وبالعقد المؤرخ 24/ 8/ 1976 وتسليمها لها بمنقولاتها، وقالت في بيان دعواها أنه بموجب هذا العقد استأجر منها المطعون ضده "فيلا" مفروشة لمدة سنة تتجدد ولمدة مماثلة ما لم ينبه أحد الطرفين على الآخر بعدم رغبته في التجديد، وإذ رغبت في إنهاء العقد فقد أنذرت المطعون ضده بذلك ونبهت عليه بتسليمها العين المؤجرة إلا أنه لم يفعل فأقامت الدعوى بطلباتها آنفة البيان، ثم أضافت الطاعنة سبباً آخر للإخلاء هو تأجير المطعون ضده العين محل النزاع من الباطن. أجابت المحكمة الطاعنة إلى طلباتها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية برقم 689 سنة 37 ق، وتمسك بحقه في البقاء بالعين عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 49 سنة 1977. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ثم قضت بتاريخ 15/ 12/ 1982 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على ما قرره من أن النص في الفقرة الأخيرة من المادة 18 من القانون رقم 136 سنة 1981 على أنه "ومع عدم الإخلال بالأسباب المشار إليها لا تمتد بقوة القانون عقود إيجار الأماكن المفروشة" إنما قصد به المشرع عدم امتداد هذه العقود امتداداً تلقائياً، وأنه لا علاقة لهذه الفقرة - وفقاً لما جاء بتقرير اللجنة المشتركة بمجلس الشعب - بحكم المادة 46 من القانون رقم 49 سنة 1977 التي لم يتضمن ذلك القانون النص على إلغائها كما فعل بالنسبة للمادة 31 من هذا القانون وذلك من الحكم غير صحيح لأن التقرير المشار إليه استهدف من القول بأن عقود إيجار الأماكن المفروشة لا تمتد تلقائياً أنها لا تمتد إلا إذا نص القانون أو الاتفاق على امتدادها، كما أن ما قصدته المادة 18 آنفة الذكر من تقرير عدم امتداد هذه العقود بقوة القانون هو إلغاء كل قانون سابق نص على امتدادها، ومنها نص المادة 46 من القانون رقم 49 سنة 1977.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "يحق للمستأجر الذي يسكن في عين استأجرها مفروشة من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون البقاء في العين ولو انتهت المدة المتفق عليها......" يدل على أن استفادة المستأجر لعين مفروشة من مالكها برخصة الامتداد القانوني لعقد الإيجار تستلزم أن يكون العين مؤجرة مفروشة للسكني، وأن يستمر مستأجراً لها مدة خمس سنوات متصلة سابقة على 9/ 9/ 1977 تاريخ العمل بأحكام هذا القانون - وقد جاء هذا النص استثناء من القواعد العامة في إنهاء عقد الإيجار المفروش بانتهاء مدته، وذلك لصالح طائفة معينة من المستأجرين هم أولئك الذين استمرت سكناهم بالعين المفروشة مدة خمس سنوات متصلة سابقة على التاريخ المشار إليه، ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة 18 من القانون رقم 136 سنة 1981 في فقرتها الأخيرة من أنه مع عدم الإخلال بأسباب الإخلاء التي ذكرتها فإنه "لا تمتد بقوة القانون عقود إيجار الأماكن المفروشة، ذلك أن حكم هذا النص لا يستطيل إلى عقود الإيجار التي يسري عليها نص المادة 46 من القانون رقم 49 سنة 1977 أو يتضمن إلغاء لها باعتبارها تنطبق على حالة معينة اكتملت أركانها بصدور القانون الذي نظمها ووفقاً لأحكامه. ولو أن المشرع - في القانون رقم 136 سنة 1981 - قصد إلى تعطيل حكم هذه المادة - بالنسبة للمراكز التي لم تكن قد استقرت بعد بحكم نهائي عند نفاذه - لنص صراحة على إلغائها كما فعل بالنسبة للمادتين 23، 31 من ذلك القانون، يؤيد ذلك ما جاء بتقرير اللجنة المشتركة بمجلس الشعب من أن ما ورد بالفقرة الأخيرة من المادة 18 آنفة الإشارة لا علاقة له بحكم المادة 46 من القانون رقم 49 سنة 1977. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعي عليه في ذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه قد ثبت من ورقه إعلان المطعون ضده بالدعوى رقم 1533 سنة 1978 كلي الإسكندرية والإنذار الذي وجهته إليه بتاريخ 10/ 8/ 1980 وجود طلبة عراقيين بالعين محل النزاع لا صلة لهم بالمطعون ضده الأمر الذي يدل على تأجيره العين من باطنه، إلا أن الحكم لم يبحث هذه المستندات ويعمل دلالتها التي تأكدت بأقوال الشهود أمام محكمة الاستئناف، وذهب إلى أن إقامة هؤلاء بالعين كانت على سبيل الاستضافة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إثبات ونفي تخلي المستأجر عن العين المؤجرة بتنازله عن إجارتها أو تأجيرها من الباطن هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، وأن له سلطة تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها ما دام لم يخرج بهذه الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نفي تأجير المطعون ضده العين محل النزاع من باطنه على ما استخلصه من أقوال الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة، وكان ما انتهى إليه سائغاً ومقبولاً وله أصله الثابت بالأوراق، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.