أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1132

جلسة 29 من يونيه سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الناصر السباعي، ومحمد إسماعيل غزالي، سيد قايد نواب رئيس المحكمة وعبد الله فهيم.

(214)
الطعن رقم 5305 لسنة 63 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك". محكمة الموضوع.
(1) خلو المادة 594/ 2 مدني من ضابط يستهدى به في تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع. لمحكمة الموضوع سلطة تقديرها. شرطه.
(2) الضرورة الملجئة لبيع المتجر. ماهيتها. لا يشترط أن تكون نتيجة قوة قاهرة. لا عبرة بما إذا كانت الظروف المؤدية لها خارجة عن إرادة المستأجر أو بسبب منه.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كانت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني تشترط للحكم بإبقاء الإيجار في حالة بيع المتجر أو المصنع الكائن بالعين المؤجرة قيام ضرورة تقتضي البيع وإن كان المشرع لم يضع في هذه المادة ضابطاً يستهدي به في تحديد الضرورة، بل ترك أمر تقديرها لقاضي الموضوع يستخلصها من ظروف البيع مسترشداً في ذلك بالأسباب الباعثة عليه، إلا أنه ينبغي أن يكون استخلاص الحكم مستنداً إلى دليل قائم في الدعوى وأن يكون قد رد على كل دفاع جوهري أثاره الخصوم في هذا الصدد.
2 - المقرر أن الضرورة الملجئة للبيع وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني، هي تلك التي تضع حداً لنوع النشاط الذي كان يزاوله المستأجر في العين المؤجرة، ولا يشترط فيها أن ترقى إلى حد القوة القاهرة التي لا سبيل إلى دفاعها أو تلافي نتائجها، دون اعتداد بما إذا كانت الظروف التي أدت إلى هذه الحالة خارجة عن إرادة المستأجر أو بسبب منه طالما توافرت الأسباب الاضطرارية التي تجعل بيع المتجر أو المصنع هو آخر عمل يقوم به في ميدان هذا النشاط، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بتوافر الضرورة الملجئة لبيع الدكان محل النزاع، المتمثلة في كون المطعون ضده الثالث (المستأجر الأصلي) يهودي الديانة، قام بتصفية أعماله وممتلكاته بالبلاد لمغادرتها بصفة نهائية، وأنه غادرها بالفعل بعد البيع مدللاً على ذلك، بإعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى في مواجهة النيابة لعدم وجود موطن له داخل البلاد، وبيعه ووالده العقار الكائن به العين محل النزاع طبقاً لصورة العقد المشهر المقدمة من المطعون ضدهما الأولين أمام محكمة أول درجة، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بالإخلاء، على سند من خلو عقد البيع بالجدك وأوراق الدعوى من دليل على توافر الضرورة الملجئة للبيع، دون أن يعرض لدفاع الطاعن المشار إليه، رغم أنه دفاع جوهري، من شأنه - لو ثبت - أن يغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثانية أقاما على الطاعن وباقي المطعون ضدهما الدعوى رقم 14055 لسنة 1987 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1958، وإخلاء العين المبينة بالصحيفة وتسليمها لهما، وقالا بياناً لدعواهما إنه بموجب هذا العقد استأجر المطعون ضده الثالث العين محل النزاع من المالك السابق للعقار، لاستعمالها ورشة مرايات، وإذ آلت الملكية إليهما، وتبين لهما عدم وجود المستأجر الأصلي بالعين المؤجرة وتنازله عنها للطاعن، الذي كون شركة تجارية مع المطعون ضدهما الرابع والخامس، واتخذوا العين مقراً لها فقد أقاما الدعوى، كما وجه الطاعن إلى المطعون ضدهما الأول والثانية دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزامهما بتحرير عقد إيجار عن العين محل النزاع، تأسيساً على شرائه لها بالجدك من مستأجرها الأصلي، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض الدعويين، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1517 لسنة 108 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضدهما الأول والثانية، بالاستئناف رقم 1657 لسنة 108 ق, وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين, قضت بتاريخ 26/ 5/ 1993 في الاستئناف الأول بتأييد الحكم المستأنف وفي الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1958 وإخلاء العين محل النزاع وتسليمها للمطعون ضدهما الأول والثاني طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بتوافر الضرورة الملجئة لبيع الدكان محل النزاع، التي تمثلت في كون المستأجر الأصلي يهودي الديانة انقطعت صلته بنشاط المحل وقام بتصفية أمواله وممتلكاته تمهيداً لمغادرة البلاد نهائياً, وقد غادرها بالفعل بعد البيع، بدلالة إعلانه إياه بصحف افتتاح الدعوى في مواجهة النيابة لعدم وجود موطن له داخل البلاد، وبيعه ووالده العقار الكائن به الدكان إلى المطعون ضدهما الأولين، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بالتأسيس على أن الأوراق وعقد البيع بالجدك قد تخلت من توافر الضرورة الملجئة للبيع، دون أن يعرض لدفاعه سالف الذكر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كانت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني تشترط للحكم بإبقاء الإيجار في حالة بيع المتجر أو المصنع الكائن بالعين المؤجرة قيام ضرورة تقتضي البيع وإن كان المشرع لم يضع في هذه المادة ضابطاً يستهدى به في تحديد الضرورة، بل ترك أمر تقديرها لقاضي الموضوع يستخلصها من ظروف البيع مسترشداً في ذلك بالأسباب الباعثة عليه، إلا أنه ينبغي أن يكون استخلاص الحكم مستنداً إلى دليل قائم في الدعوى وأن يكون قد رد على كل دفاع جوهري أثاره الخصوم في هذا الصدد، كما أن من المقرر أن الضرورة الملجئة للبيع وفقاً للنص المشار إليه، هي تلك التي تضع حداً لنوع النشاط الذي كان يزاوله المستأجر في العين المؤجرة، ولا يشترط فيها أن ترقى إلى حد القوة القاهرة التي لا سبيل إلى دفاعها أو تلافي نتائجها، دون اعتداد بما إذا كانت الظروف التي أدت إلى هذه الحالة خارجة عن إرادة المستأجر أو بسبب منه طالما توافرت الأسباب الاضطرارية التي تجعل بيع المتجر أو المصنع هو آخر عمل يقوم به في ميدان هذا النشاط، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بتوافر الضرورة الملجئة لبيع الدكان محل النزاع، المتمثلة في كون المطعون ضده الثالث (المستأجر الأصلي) يهودي الديانة، قام بتصفية أعماله وممتلكاته بالبلاد لمغادرتها بصفة نهائية، وأنه غادرها بالفعل بعد البيع, مدللاً على ذلك، بإعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى في مواجهة النيابة لعدم وجود موطن له داخل البلاد، وبيعه ووالده العقار الكائن به العين محل النزاع طبقاً لصورة العقد المشهر المقدمة من المطعون ضدهما الأولين أمام محكمة أول درجة، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بالإخلاء، على سند من خلو عقد البيع بالجدك وأوراق الدعوى من دليل على توافر الضرورة الملجئة للبيع، دون أن يعرض لدفاع الطاعن المشار إليه، رغم أنه دفاع جوهري، من شأنه - لو ثبت - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب، بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.