أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1183

جلسة 10 من يوليه سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فاروق يوسف سليمان، خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي وعبد الجواد هاشم نواب رئيس المحكمة.

(224)
الطعن رقم 2096 لسنة 60 القضائية

(1، 2) نقض "صحيفة الطعن". بطلان. إثبات. تزوير "الطعن بالتزوير".
(1) البيانات الواجب اشتمال صحيفة الطعن بالنقض عليها. م 253 مرافعات. الغرض منها. إعلام ذوي الشأن إعلاماً كافياً بها. تحقق الغاية من الإجراء. لا بطلان.
(2) العبرة بالثابت بالحكم عند التعارض بينه وبين ما أثبت بمحضر الجلسة. لا يجوز للخصم جحد الثابت بورقة الحكم أو مسودته من بيانات إلا بطريق الطعن بالتزوير. اتخاذه طريق الطعن بالتزوير لا يستلزم ترخيصاً له من المحكمة بذلك.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن": "المنشآت الآيلة للسقوط" "الطعن في قرارات تحديد الأجرة". حكم. بطلان.
(3) ثبوت صدور الحكم الابتدائي وفقاً لتشكيل المحكمة الذي أوجبته المادة 18 ق 49 لسنة 1977. لا عبرة بعدم توقيع المهندس الملحق بتشكيل المحكمة. علة ذلك. جحد الثابت بالحكم غير جائز لاتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير. التحدي بالرخصة المخولة للمحكمة بمقتضى نص المادة 58 إثبات. عدم جوازه ما دامت لم ترى في حدود سلطتها التقريرية استعمالها.
(4) تأييد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي الذي قضي بتأييد قرار الإزالة. مؤداه. التزامه بذات أجل التنفيذ الوارد به.
(5، 6) اختصاص "اختصاص نوعي". خبرة. دعوى "الدفاع فيها". "الدفاع الجوهري". محكمة الموضوع.
(5) طلب رد الخبير. اختصاص المحكمة التي عينت بالفصل فيه. اعتباره من المسائل التي تعترض سير الخصومة. إقامة دعوى رده أمام محكمة أخرى. لا أثر لها في مباشرة المأمورية التي أنيط بها.
(6) الدفاع الجوهري الذي تلتزم المحكم بالرد عليه. ماهيته.
(7، 8) محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الواقع". إثبات. خبرة "ندب خبراءً".
(7) لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها.
(8) عمل الخبير عنصر من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى. خضوعه لتقرير محكمة الموضوع. لها الأخذ بما انتهى إليه محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي بني عليها. عدم التزامها بالرد على تقرير الخبير الاستشاري أو ندب خبراء آخرين ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت عليها دليلها الرد الضمني المسقط لما يخالفها.
1 - لما كان نص المادة 253 من قانون المرافعات على أن تشتمل صحيفة الطعن على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم وإلا كان الطعن باطلاً. فقد استهدفت - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إعلام ذوي الشأن بها حتى يتسنى إعلانهم بالأوراق المتعلقة بسير الطعن، فإذا ما تحققت هذه الغاية التي تغياها المشرع من هذا الإجراء فلا يحكم بالبطلان تطبيقاً لنص المادة 20 من هذا القانون.
2 - المقرر في قضاء محكمة النقض - أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت صحيحة على من يدعي مخالفتها إقامة الدليل على ذلك وأنه عند قيام تعارض بين الحكم وبين ما أثبت بمحضر الجلسة فإن العبرة بما أثبت بالحكم ولا يجوز للخصم أن - يجحد ما أثبت به أو بمسودته من بيانات إلا بطريق الطعن عليهما بالتزوير وفقاً للإجراءات أوجبها القانون، وهو رخصة قررها المشرع له إن شاء استعملها دون حاجة إلى الترخيص له بذلك من المحكمة.
3 - لما كان البين من الصورة الرسمية للحكم الابتدائي أنه صدر من هيئة مشكلة من ثلاثة قضاة ومهندس فإنه يكون صادراً وفقاً لتشكيل المحكمة الذي أوجبه نص المادة 18 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولا عبرة في ذلك بعدم توقيعه على مسودة الحكم، لأن هذا النص - وعلى ما هو مقرر بقضاء محكمة النقض - لم يجعل للمهندس الملحق بتشكيل المحكمة المبينة به صوتاً معدوداً في المداولة. ولا يجوز للطاعنة جحد ما أثبت بالحكم في هذا الخصوص متى سكتت عن اتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير المنصوص عليها في المواد من 49 إلى 51 من قانون الإثبات، ولا يجديها التحدي بأن المحكمة تملك من تلقاء نفسها أن تحكم برد وبطلان أية ورقة إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة عملاً بالرخصة المخولة لها بالمادة 58 من هذا القانون ما دامت لم توفى حدود سلطتها التقديرية استعمال هذه الرخصة الجوازية.
4 - لما كان الثابت من الأوراق أن قرار التنظيم رقم... لسنة 1985 المطعون فيه قد تضمن تنفيذ الإزالة خلال شهرين وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي الذي قضى بتأييد هذا القرار، فإنه يكون قد التزم بذات الأصل الوارد به. وبالتالي فلا يكون قد خالف نص المادة 59 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي يوجب على المحكمة أن تحدد أجلاً لتنفيذ حكمها بالهدم الكلي.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن نص المادة 142 من قانون الإثبات - يدل - على أن المحكمة أو القاضي الذي عين الخبير هو الذي يختص بالنظر في طلب رده باعتبار أن هذا الطلب من المسائل التي تعترض سير الخصومة. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعنة لم تسلك الطريق الذي رسمه القانون لرد الخبيرة أمام محكمة الاستئناف التي عينتها بدعوى استكملت العناصر اللازمة للفصل فيها، فإن الدعوى بردها أما محكمة أخرى لا يؤثر في مباشرة المأمورية التي انيطت بها. وبالتالي في التقرير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه بما ينأى به عن البطلان الذي يستند لهذا السبب ويكون دفاع الطاعنة في هذا - الخصوص غير ذي أثر على الحكم إن هو لم يرد عليه استقلالاً.
6 - لما كان الدفاع غير الجوهري لا يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى ومحكمة الموضوع لا تلتزم بالرد الأعلى الدفاع الجوهري المنتج.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها لتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
8 - لما كان عمل الخبير لا يعدو وأن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى تخضع لتقريرها ولها سلطة الأخذ بما انتهى إليه محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي بني عليها دون أن تكون ملزمة بالرد على تقرير الخبير الاستشاري أو المستندات المخالفة لما أخذت به، أو الاستجابة لطلب ندب خبراء آخرين لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت عليها دليلها الرد الضمني المسقط لما يخالفها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم 10025 لسنة 1985 مدني طنطا الابتدائية طعناً على القرار رقم 280 لسنة 1985 الصادر من لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بالوحدة المحلية لمدينة طنطا بإزالة العقار المبين بالصحيفة والذي تستأجره لاستعماله مخبزاً بطلب الحكم بتعديله إلى الترميم لسلامة المبنى. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره قضت برفضها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 756 لسنة 37 قضائية ندبت المحكمة خبيراً آخر وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 26 من مارس سنة 1990 بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون ضده الأول ببطلان صحيفة الطعن، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده الأول ببطلان صحيفة الطعن أنها خلت من بيان صفة الطاعنة وموطنها، وموطن محاميها الموكل عنها في الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك بأن المادة 253 من قانون المرافعات إذ نصت على أن تشتمل صحيفة الطعن على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومواطن كل منهم وإلا كان الطعن باطلاً, فقد استهدفت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إعلام ذوي الشأن بها حتى يتسنى إعلانهم بالأوراق المتعلقة بسير الطعن، فإذا ما تحققت هذه الغاية التي تغياها المشرع من هذا الإجراء فلا يحكم بالبطلان تطبيقاً لنص المادة 20 من هذا القانون. لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون ضده الأول على بينة من صفة الطاعنة المحكوم عليها في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وأنه علم بموطن المحامي الموكل عنها في رفع الطعن بمدينة طنطا، وقدم مذكرة بدفاعه في الميعاد ومن ثم تكون الغاية من إيراد هذا البيان قد تحققت مصلحته في التمسك ببطلان الصحيفة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك تقول إنه أيد الحكم الابتدائي رغم صدوره دون أن يلحق بتشكيل الهيئة التي أصدرته مهندس معماري أو مدني مقيد بنقابة المهندسين وفقاً للمادة 18 من القانون رقم 49 لسنة 1977 مما يبطله، ولا يغير من ذلك إضافة اسم المهندس....... إلى ديباجة الحكم بعد تحريره مما يعد تزويراً من شواهده أن هذه الإضافة حررت بخط ومداد مخالف لبيان تشكيل هيئة المحكمة التي أصدرته وأن محاضر الجلسات قد خلت من اسم المهندس ومسودة الحكم من توقيعه، وقد تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف في مذكراتها المقدمة بجلسة 18/ 1/ 1990 واستأجلت الدعوى لاتخاذ طريق الطعن بالتزوير على تلك الإضافة، إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع، ولم تقض برد وبطلان الحكم الابتدائي لتزويره من تلقاء نفسها وفي هذا ما يعيب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الإجراءات إنها روعيت صحيحة على من يدعى مخالفتها إقامة الدليل على ذلك, وإنه عند قيام تعارض بين الحكم وبين ما أثبت بمحضر الجلسة فإن العبرة بما أثبت بالحكم ولا يجوز للخصم أن يجحد ما أثبت به أو بمسودته من بيانات إلا بطريق الطعن عليهما بالتزوير وفقاً للإجراءات التي أوجبها القانون، وهو رخصة قررها المشرع له إن شاء استعملها دون حاجة إلى الترخيص له بذلك من المحكمة. لما كان ذلك وكان البين من الصورة الرسمية للحكم الابتدائي أنه صدر من هيئة مشكلة من ثلاثة قضاة ومهندس فإنه يكون صادراً وفقاً لتشكيل المحكمة الذي أوجبه نص المادة 18 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولا عبرة في ذلك بعدم توقيعه على مسودة الحكم، لأن هذا النص - وعلى ما هو مقرر بقضاء هذه المحكمة - لم يجعل للمهندس الملحق بتشكيل المحكمة المبينة به صوتاً معدوداً في المداولة. ولا يجوز للطاعنة جحد ما أثبت بالحكم في هذا الخصوص متى سكتت عن اتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير المنصوص عليها في المواد من 49 إلى 51 من قانون الإثبات، ولا يجديها التحدي بأن المحكمة تملك من تلقاء نفسها أن تحكم برد وبطلان أية ورقة إذ ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة عملاً بالرخصة المخولة لها بالمادة 58 من هذا القانون ما دامت لم تر في حدود سلطتها التقديرية استعمال هذه الرخصة الجوازية، ومن ثم يضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذين الوجهين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه - الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك تقول أنه إذ أيد قضاء الحكم الابتدائي بتأييد القرار الهندسي بالإزالة دون أن يحدد أجلاً لتنفيذه بالمخالفة لنص المادة 59 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي توجب ذلك مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن الثابت من الأوراق أن قرار التنظيم رقم 1/ 280 لسنة 1985 المطعون فيه قد تضمن تنفيذ الإزالة خلال شهرين، وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي الذي قضى بتأييد هذا القرار، فإنه يكون قد التزم بذات الأجل الوارد به. وبالتالي فلا يكون قد خالف نص المادة 59 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي يوجب على المحكمة أن تحدد أجلاً لتنفيذ حكمها بالهدم الكلي، ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني والوجه الثاني من السبب الرابع البطلان والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت بمذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 18/ 1/ 1990 بأنها أقامت الدعوى رقم 412 لسنة 1989 مدني بندر أول طنطا بطلب رد الخبيرة التي انتدبتها المحكمة لصلتها بزوجة المطعون ضده الأول، وبالرغم من ذلك فقد باشرت المأمورية المنوطة بها وأودعت عنها تقريرها مما يبطله، غير أن الحكم المطعون فيه عول على هذا التقرير الباطل، والتفت عن دفاعها الجوهري في هذا الشأن مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر في قضاء المحكمة أن النص المادة 142 من قانون الإثبات - على أن "يحصل طلب الرد بتكليف الخبير الحضور أمام المحكمة أو القاضي الذي عينه" يدل على أن المحكمة أو القاضي الذي عين الخبير هو الذي يختص بالنظر في طلب رده باعتبار أن هذا الطلب من المسائل التي تعترض سير الخصومة، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعنة لم تسلك الطريق الذي رسمه القانون لرد الخبيرة أمام محكمة الاستئناف التي عينتها بدعوى استكملت العناصر اللازمة للفصل فيها، فإن الدعوى بردها أما محكمة أخرى لا يؤثر في مباشرة المأمورية التي انيطت بها. وبالتالي في التقرير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه بما ينأى به عن البطلان الذي يستند لهذا السبب ويكون دفاع الطاعنة في هذا الخصوص غير ذي أثر فلا على الحكم إن هو لم يرد عليه استقلالاً باعتباره دفاعاً غير جوهري لا يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى، ومحكمة الموضوع لا تلتزم بالرد إلا على الدفاع الجوهري المنتج، ومن ثم يضحى النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث وبالوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق. وفي بيان ذلك تقول أنه أقام قضاءه على الأخذ بتقريري الخبيرتين المنتدبتين من محكمة الموضوع بدرجتيها رغم فسادهما، فقد تمسكت في دفاعها أمامهما بأن مبنى المخبز محل النزاع سليم ومستقل عن باقي العقار الصادر بشأنه قرار الإزالة المطعون عليه واستدلت على ذلك بتجديدها الترخيص الصادر للمخبز سنوياً وأنه لا يزال سارياً حتى آخر عام 1989 ولا يتم إلا بعد تحقق الجهة الإدارية من استيفائه كافة الاشتراطات اللازمة ومنها سلامة المبنى وأيدها في ذلك تقرير الخبير الاستشاري، إلا أن الخبيرتين أغفلتا هذا الدفاع ودلالته، كما أغفله الحكم المطعون فيه ولم يستجب لطلبها انتداب لجنة ثلاثية من أساتذة كلية الهندسة مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها لتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان عمل الخبير لا يعدو وأن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى تخضع لتقديرها ولها سلطة الأخذ بما انتهى إليه محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي بني عليها دون أن تكون ملزمة بالرد على تقرير الخبير الاستشاري أو المستندات المخالفة لما أخذت به، أو الاستجابة لطلب ندب خبراء آخرين, لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت عليها دليلها الرد الضمني المسقط لما يخالفها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على ما خلص إليه تقرير الخبيرة المنتدبة من محكمة الاستئناف الذي اطمأن إليه والذي جاء مؤكداً لما انتهى إليه تقرير خبيرة محكمة الدرجة الأولى من أن حالة العقار الكائنة به العين المؤجرة محل النزاع تستدعى إزالته حتى سطح الأرض لعدم جدوى الترميم فيه، ورتب قضاءه على هذا الأساس، وكان ما استخلصه الحكم سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بما يكفي حمل قضائه وينطوي على الرد الضمني المسقط لما يخالفه. فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل به محكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ومن ثم فهو غير مقبول.
ولما تقدم تعين رفض الطعن.