أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1244

جلسة 28 من سبتمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نواب رئيس المحكمة ومحمد درويش.

(235)
الطعن رقم 3424 لسنة 59 القضائية

(1) قسمة. شيوع. محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. سلطتها في استخلاص حصول القسمة المنهية لحالة الشيوع. ما دام استخلاصها سائغاً.
(2) حكم "عيوب التدليل: التناقض".
التناقض المبطل للحكم. ماهيته.
(3) نقض "السبب غير المنتج". حكم "تسبيب الحكم".
إقامة الحكم على دعامتين مستقلتين يصح بناؤه على إحداهما النعي عليه في الأخرى. غير منتج.
(4) إرث. شهر عقاري. ملكية "أسباب كسب الملكية: الميراث".
انتقال الحقوق العقارية من المورث إلى الورثة. تمامه بمجرد الوفاة. م 13 ق 114 لسنة 1946.
(5) إثبات "عبء الإثبات" "أثر إنكار الورقة العرفية".
شرط إعفاء المنكر من الإثبات أن يكون إنكاره مجرداً. إقراره بالدعوى في أحد عناصرها وإدعاؤه خلاف الظاهر فيها. عليه عبء إثبات ما يخالف هذا الظاهر.
1 - استخلاص حصول القسمة فعلاً المنهية لحالة الشيوع من سلطة محكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً.
2 - التناقض الذي يبطل الحكم هو التناقض في الأسباب التي تتماحى به فلا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه.
3 - إذا أقيم الحكم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى، وكان يصح بناء الحكم على إحداهما فقط فإن تعييبه في الدعامة الأخرى يكون غير منتج.
4 - مفاد نص المادة 13 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري أن المشرع لم يعلق انتقال الحقوق العقارية من المورث إلى الورثة على إشهار حق الإرث كما هو الحال بالنسبة لتسجيل التصرفات العقارية فظل انتقال حقوق المورث إلى الورثة بمجرد الوفاة طبقاً لقواعد الشريعة الإسلامية.
5 - لا يعفى المنكر من الإثبات إلا إذا كان إنكاره مجرداً فلا يجيب على الدعوى بغير الإنكار أما إذا أقر بالدعوى في أحد عناصرها المدعاة وادعى من جانبه خلاف الظاهر فيها فإن عليه عبء إثبات ما يخالفه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 19399 لسنة 1982 مدني كلي المنصورة على الطاعن بصفته بطلب الحكم أصلياً أولاً: بثبوت ملكيتهم لمساحة 70، 78 متراً مربعاً شائعة في العين موضوع عقد الهبة وتسليمها لهم. ثانياً: بعدم نفاذ عقد الهبة في حقهم وبالنسبة لحصتهم الشائعة التي يملكونها في ذات مساحة موضوع العقد وهي 609.45 م2 وتسليمها لهم شائعة فيها واحتياطياً: بإلزام الطاعن بأن يدفع لهم مبلغ 3047.400 جنيهاً قيمة الفرق بين سعر القطعة الموهوبة والقطعة الباقية من العين الموروثة في العشرين قيراطاً وبواقع خمسة جنيهات لكل منها في حالة احتفاظه بالحصة الموهوبة وقالوا بياناً لها إنهم وشقيقهم المتوفى ووالدهم ورثوا عن مورثتهم مساحة 20 ط شائعة في مساحة 16 س 7 ط 1 ف المبينة في صحيفة الدعوى. وبقي من هذه المساحة 12006.95 م2 شائعة بين الورثة، إلا أن شقيقهم المتوفى وهب منها إلى الطاعن بصفته مساحة 609.45 م2 مفرزة، وإذ لا تنفذ الهبة في مواجهتهم لحصولها في مال شائع وتزيد عما يملكه بمقدار 78.70 م2 فضلاً عن تميز المساحة الموهوبة بالنسبة لباقي الأرض الشائعة فقد أقاموا الدعوى. رفضت المحكمة الدعوى استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 679 لسنة 37 ق المنصورة ندبت المحكمة خبيراً. وبتاريخ 5/ 6/ 1989 - بعد إيداع تقريره - حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وثبوت ملكية المطعون ضدهم لمساحة 68.57 م2 مشاعاً في مساحة 609.45 م2 - طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض في الأسباب، وفي بيان ذلك يقول إذ أثبت الخبير في تقريره حصول قسمة ودية بين الشركاء على الشيوع بتصرف كل في أجزاء مفرزة محددة بما مؤداه انتهاء حالة الشيوع، وقد تمسك أمام محكمة الموضوع بتحول قسمة المهايأة بينهم إلى قسمة نهائية، وطلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب لوجود بعض الشركاء ناقصي الأهلية دون أن تبين سبب نقص الأهلية أو تاريخه، والعبرة بوقف إجراء قسمة المهايأة التي تمت بين الورثة ولم يكن بينهم ناقص أهلية، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بثبوت ملكية المطعون ضدهم شائعة في مساحة محددة ومفرزة مع حصول القسمة فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص حصول القسمة فعلاً المنهية لحالة الشيوع من سلطة محكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً، وأن التناقض الذي يبطل الحكم هو التناقض في الأسباب التي تتماحى به فلا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وأنه إذا أقيم الحكم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى، وكان يصح بناء الحكم على إحداهما فقط فإن تعييبه في الدعامة الأخرى يكون غير منتج، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى قيام حالة الشيوع بين المطعون ضدهم في العين موضوع النزاع لعدم توافر شرط المدة في قسمة المهايأة المكانية، وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها، وكانت هذه الدعامة تكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، فإن تعييبه في الدعامة الأخرى التي أوردها في شأن وجود بعض الشركاء على الشيوع ناقصي الأهلية - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج، وإذ انتهى الحكم إلى ثبوت ملكية المطعون ضدهم في المساحة موضوع النزاع وعدم نفاذ عقد الهبة في حقهم بالنسبة لهذه المساحة، فإن لا يكون ثمة تناقض قد اعترى أسبابه ويضحى بمنأى عن التعييب.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الخبير إذ أثبت في تقريره أن المطعون ضدهم لم يقدموا دليل ملكيتهم لمساحة 20 ط مفرزة، وأقامت محكمة ثاني درجة قضاءها بثبوت ملكيتهم فيها دون أن تبين سند الملكية فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن نص المادة 13 من القانون رقم 114 لسنة 46 بتنظيم الشهر العقاري, مفاده أن المشرع لم يعلق انتقال الحقوق العقارية من المورث إلى الورثة على إشهار حق الإرث كما هو الحال بالنسبة التسجيل التصرفات العقارية فظل انتقال حقوق المورث إلى الورثة بمجرد الوفاة طبقاً لقواعد الشريعة الإسلامية وأنه لا يعفى المنكر من الإثبات إلا إذا كان إنكاره مجرداً فلا يجيب على الدعوى بغير الإنكار أما إذا أقر بالدعوى في أحد عناصرها المدعاة وادعى من جانبه خلاف الظاهر فيها فإن عليه عبء إثبات ما يخالفه لما كان ذلك، وكان الطاعن لم ينازع في أن المال الموهوب هو نصيب الواهب من شيوع وراثي (ميراثه الشرعي في تركة والدته وما اشتراه من والده ميراثاً عن زوجته والدة الواهب) كما ورد بتقرير الخبير، وكان ما انتهى إليه الحكم على ما تقدم في الرد على السببين الثاني والثالث إلى انتفاء حصول قسمة بين المطعون ضدهم والواهب في عين النزاع بما مؤداه بقاء ملكيتهم شائعة والمستندة إلى واقعة الميراث عن مورثتهم، وإذ لم يقدم الطاعن ما يخالف سند ملكيتهم فإن نعيه على الحكم بهذا الخصوص يكون مجرداً عن الدليل وبالتالي غير مقبول، ولا على الحكم إن تردى في أسبابه القانونية في هذا الشأن طالما إنه انتهى إلى نتيجة صحيحة.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.