أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1277

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، عبد الملك نصار، علي شلتوت نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الرازق.

(241)
الطعن رقم 570 لسنة 63 القضائية

(1، 2) استئناف "نطاق الاستئناف: الأثر الناقل للاستئناف". حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
(1) الاستئناف. أثره. نقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع. اعتبارها مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها ما لم يثبت التنازل عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً.
(2) تقديم مستندات في الدعوى مع التمسك بدلالتها. التفات الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من دلالة. قصور.
(3) التزام "أنواع الالتزام" "أوصاف الالتزام". أوراق تجارية. بنوك "التزام البنك الوكيل". مسئولية "المسئولية العقدية الإعفاء من المسئولية". وكالة.
التزام البنك بتحصيل حقوق العميل لدى الغير الثابتة في مستندات أو أوراق. التزام ببذل عناية. م 704/ 2 مدني. ليس في القانون ما يمنع من إعفاء البنك من المسئولية عن الإخلال بهذا الالتزام. أساس ذلك. جواز الاتفاق على الإعفاء عن المسئولية عن الخطأ العقدي.
(4) دعوى "الدفاع الجوهري". حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". إغفال الحكم الرد على دفاع جوهري يتغير به - لو صح - وجه الرأي في الدعوى. قصور.
1 - يترتب على استئناف الحكم نقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه (الطاعن) أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع فتعتبر مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف وعلى المحكمة أن تفصل فيها ما دام المستأنف عليه لم يتنازل عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث بشيء عنها مع ما قد يكون لها من دلالة، فإنه يكون مشوباً بالقصور.
3 - من المقرر أن البنك الذي يعهد إليه العميل الذي يتعامل معه بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق فإن عليه أن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص عليه المادة 704/ 2 من القانون المدني. إلا أن القانون لا يمنع من الاتفاق على إعفائه من المسئولية لأن الإعفاء من المسئولية عن الخطأ العقدي جائز ويجب في هذه الحالة احترام شروط الإعفاء التي يدرجها الطرفان في الاتفاق.
4 - إن دفاع الطاعن المشار إليه هو دفاع جوهري من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وبالتالي فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع يعيبه بالقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 560/ 1987 مدني دمنهور الابتدائية "مأمورية كفر الدوار" على البنك الطاعن وفرعه بكفر الدوار بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا إليها مبلغ 1000 دولار أمريكي أو ما يعادله بالعملة المصرية وهو ما يساوي مبلغ 2200 جنيه مصري والفوائد القانونية قيمة الشيكين المسلمين منها إلى الفرع المذكور لتحصيلهما وإيداع تلك القيمة بحسابها المفتوح باسمها لدى ذلك الفرع المذكور وذلك للتخلف عن تحصيلهما خطأ بالمخالفة للمادتين 704، 705 من القانون المدني والمادة 135 من قانون التجارة، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره وجه البنك الطاعن وفرعه دعوى ضمان إلى باقي المطعون ضدهم وآخر بطلب الحكم عليهم بما عسى أن يحكم به عليهما، فأعادت المحكمة الدعوى إلى الخبير وبعد أن قدم تقريره رفضت الدعوى الأصلية بحكم استأنفته المطعون ضدها الأولى لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 292 س 48 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور", وبتاريخ 9/ 12/ 1992 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وللمطعون ضدها الأولى بطلباتها، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وذلك حين أقام قضاءه على أنه أخل بالتزامه ببذل عناية الرجل المعتاد في تحصيل قيمة الشيكين ورتب على ذلك الحكم بإلزامه بها مع أنه قدم إلى محكمة أول درجة صورة لنموذج خطاب تقديم كمبيالات للتحصيل موقعاً عليه من المطعون ضدها الأولى بتاريخ 14/ 5/ 1985 يفيد أنها قبلت الشروط الموضحة بهذا النموذج والتي وضعها البنك كقواعد معمول بها في تحصيل الشيكات والكمبيالات التي تقدم إلى البنك وتتضمن إعفاءه من المسئولية المترتبة على هذه العملية وإذ أغفل الحكم المطعون فيه مناقشة هذا المستند وأهدر بالتالي كل قيمة له مع ماله من دلالة فإنه يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان البين من الأوراق أن البنك الطاعن قد قدم أمام محكمة أول درجة حافظة مستندات انطوت على صورة من نموذج تقديم كمبيالات للتحصيل ممهورة بتوقيع منسوب للمطعون ضدها الأولى ورد به عبارة "أن البنك لا يضمن عرض هذه الكمبيالات للتحصيل في ميعاد استحقاقها ولا يتحمل أي مسئولية في حالة التأخير أو الإخلال في إجراء البروتستو أو فقدها في حالة إرسالها بالبريد أو تحصيل الشيكات الآجلة ذات التاريخ الواحد" وقد قضت تلك المحكمة برفض دعوى المطعون ضدها الأولى فإنه يترتب على استئنافها الحكم نقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه (الطاعن) أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع فتعتبر مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف وعلى المحكمة أن تفصل فيها ما دام المستأنف عليه لم يتنازل عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً وإذا كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ومن الأوراق أن الطاعن لم يتخل عن دفاعه المشار إليه الذي تمسك به أمام محكمة أول درجة فإنه يعتبر مطروحاً على محكمة الاستئناف بغير حاجة إلى إعادة ترديده أمامها، وإذ لم يشر الحكم المطعون إلى هذا الدفاع الثابت بالمستندات آنفة البيان فإن ذلك إنما يفيد أن المحكمة لم تطلع على ما ركن إليه الطاعن فيه، ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلاتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من دلالة، فإنه يكون مشوباً بالقصور، لما كان ذلك وكان دفاع البنك الطاعن السابق بيانه ينحصر فيما تضمنه المستند المقدم منه من اتفاقه مع المطعون ضدها الأولى على إعفائه من المسئولية وكان من المقرر أن البنك الذي يعهد إليه العميل الذي يتعامل معه بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق فإن عليه أن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص عليه المادة 704/ 2 من القانون المدني إلا أن القانون لا يمنع من الاتفاق على إعفائه من المسئولية, لأن الإعفاء من المسئولية عن الخطأ العقدي جائز ويجب في هذه الحالة احترام شروط الإعفاء التي يدرجها الطرفان في الاتفاق، ومن ثم فإن دفاعه المشار إليه هو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وبالتالي فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع يعيبه بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.