أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1297

جلسة 30 من أكتوبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، خيري فخري وحسين نعمان نواب رئيس المحكمة.

(245)
الطعن رقم 2754 لسنة 60 القضائية

(1 - 4) محكمة الموضوع "تكييف الدعوى" "إعادة الدعوى للمرافعة". دعوى "تكييفها" "تقدير قيمة الدعوى". عقد. اختصاص "اختصاص قيمي".
(1) إعادة الدعوى للمرافعة ليست حقاً للخصوم يتحتم إجابته. لمحكمة الموضوع تقديره.
(2) محكمة الموضوع. سلطتها في تكييف الدعوى وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون. وجوب تقيدها في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة.
(3) تكييف العقد. العبرة فيه بحقيقة الواقع. عقد الحكر. المقصود به. لمحكمة الموضوع الاستدلال على قيام رابطة التحكير من أوراق الدعوى ولو لم يستوف العقد شروطه الشكلية أو الموضوعية.
(4) اختصاص المحكمة الابتدائية بدعوى طرد المحتكر من أرض زالت صفة الوقف الأهلي عنها بصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 وانتهاء عقد الحكر القائم عليها بالتالي.
(5) وقف "إلغاء الوقف على غير الخيرات". حكر. قانون "تفسيره" "نطاق سريانه". اختصاص "اختصاص ولائي".
صدور القوانين 649 لسنة 1953، 295 لسنة 1954، 62 لسنة 1960 و43 لسنة 1982 بغية تنظيم إنهاء حق الحكر بعد زوال الأوقاف الأهلية بالقانون 1980 لسنة 1952. مفاده. انصراف الأحكام التي تضمنتها هذه القوانين إلى تنظيم إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة خيرياً دون غيرها. أثره اختصاص المحاكم العادية ولائياً بنظر النزاع بشأن أرض زالت صفة الوقف عنها وليست اللجنة القضائية لإنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة.
(6) وقف. نيابة عامة. دعوى.
وجوب تدخل النيابة العامة في مسائل الوقف. م 1 ق 628 لسنة 1955. مناطه. عدم لزوم تدخلها في مسألة لا تتعلق بأصل الوقف أو بسائر مسائله. مثال.
(7) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
خلو الأوراق مما يدل على تمسك الطاعن بدفاع أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مره أمام محكمة النقض.
(8، 9) حكر "حق المحتكر". حيازة. "الحيازة الوقتية" "حيازة المحتكر للأرض المحتكرة" "تغيير الحيازة". تقادم "التقادم المكسب". محكمة الموضوع.
(8) عقد الحكر مقتضاه. بقاء حيازة المحتكرة للأرض المحتكرة وقتية لا تكسبه الملك. عدم جواز تمسكه في صدد تغيير صفة وضع يده بانتهاء عقد الحكر مهما طال انتفاعه بالعين المحتكرة. علة ذلك. تغيير الحيازة سبيله. م 972/ 2 مدني.
(9) محكمة الموضوع. سلطتها في استخلاص توافر شروط الحيازة وتغيير سببها والتعرف على نية الحائز. لا معقب عليها في ذلك طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(10) حكر "انتهاؤه".
البناء الذي يقيمه المحتكر. تخيير المحكر - عند انتهاء الحكر - في أن يطلب إزالته أو استبقاء مقابل دفع أقل دفع أقل قيمتيه مستحق الإزالة أو البقاء. م 1010 مدني.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعادة الدعوى للمرافعة ليست حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع تقدر مدى الجد فيه.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون غير مقيده في ذلك إلا بالوقائع وبالطلبات المطروحة عليها.
3 - العبرة في تكيف العقد هي بحقيقة الواقع، والاحتكار من وضع فقهاء الشريعة الإسلامية وهو عندهم عقد إيجار يعطي للمحتكر حق البقاء والقرار على الأرض المحكورة ويبيح له الانتفاع بها إلى أجل غير محدد أو إلى أجل طويل معين مقابل أجر، ولا تثريب على محكمة الموضوع إن هي استدلت على قيام رابطة التحكير من أوراق الدعوى حتى ولو لم يستوف عقد الحكر شروطه الشكلية أو الموضوعية.
4 - إذ كانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى خلصت إلى أن العقد موضوع التداعي هو عقد حكر على أرض من أعيان وقف البخاري الأهلي أبرم في ظل التقنين المدني الملغي الذي لم يتضمن تنظيماً خاصاً لحق الحكر، وأن مقتضى صدور المرسوم بقانون رقم 18 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات بتاريخ 14/ 9/ 1952 هو انتهاء الأحكار القائمة على الأرض التي كانت موقوفة وقفاً أهلياً بزوال صفة الوقف ويتعين على المحتكر تبعاً لذلك أن يرد الأرض التي تحت يده، وأنها تأسيساً على ذلك كيفت الدعوى بأنها دعوى طرد للغصب غير مقدرة بما يخرجها عن نصاب اختصاص محكمة المواد الجزئية ورتبت على ذلك اختصاصها بنظرها فإنها لا تكون قد خالفت القانون.
5 - لما كان صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 قد ألغي الوقف على غير الخيرات وأصبح معظم الأحكار منحصراً في الأوقاف الخيرية وأغلبها في نظارة وزارة الأوقاف، وقد صدر القانون رقم 649 لسنة 1953 لمعالجة إنهاء هذه الأحكار فنص في مادته الأولى على أن ينتهي حق الحكر المترتب على أعيان موقوفة بقرار من وزير الأوقاف بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف، وتعاقب صدور القوانين بعد ذلك لتنظيم طريقة التصرف في الأعيان الموقوفة التي انتهت فيها الأحكام فصدر القانون رقم 295 لسنة 1954 ثم صدر القانون رقم 92 لسنة 1960 وبعده القانون رقم 43 لسنة 1982 ونص في المادة الخامسة فيه على تشكيل لجنة قضائية بكل منطقة للنظر في منازعات انتهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة وقد خولها المشرع اختصاصاً قضائياً في المسائل المنوطة بها، والفصل في كافة المنازعات التي تنشأ عن تطبيق هذا القانون، وإذ كانت هذه القوانين تنظم طريقة التصرف في الأعيان التي انتهت فيها الأحكار على الأوقاف وكيفية تحديد قيمتها فإن أحكامها لا تنطبق على النزاع الراهن باعتبار أن الحكر كان على أرض من أعيان وقف على غير الخيرات، آية ذلك أن القانون رقم 43 لسنة 1982 نشر بتاريخ 17/ 6/ 1982 على أن يعمل به في اليوم التالي لتاريخ نشره وبعد أن كانت قد زالت صفة الوقف عن الأعيان التي كانت موقوفة وقفاً أهلياً على ما سلف بيانه مما لازمه أن تنصرف أحكامه إلى الأعيان التي بقيت لها صفة الوقف بعد صدور المرسوم بقانون رقم 80 لسنة 52 بإنهاء الوقف على غير الخيرات، وهي الأعيان الموقوفة وقفاً خيرياً دون غيرها، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون.
6 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تدخل النيابة العامة وجوبياً في المسائل المتعلقة بالوقف أهلياً كان أو خيرياً طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955، والمادة 88/ 3 من قانون المرافعات مرهون بأن يكون النزاع متعلقاً بإنشاء الوقف أو بتفسير شروطه أو بالاستحقاق فيه أو بسائر مسائلة مما كان الاختصاص بنظرها معقوداً للمحاكم الشرعية قبل إلغائها بالقانون رقم 466 لسنة 1955، وكانت محكمة الموضوع قد خلصت - صحيحاً وعلى ما سلف بيانه - إلى أن الدعوى أقيمت بطلب طرد الطاعن من عين النزاع التي انتهى الحكر عليها بانتهاء الأوقاف على غير الخيرات بالقانون رقم 180 لسنة 1952 وهي مسألة لا تتعلق بأصل الوقف أو بسائر مسائله المشار إليها فإن تدخل النيابة العامة في الدعوى لا يكون وجوبياً.
7 - إذ كانت الأوراق جاءت خلواً مما يفيد سبق تمسك الطاعن بهذا الدفاع المؤسس على واقع أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويعد سبباً جديداً ومن ثم غير مقبول.
8 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المباني على الأرض المحكرة وله حق القرار ببنائه حتى ينتهي الحكر، كما أن له أن يحدث في المباني زيادة وتعديلاً وله ملكية ما أحدثه من بناء ملكاً تاماً يتصرف فيه وحده أو مقترناً بحق الحكر ولكنه في كل ذلك تكون حيازته للأرض المحكرة حيازة وقتية لا تكسب الملك، وتظل هذه الحيازة على حالها غير متغيرة ولا يجوز للمحتكر في صدر تمسكه بتغير صفة وضع يده الحاصل ابتداءً بسبب التحكير أن يتحدى بانتهاء عقد الحكر ووضع يده على العين مهما طالت مدته ذلك أن تغيير الحيازة - وعلى ما تقضى به المادة 972/ 2 من القانون المدني - يستلزم أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملكيته العين من شخص من الأغيار يعتقده أنه المالك لها أو أن يجابه مالك العين مجابهة صريحة بصفة فعلية تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه.
9 - استخلاص توافر شروط الحيازة وتغيير سببها والتعرف على نية الحائز هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
10 - مفاد الفقرة الأولى من المادة 1010 من القانون المدني أنه عند انتهاء الحكر يكون للمحكر الخيار بين أن يطلب إزالة البناء أو استبقائه مقابل دفع أقل قيمتيه مستحقة الإزالة أو البقاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 433 لسنة 1982 مدني السويس الابتدائية بطلب الحكم بطرد الطاعن من عين النزاع المبينة بالصحيفة وتسليمها إليها خالية مما عليها من منشآت وإلا أزالتها على نفقته وقالت بياناً لذلك إنه يستأجر قطعة أرض من وقف البخاري بالسويس بموجب عقد حكر مؤرخ 13/ 3/ 1932، وإذ أصبح هذا الحكر منتهياً - بصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات - وآلت إليها ملكية العين، فقد أنذرت الطاعن بتاريخ 5/ 3/ 1981 لإزالة ما أقامه من منشآت على تلك الأرض ولما لم يستجب أقامت الطاعن. بتاريخ 24/ 5/ 1983 حكمت المحكمة بطرد الطاعن من أرض التداعي وتسليمها للمطعون عليها خالية مما عليها من منشآت وإلا أزيلت على نفقة الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية السويس - بالاستئناف رقم 155 لسنة 6 ق وتمسك بتملكه أرض النزاع بالتقادم الطويل، وبتاريخ 11/ 4/ 1990 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على عشرة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه طلب من المحكمة - بعد حجز الاستئناف للحكم - فتح باب المرافعة فيه ليوكل محامياً آخر لمباشرة الدعوى بدلاً من محاميه الذي توفي صباح يوم جلسة 10/ 1/ 1990 ولديه مستنداته إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب وهو ما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إعادة الدعوى للمرافعة ليست حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع تقدر مدى الجد فيه، وكان الثابت من الأوراق أن الاستئناف تداول بجلسات المرافعة منذ جلسة 22/ 1/ 1985 حتى 10/ 1/ 1990، وأن الفرصة كانت متاحة أمام الخصوم في هذه الجلسة الأخيرة والتي مثل فيها الطاعن شخصياً لتقديم ما يعن له من مستندات غير أنه لم يبد ثمة دفاع فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن طلبه إعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم لتوكيل محام آخر إذ أن ذلك من إطلاقاتها التي لا يعاب عليها عدم الاستجابة إليها ويكون النعي في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن التكييف القانوني لدعوى المطعون عليها أنها بطلب فسخ عقد الإيجار المؤرخ 13/ 3/ 1932 تدخل بحسب قيمتها في اختصاص محكمة المواد الجزئية غير أن الحكم الابتدائي مؤيداً بالحكم المطعون فيه ذهب إلى أن العقد عقد حكر على أرض موقوفة رغم عدم إفراغه في حجية شرعية أو شهره طبقاً لأحكام قوانين الشهر العقاري، ورغم أن وزارة الأوقاف أفادت بكتابها المؤرخ 12/ 3/ 1960 بأنه لم يستدل من سجلاتها على مستندات هذا الوقف بما يترتب بطلان الحكر، هذا إلى أن قوانين إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة أوجبت اللجوء في ذلك إلى اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 دون تفرقة بين الوقف الخيري والوقف الأهلي، وإذ لم يلتزم الحكم هذا النظر وقضى برفض دفعه بعدم اختصاص المحكمة قيمياً وولائياً بنظر الدعوى وفصل في موضوعها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول - ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون غير مقيدة في ذلك إلا بالوقائع وبالطلبات المطروحة عليها، وأن العبرة في تكييف العقد هي بحقيقة الواقع، وإذ كان الاحتكار من وضع فقهاء الشريعة الإسلامية وهو عندهم عقد إيجار يعطي للمحتكر حق البقاء والقرار على الأرض المحكورة ويبيح له الانتفاع بها إلى أجل غير محدد أو إلى أجل طويل معين مقابل أجر، ولا تثريب على محكمة الموضوع إن هي استدلت على قيام رابطة التحكير من أوراق الدعوى حتى ولو لم يستوف عقد الحكر شروطه الشكلية أو الموضوعية، وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى خلصت إلى أن العقد موضوع التداعي هو عقد حكر على أرض من أعيان وقف البخاري الأهلي أبرم في ظل التقنين المدني الملغي الذي لم يتضمن تنظيماً خاصاً لحق الحكر، وأن مقتضى صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات بتاريخ 14/ 9/ 1952 هو انتهاء الأحكار القائمة على الأرضي التي كانت موقوفة وقفاً أهلياً بزوال صفة هذا الوقف ويتعين على المحتكر تبعاً لذلك أن يرد الأرض التي تحت يده، وأنها تأسيساً على ذلك كيفت الدعوى بأنها دعوى طرد للغصب غير مقدرة بما يخرجها عن نصاب اختصاص محكمة المواد الجزئية ورتبت على ذلك اختصاصها بنظرها فإنها لا تكون قد خالفت القانون، والنعي في شقه الثاني غير سديد ذلك أنه بصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 - سالف الذكر - قد ألغى الوقف على غير الخيرات وأصبح معظم الأحكار منحصراً في الأوقاف الخيرية وأغلبها في نظارة وزارة الأوقاف، وقد صدر القانون رقم 649 لسنة 1953 لمعالجة إنهاء هذه الأحكار فنص في مادته الأولى على أن ينتهي حق الحكر المترتب على أعيان موقوفة بقرار من وزير الأوقاف بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف، وتعاقب صدور القوانين بعد ذلك لتنظيم طريقة التصرف في الأعيان الموقوفة التي انتهت فيها الأحكام فصدر القانون رقم 295 لسنة 1954 ثم صدر القانون رقم 92 لسنة 1960 وبعده القانون رقم 43 لسنة 1982 ونص في المادة الخامسة منه على تشكيل لجنة قضائية بكل منطقة للنظر في منازعات إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة وقد خولها المشرع اختصاصاً قضائياً في المسائل المنوطة بها والفصل في كافة المنازعات التي تنشأ عن تطبيق هذا القانون، وإذ كانت هذه القوانين تنظم طريقة التصرف في الأعيان التي انتهت فيها الأحكار على الأوقاف الخيرية وكيفية تحديد قيمتها فإن أحكامها لا تنطبق على النزاع الراهن باعتبار أن الحكر كان على أرض من أعيان وقف على غير الخيرات آية ذلك أن القانون رقم 43 لسنة 1982 نشر بتاريخ 17/ 6/ 1982 على أن يعمل به في اليوم التالي لتاريخ نشره وبعد أن كانت قد زالت صفة الوقف عن الأعيان التي كانت موقوفة وقفاً أهلياً على ما سلف بيانه مما لازمه أن تنصرف أحكامه إلى الأعيان التي بقيت لها صفة الوقف بعد صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات، وهي الأعيان الموقوفة وقفاً خيرياً دون غيرها، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً فإنه, يكون قد أخطأ في القانون ويضحى النعي في جملته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه البطلان لعدم تدخل النيابة العامة في الدعوى رغم أن النزاع متعلق بإنهاء الوقف الذي يوجب القانون تدخلها فيه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تدخل النيابة العامة وجوبياً في المسائل المتعلقة بالوقف أهلياً كان أو خيرياً طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955، والمادة 88/ 3 من قانون المرافعات مرهون بأن يكون النزاع متعلقاً بإنشاء الوقف أو بتفسير شروطه أو بالاستحقاق فيه أو بسائر مسائله مما كان الاختصاص بنظرها معقوداً للمحاكم الشرعية قبل إلغائها بالقانون رقم 466 لسنة 1955، وكانت محكمة الموضوع قد خلصت - صحيحاً - وعلى ما سلف بيانه - إلى أن الدعوى أقيمت بطلب طرد الطاعن من عين النزاع التي انتهى الحكر عليها بانتهاء الأوقاف على غير الخيرات بالقانون رقم 180 لسنة 1952 وهي مسألة لا تتعلق بأصل الوقف أو بسائر مسائله المشار إليها فإن تدخل النيابة العامة في الدعوى لا يكون وجوبياً ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثامن من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه التناقض والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من المستندات المقدمة أن - ....... - قد وقع على عقد الإيجار سند الدعوى بصفته متنازلاً إلى المطعون عليها، ثم وقع على عقد البيع الصادر لها من البائعة - ..... - عن جزء مفرز من أرض الوقف بصفته شاهداً ولم يبين الحكم أسباب هذا التناقض بين صفته باعتباره متنازلاً عن إيجار أرض النزاع وبين توقيعه بصفته شاهداً على بيعها إلى المطعون عليها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان البين من الأوراق أنها جاءت خلواً مما يفيد سبق تمسك الطاعن بهذا الدفاع المؤسس على واقع أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويعد سبباً جديداً ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين التاسع والعاشر على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت في عقد الإيجار سند الدعوى أنه مصرح له من المؤجر في إنشاء مبان سكنية على الأرض المؤجرة دون اتفاق على مصير هذه المنشآت، هذا إلى أنه تمسك بتملكه عين التداعي بوضع اليد المدة الطويلة بدءاً من تاريخ زوال صفة الوقف في 14/ 9/ 1952 بالقانون رقم 180 لسنة 1952 غير أن الحكم المطعون فيه - مؤيداً للحكم الابتدائي - أطرح هذا الدفاع وقضى بطرده من أرض النزاع وتسليمها خالية مما عليها من منشآت وإلا أزيلت على نفقته وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من مقتضى عقد الحكر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المباني على الأرض المحكرة وله حق القرار ببنائه حتى ينتهي الحكر، كما أن له أن يحدث في المباني زيادة وتعديلاً وله ملكية ما أحدثه من بناء ملكاً تاماً يتصرف فيه وحده أو مقترناً بحق الحكر ولكنه في كل ذلك تكون حيازة وقتية لا تكسب الملك، وتظل هذه الحيازة على حالها غير متغيرة ولا يجوز للمحتكر في صدد تمسكه بتغيير صفة وضع يده الحاصل ابتداءً بسبب التحكير أن يتحدى بانتهاء عقد الحكر ووضع يده على العين مهما طالت مدته ذلك أن تغيير الحيازة - وعلى ما تقضي به المادة 972/ 2 من القانون المدني - يستلزم أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملكية العين من شخص من الأغيار يعتقده أنه المالك لها أو أن يجابه مالك العين مجابهة صريحة بصفة فعلية تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه، كما وأن استخلاص توافر شروط الحيازة وتغيير سببها والتعرف على نية الحائز هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، هذا إلى أن مفاد الفقرة الأولى من المادة 1010 من القانون المدني أنه عند انتهاء الحكر يكون للمحكر الخيار بين أن يطلب إزالة البناء أو استبقائه مقابل دفع أقل قيمتيه مستحقة الإزالة أو البقاء، لما كان ما تقدم وكان الواقع الثابت في الدعوى أن المطعون عليها أقامت دعواها بطلب طرد الطاعن من عين النزاع تأسيساً على أنه يشغلها بموجب عقد الحكر المؤرخ 13/ 3/ 1932 ومن وقف البخاري الأهلي لانتهاء الحكر بزوال صفة الوقف بصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة لها خلصت إلى أن حيازة الطاعن لأرض النزاع ما زالت حيازة عارضة رغم انتهاء عقد الحكر بزوال صفة الوقف عنها بمقتضى القانون رقم 180 لسنة 1952 ورتبت على ذلك قضاءها بطرده منها وتسليمها خالية مما عليها من منشآت وأقامت هذا القضاء على مقدمات تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.