مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1370

(124)
جلسة 13 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: حنا ناشد حنا وفاروق علي عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي - المستشارين.

الطعن رقم 2282 لسنة 34 القضائية

عقد إداري - التعهد بالدراسة وخدمة الحكومة (اختصاص) (لجنة ضباط القوات المسلحة).
التزام الطالب المستقيل من الكلية الفنية العسكرية بسداد النفقات الفعلية التي تكبدتها الدولة أثناء المدة التي قضاها بالكلية حتى تاريخ قبول الاستقالة هو التزام مصدره القانون وحده الذي تكفل بتعيين مضمونه وتحديد مداه - متى توافرت شروط هذا الالتزام وموجبه وهو قبول الاستقالة التي يتقدم بها الطالب استوى الالتزام على صحيح سنده وتعين أداء النفقات الفعلية التي تكبدتها الدولة أثناء مدة الدراسة بالكلية.
اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر المنازعة باعتبارها ناشئة عن عقد إداري - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 13/ 6/ 1988 أودع الأستاذ/ محمد المرصفي المحامي بصفته وكيلاً عن كل من السيدين/ عبد السلام محمد مسعود وطارق عبد السلام محمد مسعود بالتوكيل الرسمي العام رقم 3086 لسنة 1988 توثيق عام السيدة زينب - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2282 لسنة 34 ق ضد السيد/ نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 17/ 4/ 1988 في الدعوى رقم 4108 لسنة 40 ق والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها للجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية للاختصاص بنظرها وأبقت الفصل في المصروفات.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الوارد به، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم باختصاص محكمة القضاء الإداري والأمر بإحالة الدعوى إليها للفصل فيها أو القضاء فيها لصالح الطالب مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 15/ 6/ 1988 أعلن المطعون ضده بتقرير الطعن.
وتم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم:
أولاً: وبصفة أصلية بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وبإلزام الطاعنين بالمصروفات.
ثانياً: ومن باب الاحتياط بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل في الموضوع مع إبقاء الفصل في المصروفات.
تم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 20/ 12/ 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 23/ 1/ 1990 وفي هذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/ 3/ 1990 وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات - وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 17/ 4/ 1988 وأقيم الطعن الماثل بتاريخ 13/ 6/ 1988 أي خلال ميعاد الستين يوماً المقرر قانوناً وإذ استوفى الطعن سائر الشروط الشكلية الأخرى فإنه من ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 17/ 6/ 1986 أقام الطاعن الأول عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على نجله الطاعن الثاني - الدعوى رقم 4108 لسنة 40 ق على المطعون ضده بإيداع عريضتها قلم كتبا محكمة القضاء الإداري طالباً في ختامها الحكم:
أولاً: بإلزام المدعى عليه بأن يدفع له مبلغ 2000 جنيه الذي سبق له سدادها في 14/ 11/ 1985 بموجب الإيصال المؤقت رقم 131 الصادر من الكلية الفنية العسكرية.
ثانياً بعدم أحقيه المدعى عليه في صرف الشيكات الست التي حررها المدعي بمبلغ 5786 جنيهاً لصالح الكلية الفينة العسكرية بواقع شيكين عن كل سنة ابتداء من 1/ 7/ 1989 وبراءة ذمة المدعي من هذا المبلغ مع إلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال الطاعن الأول شرحاً لدعواه أمام محكمة القضاء الإداري أن نجله الطاعن الثاني التحق بالكلية الفنية العسكرية وظل بها حتى السنة الثانية ولعدم تحمله الحياة العسكرية قدم استقالته منها وصدق مجلس الكلية على هذه الاستقالة وإزاء ذلك اضطر الطاعن الأول لسداد مبلغ 2000 جنيه بالإضافة إلى تحرير شيكات لصالح الكلية بمبلغ 5786 جنيهاً قيمة التكاليف التي صرفت على نجله أثناء وجوده بالكلية المذكورة وأضاف أن ذلك مخالف للدستور وأن عدم تحمل نجله الحياة العسكرية موجب لفصله وليس لتقديم استقالته. ومن ثم خلص في عريضة دعواه إلى طلب الحكم له بطلباته السالفة الإشارة إليها.
وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 17/ 4/ 1988 أصدرت حكمها المنوه عنه بصدر هذا الحكم وقد أقامت المحكمة قضاءها تأسيساً على أن حقيقة طلب المدعي تتضمن طعناً على القرار الصادر من مجلس الكلية الفنية العسكرية بإنهاء خدمة نجله للاستقالة قولاً منه عن وجود منازعة إدارية في شأن قرار مجلس الكلية الفنية العسكرية بإنهاء خدمة نجله المدعي، وأنه وفقاً للقانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن في قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة - تختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بنظر تلك المنازعات الإدارية مما يتعين معه الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها للجنة المذكورة للاختصاص بنظرها.
وإذ لم يلق حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه آنفاً قبولاً لدى الطاعنين لذا فقد أقاما الطعن الماثل تأسيساً على الأسباب الآتية:
أولاً: خطأ الحكم فيما انتهى إليه من اختصاص لجنة الضباط تأسيساً على تكييف طلب الطاعن الأول على أنه طعن في قرار مجلس الكلية الفنية العسكرية بقبول الاستقالة والحقيقة أن طلب الطاعن هو الحكم بعدم أحقية الكلية فيما فرضته عليه من مبالغ مالية لقاء قبول استقالة نجله (الطاعن الثاني) وإنهاء خدمته.
ثانياً: خطأ الحكم فيما حجب نفسه به عن صحيح دفاع المدعي ذلك أن دعواه هي دعوى استحقاق تهدف إلى الحكم ببراءة ذمة المدعي من المبالغ محل الدعوى لعدم استحقاق الكلية إياها واستند المدعي في ذلك إلى سندين:
أولهما: أنه أكره إكراهاً على سداد مبلغ الألفي جنيه التي سددها كما أكره على الإقرار بقيمة تلك الشيكات الستة وكان يتعين على المحكمة أن تفحص مسألة إكراه الطاعن الأول على سداد هذه المبالغ.
ثانيهما: أن الطاعن الأول احتج بعدم دستورية المادة 18 من القانون رقم 93 لسنة 1975 التي تنص على جواز إلزام الطالب بمصاريف الدراسة والإعاشة في حالة قبول استقالته.
ثم خلص الطاعنان في ختام تقرير طعنهما على طلب الحكم لهما بطلباتهما المشار إليها بصدر هذا الحكم.
وبجلسة 15/ 11/ 1989 وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أودع الطاعنان مذكرة بدفاعهما انتهيا فيها إلى طلب الحكم:
أولاً: بصفة أصلية بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باختصاص محكمة القضاء الإداري وإعادة الدعوى إليها لنظرها.
ثانياً: وبصفة احتياطية بإلغاء الحكم وإجابة الطاعنين إلى طلباتهما وفي ذات الجلسة أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها خلصت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات والأتعاب.
ومن حيث إنه باستعراض أحكام القانون رقم 93 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكلية الفنية العسكرية يتبين أن المادة 18 من هذا القانون تنص على أنه يجوز قبول استقالة الطالب بعد موافقة مجلس الكلية ويلتزم الطالب بسداد النفقات الفعلية التي تكلفتها القوات المسلحة أثناء المدة التي قضاها بالكلية حتى تاريخ الاستقالة.
ويتبين من هذا النص طبقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أن التزام الطالب المستقيل بسداد النفقات الفعلية التي تكبدتها الدولة أثناء المدة التي قضاها بالكلية حتى تاريخ قبول الاستقالة هو التزام مصدره القانون وحده الذي تكفل بتعيين مضمونه وتحديد مداه فمتى توافرت شروطه وموجبه وهو قبول الاستقالة التي يتقدم بها الطالب استوى الالتزام على صحيح سنده وتعين أداء النفقات الفعلية التي تكبدتها الدولة أثناء مدة الدراسة بالكلية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق في الطعن الماثل أن الطاعنين ينازعان في مدى أحقية الكلية الفنية العسكرية في اقتضاء النفقات الدراسية التي تكلفتها الدولة منذ التحاق الطاعن الثاني بالكلية في 22/ 10/ 1983، حتى تاريخ قبول استقالته منها في 13/ 11/ 1985 فإن الخصومة في حقيقتها وجوهرها محض منازعة بين الطاعنين من جهة والدولة من جهة أخرى حول مستحقات الأخيرة لديهما وليست طعناً منهما على قرار نهائي صادر من مجلس الكلية الفنية العسكرية مما ينعقد الاختصاص بنظره للجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن في قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة والتي تنص على أن تختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التي تصدرها مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة.
ومن حيث إنه من المسلم به وفقاً لما استقر عليه قضاء مجلس الدولة منذ إنشائه أن المنازعات التي تثور بين الأفراد وجهة الإدارة بشأن مطالبتها إياهم بنفقات الدراسة في معاهدها وكلياتها سواء كانت المعاهد والكليات مدنية أو عسكرية لا تعدو في حقيقة الأمر أن تكون منازعات ناشئة عن "عقود إدارية" تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فيها وهو ما يؤكده صراحة القانون الحالي لمجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 إذ ينص البند الحادي عشر من المادة 10 من هذا القانون على أن {تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية (حادي عشر) المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريد أو بأي عقد إداري آخر}.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر وقضى بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وإعادتها إليها للفصل فيها وأبقت الفصل في المصروفات.


[(1)] يراجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 في الطعن رقم 3364 لسنة 27 القضائية والمحكوم فيه بجلسة 15 ديسمبر سنة 1985.