مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1377

(125)
جلسة 17 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة - المستشارين.

الطعن رقم 1314 لسنة 38 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - طلب تصحيح الحكم (خطأ مادي) مرافعات المادة 191 مرافعات - القاعدة أن المحكمة تستنفذ ولايتها بإصدار الحكم في النزاع فلا يجوز لها بعدئذ العدول عنه أو التعديل فيه أو الإضافة إليه - استثناء من القاعدة المتقدمة يجوز للمحكمة أن تصحح ما وقع في حكمها من أخطاء مادية كتابية أو حسابية - مناط إعمال هذا الاستثناء أن يكون الخطأ الذي وقع في الحكم خطأ مادياً بأن يكون في الحكم أساس يدل على الواقع الصحيح في نظر المحكمة ويبرر بالتالي ما خالفه من خطأ مادي إذا قورن بهذا الواقع الصحيح الثابت في الحكم - لا يجوز أن يتخذ التصحيح ذريعة للرجوع عن الحكم بما يمس حجيته - مثال لطلب لا يعد تصحيحاً لخطأ مادي لحق منطوق الحكم وأسبابه بل يعتبر تعديلاً فيهما بما يمس حجية الشيء المحكوم به - الحكم برفض طلب التصحيح.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27 من يونيه سنة 1989 قدمت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد وزير التعليم بصفته طلباً لتصحيح خطأ مادي في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 14 من مايو سنة 1988 في الطعن رقم 1314 لسنة 38 قضائية، وأقامت هذا الطلب على أن الحكم قضى بإلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا إلى السيد وزير التعليم بصفته مبلغاً مقداره 582 جنيهاً على أساس أن المرتبات التي صرفت بمعرفة الجانب السوفيتي مقدارها 168 جنيهاً في حين أن المبلغ المطالب به مقداره 882 جنيهاً على أساس أن المرتبات التي صرفت بمعرفة الجانب السوفيتي مقدارها 468 جنيهاً مما يعني أن الحكم وقع في خطأ مادي تملك المحكمة تصحيحه عملاً بالمادة 191 من قانون المرافعات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في طلب التصحيح ارتأت فيه صدور قرار من المحكمة بتصحيح الخطأ المادي في الحكم بحيث يكون المبلغ المحكوم به 882 جنيهاً بدلاً من 582 جنيهاً، وبنت رأيها على أنه بمضاهاة المرتبات التي صرفت بواقع 60 روبل شهرياً ومقدراها 312 جنيهاً بالمرتبات التي صرفت بواقع 90 روبل شهرياً يتضح أن جملة المرتبات الأخيرة 468 جنيهاً وليس 168 جنيهاً كما ورد في الكشف المودع من جانب جهة الإدارة في 20 من مارس سنة 1980 وذكرته المحكمة في حكمها مما يوجب تصحيح هذا الخطأ المادي.
وعين لنظر أمام المحكمة جلسة 4 من نوفمبر سنة 1989، وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر، حتى قررت المحكمة بجلسة 10 من فبراير سنة 1990 إصدار القرار في الطلب بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات - وبعد المداولة.
ومن حيث إن القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة قضى في المادة 3 من مواد الإصدار بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها فيه وبتطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي، وقد نص قانون المرافعات في المادة 191 على أنه {تتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية وحسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة...} ومفاد هذا أنه ولئن كانت القاعدة أن المحكمة تستنفد ولايتها بإصدار الحكم في النزاع فلا يجوز لها بعدئذ العدول عنه أو التعديل فيه أو الإضافة إليه، إلا أنه استثناء من هذه القاعدة يجوز للمحكمة تصحيح ما وقد في حكمها من أخطاء مادية كتابية أو حسابية وجلي أن مناط إعمال هذا الاستثناء أن يكون الخطأ الذي وقع في الحكم خطأ مادياً سواء كان كتابياً أو حسابياً، بأن يكون في الحكم أساس يدل على الواقع الصحيح في نظر المحكمة ويبرر بالتالي ما خالفه من خطأ مادي إذا قورن بهذا الواقع الصحيح الثابت في الحكم، وبذا لا يتخذ التصحيح ذريعة للرجوع عن الحكم بما يمس حجيته.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة 14 من مايو سنة 1988 في الطعن رقم 1314 لسنة 38 قضائية المقام من السيد وزير التعليم بصفته ضد أولاً السيد/ محمد سمير السيد محمد حسن وثانياً ورثة المرحوم محمد حسن عبد العال في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 25 أبريل سنة 1982 في الدعوى رقم 325 لسنة 34 القضائية والقاضي باعتبار الخصومة منتهية، يبين أنه قضى في منطوقه بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده الأول بالتضامن مع المطعون ضدهم الآخرين ورثة الضامن في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم بأن يؤدوا إلى الطاعن بصفته مبلغ 582 جنيهاً وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22 من نوفمبر 1978 حتى تمام السداد، وجاء في أسبابه أن المطعون ضده الأول أوفد في إجازة دراسية وقررت اللجنة التنفيذية للبعثات إنهاء إجازته ومطالبته وضامنه بالنفقات والمرتبات وخلت الأوراق مما يفيد سداد المبالغ المستحقة لوزارة التعليم سواء من قبله أو من قبل ضامنه أو ورثة ضامنه ويبين من الكشف الذي أعدته الإدارة العامة للبعثات وطالبت على أساسه وزارة التعليم في دعواها بمبلغ 882 جنيهاً أن هذا المبلغ يمثل مجموعاً خاطئاً لعملية جمع شملت مفردات معينة هي على التوالي 312 جنيهاً و168 جنيهاً و102 من الجنيهات ومجموعها الصحيح 582 جنيهاً مما يقطع بأن المجموع الأخير هو المبلغ المستحق على المطعون ضده الأول، ومؤدى هذا أن الحكم سواء في منطوقه أو في أسبابه قطع في تحديد المبلغ المحكوم به عن بينة تامة من عدم تطابق جملة المبلغ المطلوب في الدعوى مع المفردات التفصيلية له ضمن الكشف المقدم فيها من جانب الجهة الإدارية المدعية، وإذا كانت هذه الجهة دعمت طلبها تصحيح ذلك الحكم بكشف تضمن أن المبلغ الوارد بمقدار 168 جنيهاً في الكشف السابق صحته 468 جنيهاً مما يعني وقوع خطأ مادي، فإن هذا الخطأ المادي أصاب المستند المقدم من جانبها مما يلقي باللائمة عليها، ولا يمثل خطأ مادياً في الحكم الذي حدد المبلغ المحكوم به بعد إجراء الجمع الصحيح لمفرداته حسب الثابت بذلك المستند المقدم منها حيث لا التزام عليه بمقارنة المفردات التي بينتها دعماً لدعواها واستخراج حقيقة قيمة الروبل وإجراء مراجعة حسابية دقيقة لصالحها بغية إقرار المبلغ المطلوب من جانبها ومقداره 882 جنيهاً خاصة أن خصمها لم يجادلها في حقيقة المفردات بما يجر إلى تقصي مناحيها وعلى هذا فإن تغيير المبلغ المحكوم به ومقداره 582 جنيهاً إلى 882 جنيهاً حسبما ترمي إليه الجهة الإدارية من طلبها، لا يعد تصحيحاً لخطأ مادي لحق منطوق الحكم وأسبابه بل يعتبر تعديلاً فيهما بما يمس حجية الشيء المحكوم به، ومن ثم فإنه يتعين الحكم برفض هذا الطلب.

فلهذه الأسباب

قررت المحكمة رفض طلب التصحيح.