أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1383

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان، شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز نواب رئيس المحكمة وعلي جمجوم.

(262)
الطعن رقم 3103 لسنة 58 القضائية

(1 - 4) نقض "إجراءات الطعن" "صحيفة الطعن" "التوكيل في الطعن" "المصلحة في الطعن". وكالة. محاماة. دعوى "الصفة في الدعوى". هيئات عامة.
(1) إجراءات الطعن والمرافعة أمام محكمة النقض. وجوب أن يقوم بها محامون مقبولون أمامها نيابة عن الخصوم. لا يلزم حصول المحامي الموقع على صحيفة الطعن على توكيل سابق على إيداعها. جواز تقديمه إلى ما قبل إقفال باب المرافعة في الطعن. المادتان 253، 255 مرافعات.
(2) الإدارات القانونية للمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها صاحبة الصفة في مباشرة دعاواها نيابة عنها. جواز توكيل محام من غير تلك الإدارات في مباشرة بعض الدعاوى بشرط صدور تفويض بذلك من مجلس الإدارة. المادتان 1، 3 ق 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية. عدم اشتراط صيغة خاصة في التفويض أو النص فيه صراحة على شموله طعناً معيناً بذاته متى كان هذا مستفاداً من عباراته أم من عدم منازعة ذي الصفة في تجاوز حدود هذه النيابة.
(3) مباشرة المحامي إجراء قبل صدور التوكيل من كلفه به. عدم جواز اعتراض خصمه بأن الوكالة لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء أو بخروجه عن حدود هذه الوكالة. ليس لغير الموكل التمسك بهذا الدفاع.
(4) صدور التوكيل صحيحاً ممن يمثل الشخص المعنوي. تغيير مصدره أو زوال صفته في مرحلة لاحقة لصدور التوكيل. لا أثر له على التوكيل ولا يوجب إصدار توكيل آخر.
(5) قانون "سريان القانون من حيث الزمان" عدم رجعية القوانين". دستور.
أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا تنعطف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص على خلاف ذلك. عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد من تصرفات أو تحقق من أوضاع قبل العمل به.
(6، 7) عقد "أركان العقد: التراضي". التزام. محكمة الموضوع. محكمة النقض "سلطة محكمة النقض".
(6) الإيجاب. ماهيته. استخلاص ما إذا كان باتاً. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه تكييف الفعل المؤسس عليه صحة ونفاذ العقد بأنه إيجاب بات أو نفي هذا الوصف عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(7) تلاقي الإيجاب والقبول متطابقين. كفايته لانعقاد العقد ولو أخل أي من المتعاقدين بالتزاماته عنه.
(8) عقد. فوائد. حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون" "الفساد في الاستدلال".
ثبوت أن عقد القرض قد انعقد قبل العمل بالقانون رقم 14 لسنة 1981 المانع لتقاضي فوائد على القروض الخاصة بالإسكان التعاوني. قضاء الحكم المطعون فيه بإعفاء المطعون ضده من الفوائد على ما أورده الخبير في تقريره من أن الموافقة على القرض لم تنفذ إلا بعد صدور القانون المذكور. خلط بين انعقاد العقد وتنفيذه. فساد في الاستدلال ومخالفة للقانون.
1 - مؤدى نص المادة 253 من قانون المرافعات وطبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن المشرع وإن أوجب على الخصوم أن ينيبوا عنهم محامين مقبولين أمام محكمة النقض في القيام بالإجراءات والمرافعة أمامها لحكمة تغياها هي أن هذه المحكمة لا تنظر إلا في المسائل القانونية ولا يصح أن يتولى تقديم الطعون إليها والتوقيع عليها إلا المحامون المؤهلون لبحث تلك المسائل، إلا أنه يلزم حصول المحامي الموقع على صحيفة الطعن على توكيل سابق قبل إيداعها قلم الكتاب ويحق له إعمالاً للمادة 255 من قانون المرافعات تقديمه بعد ذلك إلى ما قبل إقفال باب المرافعة في الطعن.
2 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لئن كان الأصل وفقاً للمادتين 1، 3 من القانون رقم 47 لسنة 1973 أن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة أو الوحدات التابعة لها هي صاحبة الصفة في مباشرة الدعاوى والمنازعات أمام جميع المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها إلا أنه استثناءً من هذا الأصل يجوز لأحد المحامين من غير تلك الإدارات مباشرة بعض هذه القضايا نيابة عنها بشرط أن يكون التعاقد معه بتفويض من مجلس إدارتها، ولا يشترط في عبارة التفويض هذا التوكيل الذي يصدر على أساسه صيغة خاصة أو النص في أي منهما على أنه يشمل طعناً معيناً بذاته متى كان هذا مستفاداً من أي عبارة واردة فيه أو من عدم منازعة ذو الصفة في تجاوز حدود هذه النيابة صراحة أو ضمناً.
3 - المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا باشر المحامي إجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن وكالته لم تكن ثابتة قبل اتخاذ هذا الإجراء أو أنه خرج على حدود هذه الوكالة لأنه لا مصلحة لغير الموكل في التمسك بهذا الدفاع.
4 - إذا صدر التوكيل صحيحاً ممن يمثل الشخص المعنوي وقت صدوره فإن تغيير مصدره أو زوال صفته في مرحلة لاحقة على صدوره سواء بتعيين آخر بدلاً منه أو بإحالته إلى المعاش لا يؤثر في صحته ولا يوجب توكيل جديد لأنه يعتبر صادراً للوكيل من الشخص المعنوي باعتباره المقصود بالخصومة.
5 - المقرر - وعلى ما جرى به هذه المحكمة - أن من المبادئ الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم تنص على خلاف ذلك، مما مؤداه عدم انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع، إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين.
6 - الإيجاب وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة هو العرض الذي يعبر به الشخص على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذ ما اقترن به قبول انعقاد العقد وأن استخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى أما تكييف الفعل المؤسس عليه طلب صحة ونفاذ العقد بأنه إيجاب بات أن نفي هذا الوصف عنه فهو من المسائل التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض.
7 - يكفي لانعقاد العقد مجرد تلاقي الإيجاب والقبول متطابقين ولو أخل أي من المتعاقدين من بعد بالتزاماته الناشئة عنه.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإعفاء المطعون ضده من الفوائد معولاً في ذلك على ما أورده الخبير في تقريره من أن موافقة الطاعن الأول على القرض لم تنفذ إلا بتاريخ 28/ 11/ 1984 بعد صدور القانون رقم 14 لسنة 1981 المانع لتقاضي فوائد على القروض الخاصة بالإسكان التعاوني للعاملين بوحدات القطاع العام فخلط بذلك بين انعقاد العقد وتنفيذه رغم أن الثابت بالمستندات أن عقد القرض قد انعقد بين الطاعنين بتلاقي الإيجاب والقبول في 9/ 8/ 1980 قبل تاريخ العمل بالقانون المذكور وقد جره هذا الخلط إلى تطبيق هذا القانون بأثر رجعي دون نص خاص فيه على إعمال هذا الأثر بما يعيبه بمخالفة القانون والثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 13005 لسنة 1984 مدني محكمة جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنين بصفتهما بطلب الحكم ببراءة ذمته من الفوائد المستحقة على أقساط الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمه عقد البيع الخاص بها وبصفة مستعجلة بوقف سريان تلك الفوائد حتى يفصل في موضوع الدعوى الأصلية، وقال بياناً لها أنه باعتباره من العاملين بالشركة التي يمثلها الطاعن الأول وعضو بالجمعية التي يمثلها الطاعن الثاني قام بشراء إحدى الوحدات السكنية التابعة لها، ووفقاً للشروط المعلنة قام بسداد ربع الثمن وتم تقسيط الباقي على عشرين عاماً بفائدة مقدارها 5% سنوياً وإذ كان القرض الخاص بتمويل الجمعية البائعة معفياً من الفوائد بحكم المادة 25 من القانون رقم 14 لسنة 1981 فقد قدم طلباً إلى الطاعن الأول لإعفائه منها ولما لم يستجب أقام الدعوى. وبتاريخ 19/ 1/ 1986 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 2208 لسنة 103 ق القاهرة وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وأودع تقريره قضت بتاريخ 11/ 5/ 1988 بتعديل الحكم المستأنف وبراءة ذمة المطعون ضده من الفوائد وتأييده فيما عدا ذلك طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضده ببطلان الطعن وبعدم قبوله، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده ببطلان الطعن أن صحيفة الطعن موقع عليها بتوقيع غير مقروء وأن أياً من الطاعنين لم يطلب من الأستاذ...... المحامي إقامة الطعن الماثل وأنه تطوع بإقامته من تلقاء نفسه.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح في وجهه الأول وغير سديد في وجهه الثاني ذلك أن مؤدى نص المادة 253 من قانون المرافعات وطبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن المشرع وإن أوجب على الخصوم أن ينيبوا عنهم محامين مقبولين أمام محكمة النقض في القيام بالإجراءات والمرافعة أمامها لحكمة تغياها هي أن هذه المحكمة لا تنظر إلا في المسائل القانونية ولا يصح أن يتولى تقديم الطعون إليها والتوقيع عليها إلا المحامون المؤهلون لبحث تلك المسائل، إلا أنه لا يلزم حصول المحامي الموقع على صحيفة الطعن على توكيل سابق قبل إيداعها قلم الكتاب ويحق له إعمالاً للمادة 255 من ذات القانون تقديمه بعد ذلك إلى ما قبل إقفال باب المرافعة في الطعن، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الأستاذ/ ..... المحامي - صاحب المكتب الخاص - والمقبول للمرافعة أمام هذه المحكمة قد أودع صحيفة الطعن الماثل بتاريخ 10/ 7/ 1988 نيابة عن الطاعنين ووقع عليها بتوقيع ظاهر ومقروء كما قدم التوكيلات التي تبيح له رفع الطعن نيابة عن الطاعنين إلى ما قبل إقفال باب المرافعة فيه فإن الدفع بوجهيه يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده بعدم قبول الطعن من الطاعنين لرفعه من غير ذي صفة أن المحامي الذي رفع الطعن قد أودع صحيفته بسندي التوكيلين رقمي 3222 أ سنة 1983، 3941 أ لسنة 1985 عام قصر النيل مع أن مصدري التوكيلين قد أحيل أولهما إلى المعاش واستقال الثاني قبل رفع الطعن، كما أن التفويض الصادر من شركة الشرق للتأمين بتفويض الطاعن الأول بالتعاقد مع المحامين ذوي المكاتب الخاصة وتم على أساسه إصدار التوكيل رقم 2147 أ لسنة 1988 عام قصر النيل لا يتضمن توكيل هذا المحامي في إقامة الطعن الماثل بالذات وفق ما تتطلبه المادة الثالثة من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية ولا تتحقق به الغاية التي قصدها المشرع من إصدار هذا القانون.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أنه لما كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لئن كان الأصل وفقاً للمادتين 1، 3 من القانون رقم 47 لسنة 1973 أن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة أو الوحدات التابعة لها هي صاحبة الصفة في مباشرة الدعاوى والمنازعات أمام جميع المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها إلا أنه استثناءً من هذا الأصل يجوز لأحد المحامين من غير تلك الإدارات مباشرة بعض هذه القضايا نيابة عنها بشرط أن يكون التعاقد معه بتفويض من مجلس إدارتها، ولا يشترط في عبارة هذا التفويض أو التوكيل الذي يصدر على أساسه صيغة خاصة أو النص في أي منهما على أنه يشتمل طعناً معيناً بذاته متى كان هذا مستفاداً من أي عبارة واردة فيه أو من عدم منازعة ذو الصفة في تجاوز حدود هذه النيابة صراحة أو ضمناً، لما هو مقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا باشر المحامي إجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن وكالته لم تكن ثابتة قبل اتخاذ هذا الإجراء أو أنه خرج على حدود هذه الوكالة لأنه لا مصلحة لغير الموكل في التمسك بهذا الدفاع. وإذ صدر التوكيل صحيحاً ممن يمثل الشخص المعنوي وقت صدوره فإن تغيير مصدره أو زوال صفته في مرحلة لاحقة على صدوره سواء بتعيين آخر بدلاً منه أو بإحالته إلى المعاش لا يؤثر في صحته ولا يوجب إصدار توكيل جديد لأنه يعتبر صادراً للوكيل من الشخص المعنوي باعتباره المقصود بالخصومة، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن التوكيلين رقمي 3222 أ لسنة 1983 و3941 أ لسنة 1985 عام قصر النيل اللذين باشر بموجبهما الأستاذ/ ...... المحامي - صاحب المكتب الخاص - رفع الطعن الماثل قد صدرا صحيحين ممن لهما صفة في تمثيل الطاعنين وقت صدورهما فإن إحالة مصدر التوكيل الأول إلى المعاش واستقالة مصدر التوكيل الثاني في مرحلة لاحقة لصدورهما لا يؤثر في صحتهما ولا تستوجبان إصدار توكيلين آخرين بدلاً منهما من صاحب الصفة الجديد في تمثيل الطاعنين لرفع الطعن بالنقض، وكان البين أيضاً أن التفويض المؤرخ 7/ 3/ 1988 والتوكيل رقم 2147 أ لسنة 1988 عام قصر النيل صريحين في تخويل المحامي المذكور في الطعن بالنقض ولا مخالفة فيهما لنص المادة الثالثة من القانون 47 لسنة 1973 ويتسعان لإقامة الطعن الماثل بالذات لقيام المحامي بإخطار الطاعنين بإقامته في تاريخ تقديم الصحيفة وعدم اعتراضهما على اتخاذه هذا الإجراء، فإن الطعن يكون قد أقيم ممن يملكه الدفع بعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان إنهما قدما للمحكمة وللخبير مستندات قاطعة على أن عقد التفويض قد انعقد بينهما بتاريخ 9/ 8/ 1980 بفائدة مقدارها 5% سنوياً قبل صدور القانون رقم 14 لسنة 1981 بإعفاء القروض الخاصة بالإسكان التعاوني للعاملين بوحدات القطاع العام من الفوائد والمعمول به اعتباراً من 5/ 3/ 1981 إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن هذه المستندات وأقام قضاءه بعدم جواز ترتيب فوائد على القرض موضوع الدعوى وإعفاء المطعون ضده منها معولاً على ما أورده الخبير في تقريره من أن موافقة الطاعن الأول على القرض لم تنفذ إلا بتاريخ 28/ 11/ 1984 بعد صدور القانون المذكور رغم تمسكهما ببطلان هذا التقرير لتناقص أسبابه مع النتيجة التي انتهى إليها، فإنه يكون قد أعمل هذا القانون بأثر رجعي بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله لما هو مقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن من المبادئ الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم تنص على خلاف ذلك، مما مؤداه عدم انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع، إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين، لما كان ذلك وكان الإيجاب وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة هو العرض الذي يعبر به الشخص على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذ ما اقترن به قبول انعقاد العقد وأن استخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى أما تكييف الفعل المؤسس عليه طلب صحة ونفاذ العقد بأنه إيجاب بات أن نفي هذا الوصف عنه فهو من المسائل التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض، مما مفاده أنه يكفي لانعقاد العقد مجرد تلاقي الإيجاب والقبول متطابقين ولو أخل أي من المتعاقدين من بعد بالتزاماته الناشئة عنه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإعفاء المطعون ضده من الفوائد معولاً في ذلك على ما أورده الخبير في تقريره من أن موافقة الطاعن على القرض لم تنفذ إلا بتاريخ 28/ 11/ 1984 بعد صدور القانون رقم 14 لسنة 1981 المانع لتقاضي فوائد على القروض الخاصة بالإسكان التعاوني للعاملين بوحدات القطاع العام فخلط بذلك بين انعقاد العقد وتنفيذه رغم أن الثابت بالمستندات أن عقد القرض قد انعقد بين الطاعنين بتلاقي الإيجاب والقبول في 9/ 8/ 1980 قبل تاريخ العمل بالقانون المذكور وقد جره هذا الخلط إلى تطبيق هذا القانون بأثر رجعي دون نص خاص فيه على إعمال هذا الأثر بما يعيبه بمخالفة القانون والثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال ويوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.