مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1381

(126)
جلسة 17 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن ود. فاروق عبد البر السيد -المستشارين.

الطعن رقم 1491 لسنة 31 القضائية

( أ ) دعوى - ميعاد رفعها - استقلال التعويض عن طلب الإلغاء.
عدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد فوات الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء لا يحول عند نظر طلب التعويض دون التعرض للموضوع ليس بهدف النيل من القرار الذي تحصن بفوات ميعاد الطعن فيه بل لبحث مدى أحقية المدعي في التعويض الذي يطالب به - تطبيق.
(ب) قرار إداري - عيب الشكل - مدى جواز التعويض عنه (تعويض) العيب الشكلي الذي يشوب القرار الإداري لا يصلح حتماً وبالضرورة أساساً للتعويض إذا كان القرار سليماً في مضمونه محمولاً على أسبابه المبررة لإصداره وبمعنى آخر إذا كان سيصدر بذات المضمون لو أن القاعدة الشكلية التي أهدرت قد راعتها الإدارة قبل إصدار القرار - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 25/ 3/ 1985 أودع الطاعن، سكرتارية هذه المحكمة تقرير طعن في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي بعدم قبول الطعن شكلاً، لرفعه بعد الميعاد بالنسبة لطلب إلغاء قرار الجزاء وإلزام الهيئة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغاً قدره عشرة جنيهات على سبيل التعويض.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في تقرير طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به بمبلغ عشرة جنيهات للمطعون ضده على سبيل التعويض والقضاء برفض الدعوى، وإلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة في الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده، على الوجه المبين في الأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن رأت فيه قبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الهيئة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغاً قدره عشرة جنيهات على سبيل التعويض.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/ 1/ 1989، وتدوول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها، وحتى قررت بجلسة 22/ 2/ 1989 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، فنظرته بجلسة 8/ 4/ 1989 ثم قررت بجلسة 10/ 2/ 1990 إصدار الحكم بجلسة اليوم 17/ 3/ 1990، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات - وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص، حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 296 لسنة 25 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية، طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء قرار الجزاء الصادر بالقسيمة رقم 115985 في 21/ 1/ 1982، والمتضمن مجازاته بخصم يومين من راتبه، لأنه أغلق المخزن يوم 21/ 1/ 1982.
وبجلسة 2/ 2/ 1985، قضت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً، لرفعه بعد الميعاد بالنسبة لطلب الإلغاء، وإلزام الهيئة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغاً قدره عشرة جنيهات على سبيل التعويض، على أساس ثبوت توافر الخطأ في جانب الإدارة إذ لم تجر الإدارة تحقيقاً مع المطعون ضده، وهو إخلال بمبدأ جوهري لا يمكن بدونه إثبات المخالفة في حقه، وهذا الخطأ سبب ضرراً للمطعون ضده يتمثل فيما رتبه القرار المطعون فيه من آثار بالنسبة لملف خدمته وتقاريره السنوية، فضلاً عن الأضرار الأدبية، وبمراعاة الفئة المالية للطاعن (الثانية) ومقدار الجزاء الموقع عليه، فقد قدرت المحكمة له تعويضاً قدره عشرة جنيهات، باعتبار أنه شارك بسلوكه في وقوع الضرر الذي لحق به.
طعن في الحكم المذكور، على أساس مخالفته للقانون، إذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى رقم 296 لسنة 36 ق شكلاً لرفعها بعد المواعيد القانونية، إلا أنه رغم ذلك تعرض لموضوعها ببحث مدى مشروعية قرار الجزاء المطعون فيه، وانتهى إلى بطلانه لعدم إجراء تحقيق مع المطعون ضده، قبل مجازاته بخصم يومين من مرتبه، مما يعد خطأ من جانب الإدارة ألحق بالمطعون ضده أضراراً مادية وأدبية، في حين جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن لدعوى الإلغاء شروطاً لا بد من توافرها حتى تكون الدعوى مقبولة، فإذا تبين عدم توافر هذه الشروط قضى بعدم قبولها، دون التعرض لموضوع الدعوى بالبحث فيه، وإذ سلك الحكم المطعون فيه هذا المسلك فإنه يكون قد تغلغل في موضوع النزاع، وفصل فيه، مما يعد مخالفة صريحة للقانون، الذي يمنع القاضي من التصدي لموضوع النزاع، إذا ما تبين له عدم توافر الشروط التي يتطلبها القانون لإقامة الدعوى، وإذ خالف الحكم القانون فإنه يتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن السبب الذي بني عليه الطعن في الحكم المذكور، يقوم على غير أساس سليم من القانون، ذلك أن عدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد فوات الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء لا يحول عند النظر بطلب التعويض دون التعرض للموضوع، ليس بهدف النيل من القرار الذي تحصن بفوات ميعاد الطعن فيه، بل لبحث مدى أحقية المدعي في التعويض الذي يطالب به.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 21/ 1/ 1982 حرر مدير إدارة تفتيش المخازن والمشتريات مذكرة أورد فيها أنه بمروره في هذا اليوم على المخزن عهدة المطعون ضده وجده مغلقاً حتى الساعة 11.40 صباحاً، وبناء على ذلك أصدرت الإدارة فقرارها بمجازة المطعون ضده بخصم يومين من أجره.
ومن حيث إن المحكمة انتهت بحكمها المطعون فيه، إلى أنه لما كانت الإدارة لم تجر تحقيقاً مع المطعون ضده، قبل توقيع الجزاء عليه، فإن هذا يمثل ركن الخطأ في جانب الإدارة وإذ سبب هذا الخطأ ضرراً مادياً وأدبياً للمطعون ضده، فإنها تحكم له بتعويض قدره عشرة جنيهات.
ومن حيث إن العيب المنسوب إلى القرار الذي صدر بمجازاة المطعون ضده بخصم يومين من أجره، وهو عدم التحقيق معه قبل توقيع الجزاء، يمثل إجراء شكلياً جوهرياً يحقق ضمانة أساسية له، لم تعمل الإدارة على مراعاتها مما يمثل خطأ في جانبها.
ومن حيث إن العيب الشكلي الذي يشوب القرار الإداري لا يصلح حتماً وبالضرورة أساساً للتعويض إذا كان القرار سليماً في مضمونه محمولاً على أسبابه المبررة لإصداره وبمعنى آخر إذا كان سيصدر بذات المضمون، ولو أن القاعدة الشكلية التي أهدرت قد راعتها الإدارة قبل إصدار القرار.
ومن حيث إن مدير إدارة تفتيش المخازن والمشتريات، قدم مذكرة يقول فيها أن مخزن المشروعات المحلي عهدة المطعون ضده مغلق يوم الخميس 21/ 1/ 1982 حتى الساعة 11.40 صباحاً، وتعطل العمل هذا اليوم بسبب ذلك ولم يقدم الطاعن طيلة نظر الدعوى أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية ما يثبت عدم صحة هذه الواقعة بل وأثبتت المحكمة في حيثيات حكمها المطعون فيه، أن المطعون ضده شارك بسلوكه في وقوع الضرر الذي حاق به لذا فإنه لا محل للحكم بالتعويض في هذه الحالة وإذ صدر الحكم على خلاف ذلك فإنه يكون جديراً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الهيئة بأن تؤدي للمطعون ضده تعويضاً قدره عشرة جنيهات وبرفض دعوى الطعن رقم 296 لسنة 25 ق الإسكندرية في هذا الشق.