مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1461

(136)
جلسة 25 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضويه السادة الأساتذة: محمد محمود الدكروري إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل لطفي عثمان ومحمد عزت السيد إبراهيم - المستشارين.

الطعن رقم 1368 لسنة 33 القضائية

محاماة - حظر ممارستها بالنسبة لدعاوى مرفوعة ضد الجهة التي كان يعمل بها المحامي قبل اشتغاله بالمحاماة.
أ ) حظر المشرع الاشتغال بالمحاماة خلال السنوات الثلاث التالية لانتهاء علاقة المحامي بالجهة التي كان يعمل بها متى كانت الدعوى الموكل بشأنها مرفوعة ضد الجهة المذكورة - لم يرتب المشرع البطلان جزاء لمخالفة هذا الحظر - لا وجه للقول بعدم القبول أو البطلان طبقاً لنص المادة (76) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 - أساس ذلك: أن مفاد عبارة "وإلا حكم بعدم القبول أو البطلان بحسب الأحوال الواردة به هو الرجوع إلى نص القانون الذي تمت مخالفته في كل حالة على حدة والقضاء بما نص عليه من جزاء المخالفة من عدم القبول أو البطلان بحسب الأحوال وقد جاء نص المادة (66) من القانون المشار إليه والتي قررت هذا الحظر خلواً من أي جزاء - تطبيق.
مجلس الدولة - أعضاؤه - انتهاء الخدمة للانقطاع.
ب) مفاد نص المادة 98 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أن المشرع حظر على عضو مجلس الدولة أن ينقطع عن عمله مدة ثلاثين يوماً متصلة دون أن يرخص له في ذلك ولو كان انقطاعه عقب إجازة أو إعارة أو ندب لغير عمله وقضي صريح النص باعتباره مستقيلاً إذا وقع منه ذلك - مقتضى ذلك ولازمه أن على عضو المجلس المعار أن يرتب أوضاعه وكافة ما يتعلق بالتزاماته في الجهة المعار إليها في ضوء أوضاعه الوظيفية في جهة عمله الأصلية - لئن كان للعضو المنقطع عن عمله أن يقدم الأعذار المبررة لانقطاعه فإن للمجلس الحق في تقدير جديتها من عدمه - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 15 مارس سنة 1987 أودع الأستاذ الدكتور/ ثابت عويضه المحامي، بصفته وكيلاً عن.....، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1368 لسنة 33 القضائية عليا، طلب في ختامه الحكم أولاً: بإلغاء قرار رئيس مجلس الدولة رقم 819 لسنة 1986 الصادر بإنهاء خدمة الطاعن وإلغاء كافة الآثار المترتبة عليه واعتباره كأن لم يكن. ثانياً: إلغاء القرار الصادر من رئيس مجلس الدولة بحفظ طلب تجديد الإعارة لمصلحة قومية.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم برفض الدفع ببطلان عريضة الطعن لإيداعها بالمخالفة لحكم المادة 66 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983، وبقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
عينت جلسة 12/ 11/ 1987 لنظر الطعن، وتداولت المحكمة نظره بها وبالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات، واستمعت إلى ما ارتأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم. وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها - تتحصل فيما أورده الطاعن شرحاً لطعنه من أنه حصل على إعارة لجامعة الكويت بدأت من 10/ 9/ 1980 وامتدت لست سنوات متصلة حتى 9/ 9/ 1986، وفي هذا التاريخ تقدم بطلب تجديدها سنة سابعة وأرفق بطلبه شهادة صادرة من سفارة الكويت موجهة إلى رئيس مجلس الدولة. وطلب عرض التجديد على رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء لتقرير المصلحة القومية التي تخول الرئيس الحق في تجديد الإعارة لأكثر من أربع سنوات، إلا أن رئيس مجلس الدولة أشر على الطلب بالحفظ دون العرض على المجلس الخاص للشئون الإدارية، ودون العرض على الرئيس، وأضاف الطاعن أنه أثر انتهاء إعارته في 10/ 9/ 1986 أصيب بمرض حال بينه وبين العودة إلى أرض الوطن، وتقدم لسفارة جمهورية مصر العربية بالكويت التي أحالته إلى المستشفى الأميري، وبعد الكشف عليه منحته تقريراً طبياً بحالته المرضية التي اقتضت وضعه تحت العلاج من 10/ 9/ 1986 إلى 10/ 12/ 1986، وقام بإبلاغ أمين عام مجلس الدولة بمرضه ببرقية مؤرخة 20/ 9/ 1986، بعد عشرة أيام من انقطاعه ثم أرسل في 4/ 11/ 1986 التقرير الطبي عن حالته وعنوانه الذي يمكن مراسلته فيه، وفي 26/ 11/ 1986 أبلغته السفارة بإنهاء خدمته اعتباراً من 10/ 9/ 1986 بمقولة إنه انقطع عن العمل بدون إذن فتظلم من هذا القرار بالبريد المسجل في 21/ 12/ 1986، ولم يتلق رداً على تظلمه. ونعى الطاعن على قرار إنهاء خدمته مخالفته المادة 168 من الدستور التي تنص على أن القضاة غير قابلين للعزل، وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً، ولما جرى به قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن انقطاع العامل عن العمل إذا اقترن بتقديمه طلباً في اليوم التالي لإحالته إلى القومسيون الطبي لتقرير عدم لياقته للخدمة طبياً لإصابته بمرض يحول دون استمراره في العمل، تنتفي معه قرينة الاستقالة الحكمية التي رتبها القانون على هذا الانقطاع، وأن الإجازة المرضية حق للعامل إذا ثبت للقومسيون الطبي المختص أن العامل قامت به حالة مرضية تستلزم منحه الإجازة، وأن لائحة القومسيونات الطبية الصادرة بقرار من وزير الصحة رقم 253 لسنة 1974 نصت في المادة التاسعة منها على أنه "إذا طرأت على العامل الموجود خارج الجمهورية حالة مرضية تمنعه من العودة إلى البلاد وجب عليه أن يخطر الجهة الرئاسية التابع لها مباشرة بنتيجة الكشف الطبي عليه الذي يتم بمعرفة طبيبين وأن يرفق بهذا الإخطار شهادة مصدقاً عليها من القنصلية المصرية أو من جهة الإدارة الصحية الأجنبية المختصة وعلى الجهة الرئاسية إرسال النتيجة إلى القومسيون الطبي المختص للنظر في اعتمادها وأن الطاعن سارع في إبلاغ أمين عام مجلس الدولة بمرضه الذي حل به بالخارج وحصل على شهادة طبية تؤكد مرضه وأرسلها إلى مجلس الدولة. ومن ثم تنتفي قرينة الاستقالة الضمنية التي صدر على أساسها القرار الطعين، وأن قانون مجلس الدولة لم يخول رئيس المجلس سلطة رفض الطلبات المقدمة لتجديد إعارة أعضاء المجلس، بل ينعقد الاختصاص في هذا الشأن للمجلس الخاص للشئون الإدارية ولرئيس الجمهورية أو من يفوضه، وعلى هذا فإن قيام رئيس المجلس بحفظ الطلب المقدم لتجديد إعارة الطاعن لسنة سابعة لأسباب تمثل مصلحة قومية يعتبر قراراً سلبياً ينطوي على عدوان جسيم على اختصاص رئيس الجمهورية الذي خوله القانون وحده سلطة تقدير توافر المصلحة القومية ينزل بالقرار المطعون فيه إلى حد غصب السلطة وينحدر به إلى مجرد الفعل المادي المعدوم.
وأجاب مجلس الدولة على الدعوى بمذكرة طلب فيها الحكم أصلياً ببطلان عريضة الطعن لإيداعها بالمخالفة لأحكام المادتين 66 و76 من قانون المحاماة، الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 واحتياطياً برفض الطعن استناداً إلى أنه طبقاً لأحكام المواد 88 و89 و98 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فإن إعارة أعضاء مجلس الدولة سلطة جوازية لرئيس الجمهورية أو من يفوضه في ذلك بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية، وأن لمجلس الدولة السلطة الأولية في الموافقة على هذه الإعارة ابتداء بوصفه المنوط به تقدير عدم مساس الإعارة بحسن سير العمل بالمجلس وأنه لا يجوز انقطاع عضو المجلس عن عمله دون إذن كتابي وإن استمرار انقطاع عضو المجلس عن عمله دون إذن كتابي مدة ثلاثين يوماً متصلة موجب لاعتبار خدمته منتهية، عملاً بنص المادة 98 من قانون مجلس الدولة المشار إليه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الدفع ببطلان صحيفة الطعن الذي أبدته جهة الإدارة في مذكرة دفاعها بمقولة مخالفة المادتين 66 و76 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 وحيث إن الأستاذ الدكتور/ ثابت عويضة المحامي الذي وقعها بصفته وكيلاً عن الطاعن، شغل وظيفة رئيس مجلس الدولة حتى 30/ 6/ 1984، وأن الصحيفة مودعة بتاريخ 15/ 3/ 1987، فإن المادة 66 من قانون المحاماة المشار إليه تنص على أنه: "لا يجوز لمن تولى وظيفة عامة أو خاصة وانتهت علاقته بها واشتغل بالمحاماة أن يقبل الوكالة بنفسه أو بواسطة محام يعمل في مكتبه بأية صفة كانت في الدعوى ضد الجهة التي كان يعمل بها، وذلك خلال السنوات الثلاث التالية لانتهاء علاقته بها، ويسري هذا الحظر على المحامي الذي يتولى عضوية مجلس الشعب ومجلس الشورى والمجالس المحلية بالنسبة للدعاوى التي ترفع على هذه المجالس. وتنص المادة 76 من ذات القانون على أنه: "لا يجوز للمحامي التوقيع على صحف الدعاوى أو الطعون وسائر أوراق المحضرين والعقود المقدمة للشهر العقاري أو الحضور والمرافعة بالمخالفة لأحكام ممارسة أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون وإلا حكم بعدم القبول أو البطلان بحسب الأحوال وذلك مع عدم الإخلال بمسئولية المحامي طبقاً لأحكام هذا القانون ومسئوليته قبل من أضر به الإجراء المخالف".
ومن حيث إنه ولئن جاءت وكالة الأستاذ الدكتور ثابت عويضة المحامي عن الطاعن، مخالفة لنص المادة 66 من قانون المحاماة المشار إليه، باعتبار أن سيادته كان رئيساً لمجلس الدولة حتى 30/ 6/ 1984، وتم إيداع الصحيفة بالوكالة عن الطاعن في 15/ 3/ 1987، قبل انقضاء سنوات الحظر الثلاث المنصوص عليها، إلا أن نص المادة 66 المذكور لم يرتب جزاء البطلان على مخالفة هذا الحظر فلا يجوز القضاء به، إذ لا بطلان بغير نص، ولا حجة في نص المادة 76 المشار إليه. ذلك أن مفاد عبارتها وإلا حكم بعدم القبول أو البطلان بحسب الأحوال هو الرجوع إلى نص القانون الذي تمت مخالفته في كل حالة على حدة، والقضاء بما نص عليه من جزاء المخالفة، من عدم القبول أو البطلان، بحسب الأحوال، والحال أن نص المادة 66 جاء خلواً من أي جزاء، مما يتعين معه القضاء برفض الدفع ببطلان صحيفة الطعن.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى طلب الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الدولة رقم 819 لسنة 1986 الصادر بإنهاء خدمة الطاعن وإلغاء جميع الآثار المترتبة عليه، فإن الثابت بالأوراق أن هذا القرار صدر بتاريخ 20/ 10/ 1986، ولم يثبت علم الطاعن به قبل 26/ 11/ 1986، وتظلم منه الطاعن في 21/ 12/ 1986، وإذ لم يتلق رداً على تظلمه أقام طعنه الماثل في 5/ 3/ 1987، فإنه يكون مقاماً في الميعاد القانوني، مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن المادة 98 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه: "يعتبر عضو مجلس الدولة مستقيلاً إذا انقطع عن عمله ثلاثين يوماً متصلة بدون إذن، ولو كان ذلك بعد انتهاء إجازته أو إعارته أو ندبه لغير عمله".
ومع ذلك إذا عاد العضو وقدم أسباباً تبرر انقطاعه عرضها رئيس مجلس الدولة على المجلس الخاص للشئون الإدارية فإن تبين له جديتها اعتبر غير مستقيل وفي هذه الحالة تحسب مدة الغياب" أجازة من نوع الإجازة السابقة أو إجازة اعتيادية بحسب الأحوال".
ومن حيث إن مفاد حكم المادة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع حظر على عضو مجلس الدولة أن ينقطع عن عمله مدة ثلاثين يوماً متصلة، دون أن يرخص له في ذلك، ولو كان انقطاعه عقب إجازته أو إعارته أو ندبه لغير عمله، وقضى صريح النص باعتباره مستقيلاً إذا وقع منه ذلك، ومقتضى ذلك ولازمه أن على عضو المجلس المعار أن يرتب أوضاعه وكافة ما يتعلق بالتزاماته في الجهة المعار إليها في ضوء أوضاعه الوظيفية في جهة عمله الأصلية، المقررة بمقتضى أحكام القانون الخاضع له، والقرارات الصادرة بإعارته ومدتها، وإنه ولئن كان للعضو المنقطع عن عمله أن يقدم الأعذار المبررة لانقطاعه، فإن للمجلس الحق في تقدير جديتها من عدمه.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن الطاعن رخص له بإعارة لمدة سنة للتدريس بجامعة الكويت اعتباراً من 10/ 9/ 1980، جددت لست سنوات متصلة تنتهي في 9/ 9/ 1986 وبتاريخ 16/ 9/ 1986 ورد إلى مكتب رئيس مجلس الدولة كتاب الطاعن المؤرخ 7/ 9/ 1986 يطلب فيه الموافقة على تجديد إعارته، وبذات التاريخ أشر رئيس المجلس على هذا الطلب بالآتي: "يحفظ لمخالفته للقواعد"، وقد سبق إخطار الزميل بذلك شخصياً أكثر من مرة بعدم جواز التجديد بأي وجه، ويخطر فوراً بذلك، وبأنه في حالة عدم تسلمه عمله فور انتهاء الإعارة القائمة في موعدها القانوني فسيطبق حكم القانون في شأنه، وهذا وقد اتصل بي السيد الأستاذ الدكتور علي لطفي رئيس مجلس الوزراء وأخبرني بأن الزميل المذكور سعى لمقابلته وقابله طالباً الموافقة على التجديد لسنة سابعة بدعوى المصلحة القومية وقد أخبره السيد رئيس مجلس الوزراء بعدم موافقته على ذلك، وقد أخطرني السيد رئيس مجلس الوزراء بمضمون الحديث وبقراره الذي أبلغه للزميل حتى أكون على علم بموقفه وما تم من حديث، وقد أخطرت الزميل بذلك عند حضوره لمكتبي، وذكرته برفض رئيس مجلس الوزراء ورفض المجلس، وبتاريخ 18/ 9/ 1986 أخطر أمين عام مجلس الدولة الطاعن ببرقية على محل عمله بجامعة الكويت أن رئيس مجلس الدولة أشر بحفظ طلبه لمخالفته للقواعد وأنه في حالة عدم تسلمه العمل بالمجلس في الموعد القانوني سيطبق في شأنه حكم المادة 98 من قانون مجلس الدولة، وبتاريخ 25/ 9/ 1986 وردت البرقية بأن المذكور انتقل من الجامعة، وبتاريخ 1/ 10/ 1986 وردت برقية من الطاعن باسم أمين عام مجلس الدولة بأنه مريض وسوف يوافيه بالتقارير الطبية، دون أن يبين بها محل أقامته بالكويت أو محل عمله الجديد وبتاريخ 2/ 10/ 1986 أخطر أمين عام مجلس الدولة الطاعن على عنوانه بالجيزة بمضمون البرقية المؤرخة 18/ 9/ 1986 كما أرسل إلى أمين عام جامعة الكويت بذات تاريخ 2/ 10/ 1986 المسجل رقم 832 لإخطار الطاعن بذات المضمون على عنوان سكنه بالكويت المعلوم لديه أو الجهة التي يعمل بها، وبتاريخ 7/ 10/ 1986 أبرق أمين عام مجلس الدولة إلى السفير المصري بالكويت لإخطار الطاعن بذات المضمون، وبتاريخ 20/ 10/ 1986 صدر قرار رئيس مجلس الدولة رقم 819 لسنة 1986 بإنهاء خدمة الطاعن اعتباراً من 10/ 9/ 1986 التاريخ التالي لانتهاء مدة إعارته في 9/ 9/ 1986 وأبلغ به الطاعن برقم 3469 في 22/ 10/ 1986 عن طريق أمين عام الكويت، وبرقم 3468 في 22/ 10/ 1986 عن طريق السفير المصري بالكويت، وبرقم 3495 في 25/ 10/ 1986 على عنوانه بالجيزة، وبتاريخ 12/ 11/ 1986 ورد كتاب الطاعن باسم أمين عام مجلس الدولة بأنه بتاريخ 20/ 9/ 1986 أبلغ السفارة المصرية بمرضه، وحول منها إلى المستشفى الأميري بوزارة الصحة بدولة الكويت، وتم توقيع الكشف الطبي عليه، وأرفق صورة التقرير الطبي بما يفيد مرضه ووضعه تحت العلاج لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 10/ 9/ 1986 وتنتهي 10/ 12/ 1986، على أن يعاد الكشف الطبي عليه مرة أخرى لتقرير ما تراه اللجنة الطبية.
ومن حيث إن البين من سياق ما سبق بيانه، أن الطاعن انقطع عن عمله مدة تزيد على ثلاثين يوماً متصلة بدون إذن، وبعد انتهاء إعارته 4/ 9/ 1986، ومن ثم فيعتبر - بصريح نص الفقرة الأولى من المادة 98 من قانون مجلس الدولة - مستقيلاً، مما يتعين معه إنهاء خدمته اعتباراً من 10/ 9/ 1986 اليوم التالي لانتهاء إعارته وهو ما صدر به القرار الطعين، صحيحاً مطابقاً للقانون، مبرءاً من عيوب عدم المشروعية، فيغدو الطعن فيه ولا سند ولا أساس له من واقع أو قانون، خليقاً القضاء برفضه، لا يغير من ذلك ما قدمه الطاعن من صورة ضوئية لتقرير طبي مؤرخ 30/ 9/ 1986 صادر من المستشفى الأميري بالكويت، ادعى به عذر المرض المبرر لانقطاعه، وهو عذر لو استقام على صحيح سنده من الواقع والقانون، لما كان لجهة الإدارة أي ترخيص في قبوله أو رفضه، باعتباره عذراً قانونياً مما يعتد به وينفسح السبيل إلى إعمال آثاره فلا تملك جهة الإدارة معه التمسك بتطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 98 من قانون مجلس الدولة في حق الطاعن، إلا أن البين من الاطلاع على صورة التقرير الطبي المذكور أنه لم يقرر منح الطاعن أية إجازة مرضية أو يستظهر له حالة مرضية من شأنها الحيلولة دون الاستجابة إلى مقتضيات الوظيفة التي يشغلها كل ما فيه يثبت أنه يتردد على الطبيب منذ يناير سنة 1984 للفحص من مرض كبدي مزمن، وأنه يتردد بانتظام على العيادة، وأن آخر زيارة له كانت في 10 سبتمبر سنة 1986 وعليه أن يناظر بالعيادة بعد مدة ثلاثة أشهر. ومتى كان هو ما أورده التقرير الطبي المتخذ سنداً لإثبات عذر المرض وذريعة الانقطاع عن العمل فإنه يكون قد توافر به الدليل على انتفاء هذا العذر، إذ يرخص للطاعن بأية إجازة مرضية أو يثبت له من المبررات ما يسوغ معه الانقطاع عن العمل.
ومن حيث إن المادة 98 آنفة البيان لا تنال من استقلال القاضي أو عدم قابليته للعزل، ولا تتعارض مع حكم الدستور، وإنما على النقيض من ذلك تظاهر إدارة القاضي الحرة في الاستقالة الضمنية وتنأى بها عن كل تعقيب متى عزف مختاراً عن عمله القضائي ونأى بحر إرادته عنه منقطعاً عن حمل أماناته والنهوض بجليل مسئولياته هجراً له ثلاثين يوماً متصلة بغير إذن، وبذلك يغدو ما أورده تقرير الطعن من أوجه للطعن في هذا المنحى على القرار الطعين في غير موضعه قانوناً، فيلتفت عنه.
ومن حيث إنه عن طلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من رئيس مجلس الدولة بحفظ طلب تجديد الإعارة لمصلحة قومية، فإن الثابت مما سبق بيانه علم الطاعن برفض هذا الطلب من قبل رئيس مجلس الوزراء في حينه وفي تاريخ سابق على تاريخ كتابه المؤرخ 7/ 9/ 1986 السالف الذكر وإذ لم يقم طعنه الماثل إلا بتاريخ 15/ 3/ 1987 دون سابق تظلم من هذا القرار فإنه يغدو - بالنسبة إلى هذا الطلب - مقاماً بعد الميعاد القانوني غير مقبول شكلاً، مما يتعين معه القضاء بذلك ولا وجه لما أورده تقرير الطعن بشأنه، إذ أن هذا القرار إنما هو قرار إيجابي بالرفض، صدر صحيحاً مطابقاً للقواعد التي أقرها المجلس الخاص للشئون الإدارية، بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، المفوض في ذلك، من عدم جواز إعارة أعضاء المجلس لأكثر من ست سنوات، وهو ما استوفاه الطاعن كاملاً غير منقوص.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً فيما يختص بحفظ طلب تجديد الإعارة لمصلحة قومية، وبقبولها شكلاً فيما عدا ذلك ورفضها موضوعاً.