مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1479

(138)
جلسة 27 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: حنا ناشد مينا ورأفت محمد السيد يوسف ود. محمد عبد السلام مخلص وعطية الله رسلان أحمد فرج - المستشارين.

الطعن رقم 779 لسنة 32 القضائية

فوائد قانونية - عدم استحقاق جهة الإدارة لفوائد قانونية عن المبالغ المستحقة قبل موظفيها - أساس ذلك: القياس على حالة عدم أحقية الموظف في تقاضي أية فوائد عن المبالغ التي تتجمد لدى جهة الإدارة نتيجة تأخرها في تسوية حالته - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ الخميس الموافق 6/ 2/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة نيابة عن السيد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بصفته في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8/ 12/ 1985 في الدعوى رقم 3980 لسنة 38 ق المقامة من الطاعن بصفته ضد المطعون ضدها والذي قضى برفض الدعوى وإلزام الجهة الإدارية المدعية المصروفات، وطلب الطاعن في تقرير طعنه - وللأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن بصفته مبلغ 2036.268 جنيهاً مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات. وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضدها.
وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة التي قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة وأودعت فيه تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن بصفته مبلغ 2036.268 جنيهاً مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات، وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضدها.
وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة التي قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة وأودعت فيه تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن بصفته مبلغ 2036.268 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تاريخ السداد والمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 18/ 1/ 1989 التي قررت بجلسة 21/ 6/ 1989 إحالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة وحددت لنظره أمامها جلسة 3/ 10/ 1989 وبهذه الجلسة وما تلاها سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وتلي منطوقه علناً وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيد/ وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بصفته قد أقام الدعوى رقم 3980 لسنة 38 ق ضد السيدة/ فاطمة أحمد حمزة بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 10 من مايو سنة 1984 طلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليها بدفع مبلغ 2036.286 جنيهاً مع الفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات وأسس دعواه على أنه صدر القرار الوزاري رقم 665 لسنة 1976 بتاريخ 27/ 5/ 1976 بمنح المدعى عليها إجازة دراسية لمدة ثلاث سنوات لدراسة الدكتوراه بجامعة باريس اعتباراً من 1/ 1/ 1976 حتى 31/ 12/ 1978 وفي 5/ 2/ 1979 صدر قرار بمنحها إجازة خاصة بدون مرتب لمدة عامين اعتباراً من سنة 1979 لرعاية والدتها المريضة وفي 21/ 11/ 1981 صدر القرار الوزاري رقم 674 لسنة 1980 بقبول استقالة المدعى عليها من العمل بالوزارة، وإنه استناداً إلى أحكام القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم البعثات والإجازات الدراسية والمنح فإن عضو البعثة أو الإجازة يلتزم بخدمة الجهة التي أوفدته أو أية جهة حكومية أخرى ترى إلحاقه بها بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للبعثات لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها في البعثة أو الإجازة الدراسية وبحد أقصى سبع سنوات لعضو البعثة وخمس سنوات لعضو الإجازة الدراسية إلا إذا تضمنت شروط البعثة أو الإجازة الدراسية أحكاماً أخرى، وفي حالة الإخلال بهذا الالتزام فللجنة التنفيذية مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التي صرفت له في الإجازة أو المنحة.
ولما كانت المطعون ضدها قد منحت إجازة دراسية لمدة ثلاث سنوات من 1/ 1/ 1976 وفي 21/ 11/ 1980 تبين لإدارة البعثات أن المطعون ضدها حصلت على إجازة خاصة من الجهة الموفدة التي اتصلت بها فأفادت بأنه صدر القرار رقم 624 لسنة 1981 بقبول استقالة المطعون ضدها بتاريخ 21/ 11/ 1980 فقامت الإدارة العامة للبعثات بإنهاء الإجازة الدراسية الممنوحة لها وطالبت برد المرتبات التي حصلت عليها أثناء الإجازة.
ونظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها بجلسة 8/ 12/ 1985 قضت برفض الدعوى وإلزام الجهة الإدارية المدعية المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها بعد استعراض وقائع النزاع على أسباب محصلها أن الجهة الإدارية الموفدة قد غلبت الاعتبارات الاجتماعية والأسرية ووافقت في البداية على منح المدعى عليها إجازة بدون مرتب لمدة عامين لرعاية والدتها المريضة، ثم رأت قبول استقالتها من العمل وإخلاء طرفها دون قيد أو شرط وأنه في قبول استقالتها قبل نهاية المدة التي التزمت بالعمل خلالها نزولاً من الجانب الإدارة عن حقها في اقتضاء ما التزمت به المدعى عليها من البقاء في خدمة الجهة الموفدة بعد انتهاء بعثتها ومن ثم فلا يجوز للإدارة بعد ذلك أن تطالبها بحق نزلت عنه قبلها بعد أن وازنت الاعتبارات التي دعتها إلى الاستقالة وأقرتها عليها دون تحفظ مسقطة عن كاهلها كافة التزاماتها الأصلية بأداء العمل أو البديلة بدفع تعويض مالي وتضحي الدعوى على غير سند من القانون واجبة الرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه هو النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيق ذلك لأن التزام عضو البعثة برد النفقات يستند إلى حكم المادة 33 من قانون البعثات الذي لم يعلق الالتزام برد النفقات على أي أمر يتعلق بالموقف الوظيفي لعضو البعثة التي يعمل بها ومن المقرر أن جهة الإدارة لا تترخص في قبول الاستقالة حتى يمكن القول بأن قبولها يعتبر تنازلاً منها عن اقتضاء الالتزامات قبل المطعون ضدها وكل ما تملكه الإدارة في صدد الاستقالة أن ترجئ البت فيها لمدة أسبوعين - كما أن الاستقالة هي عمل إرادي من جانب المطعون ضدها وقد صدر منها وهي تعلم بأنه سوف يترتب عليها مطالبتها بالمبلغ موضوع الدعوى لعدم الوفاء بالتزاماتها بخدمة الجهة الموفدة المدة المحددة بقانون البعثات، بالإضافة إلى أن الجهة الإدارية لا تملك النزول عن حق للدولة إلا بإتباع الإجراءات المبينة في القانون وبالتالي فلا يمكن القول بأن هناك نزولاً ضمنياً عن هذه الحقوق، وأن إخلال المطعون ضدها بالالتزام الذي يفرضه عليها قانون البعثات قائم قبل تقديم الاستقالة ومعنى ذلك أن السبب الموجب للمطالبة بالنفقات قد تحقق قبل تقديم الاستقالة وقبل قبولها ومن ثم فإن الالتزام ما زال قائماً ويحق للطاعن المطالبة به.
ومن حيث إن المادة 31 من قانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح قد نصت على أن "يلتزم عضو البعثات أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الجهة التي أوفدته أو أية جهة حكومية أخرى ترى إلحاقه بها بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للبعثات لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها في البعثة أو الإجازة الدراسية وبحد أقصى قدره سبع سنوات لعضو البعثة وخمس سنوات لعضو الإجازة الدراسية... إلخ" كما نصت المادة 33 على أن للجنة التنفيذية للبعثات إنهاء بعثة أو إجازة أو منحة كل عضو يخالف أحكام المواد... كما أن لها أن تقرر مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التي صرفت في الإجازة أو المنحة إذا خالف أحكام المادتين 25، 31" ومقتضى ذلك أن هناك التزام مؤداه قيام عضو البعثة بخدمة الجهة التي أوفدته في بعثة علمية أو إجازة دراسية أو منحة للحصول على شهادة أو مؤهل أو اكتساب خبرة مدة تقدر على الأساس المنصوص عليه في المادة 31، فإذا أخل العضو بهذا الالتزام وجب عليه رد كافة المرتبات والنفقات التي صرفت عليه طوال فترة وجوده بالخارج في بعثة أو إجازة دراسية.
ومن حيث إنه بتطبيق المبادئ المتقدمة وإذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد حصلت على إحدى منح التعاون الفني التدريبية المقدمة من الحكومة الفرنسية للدولة لعام 1974، وبتاريخ 31/ 5/ 1977 وافقت اللجنة التنفيذية للبعثات على تحويل المنحة التدريبية إلى إجازة دراسية لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من 1/ 1/ 1976 للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة باريس، ثم حصلت المطعون ضدها على إجازة لمدة عامين بدون مرتب لرعاية والدتها المريضة اعتباراً من 1/ 1/ 1979 ثم تقدمت بطلب استقالة من الخدمة فأجيبت لطلبها وصدر القرار رقم 624 لسنة 1980 بقبول استقالتها ولما استفسرت إدارة البعثات علمت من وزارة الاقتصاد بإنهاء خدمة المطعون ضدها وبناء عليه أصدرت إدارة البعثات قرارها في 10/ 11/ 1982 بإنهاء الأجازة الدراسية ومطالبة المطعون ضدها بالنفقات.
ومن حيث إن إنهاء خدمة المطعون ضدها بقبول استقالتها ليس من شأنه إعفاؤها من التزامها برد المرتبات التي صرفت لها خلال فترة وجودها بالإجازة الدراسية لأن لكلا الأمرين مجاله المستقل عن الآخر فإنهاء الخدمة إنما يتعلق بموقف المطعون ضدها الوظيفي بينما الالتزام بالرد يستند إلى نص المادة 33 من القانون رقم 112 لسنة 1959 التي لم تعلق هذا الالتزام على الموقف الوظيفي للموفد في الجهة التي يعمل بها، والسبيل الوحيد للإعفاء من الالتزام بالرد هو الوفاء بالالتزام المفروض عليها بالمادة 31 من القانون المشار إليه، كما أن القول بأن قبول الجهة الإدارية لطلب الاستقالة المقدم من المطعون ضدها بدون تحفظ يعتبر بمثابة تنازل من جهة الإدارة عن مطالبتها برد ما أنفق عليها أثناء الإجازة الدراسية هذا القول بعيد عن الصواب ويقوم على الظن والافتراض واستنتاج أمور لا أساس لها ذلك لأن جهة الإدارة لا تملك النزول عن حق المطالبة بالنفقات إلا في الحالات المقررة قانوناً كما أنها لا تملك رفض طلب الاستقالة المقدم من المطعون ضدها وكل ما لها أن ترجئ البت فيه لمدة أسبوعين فقط ولا تملك رفضه وعلى ذلك فإذا كانت قد قبلت الاستقالة المقدمة من المطعون ضدها فليس معنى ذلك افتراض تنازلها عن مطالبتها بالمبالغ التي أنفقت عليها إثناء الإجازة الدراسية على النحو الذي أوجبته المادة 33 من قانون البعثات، ومن ثم يكون مطالبة وزارة الاقتصاد المبالغ الموضحة بصحيفة دعواها تستند إلى أساس قانوني سليم ويتعين الحكم بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي إلى وزارة الاقتصاد المبالغ والنفقات التي تكبدتها وصرفتها لها أثناء وجودها في الإجازة الدراسية.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب وقضى برفض الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته المرتبات والنفقات التي صرفت له أثناء الإجازة الدراسية وقدرها 2036.268 جنيهاً ألفاً وستة وثلاثون جنيهاً و268 مليماً.
ومن حيث إنه عن مطالبة الجهة الإدارية بالفوائد القانونية عن هذا المبلغ فقد استقر قضاء هذه المحكمة على عدم استحقاق جهة الإدارة لفوائد قانونية عن المبالغ المستحقة قبل موظفيها وذلك قياساً على عدم أحقية الموظف في تقاضي أية فوائد عن المبالغ التي تتجمد لدى جهة الإدارة نتيجة تأخرها في تسوية حالتها ومن ثم يكون هذا المطلب على غير أساس متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن بصفته مبلغاً وقدره 2036.268 جنيهاً (ألفان وستة وثلاثون جنيهاً و268 مليماً) والمصروفات.