أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 162

جلسة 2 من فبراير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضا الخضيري، سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع، عبد المنعم محمود - نواب رئيس المحكمة.

(29)
الطعنان رقما 2012 لسنة 57 القضائية و4262 لسنة 61 القضائية

(1) بيع. بطلان "بطلان التصرفات". إصلاح زراعي. عقد "بطلان العقد". محكمة الموضوع. ملكية "القيود التي ترد على حق الملكية: شرط المنع من التصرف".
تصرف المنتفع بأراضي الإصلاح الزراعي بالمخالفة لنص م 16 ق 178 لسنة 1952. للهيئة العامة للإصلاح الزراعي الاعتداد به. م 4 ق 3 لسنة 1986. لازمه. نسبية البطلان المقرر على مخالفة شرط المنع من التصرف. أثره. قصر التمسك بالبطلان على الهيئة وامتناعه على المنتفع أو ورثته وامتناع قضاء المحكمة به ما لم تطلبه الهيئة.
(2) بيع. عقد. نقض "أسباب الطعن". حكم "حجيته: حجية الحكم برفض الدعوى بحالتها". قوة الأمر المقضي.
إقامة البائع دعوى بالطرد والتسليم تأسيساً على صدور حكم نهائي برفض دعوى المشترية بصحة ونفاذ عقد شرائها. قضاء الحكم المطعون فيه برفضها لإقامة طعن بالنقض على الحكم أساس هذه الدعوى. قضاءٌ برفض الدعوى بحالتها. حجيته موقوتة. جواز معاودة طرح النزاع. شرطه. تغير الحالة التي انتهت بصدور هذا القضاء. نقض الحكم أساس دعوى الطرد والتسليم. أثره. النعي بمخالفة الحكم المطعون فيه حجية حكم نهائي. نعي لا يحقق سوى مصلحة نظرية.
1 - النص في المادتين 16 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 والرابعة من القانون رقم 3 لسنة 1986 بشأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي يدل على أن لمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أن يعتد بآثار التصرف الحاصل بالمخالفة لنص المادة 16 من القانون رقم 178 لسنة 1952 ولازم ذلك أن يكون البطلان المقرر على مخالفة شرط المنع من التصرف بطلاناً نسبياً يتفق والغاية من تقرير المنع وهى حماية مصلحة خاصة مشروعة ومن ثم يتحتم ضرورة قصر المطالبة بهذه الحماية، أو التنازل عنها على الهيئة وحدها. ويمتنع على المحكمة أن تقضي به طالما لم تطلبه الهيئة صاحبة الحق في توقيع الجزاء، كما يمتنع على المنتفع أو ورثته متى باع بالمخالفة لهذا النص أن يتمسك بالبطلان.
2 - إذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطرد والتسليم التي أقامها الطاعن على سند من أن المطعون ضدها أقامت طعناً بالنقض في الحكم الصادر برفض دعواها بصحة ونفاذ عقد شرائها لم يفصل فيه بعد، ومؤدى هذا القضاء أن المحكمة رفضت الدعوى بالحالة التي كانت عليها حين رفعها ومن ثم فإن حجيته تكون موقوتة لا تحول دون معاودة طرح النزاع من جديد إذا تغيرت الحالة التي انتهت بصدور هذا الحكم. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة قد انتهت في الطعن السابق إلى نقض الحكم الصادر لمصلحة الطاعن في الاستئناف رقم.... لسنة.... ق الإسكندرية والذي أسس عليه دعوى الطرد والتسليم، وبالتالي زال الأساس الذي بنيت عليه هذه الدعوى، فإن النعي بأسباب طعنه المطروح - (النعي بمخالفة الحجية آنفة البيان) - أياً كان وجه الرأي فيه - لا يحقق له سوى مصلحة نظرية بحتة، ومن ثم يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة في الطعن رقم 2012 لسنة 57 ق أقامت الدعوى..... لسنة.... مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعن في الطعن..... لسنة..... ق والمطعون ضدها الثانية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/ 7/ 1979 المتضمن بيعه لها قطعتي الأرض المبينتين به وبالصحيفة والبالغ مسطحهما 6 ط 2 ف واللتين آلت ملكيتهما إليه باعتباره منتفعاً بالإصلاح الزراعي لقاء ثمن مقداره سبعة آلاف جنيه، واستندت في دعواها إلى أن البائع لها اقتضى الثمن وسلمها المبيع إلا أنه تقاعس عن إتمام إجراءات التسجيل. تدخلت المطعون ضدها الثانية في الدعوى بطلب الحكم برفضها لشرائها العين ذاتها بعقد قضى بصحته ونفاذه في الدعوى 312 لسنة 1984 مدني شبين الكوم الابتدائية. دفع المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لعدم وفاء المدعية بباقي ثمن المبيع المقدر بمبلغ أربعة آلاف جنيه حررت له به إقراراً مؤرخاً في 2/ 7/ 1979. طعنت المدعية على هذا الإقرار بالتزوير. ومحكمة أول درجة حكمت بعدم قبول تدخل المطعون ضدها الثانية وبعدم قبول الادعاء بالتزوير وبرفض الدعوى، وبعد صدور هذا الحكم أقام البائع الدعوى 4544 لسنة 1987 مدني الإسكندرية على المشترية بطلب الحكم بطردها من قطعة الأرض سالفة البيان وتسليمها إليه تأسيساً على أنه بصدور الحكم النهائي برفض دعواها يصبح وضع يدها بغير سند. ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات. استأنفت المحكوم عليها في هذه الدعوى الحكم بالاستئناف 708 لسنة 46 ق الإسكندرية. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 5/ 6/ 1991 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت المشترية في الحكم الصادر برفض دعواها بالطعن 2012 لسنة 57 ق وطعن البائع في الحكم الصادر برفض دعواه بالطعن رقم 4262 لسنة 61 ق، وقدمت النيابة مذكرتين بأقوالها أبدت في أولاهما الرأي بنقض الحكم في الطعن الأول وفي الثانية برفض الطعن الثاني، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة أمرت بضمهما للارتباط وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.

أولاً: الطعن رقم 2012 لسنة 57 ق:

حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني من أسباب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب إذ قضى ببطلان عقد شرائها على سند من أن البائع لها ممنوع من التصرف في المبيع الذي آل إليه من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وأن هذا البطلان متعلق بالنظام العام لأن الباعث عليه اعتبارات اجتماعية - في حين أنه بطلان نسبي مقرر لمصلحة الهيئة وحدها وحتى تستوفي الثمن كاملاً، وآية ذلك أن القانون رقم 3 لسنة 1986 أجاز توزيع الأراضي السابق التصرف فيها لواضعي اليد. وإذ لم تتمسك الهيئة بالبطلان المدعى به, فإن قضاء الحكم به يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 16 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 على أن "لا يجوز لصاحب الأرض ولا لورثته من بعده التصرف فيها قبل الوفاء بثمنها كاملاً ولا يجوز قبل هذا الوفاء نزع ملكيتها سداداً لدين إلا أن يكون ديناً للحكومة أو ديناً لبنك التسليف الزراعي التعاوني، أو للجمعية التعاونية"، وفي المادة الرابعة من القانون 3 لسنة 1986 بشأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي على أن "إذا ثبت للجنة أن واضع اليد على المساحة الموزعة من الأرض المشار إليها هو غير المنتفع أو ورثته، يصدر قرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة بإلغاء التوزيع الصادر إليه يجرى بحث لواضع اليد، فإذا كانت تتوافر فيه الشروط المقررة قانوناً للانتفاع بالتوزيع وكان ملتزماً بأداء الواجبات المقررة على المنتفعين ومضى على وضع يده مدة خمس عشرة سنة اعتد بوضع يده وصدرت شهادات التوزيع إليه..... وبالنسبة لمن لا تتوافر فيه شروط وضع اليد لمدة خمس عشر سنة وتوافر بشأنه الشروط المنصوص عليها في الفقرة السابقة جاز للهيئة العامة للإصلاح الزراعي الاعتداد بوضع يده وإصدار شهادات التوزيع إليه، وإلا اتخذت إجراءات إزالة وضع اليد المخالفة بالطريق الإداري على نفقته والتصرف فيها وفق ما يقرره مجلس إدارة الهيئة بحسب الأحوال، وذلك طبقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية" - يدل على أن لمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أن يعتد بآثار التصرف الحاصل بالمخالفة لنص المادة 16 من القانون رقم 178 لسنة 1952 ولازم ذلك أن يكون البطلان المقرر على مخالفة شرط المنع من التصرف بطلاناً نسبياً يتفق والغاية من تقرير المنع وهي حماية مصلحة خاصة مشروعة ومن ثم يتحتم ضرورة قصر المطالبة بهذه الحماية، أو التنازل عنها على الهيئة وحدها، ويمتنع على المحكمة أن تقضي به طالما لم تطلبه الهيئة صاحبة الحق في توقيع الجزاء، كما يمتنع على المنتفع أو ورثته متى باع بالمخالفة لهذا النص أن يتمسك بالبطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، إذ حجبه هذا الخطأ عن بحث مدى توافر شروط صحة ونفاذ عقد شراء الطاعنة، فإنه فضلاً عما تقدم يكون معيباً بقصور يبطله ويوجب نقضه.

ثانياً - الطعن رقم 4262 لسنة 61 ق:

وحيث إن النعي بأسباب هذا الطعن يقوم على خطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطرد والتسليم التي أقامها الطاعن ضد المطعون ضدها رغم سابقة القضاء في الاستئناف رقم 204 لسنة 42 ق برفض دعواها بصحة ونفاذ عقد البيع الذي تعتصم به في حيازة الأرض موضوع النزاع.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطرد والتسليم التي أقامها الطاعن على سند من أن المطعون ضدها أقامت طعناً بالنقض في الحكم الصادر برفض دعواها بصحة ونفاذ عقد شرائها لم يفصل فيه بعد، ومؤدى هذا القضاء أن المحكمة رفضت الدعوى بالحالة التي كانت عليها حين رفعها ومن ثم فإن حجيته تكون موقوتة لا تحول دون معاودة طرح النزاع من جديد إذا تغيرت الحالة التي انتهت بصدور هذا الحكم. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة قد انتهت في الطعن السابق إلى نقض الحكم الصادر لمصلحة الطاعن في الاستئناف رقم 708 لسنة 46 ق الإسكندرية والذي أسس عليه دعوى الطرد والتسليم، وبالتالي زال الأساس الذي بنيت عليه هذه الدعوى، فإن النعي بأسباب طعنه المطروح - أياً كان وجه الرأي فيه - لا يحقق له سوى مصلحة نظرية بحتة، ومن ثم يكون غير مقبول.