مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1494

(140)
جلسة 31 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وفريد نزيه تناغو - المستشارين.

الطعن رقم 3174 لسنة 29 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - المخالفات التأديبية (عقد إداري) (لائحة المناقصات والمزايدات).
أوجب المشرع استبعاد العطاءات غير المصحوبة بالتأمين كاملاً وذلك لضمان جدية العطاءات - مخالفة هذه القاعدة تخل بمبدأ المساواة بين أصحاب العطاءات وتعطل النص الذي يجيز لجهة الإدارة مصادرة التأمين المؤقت في حالة عدم أداء صاحب العطاء المقبول للتأمين النهائي في المدة المحددة - استثنى المشرع من قاعدة استبعاد العطاءات غير المصحوبة بالتأمين المؤقت كاملاً - حالات محددة على سبيل الحصر - من هذه الحالات العطاءات غير المصحوبة بالتأمين المؤقت كاملاً بشرط أن يؤدي مقدم العطاء التأمين النهائي كاملاً - يجب تحقق هذا الشرط أثناء نظر لجنة البت في العطاءات المقدمة إليها وقبل البت فيها أي قبل صدور قرار هذه اللجنة بإرساء المناقصة - مخالفة هذه القاعد تعد إخلالاً بواجبات الوظيفة يستوجب المساءلة - أساس ذلك نص المادة (158) من لائحة المناقصات والمزايدات - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 8/ 8/ 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن السيد/ محافظ المنيا والسيد سكرتير عام محافظة المنيا بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 9/ 6/ 1983 في الدعويين (الطعنين) رقمي 71، 85 لسنة 9 ق المقامتين من السيدة..... والقاضي أولاً: في الطعن رقم 71 لسنة 9 ق بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً: في الطعن رقم 85 لسنة 9 ق (1) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن وباختصاصها بنظره (2) بعدم قبول التظلم شكلاً لعدم سابقة التظلم. وطلبت إدارة قضايا الحكومة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضدها.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25/ 11/ 1987 والجلسات التالية وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظر الطعن بجلسة 5/ 11/ 1988، ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية حيث حضر محامي الحكومة ومحامي المطعون ضدها وقدم الأول مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته وقدم الثاني مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن كما قدم حافظة مستندات، وتم ضم ملف الطعن رقم 2172 لسنة 29 قضائية عليا المحتوي على ملف الدعوى رقم 1866 لسنة 36 قضاء إداري وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات من ذوي الشأن والمداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتلخص في أنه بتاريخ 30/ 6/ 1982 أقامت المدعية السيدة..... الدعوى (الطعن) رقم 71 لسنة 9 ق أمام المحكمة التأديبية بأسيوط وطلبت في ختام صحيفتها الحكم بإلغاء قرار الجزاء رقم 39 لسنة 1982 الصادر من سكرتير عام محافظة المنيا بمجازاتها بخصم خمسة عشر يوماً من راتبها وأشارت في دعواها إلى أن القرار المطعون فيه صدر استناداً لما نسب إليها في التحقيق رقم 14 لسنة 1982 بشأن المخالفات التي شابت عملية البت في المناقصة رقم 2 لسنة 1982 بشأن تصنيع وتوريد عبارات ولنشات لمحافظة المنيل ولم يتوافر في هذا التحقيق عناصره القانونية الصحيحة وإنما كان تحقيقاً صورياً ولم يتناول رئيس وأعضاء لجنة البت وهم كبار المسئولين بالمحافظة الذين يمكن أن تنسب إليهم هذه المخالفات فيما لو كانت قد وقعت بينما كانت المدعية عضواً في هذه اللجنة.
وبتاريخ 3/ 8/ 1983 أقامت المدعية أيضاً الدعوى رقم 85 لسنة 9 ق أمام المحكمة التأديبية بأسيوط وطلبت في ختام صحيفتها الحكم بإلغاء قرار محافظ المنيا رقم 71/ 82 الصادر بندبها للعمل بالوحدة المحلية لمركز المنيا وأشارت في صحيفة دعواها إلى أنها كانت تعمل رئيسة لقسم المشتريات بمحافظة المنيا واشتركت في عضوية لجنة البت في المناقصة المشار إليها سالفاً وقد انتهت لجنة البت إلى ترسية العطاء على إحدى الشركات فتقدمت شركة أخرى بشكوى في هذا الشأن وانتهت إدارة الشئون القانونية إلى أن هناك أخطاء في إجراءات المناقصة، فتم إلغاء هذه المناقصة، ثم صدر القرار رقم 39 لسنة 1982 بمجازاة المدعية ثم القرار رقم 71/ 1982 بندبها للعمل بالوحدة المحلية لمركز المنيا وهذا القرار الأخير يستر عقوبة تأديبية مقنعة ومن ثم فهي تطلب الحكم بإلغائه.
وقررت المحكمة التأديبية ضم الدعويين (الطعنين) ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 9/ 6/ 1983 حكمت أولاً: في الدعوى (الطعن) رقم 71 لسنة 9 ق بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً: في الدعوى (الطعن) رقم 85 لسنة 9 ق 1 - برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها 2 - بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم.
وأشارت المحكمة في أسباب حكمها إلى أنه بالنسبة للدعوى رقم 71 لسنة 9 ق فإن المدعية أقامت دعواها في الميعاد خلال الأيام الستين التالية لانقضاء ستين يوماً على تظلمها دون رد، فإن طعنها يكون مقبولاً شكلاً، وفي موضوعه فإن المحكمة طلبت من الجهة الإدارية تقديم الأوراق اللازمة للفصل فيه شاملة أوراق التحقيق الذي بني عليه قرار الجزاء المطعون فيه وأجلت المحكمة نظر الدعوى لهذا السبب أكثر من أربع مرات بينما اكتفت جهة الإدارة بإيداع صورة قرار الجزاء ومذكرة في موضوعه دون إيداع أوراق التحقيق المنتجة في بيان مدى سلامة القرار المطعون فيه وقيامه على سبب صحيح ومن ثم فإن نكول الإدارة عن تقديم الأوراق يقيم قرينة لصالح المدعية على عدم قيام دليل جدي وكاف لدى جهة الإدارة تدفع به ادعاء المدعية فتقضي لها المحكمة بطلباتها وأضافت المحكمة أنه بالنسبة للدعوى رقم 85 لسنة 9 ق فإن اختصاص القضاء التأديبي يشمل الطعن في قرارات النقل المكاني أو الندب للعمل في موقع مكاني آخر إذا كان مبناه أن هذه القرارات تنبعث من الرغبة في التأديب وتستر عقوبة تأديبية، وإعمالاً لذلك فإن المحكمة تختص بنظر الطعن في قرار الندب المطعون فيه، ومن ثم فإن الدفع بعدم اختصاصها يكون في غير محله متعين الرفض، وأضافت المحكمة أن القرار المشار إليه صدر في 8/ 3/ 1982 إلا أن المدعية لم تتظلم منه ومن ثم يكون طعنها في هذا القرار غير مقبول شكلاً لعدم سابقة التظلم، وانتهت المحكمة إلى إصدار حكمها سالف الذكر.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه غير مستند إلى أساس صحيح من القانون أو الواقع ذلك أن الجهة الإدارية لم تتمكن من تقديم المستندات المطلوبة أمام المحكمة التأديبية نظراً لأنها كانت مودعة بالدعوى رقم 1866 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري وهي الدعوى المقامة من المؤسسة الأهلية للصناعات الهندسية وبناء السفن ضد محافظة المنيا وعلى ذلك لا يكون هناك تقاعس من الجهة الإدارية في تقديم هذه المستندات وتنتفي القرينة التي أقام عليها الحكم قضاءه، ومن ثم انتهى الطاعنان إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضدها.
ومن حيث إنه بالنسبة للحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط في الدعوى رقم 85 لسنة 9 ق المتعلقة بقرار ندب المطعون ضدها للعمل بالوحدة المحلية لمركز المنيا فإنه ولئن كانت الجهة الطاعنة قد أشارت في مقدمة طعنها إلى أنها تطعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية في الدعوى رقم 71 لسنة 9 ق وفي الدعوى رقم 85 لسنة 9 ق إلا أن الأسباب التي أوردها تقرير الطعن للنعي على الحكم المطعون فيه والمذكرة التي قدمتها الجهة الطاعنة أثناء نظر الطعن الماثل بطلباتها الختامية كلها تكشف عن أن الطعن المعروض يقتصر في حقيقته على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية في الدعوى رقم 71 لسنة 9 ق المتعلقة بقرار مجازاة المطعون ضدها دون شمول الحكم الصادر من تلك المحكمة في الدعوى رقم 85 لسنة 9 ق المتعلقة بقرار الندب، خاصة وأن هذا الحكم الأخير كان محلاً للطعن رقم 3205 لسنة 39 القضائية وقد قضت فيه المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 23/ 1/ 1988 بين الخصوم أنفسهم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وأمرت بإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص، ومن ثم فإنه لا محل لإعادة الفصل في هذا الأمر.
ومن حيث إنه بالنسبة للحكم الصادر من المحكمة التأديبية في الدعوى رقم 71 لسنة 9 ق، فإن الثابت من الأوراق والمستندات المقدمة من الجهة الإدارية في ملف الدعوى رقم 1866 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري والمرفقة بملف الطعن رقم 2172 لسنة 29 ق عليا - والذي أمرت هذه المحكمة بضمه - أن القرار الصادر بمجازاة المطعون ضدها بخصم خمسة عشر يوماً من راتبها صدر استناداً إلى التحقيق الذي أجري معه بشأن المخالفات التي انطوت عليها إجراءات البت في المناقصة رقم 2 لسنة 1982 والمتعلقة بتصنيع وتوريد عبارات ولنشات لمحافظة المنيا، وقد انتهت الجهة الإدارية في هذا التحقيق إلى مجازاة المطعون ضدها بالجزاء السالف لأنها بصفتها مديرة لإدارة العقود والمشتريات بالمحافظة وعضو لجنة البت في العطاءات المقدمة في المناقصة المشار إليها، قد خالفت أحكام لائحة المناقصات والمزايدات بموافقتها على إرساء المناقصة على المؤسسة الأهلية للأعمال الهندسية دون أن تكون هذه المؤسسة قد سددت التأمين المؤقت الواجب سداده طبقاً لأحكام هذه اللائحة فضلاً عن مخالفات أخرى نسبتها الجهة الإدارية إلى المطعون ضدها سنداً لقرار الجزاء المشار إليه.
ومن حيث إن المادة 48 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزارة المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 - وهي التي كانت تسري في تاريخ الواقعة محل النزاع - تنص على أنه {يجب أن يقدم مع كل عطاء تأمين مؤقت لا يقل عن 1% من مجموع قيمة العطاء في مقاولات الأعمال ولا يقل عن 2% من قيمة العطاء فيما عدا ذلك ولا يلتفت إلى العطاءات غير المصحوبة بتأمين مؤقت كامل ويعفى من ذلك التأمين الهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تساهم الحكومة في رأس مالها..}.
ونصت المادة 61 من هذه اللائحة على أنه {لا يلتفت إلى العطاء غير المصحوب بالتأمين المؤقت كاملاً ويعفي من ذلك الهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التي تساهم الحكومة في رأس مالها..}.
ويجوز في حالة ما إذا كان العطاء مصحوباً بتأمين مؤقت لا يقل عن 80% من قيمة التأمين المطلوب أن يطلب من صاحب العطاء كتابة تكملة التأمين خلال ثلاثة أيام عمل فإذا لم يقم بتكملته خلال هذه المدة فيستبعد عطاؤه. ومع ذلك يجوز للوزير المختص بعد موافقة لجنة البت التجاوز عن تأخير صاحب العطاء في تكملة التأمين خلال المدة بشرط أن يكون التجاوز في صالح الخزانة وكذلك يجوز للجنة البت النظر في العطاء غير المصحوب بالتأمين المؤقت كاملاً بشرط أن يؤدي التأمين النهائي كاملاً كما يجوز لها النظر في العطاءات التي تر عيناتها بعد فتح المظاريف دون أن يترتب على ذلك أية حقوق لمقدم العطاء وعلى أن يكون اعتماد هذا التصرف في كلتا الحالتين بقرار من الوزير المختص.
ومن حيث إن المستفاد من النصوص السالفة أن المشرع أوجب على الجهة الإدارية استبعاد العطاءات غير المصحوبة بالتأمين المؤقت كاملاً وعبر ذلك بنص صريح بأن {لا يلتفت إلى العطاء غير المصحوب بالتأمين المؤقت كاملاً} وقد استهدف المشرع بذلك الحكم تحقيق الصالح العام لضمان جدية العطاءات المقدمة للجهة الإدارية في المناقصات ومن ثم فإن الإخلال بهذا الحكم والنظر في قبول عطاء غير مصحوب بالتأمين المؤقت كاملاً إنما يؤدي إلى الإخلال بمبدأ المساواة بين أصحاب العطاءات وهو أمر غير جائز قانوناً كما أنه يؤدي إلى تعطيل حكم المادة 53 من هذه اللائحة التي أجازت للجهة الإدارية مصادرة التأمين المؤقت في حالة عدم أداء صاحب العطاء المقبول التأمين النهائي في المدة المحددة له إذ سترد هذه المصادرة على غير محل إذا كان العطاء المقبول غير مسدد عنه التأمين المؤقت كاملاً.
ومن حيث إن المشرع - لاعتبارات تتفق والمصلحة العامة أيضاً - استثنى من حكم وجوب استبعاد العطاءات غير المصحوبة بالتأمين المؤقت كاملاً حالات محددة على سبيل الحصر لا يجوز التوسع فيها فاستثنى العطاءات المقدمة من الهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تساهم الحكومة في رأس مالها والجمعيات التعاونية كما استثنى العطاءات المصحوبة بتأمين مؤقت لا يقل عن 80% من قيمة التأمين المطلوب بشرط أن يستجيب مقدم العطاء لطلب تكملة التأمين المؤقت خلال ثلاث أيام عمل... كما استثنى العطاءات غير المصحوبة بالتأمين المؤقت كاملاً بشرط أن يؤدي مقدم العطاء التأمين النهائي كاملاً ويجب تحقق هذا الشرط أثناء نظر اللجنة في العطاءات المقدمة إليها وقبل البت فيها وقد عبر المشرع عن ذلك صراحة بنصه في المادة 61 من لائحة المناقصات والمزايدات المشار إليها بأنه يجوز للجنة البت النظر في العطاء غير المصحوب بالتأمين المؤقت كاملاً بشرط أن بشرط أن يؤدي التأمين النهائي كاملاً أي أن هذا الشرط هو شرط لنظر لجنة البت في قبول هذا العطاء فيجب تحققه قبل صدور قرار لجنة البت بإرساء المناقصة على العطاء المذكور ذلك أن في سداد التأمين النهائي كاملاً في هذه الحالة ما يدل على جدية العطاء المذكور وأداء صاحبه ما يفوق مبلغ التأمين المؤقت ويصل إلى التأمين النهائي كاملاً وهو ما يحقق أكبر قدر من الضمان للجهة الإدارية ويجبر أثر المخالفة التي وقع فيها ذلك العطاء غير المصحوب عند تقديمه بالتأمين المؤقت كاملاً.
ومن حيث إن الثابت في الواقعة المعروضة أن العطاء الذي تم إرساء المناقصة عليه بواسطة لجنة البت كان مقدماً من مؤسسة خاصة غير مصحوب بتأمين مؤقت، كما لم يتم تدارك هذه المخالفة بسداد التأمين النهائي كاملاً الذي هو شرط للنظر في هذا العطاء وفقاً للأحكام السالفة ورغم ذلك فإن لجنة البت نظرت في هذا العطاء ولم تستبعده بل أرست المناقصة عليه فإن تصرفها في هذا الشأن يعد مخالفاً للحكم الصريح الذي أورده المشرع في لائحة المناقصات والمزايدات والذي ينصرف إلى عدم النظر في العطاءات غير المصحوبة بتأمين مؤقت كاملاً إلا في الحالات الاستثنائية التي نص عليها المشرع على سبيل الحصر والتي لم تتوافر إحداها في الواقع المعروضة.
ومن حيث إن المطعون ضدها وقد كانت عضواً في لجنة البت وبحكم خبرتها ووظيفتها كمديرة لإدارة العقود والمشتريات بالمحافظة فإنها تتحمل مسئولية خاصة في وقوع هذه المخالفة لأحكام لائحة المناقصات والمزايدات وكان يتعين عليها أن تعترض على الإجراء الخاطئ وأن توضح للجنة وجوب استبعاد هذا العطاء وعدم النظر فيه طالما كان غير مصحوب بالتأمين المؤقت ولم تتوافر بشأنه أي حالة من الحالات التي نصت عليها اللائحة واستثنتها من هذا الحكم الوجوبي، ومن ثم فإن ما وقع من المطعون ضدها يعد إخلالاً بواجباتها الوظيفية موجب لمسئوليتها التأديبية خاصة وأن المشرع نص في المادة 158 من لائحة المناقصات والمزايدات المشار إليها على أن كل مخالفة لأي حكم من أحكام هذه اللائحة تعرض المسئول عنها للمحاكمة التأديبية مع عدم الإخلال بحق إقامة الدعوى المدنية والجنائية ضد الموظف المسئول عند الاقتضاء. وعلى هذا المقتضى فإن القرار الصادر بمجازاة المطعون ضدها بخصم خمسة عشر يوماً من راتبها يعد مستنداً إلى أساس صحيح من القانون والواقع لثبوت المسئولية التأديبية للمطعون ضدها عن المخالفة السالفة لأحكام لائحة المناقصات والمزايدات، ولا ينال من مشروعية قرار الجزاء المشار إليه استناده فضلاً عن المخالفة السالفة إلى المخالفات الأخرى المنسوبة في التحقيق إلى المطعون ضدها والتي تعد غير ثابتة في حقيقة الأمر قبلها، ذلك أنه كما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإنه لا يلزم لصحة الجزاء صحة جميع الأسباب التي قام عليها وإنما يكفي ثبوت أحد هذه الأسباب ما دام هذا السبب كافياً لحمل القرار على سببه الصحيح، ولما كانت المخالفة التي وقعت من المطعون ضدها وثبتت في حقها على النحو السالف تكفي لحمل القرار الصادر بمجازاتها على سببه الصحيح مع الأخذ في الاعتبار مقدار الجزاء الموقع عليها فإن دعواها بطلب إلغاء هذا القرار تكون غير مستندة إلى أساس صحيح من القانون أو الواقع وخليقة بالرفض موضوعاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى القضاء بإلغاء قرار الجزاء المشار إليه فإنه يكون مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول دعوى الطعن رقم 71 لسنة 9 ق شكلاً وبرفضها موضوعاً.