مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1503

(141)
جلسة 31 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعون أرقام 2683، 2731، 2746، 2798 لسنة 32 القضائية

قرار إداري - تفويض في الاختصاص - حدود مسئولية المفوض في بحث مشروعية قرار التفويض (تفويض) (عاملون مدنيون بالدولة).
ليس على من صدر له قرار بالتفويض في الاختصاص أن يبحث في مدى مشروعية قرار التفويض إذا ما كان هذا البحث يتطلب دراسة لجوانب قانونية متخصصة حول مدى اختصاص الوزير بتفويض غيره فيما منح الاختصاص به بالقرار الجمهوري رقم 54 لسنة 1969 المنظم للاختصاص بتقرير السفر للخارج - أساس ذلك: أنه لا يفترض في غير المتخصصين من رجال القانون الإحاطة بكوامن ما وراء القرار الإداري من أسانيد الشرعية - مؤدى ذلك: أنه لا تثريب على الموظف إذا ما التزم حدود القرار الإداري الصادر بتفويضه ولو كان معيباً طالما أنه لا ينطوي على مخالفة للقانون وليس واضح العوار بين الفساد - أساس ذلك: قاعدة أن الشك يفسر لصالح المتهم - تلك القاعدة النابعة من أن الأصل في الإنسان البراءة ومن ثم فإن الشك في تحديد حكم القاعدة القانونية يفسر كذلك لصالح المتهم - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 23 من يونيو سنة 1986 أودع الأستاذ محمود الطوخي المحامي عن....، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2683 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في الدعوى التأديبية رقم 24 لسنة 27 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعنة والقاضي بمجازاتها بعقوبة اللوم.
وفي يوم الخميس الموافق 26 من يونيو 1986 أودع الأستاذ عبد المؤمن نور الدين المحامي عن السيد..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2731 لسنة 32 القضائية في ذات الحكم الذي قضى بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه.
وفي يوم السبت الموافق 28 يونيو سنة 1986 أودع الأستاذ محمود الطوخي المحامي عن الدكتور.... و..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2746 لسنة 32 القضائية في ذات الحكم الذي قضى بمجازاة الأول بعقوبة اللوم ومجازاة الثانية بخصم خمسة عشر يوماً من راتبها.
وفي يوم الاثنين الموافق 30 يونيو سنة 1986 أودع الأستاذ محمد عبد المجيد البطران المحامي عن السيد...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2798 لسنة 32 القضائية في ذات الحكم الذي قضى بمجازاته بخصم شهر من راتبه.
وطلب الطاعنون - للأسباب الموضحة بتقارير الطعون - الحكم بقبول طعونهم شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءتهم مما نسب إليهم.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة أربعة تقارير مسببة بالرأي القانوني رأت فيها عدم قبول الطعن المقام من.... شكلاً لرفعه بعد الميعاد وقبول باقي الطعون شكلاً ورفضها موضوعاً.
وعين لنظر الطعون الأربعة أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 23 من نوفمبر سنة 1988 وفي جلسة 14 من ديسمبر سنة 1988 قررت الدائرة ضم الطعون أرقام 2731 و2746 و2798 لسنة 32 القضائية إلى الطعن رقم 2683 لسنة 32 القضائية ليصدر فيها حكم واحد، وبجلسة 11 من يناير سنة 1989 قررت الدائرة إحالة الطعون المشار إليها إلى هذه المحكمة التي نظرتها بجلسة الرابع من فبراير سنة 1989 وتداولت نظرها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 18 من نوفمبر سنة 1989 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعون بجلسة السادس من يناير 1990 حيث تقرر مد أجل النطق بالحكم حتى جلسة اليوم السبت الموافق 31 من مارس 1990 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الفصل في شكل الطعون مقدم على النظر في موضوعها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في 30 من إبريل سنة 1986 وأقيمت الطعون أرقام 2683 و2731 و2746 لسنة 32 ق في 23 و26 و28 من يونيو سنة 1986 على التوالي أي خلال الأيام الستين التالية لصدور الحكم فإنها تكون قد أقيمت خلال الميعاد المقرر قانوناً ولما كانت هذه الطعون استوفت أوضاعها الشكلية فإنها تكون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن الطعن رقم 2798 لسنة 32 القضائية المقام من..... أقيم في 30 من يونيو سنة 1986 فإنه يكون قد أقيم بعد انقضاء الستين يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون غير مقبول شكلاً لإقامته بعد الميعاد.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - أنه في 20 من مايو سنة 1985 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 124 لسنة 27 القضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا منطوية على تقرير باتهام:
1 - ...... مدير مركز تنمية الصادرات - درجة وكيل وزارة.
2 - ...... مدير عام الإدارة العامة للخدمات التصديرية والتدريب - مدير عام.
3 - ..... مدير الشئون المالية بالمركز - درجة ثانية.
4 - ...... رئيس قسم الأرشيف حالياً وسابقاً المشرف على الشئون الإدارية - درجة ثانية.
5 - ..... مسئولة شئون العاملين بالمركز - درجة ثانية.
لأنهم خلال الفترة من 15/ 9/ 1981 حتى 28/ 5/ 1984 بمركز تنمية الصادرات المصرية بوصفهم السابق خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤدوا عملهم بدقة وأمانة وخالفوا القواعد والأحكام المالية بما من شأنه الإضرار بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول: 1 - وافق على سفر..... إلى فنلندا وتحميل الدولة بتكاليف السفر والإقامة وزيادة مدة المهمة بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 67 لسنة 1983 الصادر في هذا الشأن ومتجاوزاً حدود اختصاصه وسلطاته المقررة.
2 - اعتمد محاضر لجنة شئون العاملين بالمركز رغم عدم اختصاصه بذلك دون العرض على نائب رئيس مجلس إدارة المركز المختص.
الثانية: 1 - عرضت على مدير المركز مذكرة بالموافقة على سفر..... إلى فنلندا وتحميل الدولة بتكاليف السفر والإقامة وزيادة مدة المهمة بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 67 لسنة 1983.
2 - أثبتت بكشوف صرف مكافآت البرامج التدريبية عن المدة من 12 حتى 31 مارس 1983 - ساعات أكثر من ساعات العمل الفعلية لكل محاضر، مما ترتب عليه صرف مبالغ للمحاضرين - وهي منهم - دون وجه حق على النحو المبين بالأوراق.
الثالث: ......
الرابع: 1 - لم يقم باتخاذ الإجراءات الواجبة لتطبيق القواعد المقررة لاستخدام السيارات الحكومية على سيارات المركز.
2 - عرض على السيد مدير المركز مذكرة في 1/ 4/ 1983 للموافقة على شراء أثاث للمركز بطريق الممارسة بالمخالفة لأحكام القانون ولائحة المناقصات والمزايدات.
الخامسة: أغفلت إعمال قرار لجنة شئون الخدمة المدنية على إعلانات شغل الوظائف بالمركز وذلك:
1 - بعدم إخطار لجنة شئون القوى العاملة بالقوات المسلحة.
2 - عدم إقفال السجل الخاص بقيد طلبات التعيين في نهاية المدة المحددة وعدم اعتماده.
3 - عدم تحديد تواريخ التقديم في الإعلانات وبناء عليه يكون المذكورون قد ارتكبوا المخالفات المالية الواردة بالمواد 76/ 1 و77/ 1، 4 و78/ 1 ومن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم بالمواد المذكورة وبالمادتين 80، 82 من القانون المشار إليه وبالمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 117 لسنة 81 وبالمادتين 15، 19 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
وفي 30 من أبريل سنة 1986 صدر حكم المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا (أولاً) بمجازاة كل من المحال الأول (.....) والمحالة الثانية (......) بعقوبة اللوم (ثانياً) بمجازاة المحال الثالث (......) بخصم أجر شهر من راتبه (ثالثاً) بمجازاة المحال الرابع (......) والمحالة الخامسة (......) بخصم أجر خمسة عشر يوماً من مرتب كل منهما.
وأقامت المحكمة قضاءها على ثبوت جميع الاتهامات في حق المحالين جميعاً فيما عدا الاتهام الثالث من الاتهامات المنسوبة في تقرير الاتهام إلى المحالة الثانية، فقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى براءتها منه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بني إدانة المحال الأول (......) على أنه ثبت تجاوزه لاختصاصه في مجالين...... الأول، أنه باشر اختصاص وزير الاقتصاد في موافقته على سفر..... إلى فنلندا والثاني، أنه باشر اختصاص نائب رئيس إدارة المركز في اعتماد محاضر لجنة شئون العاملين بالمركز.
ومن حيث إن الطاعن بنى طعنه على هذا الحكم على أنه لم يتجاوز اختصاصه في أي من المجالين المذكورين لأنه باشر اختصاصاً مفوضاً فيه في الحالتين.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن هذا المحال قد استند في مباشرة الاختصاصات المتقدمة إلى تفويض شفوي صادر له بذلك في تاريخ سابق على مباشرة الاختصاص ودفع بذلك الاتهامين المنسوبين إليه في التحقيقات (صفحه 54).
ومن حيث إن حافظة مستندات الطاعن قد حوت صورة قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 611 لسنة 1982 بتفويض مدير مركز تنمية الصادرات في بعض الاختصاصات ونص هذا القرار على أن {يفوض مدير مركز تنمية الصادرات المصرية في مباشرة جميع الاختصاصات المتعلقة بالعاملين بالمركز، والمسائل المالية الإدارية التي يختص بها نائب رئيس مجلس إدارة المركز، وذلك اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار وتعتمد القرارات التي أصدرها في تلك المسائل في الفترة السابقة على العمل بها بهذا القرار}.
ومن حيث إن المسلم به فقهاً وقضاء أن القرار الإداري ليس له شكل معين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك فإن مؤدى ذلك أن قرار التفويض في الاختصاص يمكن أن يصدر شفاهة على أن يقوم الدليل المعتد به على صدور هذا القرار لترتيب آثاره ومن أبرز وسائل إثبات صدور قرار التفويض الشفهي إقرار من أصدر هذا القرار بما يفيد ذلك ولو في تاريخ لاحق.
ومن حيث إن الطاعن قد ادعى أنه قد باشر اختصاصاً مقرراً لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بناء على تفويض شفوي منه، ثم أيد مدعاه بقرار صادر من هذا الوزير ينص على اعتماد القرارات التي أصدرها الطاعن وكانت من اختصاص الوزير فيما يتعلق بالعاملين بالمركز وهو اعتماد يكشف عن صحة قيام التفويض الشفهي السابق الذي ادعى الطاعن أنه أصدر قراراته على مقتضاه فإن ادعاء الطاعن أنه تصرف في حدود اختصاص مقرر له بالتفويض ممن يملكه يكون قائماً على أساس سليم.
ومن حيث إن القرار الوزاري المشار إليه قد أشار في ديباجته أن ما ورد به كان بعد موافقة نائب رئيس مجلس إدارة مركز تنمية الصادرات المصرية وقد حوي هذا القرار تفويض الطاعن في المسائل المالية والإدارية التي يختص بها نائب رئيس مجلس إدارة المركز واعتماد ما سبق أن أصدره من هذه القرارات فإن ما يقال في شأن صحة قرارات الطاعن فيما باشره من اختصاصات الوزير يصدق في شأن القرارات التي أصدرها مما يدخل في اختصاص نائب رئيس مجلس إدارة المركز الذي فوضه شفاهة في مباشرة اختصاصاته كذلك.
ومن حيث إنه ليس على من صدر له قرار بالتفويض في الاختصاص أن يبحث في مدى مشروعية قرار التفويض إذا ما كان هذا البحث يتطلب دراسة لجوانب قانونية متخصصة كتلك التي أثارها الحكم المطعون فيه حول مدى اختصاص الوزير بتفويض غيره فيما منحه الاختصاص به القرار الجمهوري رقم 54 لسنة 1969 المنظم للاختصاص بتقرير السفر للخارج، ذلك أنه لا يفترض في غير المتخصصين من رجال القانون الإحاطة بكوامن ما رواء القرار الإداري من أسانيد الشرعية ومن ثم فلا تثريب على الموظف إذا ما التزم حدود القرار الصادر إليه ولو كان معيباً طالما أنه لا ينطوي على المخالفة للقانون وليس واضح العوار، بين الفساد وأساس ذلك قاعدة أن الشك يفسر لصالح المتهم، تلك القاعدة النابعة من أن الأصل في الإنسان البراءة، وذلك إنه كما أن الشك في مدى قيام الواقعة يفسر لصالح المتهم، فإن الشك في تحديد حكم القاعدة القانونية يفسر لصالح المتهم كذلك.
ومؤدى ما تقدم أنه طالما باشر الطاعن (الدكتور.....) اختصاصات وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية واختصاصات نائب رئيس مركز تنمية الصادرات تحت مظلة تفسير وارد يفيد سلامة التفويض الصادر له فإنه يكون بمنأى من المساءلة التأديبية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر القانوني فإنه يكون قد صدر في هذا الشق منه معيباً واجب الإلغاء فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم ويصير حكم هذه المحكمة براءة الطاعن مما نسب إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بنى إدانة المحالة الثانية (......) على ثبوت المخالفتين الأولى والثانية من بين المخالفات الثلاث الواردة بتقرير الاتهام في حقها.
ومن حيث إن المخالفة الأولى تمثلت في أنها عرضت على مدير المركز (المحال الأول) مذكرة بالموافقة على سفر.... إلى فنلندا وتحميل الدولة بتكاليف السفر والإقامة وزيادة مدة المهمة بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 67 لسنة 1983.
ومن حيث إن الطاعنة نعت على هذا الشق من الحكم أنه أغفل ما كان مقرراً لمدير المركز من سلطة مباشرة اختصاصات الوزير المتعلقة بالعاملين بالمركز بما في ذلك التصريح بسفر من يرى منهم إلى الخارج دون التقيد بما ورد بقرار وزاري سابق على هذا التفويض لأن من يصدر له قرار تفويض يستطيع أن يصدر من القرارات ما قد يخالف ما صدر عن صاحب الاختصاص من قرارات سابقة على صدور قرار التفويض.
ومن حيث إن هذا النعي في محله وقد جاء موافقاً لما انتهت إليه هذه المحكمة في شأن الاتهام الأول المنسوب إلى المحال الأول فإن ما وقع من الطاعنة بتحريرها المذكرة المشار إليها لا يشكل مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة.
ومن حيث إن المخالفة الثانية تمثلت في أنها أثبتت بكشوف صرف مكافآت البرامج التدريبية عن المدة من 12 حتى 31 مارس سنة 1983 ساعات أكثر من ساعات العمل الفعلية لكل محاضر، مما ترتب عليه صرف مبالغ للحاضرين - وهي منهم - دون وجه حق على الوجه المبين بالأوراق.
ومن حيث إن الأوراق حوت في شأن هذا الاتهام إشارتين:
أولهما أن المحالة حاسبت المشاركين في إحدى الوحدات التدريبية على أن مدة المحاضر خمس ساعات لكل محاضر في حين أن مدة المحاضرة وردت بالبرنامج على أنها أربع ساعات، وثانيهما أنها صرفت لكل محاضر ممن شاركوا في بعض الندوات قيمة المشاركة عن الوقت بالكامل مما ينطوي على ازدواج الصرف عن ذات الفترة الزمنية.
ومن حيث إن الطاعنة قدمت ما ينفي وصف المخالفة عما نسب إليها بشقيه ذلك أنها قدمت إفادة عن الإدارة المركزية للتدريب بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة مؤداها أنه طالما امتد وقت المحاضر إلى خمس ساعات بدلاً من أربع زيادة على ما ورد بالبرنامج وكانت المبالغ المخصصة تسمح فلا مانع من الصرف على أساس واقع الأداء، كذلك قدمت إفادة من ذات الجهة بأنه لا مانع من اشتراك محاضرين في المحاضرة الواحدة واستحقاق كل منهما لمكافأة مدة المحاضرة كاملة طالما تطلبت المادة العلمية المعروضة ذلك، وتقدير ذلك متروك للجهة الإدارية.
ومن حيث إن مفاد هاتين الإفادتين الصادرتين من الجهة المختصة بالإشراف على برامج التدريب بمركز تنمية الصادرات أن ما نسب إلى الطاعنة لا يشكل مخالفة تأديبية ويوافق القواعد المعمول بها فإن الطاعنة لا تكون قد ارتكبت ما تساءل عنه تأديبياً الأمر الذي يقتضي القضاء ببراءتها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد صدر معيباً واجب الإلغاء في هذا الشق منه والقضاء ببراءة الطاعنة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بنى إدانة المحال الرابع (.......) على أنه كمشرف على الشئون الإدارية ارتكب المخالفتين المنسوبتين إليه في تقرير الاتهام وقد ثبت ذلك في حقه.
ومن حيث إنه تمثلت المخالفة الأولى المنسوبة إليه في أنه لم يقم باتخاذ الإجراءات الواجبة لتطبيق القواعد المقررة لاستخدام السيارات الحكومية على سيارات المركز.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أدانه عن تقصير في أداء مهام لا تدخل في اختصاص وظيفته لأنه لم يكن في تاريخ وقوع المخالفة مسئولاً عن سيارات المركز.
ومن حيث إن هيئة قضايا الدولة قدمت ضمن حافظة مستنداتها المؤرخة 24/ 4/ 1989 كتاباً صادراً من الدكتور.... - مدير المركز - يفيد أن.... كان خلال فترة المخالفات يشغل وظيفة رئيس قسم الأرشيف وأن الذي كان يشغل وظيفة مدير إدارة الشئون الإدارية هو..... وكان مسئول تشغيل السيارات خلال هذه الفترة هو..... الذي يتقاضى مبلغ خمسة عشر جنيهاً نظير هذا العمل.
ومن حيث إن هذا المستند المقدم من هيئة قضايا الدولة قاطع في عدم مسئولية الطاعن عن المخالفة المنسوبة إليه فإنه يكون غير مدان في هذا الاتهام ومن ثم ينبغي القضاء ببراءته منه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صدر في هذا الشق منه معيباً واجب الإلغاء.
ومن حيث تمثلت المخالفة الثانية المنسوبة إلى الطاعن (......) في أنه عرض على مدير المركز مذكرة في 1/ 4/ 1983 للموافقة على شراء أثاث للمركز بطريق الممارسة بالمخالفة لأحكام القانون ولائحة المناقصات والمزايدات.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أدانه عن مجرد عرض مذكرة بالرأي يبدى فيها ما رأى صوابه وسلامته في حدود معلوماته وتصوراته.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على المذكرة التي أدان الحكم المطعون فيه الطاعن عن عرضها على مدير المركز يبين أن الطاعن قد رفعها موقعة منه عن مدير الشئون الإدارية وجاء بها أنه {نظراً لحاجة المركز إلى تأثيثه بالأثاث المناسب حتى يظهر بالمظهر اللائق الذي يتناسب مع دور المركز في خدمة قطاع التصدير وتنمية الصادرات المصرية بالإضافة إلى ضرورة توفير المكاتب اللازمة للموظفين الجدد، فقد ترون سيادتكم الموافقة على شراء الأصناف الآتية بالممارسة بين القطاعين العام والخاص}.
ومن حيث إنه لا مخالفة في أن يعرض الموظف وجهة نظره على رئيسه بمذكرة طالما أنه لم يضمنها وقائع غير صحيحة أو قواعد غير معتمدة ومعلومات غير دقيقة.
ومن حيث إن مقتضى ذلك أنه طالما كان الطاعن قد عرض على مدير المركز شراء الأثاث اللازم بطريق الممارسة للاعتبارات التي أبداها وكان نص المادة (46) من لائحة المناقصات والمزايدات الخاصة بالمركز، والتي كانت سارية في تاريخ رفع تلك المذكرة - يجرى بأن {يتم التعاقد بالممارسة في الأحوال الآتية..... (7) التوريد ومقاولات الأعمال والنقل، إذا كانت المصلحة العامة تقضي بأن تتم بطريق الممارسة} فإن مقتضى ذلك أن الطاعن لم يرتكب في هذا الشأن مخالفة تستوجب المساءلة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى خلاف هذا النظر السليم فإنه يكون معيباً واجب الإلغاء في هذا الشق من قضائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بنى إدانته للمحالة الخامسة (.......) على أنها كمسئولة عن شئون العاملين بالمركز ثبت في حقها أنها أغلقت إعمال أحكام قرار لجنة قرار شئون الخدمة المدنية على إعلانات شغل الوظائف بالمركز، وذلك بعدم إخطار لجنة شئون القوى العاملة بالقوات المسلحة بصور الإعلان، وعدم إقفال السجل الخاص بقيد طلبات التعيين في نهاية المدة المحددة وعدم اعتماده وعدم تحديد تواريخ التقديم في الإعلانات.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه بنى إدانتها على ما أجابت في التحقيق من أن إجراءات التحقيق تمت صحيحة وأغفل دفاعها الجوهري الذي أبدته بداءة وهو أنها مجرد سكرتيرة للجنة شئون العاملين وليست مسئولة عن الأعمال الفنية المتطلبة للتعيين.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أقوال الطاعنة في التحقيقات أنها تعمل سكرتيرة للجنة شئون العاملين وأن المهام المنسوبة إليها التقصير في القيام بها هي من اختصاص مدير شئون العاملين وهو رجل قانون في حين أن الطاعنة تحمل بكالوريوس تجارة (ص 25 من التحقيق).
ومن حيث إنه لم يثبت من أي من أوراق الدعوى التأديبية ما يخالف ما أبدته الطاعنة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ إذ أخذ من إجابتها على سؤال عن الإجراءات التي اتخذت بأنها تمت صحيحة ما اعتبره إقراراً منها بالمسئولية وهو استخلاص غير سائغ يعيب الحكم فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنة على هذا الأساس ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنة.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم جميعه أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنين الدكتور........ و....... و....... و......

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن رقم 2798 لسنة 32 القضائية المقام من....... شكلاً وقبول الطعون أرقام 2683، 2731، 2746 لسنة 32 القضائية شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعنين...... و....... و........ و....... وببراءتهم مما نسب إليهم.