أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1446

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الناصر السباعي، محمد إسماعيل غزالي، عبد الله فهيم نواب رئيس المحكمة وعبد الغفار المنوفي.

(273)
الطعن رقم 2955 لسنة 57 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن" "التأجير المفروش". قانون "تفسير القانون".
(1) قوانين إيجار الأماكن. استثنائية. وجوب تفسيرها في أضيق الحدود دون توسع أو قياس.
(2) التأجير من الباطن مفروشاً للطلبة دون أذن المالك. م 40/ جـ ق 49 لسنة 1977. مناطه. أن يكونوا في مرحلة الأصل فيها إقامتهم مع أسرهم. مؤداه. عدم سريان النص المذكور على الدارسين بأقسام الدراسات العليا. علة ذلك.
(3) حكم عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون".
- قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن استناداً إلى أن المستأجر الأصلي استعمل حقه المنصوص عليه في المادة 40/ جـ ق 49 لسنة 1977 تأسيساً على أن المستأجرين من الباطن طالبان بالدراسات العليا بجامعتي عين شمس والأزهر بمدينة القاهرة التي لا تقيم فيها أسرتهما. خطأ في تطبيق القانون.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القوانين المتعلقة بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تعد من القوانين الاستثنائية التي تسري في نطاق الأغراض التي وضعت لها فيجب تفسيرها في أضيق الحدود دون ما توسع في التفسير أو القياس على أن يكون التعرف على الحكم الصحيح من النص بتقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه.
2 - نص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن المشرع إنما استهدف مواجهة أزمة الإسكان التي تصادف قطاعاً كبيراً من الطلاب، وهم الذين يضطرون إلى ترك البلاد التي يقيمون فيها مع أسرهم إلى أخرى تقع بها المعاهد العلمية التي يتم إلحاقهم بها، فيسعون إلى البحث عن مساكن لهم في هذه البلاد، وغالباً ما لا يوفقون فأتاح لهم المشرع بموجب هذا النص وتحقيقاً للمصلحة العامة الاستئجار من الباطن دون إذن يصدر للمستأجر الأصلي بذلك من المالك بقصد تسهيل إقامتهم فترة تحصيلهم العلم بما لازمه أن يكون هؤلاء الطلاب في مرحلة الأصل فيها إقامتهم مع أسرهم التي تلتزم بالقيام على شئون تعليمهم - ويتأدى بالتالي إلى عدم انصراف هذا اللفظ إلى الدارسين بأقسام الدراسات العليا بالجامعات والمعاهد التعليمية المختلفة الذين أتموا دراساتهم بمعاهدهم وحصل كل منهم على شهادة الفرقة النهائية بالمعهد الذي درس فيه، يؤكد هذا النظر أن تلك الدراسات تعتبر بطبيعتها مرحلة إضافية للاستزادة من العلم لا ترتبط بوقت أو بسن محدد وأن المشرع حين ينص في بعض التشريعات على أحكام يسبغ بها الحماية لصالح الطلاب فإنه يقصر ذلك على المرحلة التي تنتهي بحصول الطالب على شهادة الفرقة النهائية من إحدى كليات الجامعات أو المعاهد المعادلة لها وهو ما التزمه في أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي إذ اشترط في نص المادة 107 منه لاستحقاق الأبناء المعاش في حالة وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش ألا يكون الابن قد بلغ سن الحادية والعشرين مستثنياً من ذلك الطالب بأحد مراحل التعليم التي لا تجاوز مرحلة الحصول على مؤهل الليسانس أو البكالوريوس أو ما يعادلها وأيضاً ما أجازه المشرع في المادة الثامنة من القانون رقم 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية من تأجيل الخدمة العسكرية الإلزامية للدراسة وقت السلم لحين حصول الطالب على المؤهل الدراسي للفرقة النهائية في الكلية أو المعهد الذي يدرس فيه، ولا يحتاج في ذلك نص المادة 40/ جـ سالف الذكر وقد أطلق في صياغته لفظ "الطلاب" إنما استهدف كل من التحق بمعهد دراسي أياً كانت المرحلة الدراسية المؤجل لها، لمجافاة ذلك للمحكمة من التشريع والهدف الذي أراده المشرع من نص الفقرة المذكورة ووروده استثناء من القواعد العامة في قوانين إيجار الأماكن التي تحظر على المستأجر - دون أذن صريح من المالك - تأجير المكان المؤجر له من الباطن مما يتعين أخذه بقدره وعدم التوسع في تفسيره حتى لا يتخذ سبيلاً لمخالفة الحظر المشار إليه في غير موضعه.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قضي برفض الدعوى باعتبار أن تأجير المطعون ضده الأول - المستأجر الأصلي الشقة محل النزاع من باطنه للمطعون ضدهما الثاني والثالث دون إذن كتابي صريح هو استعمال لحقه المنصوص عليه في المادة 40/ جـ من القانون رقم 49 لسنة 1977 تأسيساً على أن الأخيريين طالبان بقسم الدراسات العليا بجامعتي عين شمس والأزهر الكائنتين بمدينة القاهرة التي لا تقيم فيها أسرتهما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 770 لسنة 1984 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 9/ 1972 استأجر منه المطعون ضده الأول هذه الشقة بأجرة شهرية مقدارها مبلغ 7.40 جنيه وإذ امتنع عن سداد الأجرة منذ أول يونيو سنة 1982 حتى تاريخ رفع الدعوى، كما قام بتأجير العين من الباطن إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث دون إذن كتابي منه فقد أقام الدعوى، حكمت المحكمة بإخلاء الشقة محل النزاع استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 6752 لسنة 102 ق القاهرة، وبتاريخ 25/ 6/ 1987 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على ما استخلصه من أن المطعون ضده الأول قام بتأجير العين محل النزاع من الباطن للمطعون ضدهما الثاني والثالث الطالبين بقسم الدراسات العليا بجامعتي عين شمس والأزهر الكائنتين بمدينة القاهرة - التي لا تقيم فيها أسرتهما مستنداً في ذلك إلى نص المادة 40/ جـ من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تجيز للمستأجر أن يؤجر المكان المؤجر له من الباطن للطلاب الذين يدرسون في غير المدن التي تقيم فيها أسرهم في حين أن المقيدين بأقسام الدراسات العليا بالجامعات لا يعتبرون من فئة الطلبة الذين عناهم النص المشار إليه الذي استهدف حل مشكلة إسكان الطلاب الذين يدرسون بمراحل التعليم المختلفة التي لا تجاوز مرحلة التعليم الجامعي الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن من مقرر في قضاء هذه المحكمة - أن القوانين المتعلقة بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تعد من القوانين الاستثنائية التي تسري في نطاق الأغراض التي وضعت لها فيجب تفسيرها في أضيق الحدود, دون ما توسع في التفسير أو القياس, على أن يكون التعرف على الحكم الصحيح من النص بتقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، لما كان ذلك وكان النص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه "لا يجوز للمستأجر في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلا في الحالات الآتية..... (جـ) إذا أجر المكان المؤجر له كله أو جزءاً منه للطلاب الذين يدرسون في غير المدن التي تقيم فيها أسرهم يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع إنما استهدف مواجهة أزمة الإسكان التي تصادف قطاعاً كبيراً من الطلاب، وهم هؤلاء الذين يضطرون إلى ترك البلاد التي يقيمون فيها مع أسرهم إلى أخرى تقع بها المعاهد العلمية التي يتم إلحاقهم بها، فيسعون إلى البحث عن مساكن لهم في هذه البلاد، وغالباً ما لا يوفقون, فأتاح لهم المشرع بموجب هذا النص, وتحقيقاً للمصلحة العامة - الاستئجار من الباطن دون إذن يصدر للمستأجر الأصلي بذلك من المالك, بقصد تسهيل إقامتهم فترة تحصيلهم العلم بما لازمه أن يكون هؤلاء "الطلاب" في مرحلة الأصل فيها إقامتهم مع أسرهم - التي تلتزم بالقيام على شئون تعليمهم - ويتأدى بالتالي إلى عدم انصراف هذا اللفظ إلى الدارسين بأقسام الدراسات العليا بالجامعات والمعاهد التعليمية المختلفة الذين أتموا دراساتهم بمعاهدهم, وحصل كل منهم على شهادة الفرقة النهائية بالمعهد الذي درس فيه، يؤكد هذا النظر أن تلك الدراسات تعتبر بطبيعتها مرحلة إضافية للاستزادة من العلم, لا ترتبط بوقت أو بسن محدد, وأن المشرع حين ينص في بعض التشريعات على أحكام يسبغ بها الحماية لصالح الطلاب فإنه يقصر ذلك على المرحلة التي تنتهي بحصول الطالب على شهادة الفرقة النهائية من أحدى كليات الجامعات أو المعاهد المعادلة لها, وهو ما التزمه في أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي إذ اشترط في نص المادة 107 منه لاستحقاق الأبناء المعاش في حالة وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش ألا يكون الابن قد بلغ سن الحادية والعشرين مستثنياً من ذلك الطالب بأحد مراحل التعليم التي لا تجاوز مرحلة الحصول على مؤهل الليسانس أو البكالوريوس أو ما يعادلهما وأيضاً ما أجازه المشرع في المادة الثامنة من القانون رقم 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية من تأجيل الخدمة العسكرية الإلزامية للدراسة وقت السلم لحين حصول الطالب على المؤهل الدراسي للفرقة النهائية في الكلية أو المعهد الذي يدرس فيه، ولا يحتاج في ذلك نص المادة 40/ جـ سالف الذكر وقد أطلق في صياغته لفظ "الطلاب" إنما استهدف كل من التحق بمعهد دراسي أياً كانت المرحلة الدراسية المؤجل لها، لمجافاة ذلك للمحكمة من التشريع والهدف الذي أراده المشرع من نص الفقرة المذكورة ووروده استثناء من القواعد العامة في قوانين إيجار الأماكن التي تحظر على المستأجر - دون إذن صريح من المالك - تأجير المكان المؤجر له من الباطن مما يتعين أخذه بقدره وعدم التوسع في تفسيره حتى لا يتخذ سبيلاً لمخالفة الحظر المشار إليه في غير موضعه.
لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا وقضى برفض الدعوى باعتبار أن تأجير المطعون ضده الأول - المستأجر الأصلي - الشقة محل النزاع من باطنه للمطعون ضدهما الثاني والثالث دون إذن كتابي صريح هو استعمال لحقه المنصوص عليه في المادة 40/ جـ من القانون سالف الذكر تأسيساً على أن الأخيريين طالبان بقسم الدراسات العليا بجامعتي عين شمس والأزهر الكائنتين بمدينة القاهرة التي لا تقيم فيها أسرتهما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .