أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1452

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نواب رئيس المحكمة وعلي جمجوم.

(274)
الطعن رقم 2236 لسنة 59 القضائية

(1) صورية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أدلة الصورية". إثبات.
استقلال قاضي الموضوع بتقدير الأدلة التي يأخذ بها في ثبوت الصورية أو نفيها. مناط ذلك. كون الدليل الذي أخذ به مستمداً من أوراق الدعوى ومستخلصاً منها استخلاصاً سائغاً.
(2، 3) صورية "الصورية المطلقة: الصورية النسبية". بيع. بطلان "بطلان البيع الثاني للوحدة السكنية". حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
(2) الصورية المطلقة. ماهيتها. الصورية النسبية. ماهيتها. اختلافهما مدلولاً وحكماً. مؤداه. انتفاء الصورية المطلقة عن العقد لا ينفي الصورية النسبية.
(3) صورية تاريخ العقد. صورية نسبية تنصب على التاريخ وحده ولا تتعداه إلى العقد ذاته. تمسك المشتري بصورية عقد بيع الوحدة السكنية لمشتر ثان صورية مطلقة وإعطائه تاريخاً صورياً ليكون سابقاً على عقده تحايلاً على القانون. نفي الحكم الصورية المطلقة عن العقد لا يلزم عنه نفي الإدعاء بالصورية النسبية. إغفاله وعدم الرد عليه. خطأ وقصور
(4) إثبات. دعوى. حكم.
سكوت المدعي عليه من نفي الدعوى لا يصلح بذاته للحكم للمدعي بمطلوبة طالما لم يثبت ما يدعيه.
1 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة في تقدير الأدلة التي يأخذ بها في ثبوت الصورية أو نفيها، إلا أن مناط ذلك أن يكون الدليل الذي أخذ به مستمداً من أوراق الدعوى ومستخلصاً منها استخلاصاً سائغاً.
2 - الصورية المطلقة هي التي تتناول وجود العقد ذاته وتعني عدم قيام العقد أصلاً في نية عاقديه أما الصورية النسبية فهي التي لا تتناول وجود العقد وإنما تتناول نوعه أو ركناً فيه أو شرطاً من شروطه أو شخص المتعاقدين أو التاريخ الذي أعطى له بقصد التحايل على القانون بما مؤداه أن الصورية النسبية لا تنتفي بانتفاء الصورية المطلقة لاختلافهما أساساً وحكماً.
3 - لما كان البين أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بصورية عقد البيع الصادر من المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول صورية مطلقة. كما دفع ببطلانه لمخالفته لأحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1973 وأحكام قانوني إيجار الأماكن رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 بإعطائه تاريخاً صورياً ليكون سابقاً على عقده وكان طعنه بالصورية المطلقة على هذا العقد إنما ينصب على وجوده أصلاً في نية عاقديه بينما دفعه ببطلانه لصورية تاريخه إنما ينصب على التاريخ وحده ولا يتعداه إلى العقد ذاته إلا أن الحكم المطعون فيه قد قصر بحثه على ما ساقه الطاعن من قرائن تتعلق بطعنه بالصورية المطلقة وبالتواطؤ بين طرفي هذا العقد للإضرار بحقوقه وانتهى إلى أن هذه القرائن لا تصلح دليلاً على تلك الصورية أو هذا التواطؤ وأغفل الرد على دفعه بالصورية النسبية على هذا العقد بإرجاع تاريخه ليكون سابقاً على عقده بما يبطله طبقاً لأحكام الأمر العسكري وقانوني إيجار الأماكن سالفي الذكر رغم أن الصورية النسبية لا تنتفي بانتفاء الصورية المطلقة لاختلافهما أساساً وحكماً.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن سكوت المدعي عليه عن النفي لا يصلح بذاته دليلاً للحكم للمدعي بطلباته متى كان الأخير لم يثبت ما يدعيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعويين رقمي 12379، 12380 لسنة 1984 مدني جنوب القاهرة الابتدائية وطلب في الأولى الحكم بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الاستئنافات أرقام 2280، 848، 1043 لسنة 1983 مستأنف مستعجل القاهرة وتمكينه من الشقق أرقام 8، 73، 74 من العقار المبين بالصحيفة وكف منازعتهم له فيها، وطلب في الثانية الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 24/ 5/ 1974 المتضمن بيع المطعون ضده الثاني له هذه الشقق لقاء ثمن مقداره 34000 جنيه والتسليم وكف المنازعة ومحو كافة التسجيلات والقيود المترتبة عليها، وقال في بيانهما أنه بموجب هذا العقد اشترى من المطعون ضده الثاني الشقق سالفة الذكر لقاء ثمن مقداره 34000 جنيه وإذ دأب الأخير على التحلل من التزاماته الناشئة عن هذا العقد وقام ببيع العقار الواقع به هذه الشقق إلى والدته ثم قام برفع الدعوى رقم 217 لسنة 1976 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب فسخ عقد البيع الذي يربطهما وقضى فيها ابتدائياً واستئنافياً برفضها كما أقام كل منهما دعاوى أمام القضاء المستعجل أسفرت عن الحكم استئنافياً بعدم اختصاصه بطلب تمكينه من شقق النزاع لذلك أقام الدعويين، وبتاريخ 28/ 11/ 1985 حكمت المحكمة في الدعوى الأولى بعدم قبولها وفي الدعوى الثانية بصحة ونفاذ عقد البيع وألزمت المطعون ضدهما والمدعى عليهما الثانية والرابع بالتسليم وكف المنازعة. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 285، 287 لسنة 103 ق القاهرة. وبتاريخ 23/ 3/ 1989 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد البيع بالنسبة لما تضمنه من بيع المطعون ضده الثاني للطاعن الشقة رقم 8 من العقار وما يقابلها من الثمن وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق وبتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها دفع الطاعن ببطلان عقد البيع الصادر للمطعون ضده الأول والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن عقد البيع المؤرخ 11/ 2/ 1973 الصادر من المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول هو عقد صوري صورية مطلقة وأنه أعطى له تاريخ صوري ليكون سابقاً على عقده ودفع ببطلانه لمخالفته لأحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1973 وأحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 بشأن تأجير وبيع الأماكن إلا أن الحكم المطعون فيه إذ لم ير فيما ساقه من قرائن دليلاً على صوريته صورية مطلقة ولم يرد على دفعه ببطلانه لصورية تاريخه والذي تمسك به أيضاً بجلسة المرافعة وإن لم يبده بصحيفة الطعن أو يحيل الدعوى إلى التحقيق لتمكينه من إثبات ذلك بكافة الطرق وأقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من صحة عقده بالنسبة لما تضمنه من بيع المطعون ضده الثاني الشقة رقم 8 موضوع النزاع على أن ملكيتها قد انتقلت بالتسجيل من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول على أنه لم ينازع في واقعة تسجيل صحيفة الدعوى المرفوعة من المطعون ضده الأول ولا في التأشير على هامشها بالحكم الصادر له بصحة التعاقد مع أن أياً من المطعون ضدهما لم يقدم عقد البيع المبرم بينهما ببيع هذه الشقة أو ما يدل على تسجيل صحيفة الدعوى بصحته ونفاذه أو التأشير على هامشها بالحكم الصادر فيها حتى ينازع في هذا التسجيل فإنه يكون قد استند إلى واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له في الأوراق بما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لئن كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة في تقدير الأدلة التي يأخذ بها في ثبوت الصورية أو نفيها، إلا أن مناط ذلك أن يكون الدليل الذي أخذ به مستمداً من أوراق الدعوى ومستخلصاً منها استخلاصاً سائغاً، وأن الصورية المطلقة هي التي تتناول وجود العقد ذاته وتعني عدم قيام العقد أصلاً في نية عاقديه أما الصورية النسبية فهي التي لا تتناول وجود العقد وإنما تتناول نوعه أو ركناً فيه أو شرطاً من شروطه أو شخص المتعاقدين أو التاريخ الذي أعطى له بقصد التحايل على القانون بما مؤداه أن الصورية النسبية لا تنتفي بانتفاء الصورية المطلقة لاختلافهما أساساً وحكماً. لما كان ذلك وكان البين أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بصورية عقد البيع الصادر من المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول صورية مطلقة. كما دفع ببطلانه لمخالفته لأحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1973 وأحكام قانوني إيجار الأماكن رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 بإعطائه تاريخاً صورياً ليكون سابقاً على عقده وكان طعنه بالصورية المطلقة على هذا العقد إنما ينصب على وجوده أصلاً في نية عاقديه بينما دفعه ببطلانه لصورية تاريخه إنما ينصب على التاريخ وحده ولا يتعداه إلى العقد ذاته إلا أن الحكم المطعون فيه قد قصر بحثه على ما ساقه الطاعن من قرائن تتعلق بطعنه بالصورية المطلقة وبالتواطؤ بين طرفي هذا العقد للإضرار بحقوقه وانتهى إلى أن هذه القرائن لا تصلح دليلاً على تلك الصورية أو هذا التواطؤ وأغفل الرد على دفعه بالصورية النسبية على هذا العقد بإرجاع تاريخه ليكون سابقاً على عقده بما يبطله طبقاً لأحكام الأمر العسكري وقانوني إيجار الأماكن سالفي الذكر رغم أن الصورية بالنسبية لا تنفي بانتفاء الصورية المطلقة لاختلافهما أساساً وحكماً، بل وأقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 24/ 5/ 1974 بالنسبة لما تضمنه من بيع المطعون ضده الثاني للطاعن الشقة رقم 8 موضوع النزاع على أن ملكيتها قد انتقلت بالتسجيل من المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول وأن الطاعن لم ينازع في واقعة تسجيل صحيفة الدعوى رقم 5762 لسنة 1983 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ولا في التأشير على هامشها بالحكم الصادر للمطعون ضده الأول بصحة التعاقد مع أن أياً من المطعون ضدهما لم يقدم عقد البيع المبرم بينهما ببيع هذه الشقة أو ما يدل على تسجيل صحيفة الدعوى بصحته ونفاذه أو التأشير على هامشها بالحكم الصادر فيها حتى ينازع الطاعن في هذا التسجيل فإن يكون قد استند في قضائه على واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له في الأوراق كما خالف أصول الإثبات باتخاذه من مجرد عدم منازعة الطاعن في واقعة التسجيل سنداً له في تفضيل عقد المطعون ضده الأول على عقد الطاعن مع أن المقرر وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن سكوت المدعي عليه عن النفي لا يصلح بذاته دليلاً للحكم للمدعي بطلباته متى كان الأخير لم يثبت ما يدعيه، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث
باقي أسباب الطعن.