أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1471

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، أحمد أبو الضراير، علي أحمد شلتوت نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن العشماوي.

(278)
الطعن رقم 1266 لسنة 60 القضائية

(1) فوائد "الفوائد التأخيرية" "الفوائد التعويضية". التزام.
الفوائد. نوعان. تأخيرية وتعويضية. ماهية كل منهما. الفوائد التأخيرية. تعويض قانوني عن التأخير في الوفاء بمبلغ من النقود والضرر المفترض وقوعه كنتيجة مباشرة لهذا التأخير. الفوائد التعويضية. تعويض اتفاقي مقابل انتفاع المدين بمبلغ من النقود لم يحل بعد أجل استحقاقه.
(2) فوائد. دعوى "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع. حكم.
محكمة الموضوع. عدم تقيدها في تكييف الطلبات بوصف الخصوم لها. التزامها بالتكييف الصحيح الذي تتبينه من واقع الدعوى. طلب الدائن الحكم بالفوائد القانونية والتعويضية بسبب تأخر المدين في الوفاء به. خلو الأوراق مما يفيد اتفاق الطرفين على الفوائد التعويضية. انصراف الفوائد المطالب بها إلى الفوائد القانونية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح في القانون.
(3) دعوى "مصاريف الدعوى". محاماة "أتعاب المحامي".
دخول أتعاب المحاماة ضمن مصاريف الدعوى. القضاء بها لمن كسب الدعوى. مناطه. أن يكون قد أحضر محامياً للمرافعة فيها.
1 - مفاد نص المادتين 226، 227 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن هناك نوعين من الفوائد فوائد تأخيرية للتعويض عن التأخير في الوفاء بمبلغ من النقود وتعويض الضرر الذي يفترض القانون وقوعه كنتيجة مباشرة لتأخر المدين عن الوفاء بالتزامه. والفوائد التعويضية يلتزم بها المدين بناء على اتفاق بينه وبين الدائن مقابل انتفاعه بمبلغ من النقود يكون في ذمته للدائن ولم يحل بعد أجل استحقاقه.
2 - لما كان الواقع الثابت في الدعوى أن الطاعن لم يدع أن الفوائد التعويضية التي حددها بنسبة 20% من جملة المبلغ المطالب به كان بناء على اتفاق بينه وبين المطعون ضدها مقابل انتفاعها بذلك المبلغ الذي في ذمتها له وإنما أسس طلبه لتلك الفوائد على تعويض الضرر الناشئ عن تأخر المطعون ضدها في الوفاء بذلك المبلغ في الميعاد استحقاقه له وما رتبه ذلك من حرمانه من الانتفاع به واستغلاله في شتى أغراضه، مما تكون معه الفوائد المطالب بها هي في حقيقتها فوائد قانونية عن التأخير في الوفاء بالالتزام أياً كان الوصف أو التسمية التي أسبغها الطاعن عليها، وكانت محكمة الموضوع لا تتقيد في تكييف الطلبات المعروضة عليها بوصف الخصوم لها، وإنما تلتزم بالتكييف الصحيح الذي تتبينه من واقع الدعوى وترى أنه ينطبق عليه لتنزل حكم القانون على ما يثبت لديها أنه هو التكييف الصحيح، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في حدود سلطته في فهم الواقع في الدعوى وتكييف الطلبات المطروحة عليه إلى اعتبار طلب الطاعن الحكم له بالفوائد القانونية والتعويضية عن المبلغ المطالب به طلباً واحداً ورتب على ذلك قضائه برفض طلب الحكم بالفوائد التعويضية عن المبلغ المقضي به بعد القضاء له بفوائد تأخيرية عنه بما يكفي لحمله ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل طلب أو حجة تخالفه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو عابه القصور.
3 - إذ كانت أتعاب المحاماة تدخل ضمن مصاريف الدعوى التي يحكم بها على من خسرها إلا أن مناط القضاء بها لمن كسب الدعوى أن يكون قد أحضر محامياً للمرافعة فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن طلب من رئيس الدائرة المختصة بمحكمة الجيزة الابتدائية أن يصدر أمراً بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي إليه مبلغ 6000 جنيه مع مصروفات التنبيه بالوفاء ومصروفات المطالبة القضائية والفوائد حتى السداد تأسيساً على أنها أعطت له بتاريخ 1/ 9/ 1984 شيكاً بهذا المبلغ لا يقابله رصيد قائم وامتنعت عن الوفاء به رغم التنبيه عليها بالسداد. وإذ امتنع رئيس الدائرة عن إصدار الأمر بذلك فقد حددت جلسة لنظر الدعوى قيدت برقم 8517 لسنة 1985 مدني الجيزة الابتدائية وطلب الطاعن فيها إلزام المطعون ضدها بأن تؤدي إليه المبلغ المشار إليه ومصروفات التنبيه بالوفاء والمطالبة القضائية والفوائد القانونية والفوائد التعويضية بواقع 20% من تاريخ الاستحقاق. حكمت المحكمة بالمبلغ المطالب به ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف 6583 لسنة 103 ق طالباً إلغاءه في خصوص قضائه رفض طلباته للفوائد ومصروفات إنذار التنبيه بالوفاء, وبتاريخ 16/ 11/ 1988 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الفوائد القانونية وألزمت المطعون ضدها بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية. كلف الطاعن المطعون ضدها للحضور أمام ذات المحكمة لإلزامها بأن تؤدي إليه قيمة رسوم ومصروفات التنبيه بالوفاء مع الفوائد التعويضية عن المبلغ المقضي به بنسبة 20 % من تاريخ الاستحقاق في 1/ 9/ 1984 لإغفال المحكمة الفصل في هذين الطلبين وبتاريخ 17/ 1/ 1990 حكمت المحكمة بالرفض وألزمت الطاعن بالمصاريف وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب محاماة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم نقضاً جزئياً في خصوص قضائه بأتعاب المحاماة. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور، وذلك حين رفض الحكم له بفوائد تعويضية عن المبلغ المطالب به باعتبار أن سبب استحقاقه لها من جنس ونوع وسبب استحقاقه الفوائد القانونية في حين أن سبب استحقاقه للفوائد التعويضية التي أغفل الحكم الصادر بتاريخ 16/ 11/ 1988 الفصل فيها يرجع إلى خطأ المدين في عدم الوفاء بالدين في تاريخ استحقاقه وما رتبه ذلك من أضرار مادية وأدبية لحقت به وذلك إعمالاً لحكم المواد 163، 164، 221، 222, 226، 228، 346 من القانون المدني وهو ما يغاير طلب الفوائد التأخيرية التي تستحق للدائن بمجرد طلبها ولو لم يلحقه ضرر وهو ما حجبه عن أن يجبه إلى طلبه توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضدها أو إحالة الدعوى إلى التحقيق إثبات أحقيته للفوائد التعويضية وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مفاد نص المادتين 226، 227 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن هناك نوعين من الفوائد فوائد تأخيرية للتعويض عن التأخير في الوفاء بمبلغ من النقود وتعويض الضرر الذي يفترض القانون وقوعه كنتيجة مباشرة لتأخر المدين عن الوفاء بالتزامه. والفوائد التعويضية يلتزم بها المدين بناء على اتفاق بينه وبين الدائن مقابل انتفاعه بمبلغ من النقود يكون في ذمته للدائن ولم يحل بعد أجل استحقاقه. لما كان ذلك, وكان الواقع الثابت في الدعوى أن الطاعن لم يدع أن الفوائد التي حددها بنسبة 20% من جملة المبلغ المطالب به كان بناء على اتفاق بينه وبين المطعون ضدها مقابل انتفاعها بذلك المبلغ الذي في ذمتها له, وإنما أسس طلبه لتلك الفوائد على تعويض الضرر الناشئ عن تأخر المطعون ضدها في الوفاء بذلك المبلغ في ميعاد استحقاقه له وما رتبه ذلك من حرمانه من الانتفاع به واستغلاله في شتى أغراضه، مما تكون معه الفوائد المطالب بها هي في حقيقتها فوائد قانونية عن التأخر في الوفاء بالالتزام أياً كان الوصف أو التسمية التي أسبغها الطاعن عليها، وكانت محكمة الموضوع لا تتقيد في تكييف الطلبات المعروضة عليها بوصف الخصوم لها. وإنما تلتزم بالتكييف الصحيح الذي تتبينه من واقع الدعوى وترى أنه ينطبق عليه لتنزل حكم القانون على ما يثبت لديها أنه هو التكييف الصحيح، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في حدود سلطته في فهم الواقع في الدعوى وتكييف الطلبات المطروحة عليه إلى اعتبار طلب الطاعن الحكم له بالفوائد القانونية والتعويضية عن المبلغ المطالب به طلباً واحداً ورتب على ذلك قضائه برفض طلب الحكم بالفوائد التعويضية عن المبلغ المقضي به بعد القضاء له بفوائد تأخيرية عنه بما يكفي لحمله ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل طلب أو حجة تخالفه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو عابه القصور ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالسبب الأخير أن الحكم المطعون فيه خالف القانون حين قضي بإلزامه بأتعاب المحاماة بالرغم من تخلف المطعون ضدها وعدم حضور محام عنها أمام محكمة الاستئناف بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه وإن كانت أتعاب المحاماة تدخل ضمن مصاريف الدعوى التي يحكم بها على من خسرها إلا أن مناط القضاء بها لمن كسب الدعوى أن يكون قد أحضر محامياً للمرافعة فيها، إذ كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها لم تحضر محامياً عنها أمام محكمة الاستئناف، فإن القضاء لها بأتعاب المحاماة على الطاعن يكون مخالفاً للقانون، ويتعين لذلك نقض الحكم في هذا الخصوص.