أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 197

جلسة 7 من فبراير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ لطفي عبد العزيز - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ خيري فخري، حسين نعمان، حامد مكي وفتحي محمد حنضل - نواب رئيس المحكمة.

(36)
الطعن رقم 5037 لسنة 62 القضائية

(1) نقض "الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نظام عام.
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. للخصوم وللنيابة ولمحكمة النقض إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع متى توافرت عناصر الفصل فيها من وقائع وأوراق سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم. م 253 مرافعات.
(2) اختصاص "الاختصاص الولائي". نظام عام. دفوع. نقض.
الدفع بعدم الاختصاص الولائي. للمحكمة أن تقضي به من تلقاء ذاتها في أية حالة كانت عليها الدعوى. علة ذلك. تعلقه بالنظام العام. مؤداه. اعتبار مسألة الاختصاص الولائي قائمة ومطروحة دائماً في الخصومة أمام محكمة الموضوع. الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها في الاختصاص مطروح على المحكمة سواء أثارها الخصوم أو النيابة أو لم يثيروها باعتبار هذه المسألة داخلة في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة. م 109 مرافعات.
(3) اختصاص. قانون.
القضاء العادي صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية استثناء. وجوب عدم التوسع في تفسيره.
(4، 5) اختصاص "الاختصاص الولائي". تحكيم "التحكيم الاختياري". شركات. أشخاص اعتبارية. قانون. استئناف.
(4) الشركات الخاضعة لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام اعتبارها من أشخاص القانون الخاص. قصر اختصاص هيئات التحكيم على نظر المنازعات التي يتم الاتفاق فيها على التحكيم بين تلك الشركات وبين غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة. مؤداه. صيرورة منازعات الشركات الخاضعة له سواء فيما بينها أو مع الأشخاص الاعتبارية من اختصاص القضاء العادي إنفراداً متى خلت الأوراق من شرط الاتفاق على التحكيم. علة ذلك.
(5) القانون رقم 203 لسنة 1991. اعتباره من القوانين المعدلة للاختصاص. نفاذه قبل قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف. أثره. سريانه بشأن الاختصاص الولائي على الدعوى. مؤداه. انحسار اختصاص هيئات التحكيم عن نظر الدعوى واختصاص القضاء العادي بها.
1 - نص المادة 253 من قانون المرافعات مفاده أنه يجوز للنيابة العامة كما هو الشأن بالنسبة للخصوم ولمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.
2 - مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء ذاتها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع، وعليها أن تقول كلمتها وتقضي فيها من تلقاء ذاتها, ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها في الاختصاص يعتبر هذه المسألة مطروحة سواء أثارها الخصوم في الطعن أن لم يثيروها أبدتها النيابة أم لم تبدها باعتبار أن هذه المسألة وفي جميع الحالات تعتبر داخلة في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة.
3 - وإذ كان القضاء العادي - وعلى ما استقرت عليه هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
4 - النص في الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام - من عدم سريان أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 على شركات قطاع الأعمال - الشركات القابضة التابعة لها - والنص في المادة 1 من الباب الأول من القانون رقم 203 لسنة 1991 سالف الذكر على أن "يصدر بتأسيس الشركة القابضة قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص..... وتأخذ الشركة القابضة شكل الشركة المساهمة وتعتبر من أشخاص القانون الخاص ويحدد القرار الصادر بتأسيسها اسمها ومركزها الرئيسي....." وفي المادة 40 من الباب الثالث منه على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القانون الخاص أو الأفراد وطنيين كانوا أو أجانب وتطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية". فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة أن القانون المشار إليه قد اعتبر الشركات الخاضعة لأحكامه من أشخاص القانون الخاص، وقصر اختصاص هيئات التحكيم على نظر المنازعات التي يتم الاتفاق فيها على التحكيم بين تلك الشركات وبين غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة وهو ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية فيما أوردته في البند السابع من البنود الأساسية للقانون بقولها (........ بإلغاء التحكيم الإجباري في المنازعات التي تنشأ فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو أية جهة حكومية........) كما أظهرت ذلك بوضوح عند تعليقها على المادتين 40، 41 منه. بما مؤداه أنه بصدور القانون المذكور فقد أصبحت منازعات الشركات الخاضعة له سواء فيما بينها أو مع الأشخاص الاعتبارية الأخرى يختص بها القضاء العادي انفراداً ما دامت الأوراق قد خلت من شرط الاتفاق على التحكيم بحسبانه صاحب الولاية العامة والاختصاص الأصيل بنظر كافة المنازعات المدنية والتجارية إلا ما استثنى بنص خاص.
5 - لما كان القانون رقم 203 لسنة 1991 يعد من القوانين المعدلة للاختصاص وأصبح نافذاً اعتباراً من 20/ 7/ 1991، قبل قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف في 7/ 4/ 1992 فإنه يسري - بشأن الاختصاص الولائي - على الدعوى الماثلة عملاً بمفهوم المخالفة للاستثناء الأول الوارد بالمادة الأولى من قانون المرافعات، وهو ما مؤداه انحسار اختصاص هيئات التحكيم عن نظر الدعوى المطروحة واختصاص جهة القضاء العادي بها بعد زوال القيد الذي كان مفروضاً عليه بالمادة 56 من القانون 97 لسنة 1983 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد قضاء محكمة الدرجة الأولى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل - بالقدر اللازم للفصل في الطعن - في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت على البنك الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته الدعوى رقم...... سنة...... مدني المنيا الابتدائية طلباً للحكم ببراءة ذمتها مما زاد على مبلغ 630.000 جنيه وبوقف إجراءات الحجز والبيع. على سند من أن الطاعن أوقع عليها حجزاً لما ذهب إليه من مديونيتها له بمبلغ 1.224.789 جنيهاً. بتاريخ 4/ 1/ 1990 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى هيئات التحكيم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم..... سنة....... بني سويف "مأمورية المنيا" وبتاريخ 9/ 6/ 1992 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة ارتأت فيها نقض الحكم المطعون فيه لسبب أبدته من تلقاء ذاتها في شأن عدم الاختصاص الولائي المقضي به باعتباره متعلقاً بالنظام العام وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى السبب المبدى من النيابة بنقض الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون حين أيد الحكم الابتدائي الذي قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى هيئة التحكيم الإجباري، على الرغم من أن القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال - المعمول به اعتباراً من 20/ 7/ 1991 - قد ألغى التحكيم الإجباري وقصر اختصاص هيئات التحكيم على المنازعات التي يتم الاتفاق فيها على التحكيم، ومن ثم يعود الاختصاص بنظر الدعوى الماثلة إلى جهة القضاء العادي باعتبار أن الأوراق قد خلت من الاتفاق بين طرفيها على اللجوء إلى التحكيم.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للنيابة العامة كما هو الشأن بالنسبة للخصوم ولمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن. وكان مؤدى نص المادة 109 منه أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء ذاتها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع، وعليها أن تقول كلمتها وتقضي فيها من تلقاء ذاتها, ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها في الاختصاص يعتبر هذه المسألة مطروحة سواء أثارها الخصوم في الطعن أم لم يثيروها أبدتها النيابة أم لم تبدها باعتبار أن هذه المسألة وفي جميع الحالات تعتبر داخلة في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة. وإذ كان ذلك وكان القضاء العادي - وعلى ما استقرت عليه هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام من عدم سريان أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 على شركات قطاع الأعمال - الشركات القابضة والشركات التابعة لها - والنص في المادة 1 من الباب الأول من القانون رقم 203 لسنة 1991 سالف الذكر على أن "يصدر بتأسيس الشركة القابضة قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص...... وتأخذ الشركة القابضة شكل الشركة المساهمة وتعتبر من أشخاص القانون الخاص ويحدد القرار الصادر بتأسيسها اسمها ومركزها الرئيسي......" وفي المادة 40 من الباب الثالث منه على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص أو الأفراد وطنيين كانوا أو أجانب وتطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية" فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة أن القانون المشار إليه قد اعتبر الشركات الخاضعة لأحكامه من أشخاص القانون الخاص، وقصر اختصاص هيئات التحكيم على نظر المنازعات التي يتم الاتفاق فيها على التحكيم بين تلك الشركات وبين غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة وهو ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية فيما أوردته في البند السابع من البنود الأساسية للقانون بقولها (..... إلغاء التحكيم الإجباري في المنازعات التي تنشأ فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو أية جهة حكومية.......) كما أظهرت ذلك بوضوح عند تعليقها على المادتين 40، 41 منه. بما مؤداه أنه بصدور القانون المذكور فقد أصبحت منازعات الشركات الخاضعة له سواء فيما بينها أو مع الأشخاص الاعتبارية الأخرى يختص بها القضاء العادي انفراداً ما دامت الأوراق قد خلت من شرط الاتفاق على التحكيم بحسبانه صاحب الولاية العامة والاختصاص الأصيل بنظر كافة المنازعات المدنية والتجارية إلا ما استثنى بنص خاص. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 203 لسنة 1991 يُعّد من القوانين المعدلة للاختصاص وأصبح نافذاً اعتباراً من 20/ 7/ 1991، قبل قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف في 7/ 4/ 1992 فإنه يسري - بشأن الاختصاص الولائي - على الدعوى الماثلة عملاً بمفهوم المخالفة للاستثناء الأول الوارد بالمادة الأولى من قانون المرافعات، وهو ما مؤداه انحسار اختصاص هيئات التحكيم عن نظر الدعوى المطروحة واختصاص جهة القضاء العادي بها بعد زوال القيد الذي كان مفروضاً عليه بالمادة 56 من القانون 97 لسنة 1983، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد قضاء محكمة الدرجة الأولى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث سببي الطعن الواردين بصحيفته.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم - فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وباختصاص محكمة المنيا الابتدائية ولائياً بنظر الدعوى.