cمجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1560

(147)
جلسة 14 من إبريل سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو - المستشارين.

الطعن رقم 1435 لسنة 34 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الجزاء التأديبي - اعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات. (الجهاز المركزي للمحاسبات).
لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أن يطلب إلى النيابة الإدارية تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية إذا استبان له أن المخالفة المالية التي ارتكبها العامل تستحق جزاء يزيد على ذلك الذي وقعته الجهة الإدارية - يستخدم رئيس الجهاز هذا الحق خلال خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ ورود الإخطار إليه - هذا الميعاد ينقطع بطلب استيفاء بيانات خلاله وينفتح ذات الميعاد من جديد فور تاريخ ورود البيان المطلوب - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 30 من مارس سنة 1988 أودع السيد الأستاذ بشرى جبران لوقا المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1435 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 31 من يناير سنة 1988 في الدعوى التأديبية رقم 516 لسنة 15 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضي بمجازاته بخصم أجر شهرين من راتبه.
وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة العاشر من مايو سنة 1989 وبجلسة 28 من يونيو سنة 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته في 14 من أكتوبر سنة 1989 وتداولت نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 27 من يناير سنة 1990 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة الثالث من مارس سنة 1990 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم السبت الموافق 14 من أبريل سنة 1990 لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه في 14 من أبريل سنة 1987 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 516 لسنة 15 القضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة منطوية على تقرير باتهام كل من:
1 - ...... وكيل حسابات مديرية إسكان المنصورة سابقاً، وبديوان عام محافظة الدقهلية حالياً درجة ثانية.
2 - ..... رئيس حسابات مديرية إسكان المنصورة سابقاً، وبحسابات مديرية الشئون الصحية بالمنصورة حالياً درجة أولى.
لأنهما خلال عامي 80، 1981 بمديرية إسكان الدقهلية خرجا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤديا العمل المنوط بهما بدقة وخالفا القواعد والأحكام المالية الخاصة بضبط الرقابة على تنفيذ الموازنة العامة بما من شأنه المساس بمصالح الدولة بأن قاما بخصم مبلغ 7128753.859 جنيهاً قيمة العمليات التي تم إقامتها بمعرفة مديرية إسكان الدقهلية على حساب جاري مدين تحت التسوية دون الحصول على موافقة وكيل وزارة المالية بما يخالف التعليمات المالية على النحو المبين بالأوراق.
ورأت النيابة الإدارية أن المحالين قد ارتكبا بذلك المخالفة المالية المنصوص عليها بالمادتين 76/ 1، 77/ 1، 2، 3، 4 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 وطلبت لذلك محاكمتهما تأديبياً طبقاً للمادتين المشار إليهما والمواد 78/ 1 و80 و82 من القانون المذكور والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادتين 15/ 1، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984.
وبجلسة آخر يناير سنة 1988 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها بمجازاة..... (الطاعن) بخصم أجر شهرين من راتبه وبمجازاة..... بخفض أجرة بمقدار علاوة دورية.
وأقامت المحكمة قضاءها على ثبوت الاتهام الوارد بتقرير الاتهام في حق المحالين.
وبنى الطاعن طعنه على أن الحكم المطعون فيه صدر معيباً لأسباب ثلاثة:
أولها: مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لرفضه الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد.
وثانيها: التفات المحكمة عن الدفاع الجوهري الذي أبداه الطاعن بمستندين مقدمين منه.
وثالثها: التفات الحكم عن دفع الطاعن بعدم اختصاصه بالإجراء المشكل للمخالفة المنسوبة إليه.
ومن حيث إن الطاعن دفع أمام المحكمة التأديبية بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد استناداً إلى أن الجهاز المركزي للمحاسبات طلب تحريك الدعوى التأديبية قبل الطاعن بعد انقضاء أكثر من خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار الإداري الصادر بمجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية قد انتهت إلى رفض هذا الدفع وبالتالي إلى قبول الدعوى التأديبية شكلاً.
ومن حيث إن القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ينص في المادة (13) على أنه {يخطر رئيس ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية والمشار إليها في المادة السابقة ولرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية}.
ومن حيث عن مفاد هذا النص أن لرئيس ديوان المحاسبات والجهاز المركزي للمحاسبات أن يطلب إلى النيابة الإدارية تقديم الموظف للمحاكمة التأديبية إذا استبان له أن المخالفة المالية التي ارتكبها تستحق جزاء يزيد على ذلك الذي وقعته عليه الجهة الإدارية على أن يستخدم رئيس الجهاز هذا الحق خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ ورود الإخطار إليه، وذلك بأن يتم تصدير طلبه - تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية - إلى النيابة الإدارية خلال هذا الأجل على أن هذا الميعاد ينقطع بطلب استيفاء بيانات خلاله، وينفتح ذات الميعاد من جديد فور تاريخ ورود البيان المطلوب.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الشئون القانونية بالمديرية المالية بالدقهلية قد أخطرت الجهاز المركزي للمحاسبات (الإدارة المركزية الأولى للمخالفات المالية - الإدارة العامة الثانية - الشعبة الثانية) بمجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من راتبه بكتابها المؤرخ 22/ 2/ 1987 فأرسل الجهاز إلى المديرية المالية كتابه المؤرخ 7/ 3/ 1987 طالباً صحيفة أحوال الطاعن.
فردت المديرية المالية على الجهاز بالبيان المطلوب رفق كتابها الصادر في 17/ 3/ 1987 ووافق نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والمفوض في مباشرة اختصاص رئيس الجهاز المنصوص عليه في المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليها - على إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية في 1/ 4/ 1987 وتم تصدير كتاب بذلك إلى وكيل عام النيابة الإدارية في 4/ 4/ 1987.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الجهاز المركزي للمحاسبات طلب استيفاء الأوراق خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بقرار مجازاة الطاعن وأنه طلب تقديمه إلى المحاكمة التأديبية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ ورود الأوراق المستوفاة إليه حتى على افتراض ورود الأوراق إلى الجهاز في ذات تاريخ صدورها من المديرية المالية مما يجعل طلب الجهاز المركزي للمحاسبات تحريك الدعوى التأديبية مقدماً في الميعاد المقرر قانوناً الأمر الذي ينتفي معه سند الدفع بعدم قبول الدعوى التأديبية لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب إذ انتهى إلى رفض الدفع المشار إليه فإنه يكون وافق حكم القانون ويكون هذا الوجه من الطعن قائماً على غير أساس متعين الرفض.
ومن حيث إن السبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه أنه التفت عن الدفاع الجوهري الذي أبداه بمستندين مقدمين منه، أولهما يثبت موافقة محافظ الدقهلية في 30/ 6/ 1980 على سداد حصيلة صندوق مشروعات الإسكان الاقتصادي بالمحافظة إلى مديرية الإسكان والتعمير لتسوية المبالغ المنصرفة من المديرية لحساب الإسكان الاقتصادي، وثانيهما يثبت موافقة المديرية المالية على قيام مديرية الإسكان والمرافق بالصرف خصماً على حساب جاري مبالغ مدينة في حدود التمويل المتاح.
ومن حيث إن الاتهام الذي أدان الحكم المطعون فيه عنه الطاعن أنه قام بخصم قيمة العمليات التي تم إقامتها بمعرفة مديرية إسكان الدقهلية على حساب جاري مبالغ مدينة تحت التسوية دون الحصول على موافقة وكيل وزارة المالية بما يخالف التعليمات المالية الواردة بقرار وزير المالية رقم 29 لسنة 1970 الذي ينص في المادة (19) على وجوب الحصول على ترخيص في الخصم على حساب جاري المبالغ المدينة تحت التسوية في غير الحالات المنصوص عليها في المنشور العام رقم 5/ 1966 - من وكيل وزارة المالية المدير المالي للمديرية المالية.
ومن حيث إنه على ضوء هذا الاتهام فإنه لم يكن يجدي الطاعن موافقة محافظ الدقهلية فيما هو من اختصاص وكيل وزارة المالية المدير المالي بالمحافظة ولم يكن يجديه كذلك ما اعتبره موافقة من وكيل وزارة المالية لأن ذلك لم يكن من جانب وكيل الوزارة سوى اعتماد لأسلوب تسوية آثار الخطأ الذي وقع من جانب الطاعن وليس اعتماداً منه لما تم دون موافقة مسبقة منه.
ومن حيث إن مقتضى ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يغفل دفاعاً جوهرياً للطاعن بعد أن ثبت أن المستندين المشار إليهما لا يسندا أو يدعما دفاع الطاعن في شيء الأمر الذي يجعل هذا النعي من جانب الطاعن متهافتاً لا تعويل عليه.
ومن حيث إن النعي الثالث للطاعن على الحكم المطعون فيه أنه التفت عن الدفع الطاعن بعدم اختصاصه بالإجراء المشكل للمخالفة.
ومن حيث إن النعي لا أساس له من حيث القانون ومن حيث الواقع على وجه سواء.
فأما من حيث القانون فإن اللائحة المالية للميزانية والحسابات تنص في المادة 387 على أن كل مصروف غير وارد بالموازنة أو زائد عن التقديرات الواردة بها يجب أن تأذن به السلطة التشريعية وعلى ذلك لا يجوز البتة الصرف أو الارتباط بمصروفات ما لم يكن ذلك في حدود الاعتمادات المدرجة بالموازنة ويجب على مديري الحسابات ورؤسائها ووكلائهم الامتناع عن التأشير على كل أمر بصرف مبالغ إذا لم يكن هناك اعتماد.
وأما من حيث الواقع فإن الطاعن لم ينكر في التحقيقات اختصاصه بالإجراء المشكل للمخالفة (صفحة 36) حيث أقر بأنه اكتفى بعلم وكيل وزارة المالية ولم يقدم إليه مذكرة للحصول على موافقته المسبقة على القيام بخصم قيمة العمليات التي تم إقامتها بمعرفة مديرية إسكان الدقهلية على حساب جاري مبالغ تحت التسوية بما يخالف التعليمات المالية.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم ثبوت عدم صحة جميع أوجه النعي التي نعاها الطاعن على الحكم المطعون فيه فإن الطعن يكون غير قائم على أساس صحيح من الواقع والقانون متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.