أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 237

جلسة 15 من فبراير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعيد غرياني، حسن حسن منصور - نائبي رئيس المحكمة، ناجي عبد اللطيف وسعيد سعد عبد الرحمن.

(44)
الطعن رقم 499 لسنة 64 القضائية "أحوال شخصية"

(1، 2) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: التحكيم".
(1) التزام المحكمة باتخاذ إجراءات التحكيم في دعوى التطليق. حالاته. أن تكرر الزوجة طلب التطليق ولم يثبت ما تشكو منه بعد رفض دعواها الأولى أو إذا طلبت التطليق على زوجها من خلال اعتراضها على دعوته لها للعودة لمنزل الزوجية وثبوت أن الخُلف مستحكم بين الزوجين. المادتان 6، 11 مكرر ثانياً من م بق 25 لسنة 1929 المضافة بق 100 لسنة 1985.
(2) بعث حكمين إذا كررت الزوجة شكواها بطلب التطليق للضرر. شرطه. عدم ثبوت الضرر في الدعوى الثانية - قضاء الحكم المطعون فيه بالتطليق استناداً إلى توافر المضارة الموجبة للتطليق. صحيح. النعي عليه بعدم اتخاذ إجراءات التحكيم. على غير أساس.
(3، 4) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: التطليق للضرر".
(3) الزوجة التي رفضت دعواها بطلب التطليق للضرر. حقها في أن ترفع دعوى جديدة تطلب فيها التطليق لذات السبب. شرطه. استنادها إلى وقائع مغايرة لتلك التي رفعت الدعوى الأولى على أساسها.
(4) سبق صدور حكم برفض دعوى الزوجة بطلب التطليق للهجر. لا يحول دون رفع دعوى تطليق أخرى استناداً إلى الهجر الذي استطال إلى ما بعد صدور الحكم الأول.
(5) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: تطليق: (دعوى الأحوال الشخصية: نظرها: الصلح)".
التطليق للضرر. م 6 من م بق 25 لسنة 1929. شرطه. إضرار الزوج بزوجته مما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها. وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما. عرض محكمة أول درجة الصلح على الطرفين ورفضه من وكيل المطعون ضدها. كافٍ لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين. لا محل لإعادة عرضه أمام محكمة الاستئناف طالما لم يستجد ما يدعو إليه.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة وعناصر الضرر".
محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير الأدلة وعناصر الضرر الموجب للتطليق دون رقابة عليها في ذلك. شرطه. ألا تعتمد على واقعة بغير سند وبيان الحقيقة التي اقتنعت بها وإقامة قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(7، 8) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: الإثبات فيها". إثبات "البينة".
(7) اختلاف الشاهدين في الزمان والمكان. لا أثر له في قبول شهادتهما في الفقه الحنفي طالما أن المشهود به قولاً محضاً.
(8) قبول شهادة القرابات بعضهم لبعض عدا شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله أو لأحد الزوجين لصاحبه. شرطه. ألا تتوافر لها أسباب التهمة من جلب مغنم أو دفع مغرم.
(9) نقض "أسباب الطعن: الأسباب غير المقبولة (النعي على غير محل)".
سبب النعي. وجوب إيراده على الدعامة التي أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليها والتي لا يقوم له قضاء بدونها. النعي الذي لا يصادف محلاً من قضاء الحكم المطعون فيه. غير مقبول.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المحكمة لا تكون ملزمة باتخاذ إجراءات التحكيم في دعوى التطليق إلا في حالتين الأولى: في دعوى التطليق للضرر طبقاً للمادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 عندما تكرر الزوجة شكواها في طلب التطليق، ولم يثبت ما تشكو منه بعد الحكم برفض دعواها الأولى، والثانية إذا طلبت الزوجة التطليق على زوجها من خلال اعتراضها على دعوته لها للعودة إلى منزل الزوجية، وتبين للمحكمة أن الخُلف مستحكم بين الزوجين، وذلك عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 11 مكرر ثانياً من ذات القانون المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985.
2 - يشترط لبعث الحكمين - إذا كررت الزوجة شكواها بطلب التطليق للضرر - ألا يثبت الضرر في الدعوى الثانية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتطليق على سند مما ثبت من أقوال شاهدي المطعون ضدها من هجر الطاعن لها، وتوافر المضارة الموجبة للتطليق، فإن المحكمة إذ فصلت في الدعوى دون اتخاذ إجراءات التحكيم تكون قد انتهت إلى قضاء صحيح، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن من حق الزوجة التي رفضت دعواها بطلب التطليق للضرر أن ترفع دعوى أخرى جديدة تطلب فيها التطليق لذات السبب وهو الضرر على أن تستند في ذلك إلى وقائع مغايرة لتلك التي رفعت الدعوى الأولى على أساسها.
4 - لما كانت المطعون ضدها قد أقامت الدعوى الماثلة تأسيساً على هجر الطاعن لها وكانت قد طلبت التطليق في الدعوى رقم 1454 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة لزواج الطاعن بأخرى، واعتدائه عليها بالضرب والسب، كما أنه وإن اتحد سبب التطليق في الدعوى المطروحة والدعوى رقم 3228 لسنة 1991 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة إذ أسست المطعون ضدها كل منهما على الهجر، إلا أن الثابت من الأوراق أنها استندت في الدعوى الراهنة على الهجر الذي استطال إلى ما بعد صدور الحكم في الدعوى المذكورة، ومن ثم فإن صدور الحكمين في الدعويين السابقتين لا يحول دون رفع الدعوى المطروحة، إذ أقيمتا على وقائع مغايرة لتلك التي أسست عليها الدعوى الماثلة؛ وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى عدم قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، فإنه يكون قد خلص إلى قضاء صحيح في هذا الخصوص، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
5 - المشرع قد اشترط للحكم بالتطليق طبقاً للمادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن تثبت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها، وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما، وكانت محكمة أول درجة قد عرضت الصلح على الطرفين بجلسة 9/ 10/ 1993 فرفضه وكيل المطعون ضدها، وهو ما يكفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين، دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمة الاستئناف ما دام لم يستجد ما يدعو إليه.
6 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة - ومنها شهادة الشهود وعناصر الضرر الموجب للتطليق - إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بغير سند، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
7 - من المقرر في الفقه الحنفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان المشهود به قولاً محضاً فإن اختلاف الشاهدين في الزمان والمكان لا يمنع من قبول شهادتهما.
8 - إن شهادة القرابات بعضهم لبعض عدا شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله، أو أحد الزوجين لصاحبه تُقبل ما لم تتوافر لها أسباب التهمة من جلب مغنم أو دفع مغرم.
9 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن سبب النعي يجب أن يكون وارداً على الدعامة التي أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليها والتي لا يقوم له قضاء بدونها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتطليق على سند من أن الطاعن هجر المطعون ضدها مع إقامته بذات البلد - مدينة القاهرة - مما أضر بها بما يستحيل معه دوام العشرة بينهما عملاً بنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، ولم يقم قضاءه على غيبة الزوج الذي تحكمه المادتان 12، 13 من ذات القانون فإن النعي لا يصادف محلاً من قضاء الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1182 لسنة 1993 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة على الطاعن بطلب الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة للضرر، وقالت بياناً لدعواها أنها زوج له ودخل بها وهجرها منذ أكثر من خمس سنوات بما تستحيل معه العشرة بينهما، ومن ثم أقامت الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شاهدي المطعون ضدها حكمت بتاريخ 26/ 3/ 1994 بتطليقها على الطاعن طلقة بائنة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 804 لسنة 111 ق. القاهرة، وبتاريخ 30/ 8/ 1994 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها سبق أن أقامت الدعويين رقمي 1454 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة، 3228 لسنة 1991 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة على الطاعن بطلب الحكم بتطليقها عليه للضرر وقضى برفضهما لعجزها عن إثبات ما تضرر منه مما كان يتعين معه على المحكمة أن تتخذ إجراءات التحكيم المنصوص عليها في المواد من 7 إلى 11 مكرراً ثانياً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 إلا أنها قضى بتطليق المطعون ضدها على الطاعن استناداً إلى المادة السادسة من ذات القانون وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود ذلك بأنه - من المقرر من قضاء هذه المحكمة - أن المحكمة لا تكون ملزمة باتخاذ إجراءات التحكيم في دعوى التطليق إلا في حالتين الأولى في دعوى التطليق للضرر طبقاً للمادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 عندما تكرر الزوجة شكواها في طلب التطليق، ولم يثبت ما تشكو منه بعد الحكم برفض دعواها الأولى، والثانية إذا طلبت الزوجة التطليق على زوجها من خلال اعتراضها على دعوته لها للعودة إلى منزل الزوجية، وتبين للمحكمة أن الخُلف مستحكم بين الزوجين وذلك عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 11 مكرراً ثانياً من ذات القانون المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985، فيشترط لبعث الحكمين - إذا كررت الزوجة شكواها بطلب التطليق للضرر - ألا يثبت الضرر في الدعوى الثانية؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، قد قضى بالتطليق على سند مما ثبت من أقوال شاهدي المطعون ضدها من هجر الطاعن لها، وتوافر المضارة الموجبة للتطليق، فإن المحكمة إذ فصلت في الدعوى دون اتخاذ إجراءات التحكيم تكون قد انتهت إلى قضاء صحيح؛ ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعويين رقمي 1454 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة، 3228 لسنة 1991 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة التي أقامتهما المطعون ضدها بطلب التطليق للضرر إعمالاً للمادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، وقضى برفضهما رغم أن القضاء السابق يمنع من نظر الدعوى المطروحة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن من حق الزوجة التي رفضت دعواها بطلب التطليق للضرر أن ترفع دعوى أخرى جديدة تطلب فيها التطليق لذات السبب وهو الضرر على أن تستند في ذلك إلى وقائع مغايرة لتلك التي رفعت الدعوى الأولى على أساسها. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد أقامت الدعوى الماثلة تأسيساً على هجر الطاعن لها وكانت قد طلبت التطليق في الدعوى رقم 1454 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة لزواج الطاعن بأخرى، واعتدائه عليها بالضرب والسب، كما أنه وإن اتحد سبب التطليق في الدعوى المطروحة والدعوى رقم 3228 لسنة 1991 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة إذ أسست المطعون ضدها كل منهما على الهجر، إلا أن الثابت من الأوراق أنها استندت في الدعوى الراهنة على الهجر الذي استطال إلى ما بعد صدور الحكم في الدعوى المذكورة، ومن ثم فإن صدور الحكمين في الدعويين السابقتين لا يحول دون رفع الدعوى المطروحة، إذ أقيمتا على وقائع مغايرة لتلك التي أسست عليها الدعوى الماثلة، وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى عدم قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، فإنه يكون قد خلص إلى قضاء صحيح في هذا الخصوص، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بتطليق المطعون ضدها عليه دون أن تتدخل المحكمة لإنهاء النزاع صلحاً واكتفت بعرض الصلح على وكيل المطعون ضدهما، وهو ما لا يتحقق به غرض المشرع من وجوب تدخل المحكمة لإنهاء النزاع صلحاً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المشرع قد اشترط للحكم بالتطليق طبقاً للمادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن تثبت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها، وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما، وكانت محكمة أول درجة قد عرضت الصلح على الطرفين بجلسة 9/ 10/ 1993 فرفضه وكيل المطعون ضدها، وهو ما يكفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين، دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمة الاستئناف ما دام لم يستجد ما يدعو إليه، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه طلب أمام محكمة الاستئناف تأجيل نظر الدعوى لتقديم مستندات، ومذكرة بدفاعه فلم تستجب لطلبه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك بأن الثابت من محضر جلسة 25/ 6/ 1994 التي نظرت بها الدعوى أمام محكمة الاستئناف أن وكيل الطاعن حضر بها ولم يبد طلبات أو دفاعاً فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها هي التي هجرت منزل الزوجية بمديرية التحرير وأقامت بالقاهرة بمفردها إلا أن الحكم قضى بالتطليق استناداً إلى أقوال شاهديها رغم تضاربها، وعدم كفايتها في إثبات الهجر، إذ لم يبين الشاهدان موقع منزل الزوجية، ومن المتسبب في الهجر فضلاً عن أن الشاهد الثاني شقيقها، وجاءت شهادته مجاملة لها، كما أن أقوال الشاهد الأول جاءت سماعية وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة ومنها شهادة الشهود وعناصر الضرر الموجب للتطليق - إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بغير سند، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ومن المقرر في الفقه الحنفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان المشهود به قولاً محضاً فإن اختلاف الشاهدين في الزمان والمكان لا يمنع قبول شهادتهما، وأن شهادة القرابات بعضهم لبعض عدا شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله، أو أحد الزوجين لصاحبه تُقبل ما لم تتوافر لها أسباب التهمة من جلب مغنم أو دفع مغرم؛ وكان الثابت من الأوراق أن شاهدي المطعون ضدها ليسا من أصولها أو فروعها، وإذ لم يتمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن أقوال هذين الشاهدين سماعية ويبين سنده في اتهام شقيقها في الشهادة وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة ترجيح البيانات قد اعتمدت على بينة الإثبات المقبولة شرعاً، وأقامت قضاءها بالتطليق على ما استخلصته منها من تضرر المطعون ضدها من هجر الطاعن لها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم، فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة، وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ومن ثم فإنه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه يشترط للتطليق لغيبة الزوج طبقاً لنص المادة 12 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن تكون الغيبة بغير عذر مقبول وهو يقيم بمديرية التحرير حيث مقر عمله وأنذر المطعون ضدها بالدخول في طاعته فلم تمتثل وهو ما يعد عذراً مقبولاً لغيابه. إلا أن المحكمة قضت مع ذلك بتطليقها عليه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن سبب النعي يجب أن يكون وارداً على الدعامة التي أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليها والتي لا يقوم له قضاء بدونها؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتطليق على سند من أن الطاعن هجر المطعون ضدها مع إقامته بذات البلد - مدينة القاهرة - مما أضر بها بما يستحيل معه دوام العشرة بينهما عملاً بنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، ولم يقم قضاءه على غيبة الزوج الذي تحكمه المادتان 12، 13 من ذات القانون فإن النعي لا يصادف محلاً من قضاء الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.