أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 273

جلسة 18 من فبراير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب عباس - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ لطف الله يس جزر، ماجد قطب - نائبي رئيس المحكمة، أحمد عبد الكريم وسمير فايزي.

(51)
الطعن رقم 8710 لسنة 63 القضائية

(1 - 4) دعوى "شطب الدعوى" "تعجيل الدعوى" "اعتبار الدعوى كأن لم تكن". إعلان.
(1) وجوب الحكم في الدعوى إذا تغيب المدعي والمدعى عليه. شرطه. أن تكون الدعوى صالحة للحكم فيها وإلا قررت شطبها. علة ذلك.
(2) الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها في الميعاد. م 82/ 1 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992. دفع شكلي. عدم تعلقه بالنظام العام. سقوط الحق في إبدائه بالتنازل عنه صراحة أو ضمناً أو بالإجابة على موضوع الدعوى.
(3) إعلان الخصوم بتعجيل السير في الدعوى بعد شطبها. وجوب إتمامه خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 82/ 1 مرافعات. لا يغني عن ذلك تقديم صحيفة التجديد إلى قلم الكتاب خلال هذا الأجل. شطب الدعوى. عدم جوازه إلا مرة واحدة. م 82/ 1 مرافعات المعدلة بالقانون 23 لسنة 1992. انقضاء ستون يوماً على سبق شطبها دون طلب من الخصوم. تعجيل السير فيها أو تخلف الطرفان عن الحضور بعد سيرها. أثره. اعتبار الدعوى كأن لم تكن. شرطه. وقوع الشطب الأول بعد سريان القانون الأخير المعدل وأن يكون التخلف الثاني لذات الشخص. علة ذلك.
(4) صدور قرار الشطب ضد مورث الطاعنين لا يعتد به قبل الورثة. قضاء المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن قبلهم أخذاً بقرار الشطب الصادر ضد المورث. خطأ في القانون.
1 - النص في المادة 82/ 1 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992.... يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أوجب على المحكمة أن تحكم في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها وذلك إذا كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم فيها وإلا قررت شطبها وهدف المشرع من هذا النص تفادي تراكم القضايا أمام المحاكم.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المادة 82/ 1 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992 قد نصت على لون من الجزاء قرره المشرع في حالة ما إذا قصر المدعي في موالاة السير في الدعوى وحثه على متابعة إجراءاتها بأن نص على اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا عجل المدعي دعواه بعد انقضاء هذه المدة وهذا الجزاء لا يتعلق بالنظام العام ويعتبر من الدفوع الشكلية ولكنه يقع بقوة القانون فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ويزول إذا تنازل عنه صراحة أو إذا أجاب عن الدعوى وتعرض لموضوعها.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعلان الخصوم بتعجيل السير في الدعوى بعد شطبها يجب أن يتم خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 82/ 1 سالفة البيان ولا يغني عن ذلك تقديم صحيفة التجديد إلى قلم الكتاب خلال هذا الأجل، ومن ثم فإن المدعي إذا كان غير جاد في دعواه قد يعمد إلى إطالة أمد النزاع والتغيب عن الحضور ليتقرر شطب الدعوى ثم يطلب السير فيها في الأجل المحدد ثم يعود للتغيب عن الحضور فيتكرر شطبها عديد من المرات لذلك رأى المشرع تعديل حكم الفقرة الأولى من المادة 82 بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992 فنصت في حكمها الجديد على أنه "إذا انقضى ستون يوماً ولم يطلب أحد من الخصوم السير فيها أو لم يحضر الطرفان بعد السير فيها اعتبرت كأن لم تكن". ومؤدى هذا التعديل الذي أدخله المشرع على المادة 82/ 1 مرافعات أنه لا يجوز للمحكمة أن تشطب الدعوى إلا مرة واحدة وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 23 لسنة 1992 في تعليقها على المادة 82/ 1 بعد تعديلها، ومما تقدم يبين أن الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن وفقاً للحكم المستحدث جزاءاً على تكرار التغيب عن الحضور مع سبق القضاء بشطب الدعوى يشترط أولاً أن يكون قرار الشطب السابق قد صدر في ظل القانون رقم 23 لسنة 1992 أي بعد تاريخ العمل به في 1/ 10/ 1992 إذ أن الجزاء المستحدث باعتبار الدعوى كأن لم تكن في هذه الحالة هو أثر للشطب لا ينفصل عنه ويترتب عليه - إذ الأصل أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع فلا يجوز أن يعتد في توقيعه بإجراء سابق على تقريره إذ قد يكون قرار الشطب السابق على أول أكتوبر سنة 1992 نتيجة ظروف أخرى لا يقصد فيها المدعي تعمد تعطيل الفصل في دعواه ومن ثم لا يستساغ القول بأن العبرة بوقوع الواقعة الأخيرة وهي التخلف عن الحضور في ظل القانون الجديد حتى لا يتعارض ذلك مع قواعد العدالة بدعوى الإسراع في الفصل في القضايا، ثانياً - أن يكون الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن وفقاً للحكم المستحدث سالف البيان جزاءاً لذات الخصم الصادر بشأنه قرار الشطب إذ أن الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن هو جزاء، رتبه المشرع على المدعي غير الجاد في دعواه والذي تعمد إطالة أمد التقاضي أمام المحاكم بالتغيب عن الحضور أمام المحكمة بعد القضاء بشطب الدعوى ومن ثم فهو نوع من الجزاء والأصل في الجزاء أن يكون شخصياً يلحق الشخص مرتكب المخالفة فإذا كان المدعي قد تخلف عن الحضور أمام المحكمة فقررت شطب دعواه فيتعين أن يوقع الجزاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وقد سبق القول بأن هذا الجزاء أثر للشطب ولا ينفصل عنه ومترتب عليه ويعتبر شرطاً من شروط توقيعه على ذات المدعي الذي قررت المحكمة شطب دعواه دون أي شخص آخر فشطب الدعوى لتخلف المدعي عن الحضور لا يعتد به ولا يعول عليه إذا تخلف ورثته من بعد وفاته عن الحضور أمام المحكمة بعد ذلك ولا يسوغ القول في هذا الشأن بأن الورثة هم الخلف العام للمدعي ملتزمون بما يلتزم به مورثهم لأن الخلافة قاصرة على انتقال الالتزامات ويخرج عن هذا النطاق أنواع الجزاءات التي يرتبها المشرع على مخالفة الخصم لحكم من أحكام القانون والأصل فيها أن تكون شخصية لا تلحق إلا ذات الشخص مرتكب المخالفة التي يترتب عليها الجزاء.
4 - إذ كان البين من الأوراق أن مورث الطاعنين تخلف عن الحضور بجلسة 16/ 5/ 1992 قبل سريان القانون 23 لسنة 1992 قررت المحكمة المطعون في حكمها شطب الاستئناف وبجلسة 17/ 4/ 1993 بعد سريان القانون المذكور مثل وكيل مورث الطاعنين وقرر بوفاته وبجلسة 25/ 10/ 1993 لم يحضر أحد عن الورثة "الطاعنين" وحضر المطعون ضده وقدم إعلان الطاعنين بتصحيح شكل الاستئناف وتمسك باعتبار الاستئناف كأن لم يكن معتداً في ذلك بواقعة الشطب الأولى لتخلف مورثهم عن الحضور بالمخالفة للقواعد القانونية الواردة في المساق القانوني المتقدم مما يصمه بعوار مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يعيبه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام على مورث الطاعنين الدعوى رقم 455 لسنة 1988 أمام محكمة طنطا الابتدائية مأمورية بنها بطلب الحكم بطرده من المحلات الثلاثة محل النزاع وقال بياناً لذلك إنه عين حارساً قضائياً على العقار الكائن به عين النزاع وأن مورث الطاعنين يضع اليد عليهم بدون سند فأقام الدعوى. حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف مورث الطاعنين هذا الحكم بالاستئناف رقم 889 لسنة 22 ق طنطا مأمورية بنها وبتاريخ 15/ 12/ 1993 قضت المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه عول في قضائه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم حضورهم بجلسة 25/ 10/ 1993 وسابقة صدور قرار المحكمة بجلسة 16/ 5/ 1992 بشطبه لتخلف مورثهم عن الحضور وذلك قبل تعديل المادة 82 من قانون المرافعات بالقانون رقم 23 لسنة 1992 فلا يعول عليه كسابقة شطب في إعمال الجزاء الوارد بتلك المادة مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 82/ 1 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992على أنه "إذا لم يحضر المدعي ولا المدعى عليه حكمت المحكمة في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها وإلا قررت شطبها فإذا بقيت الدعوى مشطوبة ستين يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها اعتبرت كأن لم تكن"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أوجب على المحكمة أن تحكم في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها وذلك إذا كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم فيها وإلا قررت شطبها، وهدف المشرع من هذا النص تفادي تراكم القضايا أمام المحاكم ونصت المادة على لون من الجزاء قرره المشرع في حالة ما إذا قصر المدعي في موالاة السير في الدعوى وحثه على متابعة إجراءاتها بأن نص على اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا عجل المدعي دعواه بعد انقضاء هذه المدة، وهذا الجزاء لا يتعلق بالنظام العام ويعتبر من الدفوع الشكلية ولكنه يقع بقوة القانون فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ويزول إذا تنازل عنه صراحة أو إذا أجاب عن الدعوى وتعرض لموضوعها، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إعلان الخصوم بتعجيل السير في الدعوى بعد شطبها يجب أن يتم خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 82/ 1 سالفة البيان ولا يغني عن ذلك تقديم صحيفة التجديد إلى قلم الكتاب خلال هذا الأجل ومن ثم فإن المدعي إذا كان غير جاد في دعواه قد يعمد إلى إطالة أمد النزاع والتغيب عن الحضور ليتقرر شطب الدعوى ثم يطلب السير فيها في الأجل، المحدد ثم يعود للتغيب عن الحضور فيتكرر شطبها عديد من المرات لذلك رأى المشرع تعديل حكم الفقرة الأولى من المادة 82 بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992 فنصت في حكمها الجديد على أنه "إذا انقضى ستون يوماً ولم يطلب أحد من الخصوم السير فيها أو لم يحضر الطرفان بعد السير فيها اعتبرت كأن لم تكن". ومؤدى هذا التعديل الذي أدخله المشرع على المادة 82/ 1 من قانون المرافعات أنه لا يجوز للمحكمة أن تشطب الدعوى إلا مرة واحدة وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 23 لسنة 1992 في تعليقها على المادة 82/ 1 بعد تعديلها، ومما تقدم يبين أن الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن وفقاً للحكم المستحدث جزاءاً على تكرار التغيب عن الحضور مع سبق القضاء بشطب الدعوى، يشترط لتوقيع هذا الجزاء أولاً: أن يكون قرار الشطب السابق قد صدر في ظل القانون رقم 23 لسنة 1992 أي بعد تاريخ العمل به في 1/ 10/ 1992 إذ أن الجزاء المستحدث باعتبار الدعوى كأن لم تكن في هذه الحالة هو أثر للشطب لا ينفصل عنه ويترتب عليه إذ الأصل أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع فلا يجوز أن يعتد في توقيعه بإجراء سابق على تقريره إذ قد يكون قرار الشطب السابق على أول أكتوبر سنة 1992 نتيجة ظروف أخرى لا يقصد فيها المدعي تعمد تعطيل الفصل في دعواه ومن ثم لا يستساغ القول بأن العبرة بوقوع الواقعة الأخيرة وهي التخلف عن الحضور في ظل القانون الجديد حتى لا يتعارض ذلك مع قواعد العدالة بدعوى الإسراع في الفصل في القضايا، ثانياً: أن يكون الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن وفقاً للحكم المستحدث سالف البيان جزاءً لذات الخصم الصادر بشأنه قرار الشطب إذ أن الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن هو جزاء رتبه المشرع على المدعي غير الجاد في دعواه والذي يتعمد إطالة أمد التقاضي أمام المحاكم بالتغيب عن الحضور أمام المحكمة بعد القضاء بشطب الدعوى ومن ثم فهو نوع من الجزاء، والأصل في الجزاء أن يكون شخصياً يلحق الشخص مرتكب المخالفة فإذا كان المدعي قد تخلف عن الحضور أمام المحكمة فقررت شطب دعواه فيتعين أن يوقع الجزاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وقد سبق القول بأن هذا الجزاء أثر للشطب ولا ينفصل عنه ويترتب عليه ويعتبر شرطاً من شروط توقيعه على ذات المدعي الذي قررت المحكمة شطب دعواه دون أي شخص آخر فشطب الدعوى لتخلف المدعي عن الحضور لا يعتد به ولا يعول عليه إذا تخلف ورثته من بعد وفاته عن الحضور أمام المحكمة بعد ذلك ولا يسوغ القول في هذا الشأن بأن الورثة هم الخلف العام للمدعي ملتزمون بما يلتزم به مورثهم لأن الخلافة قاصرة على انتقال الالتزامات والحقوق ويخرج عن هذا النطاق أنواع الجزاءات التي يرتبها المشرع على مخالفة الخصم لحكم من أحكام القانون فالأصل فيها أن تكون شخصية لا تلحق إلا ذات الشخص مرتكب المخالفة التي يترتب عليها الجزاء. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن مورث الطاعنين تخلف عن الحضور بجلسة 16/ 5/ 1992 قبل سريان القانون 23 لسنة 1992 قررت المحكمة المطعون في حكمها شطب الاستئناف وبجلسة 17/ 4/ 1993 بعد سريان القانون المذكور مثل وكيل مورث الطاعنين وقرر بوفاته وبجلسة 25/ 10/ 1993 لم يحضر أحد عن الورثة (الطاعنين) وحضر المطعون ضده وقدم إعلان الطاعنين بتصحيح شكل الاستئناف وتمسك باعتباره كأن لم يكن، وإذ قضى الحكم المطعون فيه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن مقيداً في ذلك بواقعة الشطب الأولى لتخلف مورثهم عن الحضور بالمخالفة للقواعد القانونية الواردة في المساق القانوني المتقدم، مما يصمه بقرار مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.