أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 316

جلسة 28 من فبراير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ لطفي عبد العزيز - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ خيري فخري، حسين نعمان، فتحي محمد حنضل - نواب رئيس المحكمة، والسيد عبد الحكيم السيد.

(59)
الطعنان رقما 348، 395 لسنة 61 القضائية

(1 - 3) وكالة "حدود الوكالة: تصرفات النائب". عقد "عقد الكفالة". رهن "الرهن الرسمي". تأمينات عينية. كفالة.
(1) إبرام النائب عقود باسم الأصيل في حدود نيابته. انصراف آثاره من حقوق والتزامات إلى الأصيل. م 105 مدني.
(2) عقد الكفالة. مقتضاه. تعهد الكفيل بأداء مبلغ الدين للدائن إذا لم يوفه له المدين.
(3) الرهن الرسمي يُرتب للدائن المرتهن حقاً عينياً على العقار المرهون لوفاء الدين. أثره. تقديمه على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن العقار المرهون في أي يد تكون. الراهن إما أن يكون المدين نفسه أو كفيلاً عينياً آخر يتكفل بضمان الوفاء بدين على الغير. عدم مباشرة الكفيل العيني الرهن الرسمي بنفسه وقيام غيره به نيابة عنه. وجوب صدور وكالة خاصة منه له.
(4 - 6) التزام "التضامن بين المدينين". شركات "شركات التضامن". وكالة "نطاق الوكالة". عقد "عقد الكفالة". رهن "الرهن الرسمي". تأمينات عينية. كفالة.
(4) الشريك المتضامن. مسئوليته في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة بالتضامن مع باقي الشركاء ولو كان الدين محل المطالبة في ذمة الشركة وحدها. علة ذلك.
(5) التعرف على مدى سعة الوكالة. مناطه. الرجوع إلى عبارة التوكيل ذاته وما جرت به نصوصه والملابسات التي صدر فيها وظروف الدعوى.
(6) صدور توكيل من الطاعن للمطعون ضده الأول يخوله التوقيع نيابة عنه على العقود في بيع وشراء ورهن الأراضي وإدارة شركة التضامن القائمة بينهما. مؤداه. إبرام الوكيل عقد القرض المضمون بالرهن العقاري مع البنك المطعون ضده باسم الشركة ورهن قطعة أرض مملوكة للأخير ضماناً لهذا القرض. أثره. صيرورة الطاعن مسئولاً في أمواله الخاصة عن ذلك القرض بالتضامن مع باقي الشركاء وانصراف الرهن إليه. اعتباره كفيلاً متضامناً وراهناً.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 105 من القانون المدني أن ما يبرمه النائب في حدود نيابته من عقود باسم الأصيل فإن ما ينشأ عنها من حقوق والتزامات ينصرف إلى الأصيل.
2 - مقتضى عقد الكفالة أن الكفيل يتعهد بأداء مبلغ الدين للدائن إذا لم يوفه له المدين.
3 - النص في المادة 1030 من القانون المدني يدل على أن الرهن الرسمي يرتب للدائن المرتهن حقاً عينياً على العقار المرهون لوفاء الدين ويكون له بموجب هذا الحق أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن العقار المرهون في أي يد تكون، والراهن قد يكون هو المدين نفسه أو كفيلاً عينياً آخر يتكفل بضمان الوفاء بدين على الغير، وإذا لم يباشر الكفيل العيني الرهن الرسمي بنفسه وقام به غيره نيابة عنه، وجب أن يكون صادراً منه له وكالة خاصة.
4 - الشريك في شركة التضامن يُسأل في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة بالتضامن مع بقية الشركاء عملاً بنص المادة 22 من قانون التجارة ولو كان الدين محل المطالبة ثابتاً في ذمة الشركة وحدها، ودون نظر لنصيب الشريك في رأس مال الشركة إذ أن مسئوليته بلا حدود.
5 - المناط في التعرف على مدى سعة الوكالة من حيث ما تشتمل عليه من تصرفات قانونية خول الموكل للوكيل إجراءها يتحدد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالرجوع إلى عبارة التوكيل ذاته وما جرت به نصوصه وإلى الملابسات التي صدر فيها التوكيل وظروف الدعوى.
6 - لما كان البين من الأوراق أن الطاعن أصدر إلى أخيه المطعون ضده الأول التوكيل الرسمي العام رقم (....) توثيق دمنهور يخوله التوقيع نيابة عنه على العقود في بيع وشراء ورهن الأراضي الزراعية والفضاء وكافة العقارات وإدارة شركة التضامن القائمة بينهما وإذ أبرم المذكور عقد القرض المضمون بالرهن العقاري مع المطعون ضده الثاني باسم شركة التضامن التي تنتظمه هو والطاعن - باعتباره شريكاً متضامناً وهو ما لا يماري فيه الطاعن - كما رهن قطعة الأرض المملوكة للأخير ضماناً لهذا القرض بمقتضى التوكيل آنف البيان فإن الأثر المترتب على ذلك أن يصبح الطاعن - باعتباره شريكاً في شركة التضامن - مسئولاً في أمواله الخاصة عن ذلك القرض بالتضامن مع باقي الشركاء كما ينصرف إليه الرهن الذي أبرمه وكيله نيابة عنه فيُعدّ بهذه المثابة كفيلاً متضامناً وراهناً حتى ولو كان الدين في ذمة شركة التضامن وحدها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول عن نفسه وبصفته مديراً لشركة ( ) وشريكه ( ) والثانية في الطعن رقم 348 سنة 61 ق أقاما على البنك الطاعن الدعوى رقم 3108 سنة 1987 مدني دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بعدم نفاذ عقد القرض الرسمي المضمون بالرهن العقاري المبرم بين المطعون ضده الثالث والطاعن وعدم الاعتداد بالرهن الوارد على الأرض المملوكة لهما وإلغاء وشطب التسجيلات المترتبة على هذا العقد، وذلك على سند من أن المطعون ضده الثالث وهو شريك لأولهما في شركة التضامن المذكور قد أبرم مع البنك الطاعن عقد قرض رسمي مضمون برهن عقاري باسم الشركة المشار إليها وضماناً لهذا القرض رهن قطعتي الأرض المملوكتين لهما المبينتين في الأوراق ووقع نيابة عن أولهما بموجب التوكيل رقم ( ) توثيق عام دمنهور وعن الثانية بالتوكيل رقم ( )، ولما كانت هذه الأخيرة تُعدّ من الغير بالنسبة للشركة، وكان الأول هو المدير المسئول للشركة وله حق إدارتها والتوقيع نيابة عنها بمفرده طبقاً لعقد تأسيسها وكان التوكيل الصادر من كل منهما خلواً من تفويض المذكور في الاقتراض باسم الشركة أو رهن أراضيهما لصالحها ومن ثم فلا ينفذ عقد القرض المضمون بالرهن سالف الذكر في حقهما أو في حق الشركة، قضت المحكمة برفض الدعوى بحكم استأنفه المطعون ضدهما الأولين بالاستئناف رقم 51 سنة 46 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور" وفيه قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وبعدم نفاذ العقد المنوه عنه في حقها وعدم اعتبار قطعة الأرض المملوكة لها مرهونة لصالح البنك وإلغاء كافة التسجيلات المترتبة على ذلك وتأيد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 348 لسنة 61 ق، كما طعن فيه المطعون ضده الأول بالطعن رقم 395 لسنة 61 ق، وقدمت النيابة مذكرة في كل طعن وأبدت الرأي في الطعن الأول بنقض الحكم المطعون فيه وفي الطعن الثاني برفضه، وعرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما بعد أن ضمت الطعن الثاني للأول التزمت فيها النيابة رأيها.
أولاً: الطعن رقم 348 لسنة 61 ق:
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، إذ قام قضاءه بعدم نفاذ عقد القرض والرهن في حق المطعون ضدها الثانية على قالة إنها لا صلة لها بالشركة المقترضة وتُعد من قبيل الغير فلا يسري تصرف الشريكين في حقها إلاّ بوكالة خاصة، وأن عبارات التوكيل الصادر منها للمطعون ضده الثالث خلت مما يجيز له التوقيع على هذا العقد، مع أن الثابت من هذا التوكيل أنه يجيز به الاقتراض ورهن الأراضي الزراعية والفضاء والعقارات المملوكة لها نيابة عنها وبالإضافة إلى التصرفات الواردة فيه، كما اشتمل عقد القرض في بنده الثالث على كفالة المطعون ضدها المذكورة للمقترضين في سداد القرض كفالة شخصية وعينية، ووقع وكيلها المذكور على هذا العقد نيابة عنها بتوكيل يتسع لذلك، وبالتالي ينصرف أثر ذلك العقد إليها ويكون نافذاً في حقها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر مغفلاً إعمال عقدي الكفالة والوكالة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 105 من القانون المدني أن ما يبرمه النائب في حدود نيابته من عقود باسم الأصيل فإن ما ينشأ عنها من حقوق والتزامات ينصرف إلى الأصيل، وأن مقتضى عقد الكفالة أن الكفيل يتعهد بأداء مبلغ الدين للدائن إذا لم يوفه له المدين، كما أن النص في المادة 1030 من القانون المدني يدل على أن الرهن الرسمي يرتب للدائن المرتهن حقاً عينياً على العقار المرهون لوفاء الدين ويكون له بموجب هذا الحق أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن العقار المرهون في أي يد تكون، والراهن قد يكون هو المدين نفسه أو كفيلاً عينياً آخر يتكفل بضمان الوفاء بدين على الغير، وإذا لم يباشر الكفيل العيني الرهن الرسمي بنفسه وقام به غيره نيابة عنه، وجب أن يكون صادراً منه له وكالة خاصة. لما كان ذلك، وكان الثابت من عقد القرض والرهن مثار التداعي أن المطعون ضده الثالث قد أبرم عقد القرض باسم الشركة آنفة الذكر وضماناً لهذا القرض رهنت المطعون ضدها الثانية قطعة الأرض المملوكة لها ووقع المذكور نيابة عنها على هذه الكفالة العينية بموجب التوكيل رقم ( ) دمنهور، والذي يتسع - حسب البين من عبارته - للاقتراض ورهن الأراضي الزراعية والفضاء وغيرها من العقارات، مما يُعد وكالة خاصة صادرة منها خولت بمقتضاها وكيلها المذكور في رهن أرض التداعي، وكان البين من النص في البندين الثالث والرابع من عقد القرض التزام المطعون ضدها الثانية مع الكفيل العيني الآخر - المطعون ضده الأول - بالوفاء بالقرض وملحقاته مع رهن قطعة الأرض المملوكة لها ضماناً لذلك، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه في خصوص عدم نفاذ هذا العقد في حق المطعون ضدها الثانية على قالة إنها من الغير بالنسبة للشركة ولا يُعتد بهذا التصرف قبلها إلاّ بموجب وكالة خاصة، وهو ما خلا منه التوكيل الصادر منها إليه، وكان هذا الذي ساقه الحكم ركيزة لقضائه يخالف عبارات عقدي الوكالة والقرض المضمون بالرهن الرسمي على نحو ما سلف فتكون المطعون ضدها الثانية كفيلاً عينياً ضامناً سداد ذلك القرض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع بالنسبة لهذا الشق من الحكم صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في استئناف المطعون ضدها الثانية برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
ثانياً: الطعن رقم 395 لسنة 61 ق:
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ أقام قضاءه برفض دعواه على ما ذهب إليه من أن المطعون ضده الأول عندما أبرم عقد القرض المضمون بالرهن العقاري مع البنك المطعون ضده الثاني إنما تعاقد باعتباره شريكاً متضامناً في شركة التضامن القائمة بينهما وباسمها وبموجب توكيل يبيح له ذلك ومن ثم يسري هذا العقد في حق الشركة والشركاء في حين أن المذكور ليس مديراً للشركة ولا يحق له التوقيع باسمها، كما أن التوكيل الصادر منه إليه لا يخول له إجراء هذه التصرفات، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الشريك في شركة التضامن يُسأل في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة بالتضامن مع بقية الشركاء عملاً بنص المادة 22 من قانون التجارة ولو كان الدين محل المطالبة ثابتاً في ذمة الشركة وحدها، ودون نظر لنصيب الشريك في رأس مال الشركة إذ أن مسئوليته بلا حدود، كما أن المناط في التعرف على مدى سعة الوكالة من حيث ما تشتمل عليه من تصرفات قانونية خول الموكل للوكيل إجراءها يتحدد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالرجوع إلى عبارة التوكيل ذاته وما جرت به نصوصه وإلى الملابسات التي صدر فيها التوكيل وظروف الدعوى. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن أصدر إلى أخيه المطعون ضده الأول التوكيل الرسمي العام ( ) توثيق دمنهور يخوله التوقيع نيابة عنه على العقود في بيع وشراء ورهن الأراضي الزراعية والفضاء وكافة العقارات وإدارة شركة التضامن القائمة بينهما، وإذ أبرم المذكور عقد القرض المضمون بالرهن العقاري مع المطعون ضده الثاني باسم شركة التضامن التي تنتظمه هو والطاعن - باعتباره شريكاً متضامناً وهو ما لا يماري فيه الطاعن - كما رهن قطعة الأرض المملوكة للأخير ضماناً لهذا القرض بمقتضى التوكيل آنف البيان فإن الأثر المترتب على ذلك أن يصبح الطاعن - باعتباره شريكاً في شركة التضامن - مسئولاً في أمواله الخاصة عن ذلك القرض بالتضامن مع باقي الشركاء كما ينصرف إليه الرهن الذي أبرمه وكيله نيابة عنه فيعد بهذه المثابة كفيلاً متضامناً وراهناً حتى ولو كان الدين في ذمة شركة التضامن وحدها، وإذ وافق قضاء الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويضحى النعي عليه بما سلف على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.