أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1579

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطة، محمد بدر الدين المتناوى، شكري جمعة حسين ومحمد الجابري نواب رئيس المحكمة.

(295)
الطعن رقم 2938 لسنة 64 القضائية

(1، 2) إثبات "طرق الإثبات". دفاع "الدفاع الجوهري". حكم "تسبيبه" "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". محكمة الموضوع "مسائل الإثبات".
(1) إغفال الحكم بحث دفاع جوهري للخصم. أثره. قصور مبطل.
(2) الدفاع الجوهري. حق الخصم في طلب إثباته أو نفيه بإحدى وسائل الإثبات الجائزة قانوناً إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة في الإثبات.
(3) إيجار "إيجار الأماكن: الإخلاء لعدم سداد الأجرة: التكليف بالوفاء". دعوى "قبول الدعوى". بطلان. نظام عام.
تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة. شرط أساسي لقبول دعوى الإخلاء. م 18/ ب ق 136 لسنة 1981. خلو الدعوى منه أو وقوعه باطلاً أو تضمنه أجرة سبق الوفاء بها أو غير قانونية. أثره. عدم قبول الدعوى. تعلق ذلك بالنظام العام.
(4) دعوى "الدفاع في الدعوى". حكم "تسبيبه: الإخلال بحق الدفاع".
رفض الحكم المطعون فيه إجابة الطاعن إلى طلب إحالة الدعوى للتحقيق أو ندب خبير لإثبات دفاعه بشأن سداده الأجرة وثمن استهلاك المياه وتمسكه ببطلان التكليف بالوفاء. دفاع جوهري - الالتفات عنه. إخلال بحق الدفاع.
(5 - 8) إثبات "اليمين الحاسمة". محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه: الإخلال بحق الدفاع".
(5) اليمين لغة. المقصود بها - إخبار عن أمر مع الاستشهاد بالله تعالى على صدق الخبر. مؤدى ذلك. اعتباره عملاً مدنياً ودينياً.
(6) اليمين الحاسمة. ماهيته. ملك للخصم لا للقاضي. مؤداه. له طلب توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى وعلى القاضي إجابته لطلبه. شروط ذلك. أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها غير مخالفة لقاعدة من النظام العام. حالات رفض طلبها. إذا كانت غير منتجة في الدعوى أو كان في توجيهها تعسفاً من الخصم.
(7) اليمين الحاسمة. جواز توجيهها على سبيل الاحتياط وقبل كل دفاع أو بعده أثناء نظر الدعوى وحتى صدور حكم نهائي فيها. خلو التشريع المصري الحالي مما يحرمه، إذ يتعذر على طالب توجيهها معرفة رأي المحكمة في الأدلة التي ساقها خاصة في الأنزعة التي تفصل فيها بصفة انتهائية إلا بعد الحكم في النزاع فلا مفر من توجيهها أثناء نظر النزاع. علة ذلك.
(8) إغفال الحكم المطعون فيه الرد على طلب الطاعن توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط لإثبات دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. إخلال بحق الدفاع يوجب نقضه. علة ذلك.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها الحكم إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية ويترتب عليه البطلان.
2 - المقرر - أن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفي دفاع جوهري بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانوناً هو حق له إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة في الإثبات.
3 - المقرر - أن المشرع في المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 أوجب على المؤجر تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة بكتاب موصى عليه أو بإعلان على يد محضر قبل رفع الدعوى بالإخلاء لعدم سداد الأجرة وأعتبر التكليف بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول الدعوى فإذا خلت الدعوى منه أو وقع باطلاً لتضمنه أجرة سبق الوفاء بها أو أجرة غير قانونية تعين الحكم بعدم قبول الدعوى وهي مسألة متعلقة بالنظام العام تقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك المدعى عليه بها، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك بسداد الأجرة عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 8/ 1991 وكذلك ثمن استهلاك المياه عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 10/ 1991 وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لتحقيق دفاعه وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب بدعوى أن المادة 27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 نصت على أن يتم سداد الأجرة بمقتضى طريق معين واجب الإتباع ولا يجوز للمستأجر سلوك طريق آخر في حين أن المطعون ضدهم لم يعترضوا أمام المحكمة على طلب الطاعن ومن ثم يجوز للأخير إثبات هذا الوفاء بتلك الطرق سيما وأن الطاعن هو المدين بالأجرة وهو المكلف بإثبات السداد وليس في ذلك أي مخالفة لنص المادة الأولى من قانون الإثبات ولا يترتب عليه نقل عبء الإثبات.
4 - لما كان الطاعن قد تمسك ببطلان التكليف بالوفاء إذ أن الأجرة التي ادعى سدادها هي جزء من الأجرة الواردة بإنذار التكليف بالوفاء الموجه من المطعون ضدهم إلى الطاعن ومن المسلم به أن بطلان التكليف من المسائل المتعلقة بالنظام العام وإذ رفض الحكم إجابة الطاعن إلى طلب التحقيق أو ندب خبير لتحقيق دفاعه بسداد الأجرة وثمن استهلاك المياه عن المدة المدونة بطلبه فإنه يكون معيباً.
5 - اليمين لغة هو إخبار عن أمر مع الاستشهاد بالله تعالى على صدق الخبر فهو لا يعتبر عملاً مدنياً فحسب بل هو أيضاً عمل ديني فطلب اليمين يلجأ إلى ذمة خصمه والحالف عندما يؤدي اليمين إنما يستشهد بالله ويستنزل عقابه.
6 - نصت مواد الباب السادس من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 في المواد من 114 حتى 130 على طلب اليمين الحاسمة وشروط توجيهها ويستدل منها على أن اليمين ملك للخصم لا للقاضي ويجوز للخصم توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى وعلى القاضي أن يجيب الخصم لطلبه متى توافرت شروط توجيهها وهي أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وغير مخالفة لقاعدة من النظام العام ويجوز للقاضي أن يرفضها إذا كانت غير منتجة أو كان توجيهها تعسفاً من الخصم.
7 - توجيه اليمين الحاسمة احتكام لضمير الخصم لحسم النزاع كله أو في شق منه عندما يعوز الخصم الدليل لإثبات دعواه سيما عندما يتشدد القانون في اقتضاء أدلة معينة للإثبات ويتمسك الخصم الآخر بذلك فإن حلفها الخصم فقد أثبت إنكاره لصحة الإدعاء ويتعين رفضه وإن كان ذلك بمثابة إقرار ضمني بصحة الإدعاء ووجب الحكم عليه بمقتضى هذا الإقرار ولا يغير من ذلك أن يكون طلب توجيه اليمين الحاسمة من باب الاحتياط بعد العمل بقانون المرافعات الحالي وقانون الإثبات ذلك أن المادة 166 من قانون المرافعات الأهلي والمادة 187 من قانون المرافعات المختلط كانتا تنصان على أنه لا يجوز التكليف من باب الاحتياط باليمين الحاسمة لأن التكليف بتلك اليمين يفيد ترك ما عداها من أوجه الإثبات ومن ثم فقد سار القضاء في ذلك الوقت على عدم جواز توجيه اليمين بصفة احتياطية إلا أن هذا القضاء قد يؤدي إلى ضياع حق المدعي الذي قد يملك أدلة قد لا تقبلها المحكمة منه فيرى التمسك بتوجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط والعدالة تقتضي أن يسمح له بعرض أدلته على المحكمة مع الاحتفاظ بحقه في توجيه اليمين إذا رفضت المحكمة الأخذ بتلك الأدلة لأن اليمين طريق احتياطي أخير يلجأ إليه الخصم عندما يعوزه الدليل فيجب أن يبقى هذا الطريق مفتوحاً إمامه إلى أن يستنفذ ما لديه من أدلة، وإذ صدر قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 استبعد نص المادة 166/ 187 من القانون السابق عليه على اعتبار أن حكمها موضوعي وليس محله قانون المرافعات ومن جهة أخرى لم يرد على هذا الحكم نص في قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، كما صدر التقنين المدني الجديد خالياً من نص مماثل كان يشتمل عليه التقنين المدني السابق "المادة 225 مدني أهلي، 290 مدني مختلط) من أن التكليف باليمين يعني أن طالبها ترك حقه فيما عداها من أوجه الثبوت فأصبح النص على تحريم توجيه اليمين على سبيل الاحتياط غير موجود في التشريع المصري الحالي فيكون قد أقر ضمناً الرأي الراجح في الفقه والقضاء الذي يقضي بجواز توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط إذ يتعذر على الخصم أن يتعرف على رأي المحكمة في الأدلة التي ساقها خاصة إذا كان النزاع مطروحاً أمام محكمة الاستئناف أو أمام محكمة أول درجة في الأنزعة التي فصل فيها بصفة انتهائية إلا بعد الحكم في النزاع فأصبح الباب منغلقاً أمامه لإبداء حقه في التمسك بتوجيه اليمين الحاسمة إذا ما رفضت المحكمة الأدلة الأخرى التي تمسك بها بصدور حكم نهائي في النزاع فلا يستطيع بعد ذلك أن يوجه اليمين الحاسمة إلى خصمه ومن ثم فلا مفر إلا أن يتمسك الخصم باليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط أثناء نظر الدعوى وقد ساير قضاء هذه المحكمة الرأي الراجح في الفقه وأجاز توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط وأجاز توجيهها قبل كل دفاع أو بعده.
8 - لما كان الثابت من الإطلاع على محضر جلسة 17/ 10/ 1993 أن المستأنف (الطاعن) حضر عنه الأستاذ.... المحامي بالتوكيل رقم 6905 لسنة 1991 عام شبرا الخيمة وتمسك بجلسة 28/ 11/ 1993 بسداده الأجرة عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 8/ 1991 ومقابل استهلاك المياه عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 10/ 1991 وهي جزء من الأجرة وملحقاتها المطلوبة في التكليف بالوفاء المعلن للطاعن في 22/ 2/ 1992 وطلب احتياطياً توجيه اليمين الحاسمة إلى والدة المطعون ضده وهي السيدة....... أحد الخصوم في الدعوى وتمسك بجلسة 12/ 1/ 1994 ببطلان التكليف بالوفاء لتضمنه المطالبة بأجرة غير مستحقة سبق الوفاء بها وقدم ضمن أوراق الطعن التوكيل رقم 6905 لسنة 1991 عام شبرا الخيمة الصادر منه للأستاذ...... المحامي الذي يخوله رفع الطعن الماثل وهو ذات التوكيل الذي حضر بموجبه المحامي المذكور أمام الاستئناف وقد أجاز له الطاعن طلب توجيه اليمين الحاسمة وكانت الواقعة محل الاستحلاف متعلقة بالنزاع ومنتجة في الدعوى سيما وأنها عن جزء من الأجرة والملحقات التي تضمنها التكليف بالوفاء وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الطلب وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ومن ثم يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع الذي يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده عن نفسه وبصفته ممثلاً عن إخوته ووالدته...... أقام على الطاعن الدعوى رقم 584 سنة 1992 أمام محكمة بنها الابتدائية "مأمورية قليوب" بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقال في شرحها إن الطاعن استأجر الشقة محل النزاع بأجرة شهرية قدرها 9.750 مليمجـ بالإضافة إلى ثمن استهلاك المياه وقد تخلف عن سداد الأجرة عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 8/ 1991، أجرة شهري يناير وفبراير سنة 1992 وثمن استهلاك المياه عن المدة 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 10/ 1991 برغم تكليفه بالوفاء بها ولما لم يستجب أقام الدعوى حكمت المحكمة بالإخلاء والتسليم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 982 سنة 26 ق طنطا "مأمورية بنها" وتمسك في دفاعه بجلسة 28/ 11/ 1993 بأنه سدد الأجرة عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 8/ 1991 وثمن استهلاك المياه عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 10/ 1991 لوالدة المطعون ضده وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعه واحتياطياً توجيه اليمين الحاسمة لوالدة المطعون ضده وتمسك بجلسة 12/ 1/ 1994 ببطلان التكليف بالوفاء لتضمنه مبالغ سبق الوفاء بها وبتاريخ 19/ 2/ 1994 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقد أمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف أنه قام بسداد الأجرة عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 8/ 1991 وثمن استهلاك المياه عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 10/ 1991 وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لإثبات دفاعه كما طلب توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط لوالدة المطعون ضده السيدة...... وهي أحد الخصوم في الدعوى إلا أن المحكمة رفضت دفاعه في شقه الأول على سند من أن المشرع أوجب أن يتم الوفاء بالأجرة إلى المؤجر بمقتضى إيصال مكتوب وخط للمستأجر طريقاً لإبراء ذمته من الأجرة المستحقة بالإيداع المنصوص عليه في المادة 27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بعد اتخاذ إجراءات معينه وأنه إذا تنكب المستأجر هذا الطريق فليس له أن يدعي سداد الأجرة بطريق آخر في حين أن وسيلة الإثبات التي تمسك بها هي السبيل الوحيد له في الإثبات، كما أغفل الحكم الرد على دفاعه في شقه الثاني الخاص بتوجيه اليمين ولم يقل كلمته فيه برغم أنه جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى سيما وأن الأجرة التي طلب إثبات الوفاء بها هي جزء من الأجرة التي تضمنها إنذار التكليف بالوفاء وقد تمسك ببطلانه لسابقة الوفاء بها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها الحكم إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية ويترتب عليه البطلان، كما أن المقرر أن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفي دفاع جوهري بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانوناً هو حق له إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة التي له في الإثبات ومن المقرر - أن المشرع في المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 أوجب على المؤجر تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة بكتاب موصى عليه أو بإعلان على يد محضر قبل رفع الدعوى بالإخلاء لعدم سداد الأجرة واعتبر التكليف بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول الدعوى فإذا خلت الدعوى منه أو وقع باطلاً لتصمنه أجرة سبق الوفاء بها أو أجرة غير قانونية تعين الحكم بعدم قبول الدعوى وهي مسألة متعلقة بالنظام العام تقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك المدعى عليه بها لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك بسداده الأجرة عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 8/ 1991 وكذلك ثمن استهلاك المياه عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 10/ 1991 وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لتحقيق دفاعه وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب بدعوى أن المادة 27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 نصت على أن يتم سداد الأجرة بمقتضى طريق معين واجب الإتباع ولا يجوز للمستأجر سلوك طريق آخر في حين أن المطعون ضدهم لم يعترضوا أمام المحكمة على طلب الطاعن ومن ثم يجوز للأخير إثبات هذا الوفاء بتلك الطرق سيما وأن الطاعن هو المدين بالأجرة وهو المكلف بإثبات السداد وليس في ذلك أي مخالفة لنص المادة الأولى من قانون الإثبات ولا يترتب عليه نقل عبء الإثبات كما أدعى الحكم المطعون فيه، خاصة وأن الطاعن قد تمسك ببطلان التكليف بالوفاء إذ أن الأجرة التي أدعى سدادها هي جزء من الأجرة الواردة بإنذار التكليف بالوفاء الموجه من المطعون ضدهم إلى الطاعن ومن المسلم به أن بطلان التكليف من المسائل المتعلقة بالنظام العام وإذ رفض الحكم المطعون فيه إجابة الطاعن إلى طلب التحقيق أو ندب خبير لتحقيق دفاعه بسداد الأجرة وثمن استهلاك المياه عن المدة المبينة بطلبه فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد في شقه الثاني إذ أن اليمين لغة هو إخبار عن أمر مع الاستشهاد بالله تعالى على صدق الخبر فهو لا يعتبر عملاً مدنياً فحسب بل هو أيضاً عمل ديني فطالب اليمين يلجأ إلى ذمة خصمه والحالف عندما يؤدي اليمين إنما يستشهد بالله ويستنزل عقابه وقد نصت مواد الباب السادس من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 في المواد من 114 حتى 130 على طلب اليمين الحاسمة وشروط توجيهها ويستدل منها على أن اليمين ملك للخصم لا للقاضي ويجوز للخصم توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى وعلى القاضي أن يجيب الخصم لطلبه متى توافرت شروط توجيهها وهي أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وغير مخالفة لقاعدة من النظام العام ويجوز للقاضي أن يرفضها إذا كانت غير منتجة أو كان توجيهها تعسفاً من الخصم وخلاصة القول أن توجيه اليمين الحاسمة احتكام لضمير الخصم لحسم النزاع كله أو في شق منه عندما يعوز الخصم الدليل لإثبات دعواه سيما عندما يتشدد القانون في اقتضاء أدلة معينة للإثبات ويتمسك الخصم الآخر بذلك فإن حلفها الخصم فقد أثبت إنكاره لصحة الإدعاء ويتعين رفضه وإن كان ذلك بمثابة إقرار ضمني بصحة الإدعاء ووجب الحكم عليه بمقتضى هذا الإقرار ولا يغير من ذلك أن يكون طلب توجيه اليمين الحاسمة من باب الاحتياط بعد العمل بقانون المرافعات الحالي وقانون الإثبات ذلك أن المادة 166 من قانون المرافعات الأهلي والمادة 187 من قانون المرافعات المختلط كانتا تنصان على أنه لا يجوز التكليف من باب الاحتياط باليمين الحاسمة لأن التكليف بتلك اليمين يفيد ترك ما عداها من أوجه الإثبات ومن ثم فقد سار القضاء في ذلك الوقت على عدم جواز توجيه اليمين بصفة احتياطية إلا أن هذا القضاء قد يؤدي إلى ضياع حق المدعي الذي قد يملك أدلة قد لا تقبلها المحكمة منه فيرى التمسك بتوجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط والعدالة تقتضي أن يسمح له بعرض أدلته على المحكمة مع الاحتفاظ بحقه في توجيه اليمين إذا رفضت المحكمة الأخذ بتلك الأدلة لأن اليمين طريق احتياطي أخير يلجأ إليه الخصم عندما يعوزه الدليل فيجب أن يبقى هذا الطريق مفتوحاً أمامه إلى أن يستنفذ ما لديه من أدلة، وإذ صدر قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 استبعد نص المادة 166/ 187 من القانون السابق عليه على اعتبار أن حكمها موضوعي وليس محله قانون المرافعات ومن جهة أخرى لم يرد على هذا الحكم نص في قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، كما صدر التقنين المدني الجديد خالياً من نص مماثل كان يشتمل عليه التقنين المدني السابق (المادة 225 مدني أهلي) 290 مدني مختلط من أن التكليف باليمين يعني أن طالبها ترك حقه فيما عداها من أوجه الثبوت فأصبح النص على تحريم اليمين على سبيل الاحتياط غير موجود في التشريع المصري الحالي فيكون قد أقر ضمناً الرأي الراجح في الفقه والقضاء الذي يقضي بجواز توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط إذ يتعذر على الخصم أن يتعرف على رأي المحكمة في الأدلة التي ساقها خاصة إذا كان النزاع مطروحاً أمام محكمة الاستئناف أو أمام محكمة أول درجة في الأنزعة التي تفصل فيها بصفة انتهائية إلا بعد الحكم في النزاع فأصبح الباب منغلقاً أمامه لإبداء حقه في التمسك بتوجيه اليمين الحاسمة إذا ما رفضت المحكمة الأدلة الأخرى التي تمسك بها بصدور حكم نهائي في النزاع فلا يستطيع بعد ذلك أن يوجه اليمين الحاسمة إلى خصمه ومن ثم فلا مفر إلا أن يتمسك الخصم باليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط أثناء نظر الدعوى وقد ساير قضاء هذه المحكمة الرأي الراجح في الفقه وأجاز توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط وأجاز توجيهها قبل كل دفاع أو بعده، ولما كان الثابت من الإطلاع على محضر جلسة 17/ 10/ 1993 أن المستأنف (الطاعن) حضر عنه الأستاذ...... بالتوكيل رقم 6905 لسنة 91 عام شبرا الخيمة وتمسك بجلسة 28/ 11/ 1993 بسداده الأجرة عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 8/ 1991 ومقابل استهلاك المياه عن المدة من 1/ 3/ 1991 حتى 31/ 10/ 91 وهي جزء من الأجرة وملحقاتها المطلوبة في التكليف بالوفاء المعلن للطاعن في 22/ 2/ 1992 وطلب احتياطياً توجيه اليمين الحاسمة إلى والدة المطعون ضده وهي السيدة...... أحد الخصوم في الدعوى وتمسك بجلسة 12/ 1/ 1994 ببطلان التكليف بالوفاء لتضمنه المطالبة بأجرة غير مستحقة سبق الوفاء بها وقدم ضمن أوراق الطعن التوكيل رقم 6905 لسنة 91 عام شبرا الخيمة الصادر منه للأستاذ..... الذي يخوله رفع الطعن الماثل وهو ذات التوكيل الذي حضر بموجبه المحامي المذكور أمام الاستئناف وقد أجاز له الطاعن طلب توجيه اليمين الحاسمة وكانت الواقعة محل الاستحلاف متعلقة بالنزاع ومنتجة في الدعوى سيما وأنها عن جزء من الأجرة والملحقات التي تضمنها التكليف بالوفاء وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الطلب وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ومن ثم يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع الذي يوجب أيضاً نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.