مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1765

(169)
جلسة 15 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: حنا ناشد مينا حنا ورأفت محمد السيد يوسف وفاروق علي عبد القادر ود. محمد عبد السلام مخلص - المستشارين.

الطعن رقم 1201 لسنة 33 القضائية

1 - طبيعة المنازعة في التحميل والمواعيد التي تخضع لها.
المنازعة في التحميل وإن كانت مرتبطة بقرار الجزاء إلا أنها لا تتقيد بالمواعيد المقررة قانوناً لدعوى الإلغاء - الطعن على قرار التحميل بقيمة العجز في العهدة هو في حقيقته منازعة في التعويض الذي يتحمل به لصالح الشركة استناداً إلى حكم المادة (68) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 - تطبيق.
2 - اختصاص - ما يدخل في اختصاص المحاكم التأديبية.
المنازعة في قرار التحميل تدخل في اختصاص المحكمة التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 2/ 3/ 1984 أودع الأستاذ بيومي منصور المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الشركة العامة لتجارة السلع الغذائية بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 1386 أ لسنة 1975 قصر النيل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1201 لسنة 33 ق ضد السيد/....... وذلك في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة في الطعن رقم 102 لسنة 11 ق بجلسة 4/ 1/ 1987 القاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من تحميل الطاعن بقيمة العجز الذي ظهر في عهدته من البن في الفترة من 1/ 1/ 1978 حتى 20/ 7/ 1978 ومن 26/ 7/ 1978 حتى 7/ 1/ 1979 ومن مجازاته بالخصم لمدة شهر من أجره وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة به، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وأرفق بتقرير الطعن حافظة مستندات.
وتم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 1/ 6/ 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 28/ 6/ 1988 وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو المبين في محاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة بجلسة 27/ 3/ 1990 إصدار الحكم بجلسة 15/ 5/ 1990 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عن النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 14/ 1/ 1987 وأقيم الطعن الماثل بتاريخ 2/ 3/ 1987 فإنه يكون قد أقيم خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليها قانوناً وإذ استوفى الطعن سائر الشروط والأوضاع الشكلية المقررة فإنه من ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده سبق أن أقام الطعن التأديبي رقم 102 لسنة 11 ق ضد الطاعن بأن أودع بتاريخ 2/ 6/ 1983 قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة عريضة دعواه طلب في ختامها الحكم:
(أولاً) بإلغاء قرار الشركة بمجازاته بخصم شهر من راتبه.
(ثانياً) إلزام الشركة برد المبالغ التي حصلتها منه بغير حق لتحصيل قيمة العجز في عهدته، وقال الطاعن (المطعون ضده) شرحاً لطعنه أن الشركة أوقعت عليه الجزاء المطعون فيه بمقولة أنه قد حدث عجز في عهدته من البن الأخضر كما حملته أيضاًَ بمبلغ 3301.826 جنيهاً قيمة هذا العجز، وقد نعى الطاعن على الجزاء والتحميل بأنه مخالف لأحكام القانون ذلك لأنه سبق للشركة أن أوقعت عليه الجزاء عن نفس الاتهام حيث أوقفته عن العمل ستة أشهر، كما أنه سبق لمحكمة الجنايات أن قضت ببراءته من الاتهام الذي استندت إليه الشركة في إصدار قراريها والمطعون فيهما الصادرين بمجازاته وتحميله قيمة العجز، واختتم الطاعن (المطعون ضده) عريضة طعنه أمام المحكمة التأديبية بطلب الحكم له بطلباته آنفة الذكر.
وقد نظرت المحكمة التأديبية بالمنصورة الطعن على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 4/ 1/ 1987 قضت المحكمة المذكورة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من تحميل الطاعن بقيمة العجز الذي ظهر في عهدته من البن في الفترة من 1/ 1/ 1978 حتى 20/ 7/ 1978 ومن 26/ 7/ 1978 حتى 7/ 1/ 1979 ومن مجازاته بالخصم لمدة شهر من أجره وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أقامت المحكمة التأديبية قضاءها المشار إليه تأسيساً على أن الثابت أن الطاعن يطلب في طعنه الحكم: (أولاً) بإلغاء قرار الشركة المطعون ضدها بتحميله بمبلغ 3301.826 جنيهاً قيمة العجز في عهدته من البن بفرع الشركة بالزقازيق. و(ثانياً) بإلغاء قرار رئيس مجلس الإدارة فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم أجر شهر من راتبه، وبالنسبة للشكل فيما يتعلق بقرار التحميل المطعون فيه أشارت المحكمة إلى أن هذا القرار هو بمثابة منازعة في راتب لا يتقيد الطعن عليها بالمواعيد المقررة لدعوى الإلغاء ومن ثم يكون الطعن عليه مقبولاً شكلاً.. وبالنسبة لموضوع هذا القرار أضافت المحكمة أنه ولئن كان قد صدر بشأنه حكم في الدعويين رقم 2323 و2950 لسنة 1979 عمال كلي الزقازيق وذلك بجلسة 11/ 1/ 1982 والذي انتهى إلى رفض الدعوى واستأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 121 لسنة 25 ق استئناف عمال المنصورة مأمورية الزقازيق إلا أن المستقر عليه أن الأحكام الصادرة من محكمة لا ولاية لها تحوز الحجية أمام المحكمة ذات الولاية ولما كانت المحكمة التأديبية هي المحكمة ذات الولاية العامة في مجال الفصل في مسائل تأديب العاملين طبقاً لحكم المحكمة العليا بجلستها في 4 من نوفمبر 1972 في الدعوى رقم 9 لسنة 2 ق تنازع فإنها تكون هي المختصة بنظر الطعن على قرار التحميل وإذ صدر حكم من القضاء العادي في شأن هذا القرار فإن القضاء العادي يكون قد فصل في مسألة تخرج عن حدود ولايته بالمخالفة للقانون ومن ثم لا يكون للقضاء الصادر من المحاكم العمالية في الدعويين المشار إليهما أي حجية أمام المحكمة التأديبية التي لها أن تتصدى للفصل في موضوع قرار التحميل المطعون فيه.
واستطردت المحكمة التأديبية قائلة أن الثابت أن الواقعة المنسوبة إلى الطاعن والتي كانت السبب في صدور القرارين المطعون فيهما والتي تتمثل في أنه قد حدث عجز في عهدة الطاعن من البن قد صدر في شأنها حكم من محكمة أمن الدولة العليا في قضية النيابة العامة رقم 867 لسنة 1981 قسم أول الزقازيق المقيدة برقم 68 لسنة 1981 كلي قضى ببراءة الطاعن من تهمة اختلاس كمية البن محل العجز في عهدته وعلى هذا فإنه لا يجوز للمحكمة بعد ذلك أن تعاود المجادلة في إثبات واقعة حدوث عجز في عهدة الطاعن من البن بسبب الإهمال أو الاختلاس بعد أن سبق للحكم الجنائي المشار إليه الذي حاز قوة الأمر المقضي أن نفى وقوعها كما أنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تصدر قراراً بمجازاة الطاعن وتحميله بقيمة العجز على أساس ذات الواقعة التي نفى الحكم الجنائي وقوعها ذلك لأن الحكم الجنائي المشار إليه قد نفى عن الطاعن قيامه باختلاس كمية البن محل التحقيق وأكد أنها كانت سبب الجفاف الذي لم تحسبه الشركة بكل عناصره والقول بغير ذلك فيه تناقض مع الحكم الجنائي وفضلاً عن ذلك فإن المحكمة لا تجد في الوقائع المطروحة والتي فصل فيها الحكم الجنائي فصلاً لازماً أي تكييف قانوني آخر من الناحية الإدارية يختلف عنه من الناحية الجنائية، وخلصت المحكمة التأديبية مما تقدم إلى وجوب الحكم بإلغاء القرارين المطعون فيهما.
وإذ لم يلق حكم المحكمة التأديبية بالمنصورة السالف الإشارة إليه قبولاً لدى الطاعن لذا فقد أقام طعنه الماثل طالباً إلغاء الحكم بعد أن نعى عليه أنه صدر على خلاف أحكام القانون وذلك للأسباب الآتية:
أولاً - إن الحكم المطعون عليه أخطأ عندما قضى بقبول الطعن شكلاً بالنسبة لقرار التحميل المطعون عليه تأسيساً على أن المنازعة في هذا القرار هي منازعة في راتب لا تتقيد بالمواعيد المقررة لدعوى الإلغاء ذلك أن هذا القرار يتقيد الطعن عليه بمواعيد دعوى الإلغاء وعلى هذا كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لذلك القرار.
ثانياًَ - إن المحكمة قد أخطأت في حكمها المطعون عليه إذ اعتبرت مطالبة المطعون ضده رد قيمة العجز الذي سدده من قبيل دعاوى التعويض وعليه انتهت المحكمة إلى القول باختصاصها بنظر الطعن عليه وعدم اختصاص المحكمة العمالية التي سبق أن نظرت الطعن على هذا القرار وانتهت إلى رفض دعوى المطعون ضده وتوصلت بذلك إلى أن حكم المحكمة العمالية لا يحوز أي حجية قبلها ولها أن تتصدى للفصل في موضوع قرار التحميل ذلك لأن أداء المطعون ضده لقيمة العجز ثم المنازعة في ذلك بطلب براءة ذمته لا يعد من قبيل التعويض.
ثالثاً - إن الحكم الجنائي الذي استندت إليه المحكمة في إلغاء القرارين المطعون فيهما قضى ببراءة المطعون ضده تأسيساً على عدم اطمئنان المحكمة إلى الاتهام المسند إليه بالاختلاس ولم تفصل في مسألة إهمال الطاعن في المحافظة على السلع المسلمة إليه بحكم وظيفته والذي على أساسها صدر القراران المطعون فيهما والمستقر عليه أن انتفاء المسئولية الجنائية لا ينفي المسئولية التأديبية والمدنية.
وقد أودعت الشركة الطاعنة بتقرير طعنها حافظة مستندات اشتملت على:
1 - صورة من الحكم المطعون عليه رقم 102 لسنة 11 ق الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة.
2 - صورة مذكرة بدفاع الشركة الطاعنة في الدعوى المطعون عليها.
3 - صورة طلب التعويض المقدم من المطعون ضده إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة.
وبجلسة 20/ 4/ 1988 وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أودع المطعون ضده مذكرة أولية بدفاعه انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعنة المصروفات والأتعاب وبجلسة 29/ 11/ 1988 أودع المطعون ضده حافظة مستندات طويت على شهادة رسمية مؤرخة 23/ 11/ 1988 صادرة من مأمورية استئناف الزقازيق تفيد أن الاستئناف رقم 121 لسنة 25 ق تحدد لنظره جلسة 15/ 2/ 1989 وتدوول بالجلسات وأنه تأجل نظره لجلسة 12/ 3/ 1989 ليقدم الخبير تقريره، كما أودع المطعون ضده في ذات الجلسة مذكرة ثانية بدفاعه التمس فيها الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه، كما أنه بجلسة 27/ 2/ 1990 أودع المطعون ضده مذكرة ثالثة بدفاعه صمم فيها على طلباته المبينة بمذكرة دفاعه الأولى.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن فإنه مردود بأن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن المنازعة في التحميل وإن كانت مرتبطة بقرار الجزاء إلا أنها لا تتقيد بالمواعيد المقررة قانوناً لدعوى الإلغاء (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 282 لسنة 26 ق بجلسة 7/ 2/ 1984) وعلى هذا فإن طعن المطعون ضده على قرار تحميله بقيمة العجز في عهدته لا تتقيد بمواعيد دعوى الإلغاء إذ هو في حقيقته منازعة في التعويض الذي يتحمل به لصالح الشركة التي يعمل بها استناداً إلى حكم المادة 68 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 وعلى هذا يكون طعن المطعون ضده على قرار تحميله بقيمة العجز في عهدته مقبولاً شكلاً وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه في هذا الخصوص غير قائم على أساس متعين الرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة لما تثيره الشركة الطاعنة من أن قرار تحميل المطعون ضده بقيمة العجز في عهدته قد سبق له (للمطعون ضده) أن أقام الدعويين رقمي 2323، 2950 لسنة 1979 عمال كلي الزقازيق ضد الشركة وقد قضت فيهما المحكمة العمالية بعد ضمهما بالرفض وهو أمر يقيد المحكمة التأديبية - فإن هذا القول مردود بأن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن حجية الأمر المقضي فيه لا تثبت إلا حيث يكون لجهة القضاء الولاية في الحكم الذي أصدرته (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 892 لسنة 21 ق - بجلسة 27/ 6/ 1983) ولما كانت المحكمة العليا قد انتهت في حكمها الصادر في 4 من نوفمبر سنة 1972 في الدعوى رقم 9 لسنة 2 ق "تنازع" بأن المشرع خلع على المحاكم التأديبية الولاية العامة في مجال الفصل في مسائل تأديب العاملين وفضلاً عن الدعوى التأديبية المبتدأة الاختصاص بالفصل في الطعن في أي جزاء تأديبي صادر من السلطات الرئاسية وكذلك طلبات التعويض المترتبة على جزاء وغيرها من الطلبات المرتبطة بالطلب الأصلي الخاص بإلغاء الجزاء، كما أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر أيضاً على أن المنازعة في قرار التحميل تدخل في اختصاص المحكمة التأديبية (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 426 لسنة 21 ق بجلسة 14/ 6/ 1980) ومن ثم وعلى ضوء ما تقدم فإن حكم المحكمة العمالية الصادر في الدعويين رقمي 2323، 2950 لسنة 1979 عمال كلي الزقازيق السالف الإشارة إليه يكون قد صدر من محكمة غير مختصة وبالتالي لا يحوز حجية الأمر المقضي فيه، ومن ثم فإن تصدي المحكمة التأديبية لبحث مدى سلامة قرار التحميل فيه يتفق وصحيح حكم القانون ويكون الطعن على حكم المحكمة في هذا الشأن قائماً على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة أصدرت قراريها المطعون فيهما الأول بتحميل المطعون ضده بقيمة العجز في عهدته وثانيهما بمجازاة المذكور بخصم أجر شهر من راتبه استناداً إلى وجود عجز في عهدته.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا في قضية النيابة العامة رقم 867 لسنة 1981 قسم أول الزقازيق المقيدة برقم 348 لسنة 1981 كلي القاضي ببراءة المطعون ضده من تهمة الاختلاس لا ينفي عن المذكور مخالفة الإهمال الذي أدى إلى العجز في عهدته حسبما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 220 لسنة 24 ق بجلسة 27/ 12/ 1983) إلا أنه في الطعن الماثل ولما كان الثابت من شهادة كل من نبيل بيومي منصور محامي الشركة الطاعنة وسليمان عباس سليمان مستشارها الفني في تحقيقات النيابة العامة أنه لا يجوز نسبة محددة لجفاف البن الأخضر محل العجز وإنما يختلف الحال طبقاً لظروف التخزين والمكان ومدى الرطوبة والتهوية وفصول السنة.
ومن حيث إن الأوراق قد خلت تماماً مما يدل على أن الشركة الطاعنة قد راعت هذه الأصول بالنسبة للعجز المقول به طرف المطعون ضده وإنما طبقت نسبة مئوية مقدارها 2.5 في الألف كمقابل للجفاف دون أن تأخذ في الاعتبار الأصول المشار إليها التي شهد بها كل من محامي الشركة ومستشارها الفني وعلى هذا يكون حدوث العجز في عهدة المطعون ضده لم يتم تحديده على وجه دقيق طبقاً للأصول المتبعة وبيان ما إذا كان ذلك راجعاً إلى جفاف البن أم هو نتيجة إهمال المطعون ضده لا سيما وأنه ثابت من حافظة مستندات الشركة الطاعنة المودعة في القضية رقم 103/ 79 جنح مستعجل الزقازيق أنه كان بعهدة المطعون ضده خلال المدة من يناير 1977 حتى يوليه 1978 كميات البن الآتي بيانها: 200 جرام و256 كيلو و173 طن بن برازيلي...، 150 جرام و48 كيلو و148 طن بن روبسنا أي بإجمالي قدره 350 جرام و304 كيلو و321 طن هذا فضلاً عن وجود رصيد سابق من البن البرازيلي قدره 800 جرام و464 كيلو و20 طن.
وعلى هذا فإنه يكون من غير المقبول نسبة الإهمال إلى المطعون ضده وبالتالي يكون قراراً الشركة الطاعنة الصادر أولهما بتحميل المطعون ضده بقيمة العجز في عهدته من البن والصادر ثانيهما بمجازاته بخصم شهر من أجره لإهماله في المحافظة على عهدته قد صدرا على غير أساس سليم من الواقع والقانون جديرين بالإلغاء وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه بالتالي واجب الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.