مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1819

(175)
جلسة 26 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 622 لسنة 34 القضائية

دعوى - إجراءاتها - الإعلان (عاملون مدنيون بالدولة (مرافعات).
في تقرير عدم الاهتداء إلى موطن المراد إعلانه لا يجوز الاستناد إلى ما يدعيه خصمه في الدعوى دون سند يودعه أوراق الدعوى - أساس ذلك: أن أصول المرافعات تأبى أن يؤاخذ المعلن إليه ببيان هو محض إقرار من الخصم على خصمه - بطلان الإعلان يرتب بطلان الحكم - متى استبان بطلان الإعلان وعدم علمه بتاريخ صدور الحكم وأقام الطعن لدى علمه به بعد فوات الستين يوماً ولم يثبت علمه قبل ذلك فإن الطعن يكون مقبولاً شكلاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 18 من يناير سنة 1988 أودع الأستاذ عطية عبد الحليم الجندي المحامي عن....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 622 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلستها المنعقدة في السادس من مايو سنة 1984 في الدعوى رقم 607 لسنة 11 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضي بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى التأديبية لمحكمة المنصورة التأديبية لإعادة محاكمة الطاعن وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى التأديبية إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة لإعادة محاكمة الطاعن عما هو منسوب إليه مجدداً من هيئة أخرى.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 12 من أكتوبر سنة 1988، وفي آخر ذات الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره أمامها جلسة الخامس من نوفمبر سنة 1988، حيث تداولت المحكمة نظر الطعن بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 21 من أبريل سنة 1990 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم السبت الموافق 26 من مايو سنة 1990 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه فور النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات - وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه في السادس من أبريل سنة 1983 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 607 لسنة 11 القضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة منطوية على تقرير باتهام... المدرس بمدرسة الحسينية الجديدة الابتدائية - فئة رابعة - لأنه في غضون المدة من 6/ 8/ 1981 حتى 27/ 2/ 1983 بدائرة محافظة الشرقية خالف القانون بأن انقطع عن عمله في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً، ورأت النيابة الإدارية أن المذكور بذلك يكون قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المادة 62 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة، وطلبت مساءلته عنها تأديبياً بالمادة السابقة وبالمادتين 80، 82 من القانون المشار إليه وبالمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1978 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، وبالمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة السادس من مايو سنة 1984 قضت المحكمة التأديبية بالمنصورة بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة.
وأقامت المحكمة قضاءها على ثبوت الاتهام في حق الطاعن ونعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه صدر معيباً لأنه صدر بمجازاته دون أن تنعقد الخصومة في مواجهته لأنه لم يعلن إعلاناً صحيحاً، ومن حيث إنه ولئن أجاز قانون المرافعات المدنية والتجارية في الفقرة العاشرة من المادة (13) إعلان الأوراق القضائية في مواجهة النيابة العامة، إلا أن مناط صحة هذا الإعلان أن يكون موطن المعلن إليه غير معلوم في الداخل والخارج، وهو ما لا يتأتى إلا بعد استنفاذ الجهد في سبيل التحري عن موطن المراد إعلانه فلا يكفي ألا يعلم موطن المراد إعلانه حتى يسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائي بل يجب أن يثبت السعي الجدي في سبيل التعرف على محل إقامة المراد إعلانه دون جدوى.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحكمة التأديبية بالمنصورة في 19 من نوفمبر سنة 1983 أنه تضمن أن النيابة الإدارية قدمت التحريات التي تفيد سفر المتهم (الطاعن) إلى الخارج، وقررت أنه لا يعلم له محل إقامة هناك.. وبناء على ذلك قررت المحكمة إعلان المتهم في مواجهة النيابة العامة، واستندت إلى هذا الإعلان في اعتبار الخصومة منعقدة، وبناء على ذلك صدر الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد استند فيما استند إليه من اعتبار المتهم (الطاعن) غير معلوم الموطن - إلى الإدعاء المرسل الذي أثبتته النيابة الإدارية في محضر الجلسة دون أن تقدم دليلاً عليه إذ لا يجوز أن يؤخذ المعلن إليه ببيان هو محض إقرار من الخصم على خصمه، الأمر الذي تأباه أصول المرافعات.
ومن حيث إنه في تقرير عدم الاهتداء إلى موطن المراد إعلانه لا يجوز الاستناد إلى ما يدعيه خصمه في الدعوى دون سند يودعه أوراق الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه وقد ذهب هذا المذهب يكون قد صدر معيباً لصدوره بإدانة الطاعن دون أن تنعقد الخصومة في مواجهته من خلال إعلان صحيح.
ومن حيث إنه ولئن أودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في 28 من يناير سنة 1988، بعد أكثر من ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه - في السادس من مايو سنة 1984، إلا أنه وقد استبان بطلان إعلان الطاعن، وبالتالي عدم علمه بتاريخ صدور الحكم المطعون فيه في حينه وقد أقام الطعن الماثل لدى علمه بالحكم الذي لم يثبت علمه به قبل ذلك، فإن الطعن يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن بطلان إعلان الطاعن في مواجهة النيابة العامة يرتب بطلان الحكم المطعون فيه لصدوره استناداً إلى هذا الإعلان الباطل مما يتعين معه القضاء بإلغاء هذا الحكم وإعادة الدعوى التأديبية إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة لإعادة محاكمة الطاعن عما هو منسوب إليه مجدداً من هيئة أخرى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة لإعادة محاكمة الطاعن عما هو منسوب إليه مجدداً من هيئة أخرى.