أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 379

جلسة 11 من مارس سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، عبد الرحمن العشماوي - نائبي رئيس المحكمة، محمود سعيد محمود ومحيي الدين السيد.

(72)
الطعن رقم 4076 لسنة 62 القضائية

(1) دعوى "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع "سلطتها بشأن تكييف الدعوى".
التزام محكمة الموضوع بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح. عدم تقيدها بتكييف الخصوم لها.
(2) دعوى "تكييف الدعوى" حيازة "دعاوى الحيازة".
تكييف الدعوى أنها دعوى بأصل الحق. مناطه. حقيقة المطلوب فيها. لا عبرة بالعبارات التي صيغت بها الطلبات أو عدم طلب الحكم بالملكية.
(3) دعوى "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع. نقض "سلطة محكمة النقض".
تكييف الدعوى من المسائل القانونية. خضوع محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض. للأخيرة إعطاء الوقائع الثابتة تكييفها القانوني الصحيح. شرطه. عدم اعتمادها على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها.
(4) دعوى "تكييف الدعوى" حيازة. ملكية "دعاوى الملكية". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في فهم الواقع: ما يعد كذلك".
دعوى الطاعن بطرد المطعون ضدها الرابعة من أرض النزاع التي يحوزها لاغتصابها لها مع التعويض على سند من ملكيته للأرض. تكييفها الصحيح. دعوى الحق ذاته وليست دعوى باسترداد الحيازة. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى اعتبارها من دعاوى الحيازة. خطأ في فهم الواقع.
1 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح وبإنزال حكم القانون عليها دون تقيد بتكييف الخصوم.
2 - إن العبرة في تكييف الدعوى بأنها دعوى مرفوعة بأصل الحق هي بحقيقة المطلوب فيها بصرف النظر عن العبارات التي صيغت بها الطلبات أو عدم طلب الحكم بالملكية.
3 - تكييف الدعوى من المسائل القانونية التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض التي لها في هذا الصدد أن تعطي الوقائع الثابتة تكييفها القانوني الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها.
4 - إذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعن رفعها وطلب فيها طرد المطعون ضدها الرابعة من أرض النزاع التي يحوزها، وذلك لاغتصابها لها مع الحكم له عليها بتعويض عن هذا الغصب مؤسساً طلب الطرد على ملكيته لها ونازعه المطعون ضدهما الأول والثاني في ذلك وذهبا إلى ملكيتهما لها فإن هذه الدعوى بالنظر إلى الطلبات الواردة بها والأساس الذي أقيمت عليه ليست دعوى باسترداد الحيازة قصد بها مجرد حماية حيازة عقار تحت يد الطاعن من أعمال غصب تمت من قبل المطعون ضدها الرابعة وإنما هي بحسب تكييفها الصحيح دعوى الحق ذاته الهدف منها رد العقار محل النزاع وتمكين الطاعن منه. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه...... إلى اعتبار دعوى الطاعن من دعاوى الحيازة فإنه يكون قد أخطأ فهمه واقع هذه الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1623 لسنة 1978 مدني دمياط الابتدائية على الشركة المطعون ضدها الرابعة بطلب الحكم بطردها من مساحة 2 ف والمبينة بالصحيفة والتي يحوزها وتضع المطعون ضدها الرابعة اليد عليها غصباً بغير سند وأتلفت ما عليها من آلات ومبان وما جاورها من باقي أرضه - مع إلزامها بأن تؤدي إليه مبلغ 4000 جنيه تعويضاً شاملاً قيمة الريع عن المدة من 1/ 8/ 1977 حتى 31/ 12/ 1978 وجهت المطعون ضدها الرابعة دعوى ضمان فرعية إلى كل من المطعون ضدهما الأول والثالث بصفته للحكم عليهما بما عسى أن يحكم به ضدها، باعتبار أن أولهما قد أجر إليها أرض النزاع وثانيهما أصدر قراراً بالاستيلاء عليها وطلب كل من المطعون ضدهما الأول والثاني قبول تدخلهما في الدعوى منضمين إلى المطعون ضدها الرابعة في طلب رفضها، وذلك تأسيساً على ملكيتهما لأرض النزاع، وبعد أن كانت المحكمة قد ندبت خبيراً في الدعوى وأودع تقريره حكمت في موضوع التدخل برفضه وللطاعن على المطعون ضدها الرابعة بطلباته مع جعل مبلغ التعويض له عليها 850 جنيهاً. استأنف المطعون ضدهما الأول والثاني المتدخلان هذا الحكم بالاستئناف رقم 374 لسنة 17 ق المنصورة "مأمورية دمياط" وفيه حكمت المحكمة بتاريخ 6/ 12/ 1986 بتأييد الحكم المستأنف. طعن المطعون ضدهما المشار إليهما في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 405 لسنة 57 ق وبتاريخ 3/ 5/ 1989 حكمت المحكمة بنقض الحكم وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف المنصورة "مأمورية دمياط" مؤسسة قضاءها على أن الحكم المطعون فيه قد تناقض في أسبابه وهو بصدد تكييفه للدعوى فبعد أن نفى عنها وصف أنها من دعاوى الحيازة برفضه الدفع بعدم قبولها لرفعها بعد مضي سنة عاد فأثبته لها بتقريره أن النزاع ليس بشأن الملكية وإنما بشأن وضع يد سلب غصباً. عجل المطعون ضدهما الأول والثاني الاستئناف قبل الطاعن وباقي المطعون ضدهم وبتاريخ 22/ 4/ 1992 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول دعوى الطاعن لرفعها بعد الميعاد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، فيما ذهب إليه من أن دعواه هي من دعاوى الحيازة رفعت بعد مضي سنة ومن ثم فهي غير مقبولة والحال أنها ليست كذلك بل هي - وحسبما سارت طوال مرحلتي التقاضي - تستند إلى الأحكام الموضوعية المتعلقة بحقه في ملكية أرض النزاع فهي بذلك من دعاوى الحق وتخضع بالتالي في إجراءاتها للقواعد العامة في الدعاوى بما يعيب الحكم بقضائه عدم قبولها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح وبإنزال حكم القانون عليها دون تقيد بتكييف الخصوم، وأن العبرة في تكييف الدعوى بأنها دعوى مرفوعة بأصل الحق هي بحقيقة المطلوب فيها بصرف النظر عن العبارات التي صيغت بها الطلبات أو عدم طلب الحكم بالملكية وتكييف الدعوى من المسائل القانونية التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض التي لها في هذا الصدد أن تعطي الوقائع الثابتة تكييفها القانوني الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها، ولما كان الواقع في الدعوى أن الطاعن رفعها وطلب فيها طرد المطعون ضدها الرابعة من أرض النزاع التي يحوزها وذلك لاغتصابها لها من الحكم له عليها بتعويض عن هذا الغصب مؤسساً طلب الطرد على ملكيته لها ونازعه المطعون ضدهما الأول والثاني في ذلك وذهبا إلى ملكيتهما لها فإن هذه الدعوى بالنظر إلى الطلبات الواردة بها والأساس الذي أقيمت عليه ليست دعوى باسترداد الحيازة قصد بها مجرد حيازة عقار تحت يد الطاعن من أعمال غصب تمت من قبل المطعون ضدها الرابعة وإنما هي بحسب تكييفها الصحيح دعوى الحق ذاته الهدف منها رد العقار محل النزاع وتمكين الطاعن منه. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه مع كل ما تقدم - وهو بصدد رفع التناقض الذي كان قد شاب أسباب قضاء المحكمة السابق نقضه لهذا التناقض في الطعن رقم 405 لسنة 57 ق آنف الذكر - إلى اعتبار دعوى الطاعن من دعاوى الحيازة فإنه يكون قد أخطأ فهمه واقع هذه الدعوى أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بقضائه بعدم قبولها لرفعها بعد مضي سنة بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.