مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1956

(189)
جلسة 16 من يونيه سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وسعد الله محمد حنتيره والسيد عبد الوهاب أحمد - المستشارين.

الطعنان رقما 57، 79 لسنة 33 القضائية

استثمار مال عربي وأجنبي:
القانون رقم 43 لسنة 1974 معدلاًَ بالقانون رقم 32 لسنة 1977 - إعفاء المشروعات التي تقام بالمنطقة الحرة والأرباح التي تقوم بتوزيعها من أحكام قوانين الضرائب والرسوم باستثناء خضوعها للرسوم التي تستحق مقابل خدمات ولرسم سنوي لا يجاوز 1% من قيمة السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب المشروع - تفسير لفظ "لحساب المشروع" - المقصود من خضوع المشروعات لرسم سنوي لا يجاوز 1% من قيمة السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب المشروع لإجراء شئونه فيها وفقاً لغرض الشركة المحدد بعقد تأسيسها سواء تم استيراد هذه السلع باسم المشروع ويده عليها يد تملك أو باسم الغير وملكه وإنما دخلت إلى المنطقة الحرة أو خرجت منها لإجراء شئونه فيها على النحو المحدد بعقد تأسيس الشركة - أياً كانت صفة السلع الداخلة إلى هذه المنطقة أو الخارجة منها أياً كان مالكها يعتبر دخولها وخروجها لحساب المشروع - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 19/ 10/ 1986 أودع الأستاذ محمد عز رزق المحامي الوكيل عن الهيئة العامة لاستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 57 لسنة 33 ق ضد السيد/ نيكولا ناسوتس بصفته المدير المسئول لشركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 11/ 9/ 1986 في الدعوى رقم 1785 لسنة 38 ق والذي قضى:
أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى واختصاصها.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 110 - 64 لسنة 1983 بتاريخ 25/ 12/ 1983 فيما تضمنه من سريان أحكامه في الفترة السابقة على صدوره وما يترتب على ذلك من آثار وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام كل من المدعي بصفته والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بالمصروفات مناصفة بينهما. وطلبت الهيئة الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن.
أولاً: وبصفة مستعجلة الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثانياً: وفي الموضوع الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه مع حفظ حقوق الهيئة الأخرى.
وفي يوم الخميس الموافق 30/ 10/ 1986 أودع الأستاذ محمد حامد محمود الوكيل عن السيد/ نيكولانا ناسوتس المدير المسئول عن شركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد برقم 79 لسنة 33 ق ضد الهيئة العامة لاستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة ورئيس قطاع المناطق الحرة بالهيئة العامة للاستثمار ورئيس الإدارة المركزية للمنطقة الحرة العامة بالإسكندرية ورئيس مصلحة الجمارك ومدير جمارك الإسكندرية عن الحكم المطعون فيه سالف الذكر وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من صحة سريان القرار المطعون فيه على الرسائل التي ترد برسم الوارد والتي يتم تفريغها وتعبئتها آلياً من تاريخ صدوره في 25/ 12/ 1983 من إلزام الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بالمصروفات مع حفظ كافة حقوق الطاعن الأخرى.
وبعد إعلان الطعنين قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع برفض الطعن رقم 57 لسنة 33 بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الهيئة الطاعنة بالمصروفات، وبالنسبة للطعن رقم 79 لسنة 33 ق بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الشركات العاملة في مجال استقبال الأسمنت في المنطقة الحرة بسداد رسم وارد المنطقة الحرة 1% سنوياً على الرسائل التي ترد لحساب الغير، وإلغاء القرار المطعون فيه في هذا الشق وإلزام الهيئة بالمصروفات.
وحددت لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3/ 11/ 1986 وفيها قررت ضم الطعن رقم 79 لسنة 33 ق إلى الطعن رقم 57 لسنة 33 ق ليصدر فيهما حكم واحد وتدوول نظرهما على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 20/ 3/ 1989 إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظرهما أمامها جلسة 29/ 4/ 1989 وتدوول نظرهما على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 10/ 3/ 1989 إصدار الحكم فيهما بجلسة 14/ 4/ 1990 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال أسبوعين والمدة مناصفة تبدأها الهيئة وخلال الأجل قدم كل من الهيئة والشركة مذكرة بدفاعه وفي الجلسة المذكورة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 12/ 5/ 1990 ثم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين أقيما في الميعاد القانوني، وقد استوفيا أوضاعهما الشكلية ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن بصفته في الطعن رقم 79 لسنة 33 ق أقام ضد المطعون ضدهم ونائب رئيس مجلس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بصفته الممثل القانوني للهيئة الدعوى رقم 2492 لسنة 38 أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 22/ 2/ 1984 طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بإلزامه بدفع مبلغ 1663.623 دولاراً أمريكياً كرسم لواردات الأسمنت التي دخلت صومعته لحساب وزارة الإسكان وقرار مجلس إدارية الهيئة العامة للاستثمار رقم 110 - 64 لسنة 1983 الصادر بتاريخ 25/ 12/ 1983 بعدم إدخال أسمنت برسم الوارد للمناطق الحرة إلا إذا كان برسم المناطق الحرة، وفي الموضوع بإلغاء القرارين المذكورين وما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحاً لدعواه إن شركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت التي يمثلها تكونت كشركة ذات مسئولية محدودة طبقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 بشأن استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة. وتقدمت بطلب إلى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة للموافقة على مشروع تفريغ الأسمنت أوتوماتيكياً من صومعة عائمة ثم إعادة تسويقه بعد تعبئته آلياً بنظام المناطق الحرة الخاصة بميناء الإسكندرية ووافق وزير الدولة للتعاون الاقتصادي ونائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في 29/ 3/ 1979 على هذا المشروع، وصدر القرار رقم 157 في 23/ 6/ 1979 بإنشاء منطقة حرة خاصة والترخيص بشغلها للشركة بعد أن استأجرت من هيئة ميناء الإسكندرية الرصيف رقم 38، وباشرت الشركة نشاطها وأقامت على الرصيف المخصص لها الأجهزة الميكانيكية والمنشآت اللازمة للتفريغ والتعبئة، وقد اتفقت مع وزارة الإسكان ومكتب بيع الأسمنت المصري بعد قيامهما باستيراد الأسمنت على أن تقوم الشركة باستقباله في الصومعة وتعبئته وتسليمه للجهات الرسمية، أي أن هذا الأسمنت لا يستورد لحساب الشركة وإنما لحساب وزارة الإسكان ومكتب بيع الأسمنت المصري المالكين له بمعنى أنه لا يرد برسم المنطقة الحرة باعتباره ليس مملوكاً للمشروع المنشأ بالمنطقة الحرة، وبالتالي لا يخضع لرسم الوارد بنظام المنطقة الحرة وهذا الأمر سبق أن وافق عليه مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار عند نظر موضوع الموافقة على قبول إيرادات بالعملة المحلية من وزارة الإسكان تنفيذاً للتعاقدات القائمة بين الوزارة والشركة في شأن تفريغ وتعبئة الأسمنت المستورد لحساب الوزارة من الخارج حيث أبلغت الشركة بكتاب رئيس قطاع المناطق الحرة رقم 482 في 27/ 4/ 1980، وأضاف المدعي أنه أخطر بكتاب الإدارة المركزية للمنطقة الحرة بالإسكندرية رقم 10252 بتاريخ 2/ 2/ 1984 بأن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار قرر بجلسته رقم 110 المنعقدة بتاريخ 25/ 12/ 1983 عدم إدخال أسمنت برسم الوارد للمناطق الحرة الخاصة إلا إذا كانت برسم المنطقة الحرة، وصدر بذلك القرار رقم 110/ 64 - 83 ومعنى ذلك التزام الشركة بسداد ضريبة الوارد بقيمة قدرها 1% لبضاعة لا تمتلكها، ثم فوجئت بمطالبتها بسداد مبلغ 1.663.623 دولاراً أمريكياً قيمة رسم قدره 1% من قيمة الأسمنت الوارد لحساب وزارة الإسكان (مكتب بيع الأسمنت المصري) الذي تم تفريغه وتعبئته في صومعة الشركة عن أعوام 79 و80 و81 و1982 استناداً إلى أن هذا الرسم مفروض بالمادة 46 من القانون رقم 43 لسنة 1974. وينعى المدعي على القرارين المشار إليهما مخالفتهما للقانون. فبالنسبة للقرار الصادر بإلزام الشركة بسداد رسم المنطقة الحرة البالغ 623 و663 دولاراً أمريكياً عن الأسمنت الوارد لحساب وزارة الإسكان فإنه ليس لهيئة الاستثمار أن تقرر بمشيئتها خضوع المشروع المنشأ بالمنطقة الحرة للرسم من عدمه إذ أن ذلك أمر يحكمه القانون وحده حسبما جاء بنص المادة 46 من القانون رقم 43 لسنة 1974 معدلة بالقانون رقم 32 لسنة 1977 والتي تشترط لاستحقاق رسم 1% أن تكون السلع داخلة لحساب المشروع، كما تعفى من هذا الرسم تجارة البضائع العابرة (الترانزيت) بما مفاده أنه إذا دخلت البضاعة لغير حساب المشروع، وهو ما يطلق عليه برسم الوارد، فإن الرسم لا يستحق، وهو ما تحقق في النزاع القائم، إذ دخلت البضائع باسم وزارة الإسكان أي ليس لحساب الشركة المدعية ومن ثم انتفى عنها شرط دخولها لحساب المشروع وبالتالي لا يستحق عنها الرسم المشار إليه، فضلاً عن أن هذا الرسم لا يستحق في حالة تجارة الترانزيت العابرة، إذ أن دخول البضاعة في الصومعة لحساب الغير يعتبر من أنواع تجارة الترانزيت لأنها ستخضع للإجراءات الجمركية عند دخولها البلاد بعد التعبئة وهو الأمر الذي أكدت المادة 85 من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار التي تضمنت عدم خضوع بضائع المنطقة الحرة التي يسمح بإدخالها بصفة مؤقتة للرسم المنصوص عليه في المادة 46 من القانون، ذلك أن دخول الأسمنت صومعة الشركة باسم ولحساب مكتب بيع الأسمنت المصري يتم بصورة عرضية ومؤقتة وبالتالي لا يخضع للرسم المشار إليه، ولذا فإن الشركة تخضع للرسم المقرر على القيمة المضافة وهو ما فرضته هيئة الاستثمار ولا يجوز قانوناً خضوعها للرسمين. وبالنسبة للقرار الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار رقم 110 بتاريخ 25/ 12/ 1983 بعدم إدخال أسمنت برسم الوارد للمناطق الحرة إلا إذا كان برسم المنطقة الحرة فهو أيضاً مخالف للقانون إذ أنه ليس محظوراً على مشروعات المناطق الحرة أن يرد إليها بضائع برسم الوارد لحساب الغير وهو ما أكدته المادة 46 من قانون الاستثمار رقم 43 لسنة 1974 والمادة 85 من لائحته التنفيذية، كما إن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار محدد اختصاصه على سبيل الحصر وليس من بين اختصاصاته حرمان المناطق الحرة من دخول بضائع إليها برسم الوارد وهو نظام أقره كل من قانون الاستثمار وقانون الجمارك فضلاً عن أن القرار المشار إليه معيب بعيب الانحراف بالسلطة حيث تغيا خضوع هذه البضائع لرسم المناطق الحرة بحد أقصى 1% من قيمتها وهو أمر يضر بالشركة ضرراً بالغاًًً مقصوداً دون قصد تحقيق المصلحة العامة، وبجلسة 24/ 4/ 1984 قررت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة إحالة الدعوى إلى دائرة الإسكندرية للاختصاص، وأحيلت الدعوى إليها وقيدت برقم 1785 لسنة 37 ق.
وقدمت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة مذكرتين بدفاعها بأن ما أخطر به المدعي من قبل الهيئة لا يعدو أن يكون من قبيل الأعمال والإجراءات التنفيذية لقانون الاستثمار رقم 43 لسنة 1974 ولائحته التنفيذية ولا يرقى إلى مرتبة القرار الإداري الذي يختص بنظر الطعن فيه مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. كما أن الشركة التي يمثلها المدعي تزاول نشاطاً ذا شقين، الأول عمليات لحساب المشروع بنظام المناطق الحرة، والثاني عمليات لحساب الغير ويمثل حوالي 90% من النشاط الكلي للشركة، وهي لا تلتزم بالإجراءات المنصوص عليها باللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار رقم 43 لسنة 1974 في شأن إجراءات إدخال وإخراج البضائع من وإلى المنطقة الحرة فضلاً عن أن إدخال الأسمنت لحساب وزارة الإسكان برسم الوارد إلى المناطق الحرة الخاصة يعد مخالفة لنص البند 1 من المادة 35 من القانون رقم 43 لسنة 1974، والتمست الهيئة الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعي بالمصروفات.
وبالجلسة المنعقدة بتاريخ 11/ 9/ 1986 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية حكمها المطعون فيه.
أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 110 - 64 لسنة 1983 بتاريخ 25/ 12/ 1983 فيما تضمنه من سريان أحكامه على الفترة السابقة على صدوره وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت كل من المدعي بصفته والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بالمصروفات مناصفة بينهما. وذلك بعد أن كيفت الدعوى - طبقاً لما استبانته المحكمة وما يستهدفه المدعي منها - بأنها طعن في القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار باعتبار أن من الآثار الحتمية لإلغاء القرار إذا ما حكم به هو عدم أحقية الهيئة المدعى عليها في اقتضاء رسم وارد المنطقة الحرة (1%) على رسائل الأسمنت التي سبق أن استوردتها الشركة لحساب وزارة الإسكان قبل صدور القرار أو تلك التي تستوردها بعد صدوره طالما أن الهيئة المدعى عليها تطالب الشركة بالاستناد إلى ذلك القرار بسداد رسم وارد المنطقة الحرة عن الرسائل السابق للشركة استيرادها لحساب وزارة الإسكان.
وأسست المحكمة رفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها بأن القرار المطعون فيه يتوافر فيه كافة مقومات القرار الإداري النهائي بالمعنى المفهوم والمستقر عليه في القضاء الإداري باعتباره قراراً صادراً من جهة إدارية بإرادتها المنفردة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين. وقد أحدث هذا القرار مركزاً قانونياً جديداً للشركة التي يمثلها المدعي تمثل في عدم السماح بإدخال أسمنت برسم الوارد للمنطقة الحرة الخاصة بما يعني التزامها بسداد رسم وارد المنطقة الحرة على الرسائل الواردة لحساب الغير وهو ما يتضمن المساس بمركزها القانوني السابق على صدوره خاصة وأن هذا الأمر كان محل خلاف بينها وبين الهيئة المدعى عليها على ضوء تفسير كل منهما لمعنى التزام الشركة بسداد الرسم المشار إليه طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 46 من القانون رقم 43 لسنة 1974 والذي انتهى فيه الرأي القانوني بالهيئة إلى خضوع نشاط الشركة المذكورة المتعلق باستقبال الأسمنت الوارد لوزارة الإسكان تنفيذاً للعقد المبرم بينها وبين شركة ليتسيم وتجهيزه وتعبئته داخل المنطقة الحرة وتسليمه لمكتب بيع الأسمنت المصري بصفته ممثلاً لوزارة الإسكان للرسم السنوي المقرر في الفقرة المشار إليها محسوباً على أساس قيمة السلعة مساوياً للسعر العادي للتصدير "قوب" ثم جاء قرار مجلس إدارة الهيئة المطعون فيه باعتباره السلطة المختصة طبقاً لقانون الاستثمار ليحسم الخلاف حول هذا الموضوع مقرراً خضوع الشركة العاملة في مجال استقبال الأسمنت بميناء الإسكندرية للرسم المشار إليه، وهو ما يتضمن بالضرورة المساس بالمركز القانوني السابق على صدور ذلك القرار وينعقد الاختصاص للقضاء الإداري بالطعن عليه إلغاء وتعويضاً طبقاً لحكم المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972. وبالنسبة للحكم في الموضوع - بعد أن أوضحت المحكمة أن الدعوى قد أصبحت مهيأة للحكم فيها ومن ثم يغدو طلب وقف تنفيذ القرار المشار إليه غير ذي موضوع - وبعد استعراض - نصوص المواد أرقام 1 و26 و27 و30 و33 و34 و35 و46 من القانون رقم 43 لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 والمادتين 84 و88 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 375 لسنة 1977 قالت المحكمة إن المشرع اختص هيئة الاستثمار بتنفيذ أحكام قانون الاستثمار والموافقة على الطلبات المقدمة من المستثمرين لإقامة مشروعات استثمارية وأناط بمجلس إدارة الهيئة إنشاء مناطق حرة عامة أو خاصة والترخيص بشغلها لمزاولة الأنشطة المنصوص عليها قانوناً وجعل من مجلس إدارة الهيئة السلطة العليا المهيمنة على شئون المناطق الحرة ووضع السياسة العامة التي تسير عليها هذه المناطق. واتخاذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الغرض الذي تنشأ من أجله هذه المناطق. ولا يتمتع المرخص له بالإعفاءات والمزايا المنصوص عليها في القانون إلا في حدود الأغراض المبينة في ترخيصه. ومن هذه الإعفاءات ما نص عليه المشرع من إعفاء المشروعات التي تقام بالمنطقة الحرة والأرباح والأموال التي تقوم بتوزيعها من أحكام قوانين الضرائب والرسوم وذلك باستثناء خضوعها للرسوم التي تستحق مقابل خدمات ورسم سنوي لا يجاوز 1% من قيمة السلعة الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب المشروع، وهو ما يعني بمفهوم المخالفة - عدم خضوع السلع التي ترد لغير حساب المشروع للرسم السنوي المشار إليه طالما لم يرد نص خاص يقرر استحقاق رسم في هذه الحالة. وإذ كان الثابت من الأوراق أن شركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت التي يمثلها المدعي بصفته قد تكونت شركة ذات مسئولية محدودة طبقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 حيث وافق وزير الدولة للتعاون الاقتصادي ونائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بتاريخ 29/ 3/ 1979 على المشروع المقدم من الشركة بتفريغ الأسمنت أوتوماتيكياً من صومعة عائمة ثم إعادة تسويقه بعد تعبئته آلياً بنظام المناطق الحرة الخاصة بميناء الإسكندرية وصدر بذلك قراره رقم 157 لسنة 1979 بتاريخ 23/ 6/ 1979 بإنشاء منطقة حرة خاصة والترخيص بشغلها لشركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت. وقد تعاقدت الشركة مع وزارة الإسكان بتاريخ 14/ 9/ 1978 على أن تستقبل الشركة الأسمنت الذي يستورده مكتب بيع الأسمنت المصري لحساب وزارة الإسكان من شركة "ليتسيم" اليونانية في الصومعة المملوكة للشركة وتعبئته آلياً في أكياس ثم تسليمه إلى مكتب بيع الأسمنت المصري - وهو نشاط يمثل حوالي 90% من النشاط الكلي للشركة - ومرخص لها بمزاولته طبقاً لقرار الترخيص دون تخصيصه بأن يكون ذلك لحسابها دون حساب الغير والمطلق يؤخذ على إطلاقه ما لم يرد ما يقيده. ومن ثم فإن هذا الشق من نشاط الشركة لا يخضع لرسم وارد المنطقة الحرة. وذلك باعتبار أن هذا الرسم (1%) لا يفرض إلا على السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب المشروع وليس لحساب الغير وأضافت المحكمة أن ما سبق ذكره لا يخل باختصاص مجلس إدارة الهيئة في إصدار القرارات اللازمة بتحريم دخول الأسمنت لحساب الغير برسم وارد المنطقة الحرة الخاصة وتعديل النشاط المرخص به للشركة بما يتفق مع ذلك، ويتخذ ما يراه من قرارات لتحقيق الغرض الذي ينشأ من أجله، وهو ما تم فعلاً بموجب القرار المطعون فيه رقم 110/ 64 لسنة 1983 الصادر من مجلس إدارة الهيئة بتاريخ 25/ 12/ 1983 والذي قضى بالتزام شركات الأسمنت العاملة في مجال استقبال الأسمنت في المنطقة الحرة بعدم إدخال أسمنت برسم الوارد للمنطقة الحرة الخاصة، بما يعني التزامها بسداد رسم وارد المنطقة الحرة (1%) على الرسائل الواردة لحساب الغير اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار في 25/ 12/ 1983 - وهو ما ينطبق على الشق من نشاط الشركة والذي تستقبل بمقتضاه أسمنتاً برسم الوارد للمنطقة الحرة الخاصة. ومن ثم يعتبر هذا القرار صادراً من سلطة مختصة بإصداره ومتفقاً مع أحكام القانون. بما يستتبعه من عدم تمتع المرخص له بالإعفاءات والمزايا المقررة في القانون إلا في حدود الأغراض المبينة في ترخيصه. وإنه ولئن كان القرار المذكور لم ينص صراحة على تاريخ بدء العمل به إلا أن الهيئة المدعى عليها طالبت الشركة بسداد رسم وارد المنطقة الحرة (1%) عن سنوات 1979 و1980 و1981 و1982 وهو ما ينطوي على رجعية لهذا القرار غير جائزة قانوناً، فيكون سريانه على الفترة السابقة على صدوره في 25/ 12/ 1983 مخالفاً للقانون وحقيقاً بالإلغاء في هذه الجزئية فقط مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عدم أحقية الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في اقتضاء الرسم السنوي المقدر بنسبة 1% من قيمة السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة الخاصة المرخص للشركة التي يمثلها المدعي بشغلها بالقرار رقم 157 في 23/ 6/ 1979 عن المدة السابقة على 25/ 12/ 1983، ويبقى القرار صحيحاً وسارياً على الرسائل التي يتم تفريغها وتعبئتها آلياً بعد تاريخ صدوره في 25/ 12/ 1983 بما يقضي به من إلزام شركات الأسمنت العاملة في مجال استقبال الأسمنت في المنطقة الحرة الخاصة بسداد رسم وارد المنطقة الحرة (1% سنوياً) على الرسائل التي ترد لحساب الغير بعد ذلك التاريخ.
ويقوم الطعن رقم 57 لسنة 33 ق المقام من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تفسيره إذ استند إلى أن الشركة المطعون ضدها تعاقدت بتاريخ 14/ 9/ 1978 مع وزارة الإسكان لاستقبال الأسمنت الذي يستورده مكتب بيع الأسمنت المصري لحساب الوزارة من شركة "ليتسيم" اليونانية في الصومعة المملوكة للشركة وتعبئته آلياً في أكياس ثم تسليمه لمكتب بيع الأسمنت المصري.. إلخ، وحقيقة الأمر أن الشركة المطعون ضدها تكونت من شريكين فقط هما شركة "ليتسيم" اليونانية بنسبة 90% من رأس المال وشركة فارولكس للملاحة والتجارة التعاقد المبرم بين شركة "ليتسيم" اليونانية ووزارة الإسكان على تسليم كميات الأسمنت المتعاقد عليها عن طريق الشركة المطعون ضدها وتقوم شركة ليتسيم بتوريد الأسمنت لحسابها عن طريق فرعها بالإسكندرية (الشركة المطعون ضدها) لمكتب بيع الأسمنت المصري بموجب العقد المبرم بينهما والذي يتضمن التزام شركة ليتسيم بتسليم الأسمنت المتعاقد على توريده معبأ في شكائر على ظهر اللواري من خلال الصومعة التابعة لها، وبالتالي يعتبر كل من المورد الخارجي والصومعة العائمة القائمة بنظام المناطق الحرة كياناً واحداً يكمل كل منهما الآخر، وبالتالي فإن القول بأن الأسمنت الوارد برسم الغير غير مملوك أصلاً للصومعة فيه افتئات على الحقيقة من جانب المورد الأجنبي والمالك للصومعة المقامة في مصر ومحاولة منهما للتهرب من سداد رسم الهيئة 1% ومن ناحية أخرى ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن المشروع المطعون ضده مرخص له بمزاولة نشاطه بمقتضى نص المادة الثانية من القرار رقم 157 لسنة 1979 حيث ورد النص مطابقاً للترخيص للشركة المطعون ضدها بمزاولة نشاط تفريغ الأسمنت أوتوماتيكياً ثم إعادة تسويقه وتعبئته آلياً دون تخصيصه بأن يكون ذلك لحسابها دون حساب الغير، إذ أن النشاط الذي تقوم به الشركة بعملية تعبئة وتسليم الأسمنت إنما يتم لحسابها وليس لحساب الغير، وبالتالي يتعين خضوع تلك الرسائل لرسم وارد المنطقة الحرة (1%) وفقاً للمادة 46 من القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 والمادة 88 من اللائحة التنفيذية له باعتبار أن الأسمنت داخل المنطقة الحرة هو لحساب المشروع. ومن ناحية ثالثة ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار هو صاحب الاختصاص في إصدار القرارات اللازمة لتحريم دخول الأسمنت لحساب الغير برسم وارد المنطقة الحرة وتعديل النشاط المرخص به للشركة بما يتفق مع ذلك. وهذا الرأي ما هو إلا تأكيد لسلطة الهيئة في الإشراف والرقابة والمتابعة للمشروعات التي أصدرت لها موافقاتها وإعمالاً لذلك تلتزم الشركة المطعون ضدها بالقرارات التي تصدرها الهيئة طبقاً لنص المادة 12 من القرار رقم 157 لسنة 1979 الصادر بالترخيص لها بمزاولة نشاطها.. ولكن الحكم جانبه الصواب حين قال إن الشركة المطعون ضدها تستقبل الأسمنت لحساب وزارة الإسكان في حين أن الأسمنت يصل للصومعة العائمة لحساب المشروع لصالح وزارة الإسكان والذي يتسلمه مكتب بيع الأسمنت المصري بعد إعادة تعبئته في شكائر محملة على ظهر اللوريات - كما سبق القول.
كما ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الثابت أن الهيئة طالبت الشركة بسداد رسم وارد المنطقة الحرة (1%) على الرسائل التي استقبلتها الشركة لحساب وزارة الإسكان عن الفترة السابقة على صدور القرار المطعون فيه رقم 110/ 64 - 1983 وهو ما ينطوي على رجعية لهذا القرار غير جائز قانوناً ماساً بالحقوق المكتسبة للشركة بدون نص خاص في القانون، ذلك أن القرار المذكور إنما صدر لكافة المشروعات العاملة في مجال تعبئة الأسمنت بالمناطق الحرة الخاصة بالمواني المختلفة متضمناً عدم إدخال أسمنت برسم الوارد للمنطقة الحرة الخاصة. أي أن الأسمنت الوارد للمنطقة الحرة لا يكون إلا برسم المنطقة الحرة فقط، وذلك يعني أنه كان مصرحاً لتلك المشروعات بإدخال الأسمنت للمنطقة الحرة برسم الوارد أو برسم المنطقة الحرة قبل صدور القرار المشار إليه، وذلك فضلاً عن أن هذا الرسم المقرر بمقتضى المادة 46/ 2 من القانون رقم 43 لسنة 1974 ولم يقرر أعمالاً للقرار المذكور، وتأكيداً لهذا المعنى نصت المادة 6 من قرار مزاولة النشاط الصادر للشركة المطعون ضدها على ذلك. ولا يكسب عدم سداد الشركة لهذا الرسم في السنوات 79 و80 و81 و1982 للشركة الحق في عدم السداد للرسم المقرر قانوناً وبقرار مزاولة النشاط للشركة. وبالنسبة لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الهيئة المدعى عليها لم تكن في حاجة إلى إصدار ذلك القرار لو أنها كانت على يقين من أن الشركة المطعون ضدها ملزمة بسداد رسم الوارد للمنطقة الحرة دون حاجة إلى صدور قرار من رئيس الهيئة فإن القرار صدر لإلزام الشركة المطعون ضدها بسداد الرسم المقرر قانوناً، وقد صدر القرار المذكور لإجراء عملية تنظيمية لكافة الشركات العاملة في مجال الأسمنت بالمناطق الحرة الخاصة بإلزامها بعدم إدخال الأسمنت إلا برسم المنطقة الحرة الخاصة وليس برسم الوارد كما أن الهيئة لم تقم بتعديل نشاط الشركة - كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه - حيث لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك. وأخيراً فإن للشركة المطعون ضدها خطاب ضمان صادر منها لصالح الهيئة الطاعنة وتحت يدها ضماناً لاستقضاء حقوقها الأمر الذي يستلزم بقاء الخطاب تحت يدها لاستقضاء حقها في مبلغ 1.663.623 دولاراً أمريكياً قيمة رسم قدره 1% كرسم للمنطقة الحرة عن السنوات 79 و80 و81 و82 والسنوات التالية والذي يتعين سداده للهيئة وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من إلغاء القرار رقم 110/ 64 - 83 الصادر بتاريخ 25/ 12/ 1983 فيما تضمنه من سريان أحكامه على الفترة السابقة على صدوره لا يستقيم مع صحيح حكم القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ويقوم الطعن رقم 79 لسنة 33 ق المقام من نيكولا ناسوتس المدير المسئول عن شركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ومجانبته للصواب إذ ذهب إلى أن القرار المطعون فيه رقم 110/ 64 لسنة 1983 قد صدر من مختص بإصداره ومتفقاً مع أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 لأن القانون أجاز دخول البضاعة للمناطق الحرة برسم الوارد وليس برسم المناطق الحرة فقط، وليس لمجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار تعطيل حكم القانون إذ يضيف بذلك قيداً لم يستلزمه القانون فيكون القرار المذكور مخالفاً للقانون ويهدر حق الشركة في أن تعمل عملية تكميلية لحساب الغير كالتعبئة ويلحق بها أضرارا جسيمة. ومن ناحية أخرى فإن اختصاص مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار محدد في القانون رقم 43 لسنة 1974 وليس من بين اختصاصاته حرمان المناطق الحرة من دخول بضائع إليها برسم الوارد وهو نظام أقره القانون المذكور وقانون الجمارك بل إن المناطق الحرة الخاصة ما أنشئت إلا من أجل أن تقوم أساساً بعملية تكميلية أو تجهيزية لحساب الغير. وواقع الحال في الطعن الماثل أن صوامع الأسمنت تعمل في الغالب لحساب الغير حين يرد إليها الأسمنت لحساب وباسم وزارة الإسكان. ومن ثم لا يملك مجلس الإدارة المذكور تقرير مثل هذا الحظر بعد أن سمح به القانون وبذلك يكون المجلس قد أتى بعمل يدخل في اختصاص السلطة التشريعية الأمر الذي ينحدر بقراره المطعون فيه إلى مرتبة الانعدام فضلاً عن أن غاية القرار المذكور هو إخضاع البضائع المملوكة للغير الواردة له لرسم المناطق الحرة بحد أقصى 1% من قيمتها ويتحملها المشروع رغم أنه لا يمتلك هذه البضاعة. وأخيراً فإن القرار المطعون فيه غير ممكن تنفيذه عملياً إذ ليس من المقبول أن ترد مستندات رسائل الأسمنت الواردة لحساب وزارة الإسكان برسم المشروع كمنطقة حرة حتى يتسنى استصدار تصريح الإفراج اللازم في هذا الشأن، إذ أن الوزارة المذكورة متعاقدة أساساً مع شركة ليتسيم اليونانية للأسمنت، وهي الشركة المنتجة وتفتح الاعتمادات باسمها. أما الشركة الطاعنة فهي تقوم بتسليم الأسمنت لمكتب بيع الأسمنت المصري نيابة عن شركة ليتسيم من خلال الصومعة الآلية المقامة بالميناء وبالتالي عدم انطباق المادتين 58 و89 من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار على الحالة الماثلة باعتبار أن الأسمنت يرد باسم وزارة الإسكان مباشرة وبذلك تكون الهيئة قد وضعت قيداً على مزاولة الشركة لنشاطها جعل محل القرار مستحيلاً.
وبتاريخ 15/ 11/ 1989 قام السيد/ سمير نجيب صهيون بصفته مصفياً لشركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت بإعلان المطعون ضدهم في الطعن رقم 79 لسنة 33 ق لسماع الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن المذكور.
وخلال أجل النطق بالحكم قدمت الهيئة العامة للاستثمار مذكرة بدفاعها صممت فيها على الطلبات الواردة بتقرير طعنها. وقدمت شركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت مذكرة بدفاعها، كما قدمت بتاريخ 11/ 5/ 1989 مذكرة بدفاعها رددت فيهما ما جاء بتقرير الطعن وردت على ما جاء بتقرير الهيئة العامة لاستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة، وانتهت المذكرتان إلى التماس الحكم برفض الطعن رقم 57 لسنة 33 ق بشقيه العاجل والموضوعي وبالنسبة للطعن رقم 79 لسنة 33 ق بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من صحة سريان القرار رقم 110/ 64 لسنة 1983 على الرسائل التي ترد برسم الوارد والتي يتم تفريغها وتعبئتها آلياً من تاريخ صدوره في 25/ 12/ 1983 وإلغاء القرار المطعون فيه سالف الذكر وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الهيئة العامة للاستثمار بأن ترد للشركة الطاعنة ما تحصلت عليه من مبالغ بنسبة 1% من رسائل الأسمنت الخاصة بوزارة الإسكان (مكتب بيع الأسمنت المصري) والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن المادة الأولى من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادرة بالقانون رقم 43 لسنة 1974 والمعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 - والذي يحكم النزاع الماثل - تنص على أن يقصد بالمشروع في تطبيق أحكام هذا القانون كل نشاط يدخل في أي من المجالات المقررة فيه، ويوافق عليه مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار العربي والأجنبي والمناطق الحرة وتنص المادة 26 من القانون المذكور على أن تختص الهيئة بتنفيذ أحكام هذا القانون ولها على الأخص ما يأتي:
(1)... (2)... (3)... (4) دراسة الطلبات المقدمة من المستثمرين وعرض نتائج الدراسة على مجلس إدارة الهيئة للبت فيها وتنص المادة 27 على أن تقدم طلبات الاستثمار إلى الهيئة.. ولمجلس إدارة الهيئة سلطة الموافقة على طلبات الاستثمار التي تقدم إليه.. وتنص المادة 30 من القانون المذكور على أن لمجلس إدارة الهيئة أن ينشئ مناطق حرة عامة بعد موافقة مجلس الوزراء لإقامة المشروعات التي يرخص بها طبقاً لأحكام هذا القانون. ويجوز لمجلس إدارة الهيئة إنشاء مناطق حرة خاصة تكون مقصورة على مشروع واحد.. وتنص المادة 34 على أنه يجب أن يتضمن الترخيص في شغل المناطق الحرة أو أي جزء منها بيان الأغراض التي تمنح من أجلها ومدة سريانه ومقدار الضمان المالي الذي يؤديه المرخص له - ولا يتمتع المرخص له بالإعفاءات أو المزايا المنصوص عليها في هذا الفصل إلا في حدود الأغراض المبينة في ترخيصه.. وتنص المادة 35 من القانون المشار إليه على أنه يجوز الترخيص في المناطق الحرة بما يأتي:
1 - تخزين البضائع العابرة، وكذا البضائع الوطنية الخالصة الضريبة المعدة للتصدير إلى الخارج، والبضائع الأجنبية الواردة بغير رسم الوارد..
2 - عمليات الفرز والتنظيف والخلط والمزج ولو لبضائع محلية، وإعادة التعبئة وما شابهها من عمليات تغير حالة البضائع المودعة بالمناطق الحرة حسب مقتضيات حركة التجارة وتهيئتها بالشكل الذي تتطلبه الأسواق.
3 - أية صناعة أو عمليات تجميع أو تركيب أو تجهيز أو تجديد أو غير ذلك مما يحتاج إلى مزايا المنطقة الحرة للإفادة من مركز البلاد الجغرافي.
4 - وتنص المادة 46 من القانون على أنه مع عدم الإخلال بما هو منصوص عليه في هذا القانون تعفى المشروعات التي تقام بالمنطقة الحرة والأرباح التي توزعها من أحكام قوانين الضرائب والرسوم في جمهورية مصر العربية.. ومع ذلك تخضع هذه المشروعات للرسوم التي تستحق مقابل خدمات ولرسم سنوي لا يجاوز 1% (واحد في المائة) من قيمة السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب المشروع، ويصدر بتحديد هذا الرسم قرار من مجلس إدارة الهيئة، وتعفى من هذا الرسم تجارة البضائع العابرة (الترانزيت) كما تخضع المشروعات التي لا يقتضي نشاطها الرئيسي إدخال وإخراج سلع لرسم سنوي يحدده مجلس إدارة الهيئة بمراعاة طبيعة وحجم النشاط وذلك بما لا يجاوز 3% (ثلاثة في المائة) من القيمة المضافة التي يحققها المشروع سنوياً. وتنص المادة 84 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 375 لسنة 1977 على أن يحسب الرسم المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 46 على قيمة البضائع الداخلة إلى المنطقة الحرة بغرض التخزين لإعادة التصدير، كما يحسب نفس الرسم على قيمة غير ذلك من بضائع خارجة لحساب المشروع، وتعفى من هذا الرسم بضائع الترانزيت المحددة الوجهة.. وتنص المادة 85 من اللائحة على أنه لا يخضع للرسم المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 46 من القانون بضائع المنطقة الحرة التي يسمح بإدخالها بصفة مؤقتة لإصلاحها أو لإجراء عمليات تكميلية عليها.. وتنص المادة 88 من اللائحة المذكورة على أن يحسب الرسم المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 46 من القانون على المنتجات الصناعية أو السلع التي يتم تجميعها أو تركيبها أو تجهيزها أو تجديدها، وكذلك البضائع التي يتم فرزها أو تنظيمها أو خلطها أو مزجها أو إعادة تعبئتها بالمنطقة الحرة على أساس قيمتها مساوية للسعر العادي للتصدير (قوب).
ومفاد هذه النصوص أن المشرع اختص هيئة الاستثمار بتنفيذ أحكام قانون الاستثمار والموافقة على الطلبات المقدمة من المستثمرين لإقامة مشروعات استثمارية. وناط بمجلس إدارة الهيئة إنشاء مناطق حرة عامة أو خاصة، والترخيص بشغلها لمزاولة الأنشطة المنصوص عليها في المادة 35 من القانون المذكور. وجعل من مجلس إدارة الهيئة السلطة العليا المهيمنة على شئون المناطق الحرة، ووضع السياسة العامة التي تسير عليها هذه المناطق، واتخاذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الغرض الذي تنشأ من أجله هذه المناطق. ويتحدد نشاط المشروع المقام في المنطقة الحرة بالأغراض المرخص له بها ومدة سريانه. ولا يتمتع المرخص له بالإعفاءات أو المزايا المنصوص عليها في القانون إلا في حدود الأغراض المبينة في ترخيصه. ومن هذه الإعفاءات ما نصت عليه المادة 46 من القانون سالف الذكر من إعفاء المشروعات التي تقام بالمنطقة الحرة والأرباح التي تقوم بتوزيعها من أحكام قوانين الضرائب والرسوم، وذلك باستثناء خضوعها للرسوم التي تستحق مقابل خدمات ولرسم سنوي لا يتجاوز 1% (واحد في المائة) من قيمة السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب المشروع والمقصود من خضوع المشروعات لرسم سنوي لا يجاوز 1% (واحد في المائة) من قيمة السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب المشروع السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب المشروع لإجراء شئونه فيها وفقاً لغرض الشركة المحدد بعقد تأسيسها سواء تم استيراد هذه السلع باسم المشروع ويده عليها يد تملك، أو باسم الغير وملكه، وإنما دخلت إلى المنطقة الحرة أو خرجت منها لإجراء شئونه فيها على النحو المحدد بعقد تأسيس الشركة. فأياً كانت صفة السلع الداخلة إلى هذه المنطقة أو الخارجة منها، وأياً كان مالكها يعتبر دخولها وخروجها لحساب المشروع. وعلى ذلك لا يكون ثمة مجال لتفسير لفظ (حساب المشروع) الوارد بالفقرة الثانية من المادة 46 من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليها بأن مفهوم المخالفة لهذا اللفظ هو عدم خضوع السلع التي ترد لغير حساب المشروع وذلك طالما أن أية سلعة تدخل إلى المنطقة الحرة أو تخرج منها إنما ترد لحساب المشروع كما سبق القول وفقاً للتفسير الصحيح للفظ المذكور.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن شركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت قد تكونت كشركة ذات مسئولية محدودة طبقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 بإصدار قانون استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 - وقد وافق وزير الدولة للتعاون الاقتصادي ونائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة على المشروع المقدم لتكوين الشركة بتاريخ 29/ 3/ 1979 وهو القيام بتفريغ الأسمنت أوتوماتيكياً من صومعة عائمة ثم إعادة تسويقه بعد تعبئته آلياً بنظام المناطق الحرة الخاصة بميناء الإسكندرية. وصدر بذلك قراره رقم 157 لسنة 1979 بتاريخ 23/ 6/ 1979 بإنشاء منطقة حرة خاصة والترخيص بشغلها لشركة إسكندرية لصوامع الأسمنت وحددت المادة الأولى من القرار هذه المنطقة، ونصت المادة الثانية منه على أن يرخص لشركة إسكندرية لصوامع الأسمنت بشغل المنطقة المذكورة لمزاولة نشاط تفريغ الأسمنت أوتوماتيكياً من صومعة عائمة، ثم إعادة تسويقه وتعبئته آلياً". ونصت المادة 10 من القرار على أن "مدة هذا الترخيص سنة واحدة من صدور هذا القرار يجدد تلقائياُ بناء على تجديد عقد الإيجار بين الشركة وهيئة ميناء الإسكندرية، وبعد أخذ موافقة مجلسة إجارة الهيئة العامة للاستثمار وقد تجدد هذا الترخيص بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 76/ 77 - 80 اعتباراً من 2/ 4/ 1980 حتى 1/ 4/ 1981 ثم صدر قرار نائب رئيس الهيئة رقم 111 بتاريخ 6/ 7/ 1981 بتعديل المادة العاشرة من القرار رقم 157 الصادر في 23/ 6/ 1979 لتصبح على النحو التالي:
"مدة هذا الترخيص ثلاث سنوات تبدأ من 2/ 4/ 1981 وتنتهي في 1/ 4/ 1984 وتجدد تلقائياً بناء على تجديد عقد الإيجار بين الشركة وهيئة ميناء الإسكندرية وبعد موافقة الهيئة العامة للاستثمار". كما أن المادة 2 من عقد تأسيس الشركة المذكورة حددت غرض الشركة بأنه القيام في المنطقة الحرة الخاصة بها بالإسكندرية بالأعمال الآتية:
1 - استيراد وتخزين الأسمنت السائب في الصوامع العائمة في منطقتها الحرة الخاصة بالإسكندرية وتعبئة الأسمنت في أكياس أو أغلفة وتحميل الأسمنت المعبأ في الأكياس أو المغلف على سيارات النقل بسيور الصوامع أو بسيور متحركة.
2 - تسويق الأسمنت للحكومة ممثلة في وزارة الإسكان وأشخاص القانون العام والقطاع الخاص.
3 - تصدير أو إعادة تصدير الأسمنت ومنتجات الأسمنت إن دعت الحاجة لذلك.
إذا كانت الشركة المذكورة قد تعاقدت مع وزارة الإسكان بتاريخ 14/ 9/ 1978 على أن تقوم باستقبال الأسمنت الذي يستورده مكتب بيع الأسمنت لحساب الوزارة من شركة (ليتسيم) اليونانية في الصومعة المملوكة للشركة وتعبئته آلياً في أكياس ثم تسليمه لمكتب بيع الأسمنت المصري، فإن هذا التعاقد يتفق مع غرض الشركة المنصوص عليه في المادة 2 من عقد تأسيسها، ويرخص لها بمزاولته وفقاً للمادة الثانية من القرار رقم 157 لسنة 1979 سالفة الذكر، فإذا ما أدخل إلى المنطقة الحرة الأسمنت الذي يستورده مكتب بيع الأسمنت المصري لحساب وزارة الإسكان أي باسمها باعتبارها مالكة للأسمنت لتقوم الشركة المذكورة بتعبئته آلياً في أكياس ثم تسليمه إلى مكتب بيع الأسمنت أو تسويقه للحكومة ممثلة في وزارة الإسكان وأشخاص القانون العام والقطاع الخاص. فإن ذلك يدخل في غرض الشركة المحدد بالمادة 2 من عقد تأسيسها والمادة الثانية من القرار رقم 157 لسنة 1979 سالفة الذكر وبالتالي يعتبر دخوله إلى المنطقة الحرة لحساب المشروع ليحقق غرض الشركة المذكورة ومن ثم يخضع لرسم المنطقة الحرة المنصوص عليه بالفقرة الثانية من المادة 46 من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمنطقة الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977.
ومن حيث إن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة عرضت عليه بجلسة 31/ 10/ 1983 مذكرة بشأن تحديد نشاط شركات الأسمنت المقامة بنظام المناطق الحرة الخاصة وبتاريخ 25/ 12/ 1983 أصدر المجلس القرار المطعون فيه رقم 110 - 64 - 83 ونص البند (ب) منه على أنه "بالنسبة للشركات التي لم ينته ترخيصها بعد فتلتزم بعدم إدخال أسمنت برسم الوارد للمنطقة الحرة الخاصة وسداد كافة مستحقات الهيئة وفقاً لما تخطر به مع عدم إصدار أي تصريح إفراج لها وذلك إلى حين قيامها بالسداد، أو يعاد النظر في الموافقة الصادرة لأي منها عند مخالفة ذلك" بما يعني التزام هذه الشركات بسداد رسم وارد المنطقة الحرة (1%) على الرسائل الواردة باسم الغير باعتبارها تدخل المنطقة الحرة الخاصة لحساب المشروع وفقاً لعقد تأسيس هذه الشركات والقرارات الصادرة بالترخيص لها ومن ثم يكون القرار الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة سالف الذكر متفقاً وحكم الفقرة الثانية من المادة 46 من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 المشار إليه.
وبالنسبة لتاريخ العمل بهذا القرار فإن الثابت من مذكرة الهيئة العامة للاستثمار المؤرخة 29/ 3/ 1979 المعروضة على وزير التعاون الاقتصادي ونائب رئيس الهيئة أنها توافق على المشروع وفقاً للشروط التالية:
3 - سداد مستحقات هيئة الاستثمار والمناطق الحرة من نسبة الواحد في المائة من قيمة السلع الداخلة أو الخارجة في نطاق المشروع. وفي الخطاب المؤرخ 31/ 3/ 1979 المرسل من مجلس إدارة الهيئة إلى مدير عام شركة فارولكس للملاحة والتجارة (الشريك المصري في شركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت) أخطر المذكور بأن وزير الدولة للتعاون الاقتصادي ونائب رئيس الهيئة وافق على المشروع بالشروط الآتية:-
6 - أن يقوم المشروع بسداد كافة مستحقات هيئة الاستثمار والمناطق الحرة بما فيها نسبة الواحد في المائة المستحقة من قيمة السلع الداخلة أو الخارجة في نطاق المنطقة الحرة الخاصة. واستناداً إلى هذه الموافقة أصدر الوزير المذكور القرار رقم 157 بتاريخ 23/ 6/ 1979 بإنشاء منطقة حرة خاصة والترخيص بشغلها لشركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت ونصت المادة 12 منه على: "أن تلتزم الشركة المرخص لها بمراعاة أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 ولائحته التنفيذية وموافقة مجلس إدارة الهيئة على المشروع والقرار الصادر بالترخيص لها بمزاولة نشاطها".. ومفاد ذلك أن موافقة مجلس إدارة الهيئة والقرار الصادر بالترخيص للشركة بمزاولة نشاطها اشتراطاً على الشركة سداد مستحقات الهيئة بما فيه نسبة الواحد في المائة من قيمة السلع الداخلة أو الخارجة في نشاط المنطقة الحرة الخاصة وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه مجرد تحصيل حاصل، ولم يأت بجديد. ومن ثم تلتزم الشركة بسداد هذا الرسم منذ الترخيص لها بإنشاء المنطقة الحرة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من سريان أحكامه على الفترة السابقة على صدوره وما يترتب على ذلك من آثار تأسيساً على أن القرار المذكور لم ينص صراحة على تاريخ بدء العمل به إلا أن الهيئة طالبت الشركة بسداد رسم وارد المنطقة الحرة (1%) عن سنوات 1979 و1980 و1981 و1982 وهو ما ينطوي على رجعية لهذا القرار غير جائزة قانوناً فيكون سريانه على الفترة السابقة على صدوره مخالفاً للقانون فإن هذا الاستناد في الحكم المطعون فيه لا يتفق مع الواقع أو صحيح حكم القانون، إذ أن الثابت مما تقدم أن الموافقة على المشروع والقرار الصادر بإنشاء منطقة حرة خاصة والترخيص لشركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت بشغلها اشترطا صراحة قيام المشروع بسداد كافة مستحقات هيئة الاستثمار والمناطق الحرة بما فيها الواحد في المائة المستحقة من قيم السلع الداخلة أو الخارجة في نطاق المنطقة الحرة الخاصة وقد أخطر الشريك المصري في الشركة المذكورة بشروط الهيئة قبل صدور قرار إنشاء المنطقة الحرة الخاصة والترخيص بشغلها للشركة المذكورة. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون في هذه الجزئية، فضلاً عن مخالفته للقانون في تفسير عبارة السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب المشروع الواردة بالفقرة الثانية من المادة 46 من القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 سالف الذكر رغم اتفاقه مع النتيجة التي انتهينا إليها من رفض الدعوى بالنسبة لسريان القرار المطعون فيه على الفترة اللاحقة لتاريخ صدوره في 25/ 12/ 1983.
ومن حيث إن الطعن رقم 57 لسنة 33 ق المقام من الهيئة العامة لاستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة يقوم على سند صحيح من القانون فمن ثم يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من سريان أحكامه على الفترة السابقة على صدوره وما يترتب على ذلك من آثار بما مؤداه رفض الدعوى المقامة من الشركة. ومن ثم يتعين الحكم برفض الطعن المقام منها رقم 79 لسنة 33 ق مع إلزامها بمصروفات الطعنين عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت شركة الإسكندرية لصوامع الأسمنت بمصروفات الطعنين