أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 425

جلسة 17 من مارس سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ فهمي السيد الخياط - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ كمال محمد نافع، محمد خيري أبو الليل، حسن يحيى فرغل ودرويش أغا - نواب رئيس المحكمة.

(82)
الطعن رقم 1705 لسنة 67 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن: التزامات طرفي العلاقة الإيجارية: إقامة المستأجر مبنى مكوناً من أكثر من ثلاث وحدات سكنية".
(1) قوانين إيجار الأماكن. استثنائية. وجوب تفسيرها في أضيق الحدود دون توسع أو قياس.
(2) إعمال نص المادة 22/ 2 ق 136 لسنة 1981. مناطه. أن يكون المبنى المملوك للمستأجر هو الذي أقامه. مؤداه. عدم سريان هذا النص على ما تملكه المستأجر بالشراء أو الميراث أو غير ذلك من أسباب كسب الملكية. علة ذلك.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القوانين المتعلقة بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر هي من القوانين الاستثنائية التي تسري في نطاق الأغراض التي وضعت لها فيجب تفسيرها في أضيق الحدود دون ما توسع في التفسير أو القياس على أن يكون التعرف على الحكم الصحيح من النص بتقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه.
2 - النص في الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون 136 لسنة 1981 - بشأن تأجير وبيع الأماكن - يدل في صريح عبارته على أن مناط إعمال حكم هذا النص أن يكون المبنى المملوك للمستأجر هو الذي أقامه ولا ينصرف هذا النص إلى ما تملكه المستأجر بطريق الشراء أو الميراث أو غير ذلك من أسباب كسب الملكية وهو ما يتفق أيضاً مع الحكمة التي تغياها المشرع من هذا النص بإعادة التوازن بين مصلحة كل من طرفي العلاقة الإيجارية حيث يكون في مكنة المستأجر الاستغناء عن الوحدة السكنية المؤجرة له والاستعاضة عنها بوحدة أخرى بالعقار الذي أقامه أو تنفيذ التزامه بتوفير وحدة سكنية ملائمة به لأحد المستفيدين من حكم النص وهو ما قد لا يتأتى إذا كان البناء قد آلت إليه ملكيته دون أن يكون قد أقامه وقد تكون وحداته مشغولة بالسكنى فيفقد الخيار المقرر له قانوناً في تنفيذ أي من الالتزامين دون أن يكون له يد في إسقاط هذا الخيار، وهي ذات العلة التي اقتضت قصر إعمال النص على حالة المبنى الذي يقام في تاريخ لاحق للاستئجار، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر منتهياً إلى القضاء بإخلاء العين محل النزاع من الطاعن وباقي ورثة المستأجر الأصلي بدعوى أنهم تملكوا العقار بالميراث عنه فيحلون محله في الالتزامات الملقاة على عاتقه، رغم أن الدعوى قد وجهت إليهم وليس إلى المورث حال حياته، فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الستة الأول أقاموا على الطاعن وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 9333 لسنة 1995 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1954 والتسليم أو توفير مكان ملائم لهم بالمبنى الذي أقامه مورثهم، وقالوا بياناً لذلك إنه بموجب العقد المشار إليه استأجر المورث المذكور العين محل النزاع ثم أقام في تاريخ لاحق مبنى مكوناً من أكثر من ثلاث وحدات فأقاموا الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم الستة الأول - المؤجرون - هذا الحكم بالاستئناف رقم 27030 لسنة 114 ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي قضت بتاريخ 4/ 6/ 1997 بإلغاء الحكم المستأنف والإخلاء والتسليم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بإخلاء العين محل النزاع استناداً إلى نص المادة 22/ 2 من القانون 136 لسنة 1981 رغم أن ملكية المبنى آلت إليه وباقي الورثة بالميراث مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان المقرر أن القوانين المتعلقة بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر هي من القوانين الاستثنائية التي تسري في نطاق الأغراض التي وضعت لها فيجب تفسيرها في أضيق الحدود دون ما توسع في التفسير أو القياس على أن يكون التعرف على الحكم الصحيح من النص بتقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون 136 لسنة 1981 بشأن تأجير وبيع الأماكن على أنه: "إذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بمسكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه......" يدل في صريح عبارته على أن مناط إعمال حكم هذا النص أن يكون المبنى المملوك للمستأجر هو الذي أقامه ولا ينصرف هذا النص إلى ما تملكه المستأجر بطريق الشراء أو الميراث أو غير ذلك من أسباب كسب الملكية وهو ما يتفق أيضاً مع الحكمة التي تغياها المشرع من هذا النص بإعادة التوازن بين مصلحة كل من طرفي العلاقة الإيجارية حيث يكون في مكنة المستأجر الاستغناء عن الوحدة السكنية المؤجرة له والاستعاضة عنها بوحدة أخرى بالعقار الذي أقامه أو تنفيذ التزامه بتوفير وحدة سكنية ملائمة به لأحد المستفيدين من حكم النص وهو ما قد لا يتأتى إذا كان البناء قد آلت إليه ملكيته دون أن يكون قد أقامه وقد تكون وحداته مشغولة بالسكنى فيفقد الخيار المقرر له قانوناً في تنفيذ أي من الالتزامين دون أن يكون له يد في إسقاط هذا الخيار، وهي ذات العلة التي اقتضت قصر إعمال النص على حالة المبنى الذي يقام في تاريخ لاحق للاستئجار، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر منتهياً إلى القضاء بإخلاء العين محل النزاع من الطاعن وباقي ورثة المستأجر الأصلي بدعوى أنهم تملكوا العقار بالميراث عنه فيحلون محله في الالتزامات الملقاة على عاتقه، رغم أن الدعوى قد وجهت إليهم وليس إلى المورث حال حياته. فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما كان الثابت في الدعوى وحسبما سجله الحكم المطعون فيه أن المبنى المملوك للمستأنف ضدهم أقامه مورثهم المستأجر الأصلي وانتقلت ملكيته إليهم بالميراث بما ينتفي معه موجبات إعمال نص المادة 22/ 2 من القانون 136 لسنة 1981 فإنه يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.