مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 2004

(193)
جلسة 24 من يونيه سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد محمود الدكروري وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان - المستشارين.

الطعن رقم 1265 لسنة 36 القضائية

الإشكال في التنفيذ والتماس إعادة النظر رقم 1265 لسنة 36 القضائية:
( أ ) دعوى - إشكال في التنفيذ (نقابة المحامين).
الأصل في قبول الإشكال في التنفيذ سواء كان بطلب وقف تنفيذ الحكم أو بالاستمرار في تنفيذه أن يجد سببه بعد صدور الحكم - الإشكال باعتباره منصباً على إجراءات التنفيذ فإن مبناه يكون دائماً وقائع لاحقة للحكم استجدت بعد صدوره وليست سابقة عليه وإلا أوضحت حقيقة الإشكال طعناً في الحكم بغير الطريق الذي رسمه القانون - لا يجوز أن يعاد من خلال الإشكال طرح ما سبق أن فصل فيه الحكم المستشكل في تنفيذه لما فيه من مساس بما للحكم من حجية لا يتأتى المساس بها على أي وجه إلا من خلال طريق من طرق الطعن المقررة قانوناً - تطبيق.
(ب) المحكمة الإدارية العليا - ولايتها.
مناط اللجوء إلى الدائرة المشكلة بالمادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة:
إن إحالة الطعن إلى الدائرة المذكورة منوط بنظر أحد الطعون التي تختص دوائر المحكمة بنظرها وهي الطعون في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية وما إليها من الطعون المبتدأة التي تطرح على المحكمة لأول مرة - إذا تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعن أنه صدر منها أو من إحدى دوائي المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها بعضاًَ أو رأت العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة - تطبيق.
(جـ) دعوى - الحكم في الدعوى - طرق الطعن في الأحكام (التماس إعادة النظر) طرق الطعن في الأحكام سواء كانت عادية أو غير عادية مثل التماس إعادة النظر منشأها نص القانون وحده - المادة 51 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 اشتملت على بيان الأحكام التي يجوز الطعن فيها بطريق التماس إعادة النظر - لم يرد بنص المادة 51 أحكام المحكمة الإدارية العليا - نتيجة ذلك: عدم جواز الطعن في أحكام المحكمة الإدارية العليا بطريق التماس إعادة النظر - الحكم بعدم جواز التماس إعادة النظر - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 10 من مارس سنة 1990 أودع الأستاذ/ أحمد ناصر المحامي، نائباً عن الأستاذ الدكتور/ محمد عصفور المحامي، بصفته رئيس اللجنة المؤقتة لنقابة المحامين، قلم كتاب المحكمة، صحيفة إشكال في تنفيذ والتماس بإعادة النظر في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى - بجلسة 30/ 11/ 1989 في الطعن رقم 133/ 36 القضائية العليا، قيدت برقم 1265/ 36 القضائية عليا، طلب في ختامها - للأسباب المبينة بها - الحكم أصلياً، بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ هذا الحكم، فيما قضى به من رفض الطعن والحكم مجدداً بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، واحتياطياً بعرض هذا الطعن على الدائرة الإحدى عشرة لرفع التناقض بين الأحكام، ومن باب الاحتياط الكلي، بقبول هذا الالتماس وفي الموضوع بإلغاء الحكم الملتمس فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات والأتعاب.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت في ختامه الحكم بعدم قبول الإشكال في التنفيذ، وبعدم قبول طلب إحالته إلى الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 وبعدم جواز نظر التماس إعادة النظر، وإلزام المدعي المصروفات.
ونظر الإشكال والالتماس أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا فقررت إحالته إلى هذه الدائرة، وعينت لنظره أمامها جلسة 26/ 5/ 1990، وفيها استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وصرحت بتقديم مذكرات خلال ثلاثة أسابيع، وبتاريخ 10/ 6/ 1990 أودع المستشكل والملتمس مذكرة ختامية بدفاعه، تناول فيها مذكرة المستشكل والملتمس ضده الثالث المقدمة بتاريخ 20/ 5/ 1990، بالرد والتعقيب، وقد صدر الحكم بهذه الجلسة، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الإشكال والالتماس استوفيا الأوضاع المقررة لنظرهما.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - مستقاة من أوراقها - تتحصل في أنه بتاريخ 26/ 9/ 1989 أقام الأستاذ الدكتور/ محمد عصفور المحامي الدعوى رقم 7873 لسنة 43 ق. أمام محكمة القضاء الإداري، ضد الأستاذ أحمد الخواجة بصفته، ووزير العدل، وطلب في ختام صحيفتها الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قراري فتح باب الترشيح وتحديد موعد لانتخابات النقابات الفرعية. ثانياً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار إلزام المحامين بملء الاستمارات التي أعدها مجلس النقابة غير الشرعي ورتب على عدم تقديمها في الميعاد نقل المحامين الممتنعين إلى جدول غير المشتغلين، وفي الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما وما يترتب عليهما من آثار، وإلزام المطعون ضده الأول بصفته المصروفات، وقال في شرحها أنه سبق لمحكمة القضاء الإداري أن حكمت لصالحه بجلسة 29/ 4/ 1989 بوقف تنفيذ قرار فتح باب الترشيح لانتخابات النقابة العامة للمحامين استناداً إلى أن مجلس النقابة زالت ولايته بسحب الثقة منه بقرار الجمعية العمومية غير العادية بتاريخ 19/ 1/ 1989، وأصبح الحكم نهائياً بعدم الطعن عليه، وأنه تم اختياره رئيساً للجنة المؤقتة لإدارة النقابة، إلا أن مجلس النقابة غير الشرعي دعا إلى عقد جمعية عمومية غير عادية بتاريخ 26/ 5/ 1989 أصدرت قرارات تم الطعن فيها، كما أصدر مجلس النقابة غير الشرعي القرارين المطعون فيهما، وبتاريخ 1/ 10/ 1989 أقام الأستاذ/ أحمد ناصر المحامي الدعوى رقم 9 لسنة 44 ق، بذات الطلبات.
وبجلسة 14/ 11/ 1989 حكمت محكمة القضاء الإداري بوقف الدعويين لما ثبت من الأوراق من أن الأستاذ الدكتور/ عبد الله رشوان المحامي أقام بتاريخ 10/ 6/ 1989 الطعن رقم 6529 لسنة 1986 أمام محكمة النقض، في القرارات التي أصدرتها الجمعية العمومية غير العادية للمحامين بتاريخ 26/ 5/ 1989، ولم تحدد بعد جلسة لنظره، وأن حكمها الصادر في الدعوى رقم 2924/ 33 ق بجلسة 29/ 4/ 1989 لا يقيد حرية المحامين في ممارسة حقوقهم المنصوص عليها بقانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984، ومنها عقد جمعية عمومية غير عادية يوم 26/ 5/ 1989 أصدرت قرارات منها تحديد يوم 9/ 6/ 1989 موعداً لإجراء انتخابات أسفرت عن انتخاب مجلس النقابة الحالي، وصدر القراران المطعون فيهما، اللذان يتوقف الفصل في مشروعيتهما على الفصل في مشروعية قرارات الجمعية العمومية غير العادية بتاريخ 26/ 5/ 1989، وفي صحة انتخابات مجلس النقابة الحالي، المقام بشأنهما أمام محكمة النقض كل من الطعنين رقمي 6529 و7258 لسنة 1989، وبتاريخ 18/ 11/ 1989 أقام المستشكل والملتمس الطعن رقم 133/ 36 القضائية عليا في هذا الحكم، وبجلسة 14/ 11/ 1989 حكمت المحكمة الإدارية العليا بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع، أولاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه. ثانياً: بوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 31/ 8/ 1989 فيما تضمنه من ترتيب نقل المحامين إلى جدول غير المشتغلين عند عدم تقديمهم الاستمارات المشار إليها فيه. ثالثاً: برفض طلب وقف تنفيذ القرارين الصادرين بتاريخ 31/ 8/ 1989 بفتح باب الترشيح وبتحديد موعد لانتخابات النقابات الفرعية. رابعاً: بإلزام الطاعن والمطعون ضده الأول بالمصروفات مناصفة. فأقام بشأنه الإشكال في التنفيذ والتماس إعادة النظر الماثلين.
ومن حيث إن الإشكال في التنفيذ يقوم على أسباب محصلها أن الحكم المستشكل في تنفيذه صدرت بعده ثلاثة أحكام تؤثر تأثيراً حاسماً فيه وهي: 1 - الحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بجلسة 15/ 1/ 1990 في الطعن رقم 2146/ 35 القضائية عليا، المقام من الأستاذ أحمد الخواجة، برفضه، إذ تأيد بذلك حكم محكمة القضاء الإداري بجلسة 11/ 1/ 1990 في الدعويين رقمي 5081/ 43 ق و5240/ 43 ق بوقف تنفيذ القرار الصادر بدعوة الجمعية العمومية غير العادية للانعقاد يوم 26/ 5/ 1989 وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار الجمعية العمومية غير العادية بتحديد يوم 9/ 6/ 1989 موعداً لإجراء الانتخابات وبإحالته بحالته إلى محكمة النقض لتجرى فيه شئونها 2 - الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8/ 2/ 1990 في الدعويين رقم 4762 و4769/ 43 ق بوقف تنفيذ القرار الصادر بالاستمرار في إجراء الانتخابات يوم 26/ 5/ 1989، وأن هذه الأحكام من شأنها أن تسقط بصفة قاطعة أي شرعية لمجلس النقابة الحالي دون حاجة للطعن في الانتخابات التي أجريت يوم 9/ 6/ 1989 وأسفرت عن مجلس نقابة جديد وأن أسباب الحكم المستشكل فيه قد نقضتها تلك الأحكام التالية له، خاصة حكم دائرة فحص الطعون، بما يجيز للطاعن بصفته طلب الحكم بوقف تنفيذ الحكم مثار الطعن أو بالأقل طلب عرض هذا الطعن على الدائرة الإحدى عشرة رفعاً للتناقض بين الأحكام.
ومن حيث إن التماس إعادة النظر يستند إلى حصول الطاعن على مستند هام يجرد مجلس النقابة الحالي من أية شرعية، هو صورة ضوئية من كشف الترشيح لمنصب نقيب المحامين وأعضاء مجلس النقابة، وهو بذاته الكشف الذي أعد بناء على قرار فتح باب الترشيح الصادر عن مجلس النقابة المنحل، المقضي نهائياً بوقف تنفيذه.
ومن حيث إنه عن الطلب الأصلي بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه، فيما قضى به من رفض الطعن والحكم مجدداً بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الأصل في قبول الإشكال في التنفيذ سواء كان بطلب وقف تنفيذ الحكم أم بالاستمرار في تنفيذه أن يجد سببه بعد صدور الحكم، فهو باعتباره منصباً على إجراءات التنفيذ فإن مبناه يكون دائماً وقائع لاحقة للحكم استجدت بعد صدوره، وليست سابقة عليه، وإلا أضحت حقيقة الإشكال طعناً في الحكم بغير الطريق الذي رسمه القانون، كذلك فإنه لا يجوز البتة أن يعاد من خلاله طرح ما سبق أن فصل فيه الحكم المستشكل في تنفيذه لما فيه من مساس بما للحكم من حجية لا يتأتى المساس بها على أي وجه، إلا من خلال طريق من طرق الطعن المقررة قانوناً.
ومن حيث إنه ولئن كان مبنى الإشكال المطروح هو صدور الأحكام الثلاثة المشار إليها آنفاً، بعد صدور الحكم المستشكل في تنفيذه، قاضية بوقف تنفيذ قرار فتح باب الترشيح لمنصب النقيب ومجلس النقابة، وبوقف تنفيذ قرار دعوة الجمعية العمومية غير العادية للانعقاد يوم 26/ 5/ 1989، إلا أن البين من أسباب الإشكال ومن هذا الطلب الأصلي ذاته أن المستشكل إنما يستهدف من خلال إشكاله، إعادة طرح ذات ما سبق أن فصل فيه الحكم المستشكل في تنفيذه، مما يتعارض معه، ويحول دون ما لهذا الحكم من قوة الأمر المقضي، بحسبانه صادراً من المحكمة الإدارية العليا، قمة التدرج في القضاء الإداري وخاتمته، فلا يجوز المساس بها على أي وجه من الوجوه، ويتعين لذلك القضاء بعدم قبول هذا الطلب الأصلي.
ومن حيث إنه عن الطلب الاحتياطي بعرض هذا الطعن على الدائرة الإحدى عشرة لرفع التناقض بين الأحكام، فإن المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، والمعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984، تنص في فقرتها الأولى على أنه: "إذ تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر أحد الطعون أنه صدرت منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها البعض، أو رأت العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا، تعين عليها إحالة الطعن إلى هيئة تشكلها الجمعية العامة لتلك المحكمة في كل عام قضائي من أحد عشر مستشاراً برئاسة رئيس المحكمة أو الأقدم فالأقدم من نوابه".
ومن حيث إن صريح عبارة نص هذه المادة عن إحالة الطعن إلى الدائرة المذكورة منوط - بادئ الأمر - بنظر أحد الطعون التي تختص دوائر المحكمة بنظرها، وهي بصريح نص المادة 23 من قانون مجلس الدولة المشار إليه، الطعون في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية وما إليها من الطعون المبتدأة التي تطرح على المحكمة لأول مرة، متى تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعن أنه صدر منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها بعضاً أو رأت العدول عن مبدأ قانوني سبق تقريره وأنه وعلى أية حال فليس ثمة مبدأ قانوني في إشكالات التنفيذ مما قررته أحكام سابقة طرح أمر العدول عنه، ومرد ذلك أيضاً هو عدم جواز المساس على أي وجه من الوجوه - سوى بدعوى البطلان الأصلية - بما للحكم من قوة الأمر المقضي، ومفاد ذلك كله أنه ليس ثم ما تستنهض له همة الدائرة المشار إليها والتي لا تستوي بحال سبيلاً إلى الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا أو المساس بما لها من حجية، مما يغدو معه هذا الطلب على غير سند من صحيح القانون، خليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن الطلب الاحتياطي الكلي، بقبول هذا الالتماس شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الملتمس فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، فإن المادة 51/ 1 من قانون مجلس الدولة المشار إليه تنص على أنه: "يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية بطريق التماس إعادة النظر في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية أو قانون الإجراءات الجنائية حسب الأحوال، وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحاكم".
ومن حيث إن من المسلم فقهاً وقضاء أن طرق الطعن في الأحكام، سواء كانت عادية أو غير عادية، مثل التماس إعادة النظر، إنما ينشئها نص القانون وحده، ومن ثم فإن عبارة نص الفقرة الأولى من المادة 51 من قانون مجلس الدولة، المشار إليها إذ اشتملت على بيان الأحكام التي يجوز الطعن فيها بطريق التماس إعادة النظر دون أن تورد بينها أحكام المحكمة الإدارية العليا، فلا ريب في عدم جواز الطعن فيها بهذا الطريق، وهو ما جرى به قضاء المحكمة واضطرد منذ إنشائها، في ظل قوانين مجلس الدولة المتعاقبة، مما يتعين معه القضاء بعدم جواز هذا الطلب.
ومن حيث إن الطاعن طلب في مذكرته المقدمة بتاريخ 10/ 6/ 1990 محو عبارات عينها حصراً بصفحتي 8 و18 من مذكرة الخصم وإنه ولئن كانت هذه العبارات مما تلوكه مذكرات بعض الخصوم أمام المحاكم، إلا أنه في الدعوى الماثلة بالذات وقد دارت وقائعها بين سدنة القانون وحماته في قلعة من مكين قلاعه ونقابة لها تاريخها الحافل وتراثها المجيد ما تزهو له وبه يعتز، فإن أدبيات الدعوى بما يرى معه الأمر بمحو تلك العبارات لكي ما لا تترسب بآثارها في النفس وكي ما تظل المحاماة ونقابتها وكل من يستظل بلوائها إشعالاً لا يخبو وموئلاً لاحترام متبادل بين زملاء المهنة الواحدة وقدوة رائدة في هذا المجال لمن عداها من نقابات ومهن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الإشكال في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 30 من نوفمبر سنة 1989 في الطعن رقم 133 لسنة 36 القضائية عليا، وبعدم جواز التماس إعادة النظر في الحكم، وأمرت بمحو العبارات الجارحة على النحو المبين في الأسباب، وألزمت الطاعن المصروفات.