أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 480

جلسة 11 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ طلعت أمين - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عزت البنداري، كمال عبد النبي، سامح مصطفي - نواب رئيس المحكمة، ومحمد نجيب جاد.

(93)
الطعن رقم 1890 لسنة 63 القضائية

(1) دعوى "الصفة في الدعوى". نيابة "النيابة القانونية".
تمثيل الدولة في التقاضي فرع من النيابة القانونية. الأصل فيه أنه منوط بالوزير في الشئون المتعلقة بوزارته. الاستثناء. إسناد القانون صفة النيابة إلى غيره. مؤداه.
(2) دعوى "الصفة في الدعوى". أشخاص اعتبارية: "مشروع الصالحية".
عدم اتخاذ الإجراءات القانونية بتحويل مشروع الصالحية إلى شركة مساهمة قطاع عام وصيرورته وحدة من وحدات وزارة الزراعة. مؤداه. عدم تمتعه بالشخصية الاعتبارية. أثره. وزير الزراعة هو الممثل القانوني له وصاحب الصفة في التقاضي بشأنه.
1 - تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية عنها، وهذه النيابة المرد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئونها المسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير، فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وبالحدود التي يضعها القانون.
2 - مؤدى نص المادتين الأولى والثانية من قرار وزير الزراعة رقم 359 الصادر بتاريخ 2/ 4/ 1988، والمواد الأولى والثانية والثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 354 الصادر في 18/ 8/ 1988، والمادة الأولى من قرار وزير الزراعة رقم 1329 الصادر في 19/ 12/ 1988 أن مشروع الصالحية يعتبر بمثابة إدارة أو وحدة تابعة لوزير الزراعة ولا تتمتع بالشخصية الاعتبارية، ومن ثم يكون وزير الزراعة هو الممثل القانوني لهذا المشروع وصاحب الصفة في التقاضي بشأنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 784 لسنة 1988 مدني الإسماعيلية الابتدائية على شركة المقاولون العرب ومفوض شركة الصالحية وتنمية الأراضي الزراعية "تحت التأسيس" بطلب الحكم بإلغاء قرار نقله من الشركة الأولى إلى الثانية وصرف العلاوة الدورية المستحقة له طبقاً للائحة شركة المقاولون العرب اعتباراً من 1/ 7/ 1988، وقال بياناً لدعواه إنه كان يعمل لدى شركة المقاولون العرب التي قامت بنقله إلى شركة الصالحية تحت التأسيس، وإذ تم هذا النقل دون موافقته بالمخالفة لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 فقد أقام الدعوى بالطلبات السالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً وتنازل المطعون ضده عن مخاصمة شركة المقاولون العرب وبعد أن قدم الخبير تقريره دفع الحاضر عن مفوض شركة الصالحية بعدم اختصاص المحكمة قيمياً بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة، وبتاريخ 20/ 2/ 1991 قضت المحكمة بإثبات تنازل المطعون ضده عن مخاصمة شركة المقاولون العرب وبرفض الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم قبول الدعوى وإلزام مفوض شركة الصالحية وتنمية الأراضي الزراعية تحت التأسيس أن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ 112 جنيهاً قيمة العلاوة الدورية المستحقة في 1/ 7/ 1988 و1/ 7/ 1989. استأنف مفوض شركة الصالحية هذا الحكم بالاستئناف رقم 202 لسنة 16 ق الإسماعيلية، وبتاريخ 5/ 1/ 1993 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الممثل القانوني لشركة الصالحية تحت التأسيس في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه وإن كان قد صدر قرار وزير الزراعة رقم 359 لسنة 1988 بإنشاء شركة الصالحية إلا أن هذا القرار أُلغي بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1988 الذي نص على نقل تبعية مشروع الصالحية إلى وزارة الزراعة على أن تقوم الوزارة بتحديد خصوم وأصول المشروع إلى حين اتخاذ إجراءات تأسيس الشركة، وتنفيذاً لذلك صدر قرار وزير الزراعة رقم 1329 لسنة 1988 باعتبار مشروع الصالحية وحدة من وحدات وزارة الزراعة، ولم يتم حتى الآن اتخاذ الإجراءات الخاصة بتأسيس الشركة، ومقتضى ذلك أن المشروع المشار إليه ليس له شخصية اعتبارية وبالتالي لا يكون له صفة في التقاضي، ويكون وزير الزراعة هو صاحب الصفة في تمثيله أمام القضاء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة أخذاً بأسباب الحكم الابتدائي التي اعتدت في هذا الخصوص بقرار وزير الزراعة رقم 359 لسنة 1988، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية عنها، وهذه النيابة المرد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئونها المسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير، فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وبالحدود التي يضعها القانون، وكان قرار وزير الزراعة رقم 359 الصادر بتاريخ 2/ 4/ 1988 - وبعد أن أشار في ديباجته إلى موافقة مجلس الوزراء على توصية اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية والمالية بإنشاء شركة مساهمة مصرية تكون مملوكة للدولة تتولى إدارة مشروع الصالحية قد نص في مادته الأولى على أن "تنشأ شركة الصالحية للمشروعات الزراعية شركة مساهمة مصرية قطاع عام تحت التأسيس تابعة لوزارة الزراعة"، وفي مادته الثانية على أن تنقل أصول وخصوم مشروع الصالحية بالمقاولون العرب إلى الشركة المذكورة", وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 354 الصادر في 18/ 8/ 1988 قد نص في المادة الأولى منه على أن "تنقل تبعية مشروع الصالحية بجميع أصوله الثابتة والمنقولة إلى وزارة الزراعة", وفي المادة الثانية على أن "تشكل بقرار من وزير الزراعة لجان تتولى تحديد أصول وخصوم مشروع الصالحية كما تتولى تقييمها وفقاً لأحكام القانون"، وفي المادة الثالثة على أن "تتخذ وزارة الزراعة الإجراءات القانونية اللازمة لتأسيس شركة قطاع عام مملوكة للدولة بالكامل تسمى شركة الصالحية الزراعية تؤول إليها أصول هذا المشروع وتتولى إدارته"، وتنفيذاً لهذا القرار أصدر نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي بتاريخ 19/ 12/ 1988 القرار رقم 1329 ونص في المادة الأولى منه على أن "يعتبر مشروع الصالحية وحدة من وحدات وزارة الزراعة..... وذلك لحين انتهاء اللجان المنصوص عليها في المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1988 المشار إليه آنفاً والانتهاء من إجراءات تأسيس شركة قطاع عام مملوكة للدولة تسمى شركة الصالحية الزراعية"، فإن مفاد ذلك أن مشروع الصالحية المشار إليه بديباجة قرار وزير الزراعة رقم 359 لسنة 1988 لم يكن قد اتخذت في شأنه الإجراءات القانونية لتحويله إلى شركة مساهمة من شركات القطاع العام حتى صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1988 بنقل تبعيته إلى وزارة الزراعة ثم صيرورته بعد ذلك وحدة من وحداتها بموجب قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 1329 لسنة 1988، مما مؤداه أن المشروع السالف الذكر يعتبر بمثابة إدارة أو وحدة تابعة لوزير الزراعة ولا تتمتع بالشخصية الاعتبارية، ومن ثم يكون وزير الزراعة هو الممثل القانوني لهذا المشروع وصاحب الصفة في التقاضي بشأنه، ويكون الطاعن فاقداً لصفته في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدفع المبدى من مفوض شركة الصالحية تحت التأسيس بانتفاء صفته في الدعوى على أنه قد صدر قرار وزير الزراعة رقم 359 بتاريخ 2/ 4/ 1988 بإنشاء الشركة بالرغم من انتفاء الدليل على قيام هذه الشركة، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في الاستئناف رقم ( ) الإسماعيلية بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.