أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 512

جلسة 18 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد جمال الدين شلقاني - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ كمال محمد مراد، حسام الدين الحناوي، شكري جمعة حسين ومحمد شهاوي عبد ربه - نواب رئيس المحكمة.

(101)
الطعن رقم 185 لسنة 68 القضائية

(1 - 3) عقد. التزام "مصادر الالتزام: عناصر الالتزام: أوصاف الالتزام: الشرط".
(1) التصرف القانوني. ماهيته. انصرافه إلى كل تعبير عن الإرادة يقصد به ترتيب أثر قانوني مصدره العقد أو الإرادة المنفردة.
(2) الالتزام. عناصره. رابطة قانونية بين الدائن والمدين والمحل وطرفا الالتزام.
(3) الشرط. وصف يرد على الرابطة القانونية بين الدائن والمدين. أثره. تعليق نفاذ الالتزام إذا كان واقفاً أو زواله إذا كان فاسخاً على تحققه. مصدره. العقد أو الإرادة المنفردة. خضوعه في إثباته للقواعد العامة في الإثبات ومنها م 61/ أ إثبات.
(4) التزام. "أوصاف الالتزام: الشرط". محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع وتفسير العقود". عقد "تفسير العقد".
تقدير ما إذا كان الالتزام منجزاً أو معلقاً على شرط. من مسائل الواقع. خضوعه لسلطة محكمة الموضوع. لها استظهار مدلول العقد بما تضمنته عباراته وفقاً لظروف تحريره وما سبقه وعاصره من اتفاقات. شرطه. إقامة قضاءها على أسباب سائغة.
(5، 6) إيجار. "إيجار الأماكن" "ترك العين المؤجرة". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
(5) تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن العين المؤجرة. جواز أن يكون صريحاً أو ضمنياً باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على انصراف قصده إليه.
(6) استخلاص التخلي عن العين المؤجرة أو نفيه. واقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديره متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التصرف القانوني ينصرف إلى كل تعبير عن الإرادة بقصد ترتيب أثر قانوني، وإما أن يكون مصدره العقد أو الإرادة المنفردة.
2 - الالتزام في صورته البسيطة يتكون من عناصر ثلاثة، هي الرابطة القانونية التي تربط بين المدين والدائن، والمحل، وطرفا الالتزام.
3 - الشرط باعتباره وصفاً يرد على العنصر الأول، أي الرابطة القانونية التي تربط المدين بالدائن، فيعدل من أثرها، فيجعل نفاذ الالتزام أو زواله معلقاً على تحققه فيكون شرطاً واقفاً في الأولى وفاسخاً في الثانية، ومن ثم فهو تصرف قانوني إما مصدره العقد أو الإرادة المنفردة، فيخضع في إثباته إلى القواعد العامة في إثبات التصرفات القانونية المدنية ومنها ما ورد في المادة 61 بند "أ" من قانون الإثبات من عدم جواز إثبات ما يخالف الثابت بالكتابة أو ما يجاوزها إلا بالكتابة.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تقدير ما إذا كان الالتزام منجزاً أو معلقاً على شرط، من مسائل الواقع التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع، كما أن لها سلطة البحث في حقيقة العقد المتنازع عليه واستظهار مدلوله بما تضمنته عباراته على ضوء الظروف التي أحاطت بتحريره وما يكون قد سبقه أو عاصره من اتفاقات، وذلك دون معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها مأخذها الصحيح وكافياً لحمل قضائه.
5 - تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن إجارة العين كما قد يكون صريحاً يكون ضمنياً، بأن يتخذ موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته إلى انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني.
6 - استخلاص التخلي عن العين المؤجرة أو نفيه، من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها منى أقامت قضاءها بشأنه على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 966 لسنة 1994 مدني محكمة أسيوط الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء العلاقة الإيجارية عن الشقة المبينة بالصحيفة والطرد والتسليم، وقالت بياناً لذلك إنه كان يستأجر هذه الشقة من مورثها ولعدم حاجته إلى الانتفاع بها تنازل لها عنها بموجب إقرار مؤرخ 15 من أكتوبر سنة 1989 بالإضافة إلى أنه أقام بذات البلد مبنى مكوناً من أكثر من ثلاث وحدات سكنية واتخذ لنفسه مسكناً فيه وظل محتجزاً لهذه الشقة دون مقتض، وإذ رفض إخلاء العين وتسليمها فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق واستمعت إلى الشهود، وندبت خبيراً فيها، وبعد أن أودع تقريره حكمت للمطعون ضدها بطلباتها. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 818 لسنة 72 قضائية - أسيوط - وبتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1997 حكمت المحكمة بتأييده، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ أقام قضاءه برفض ما تمسك به في دفاعه بأن التنازل الصادر منه عن عقد الإيجار المؤرخ 15 من أكتوبر سنة 1989 مشروط بتنفيذ المطعون ضدها بصفتها وصية على أولادها القصر عقد بيع نصف محل الذهب المملوك لهم والمحرر بذات تاريخ التنازل ولم تنفذه، على أن صيغة كل من العقدين وردت منجزة وليست معلقة على تنفيذ الآخر، وأنه لا يجوز إثبات ما يخالف الثابت بهما إلا بالكتابة في حين أن الظروف والملابسات التي أحاطت بتحرير التنازل هي من الوقائع المادية التي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، وهو ما حدا بمحكمة أول درجة إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك، وشهد شاهديه أمامها بصحة دفاعه وتأيد بقرينة اتفاق تاريخ العقدين، هذا إلى أن الحكم قام في دعامته الأخرى على ثبوت احتجاز الطاعن للعين محل النزاع دون مقتض عملاً بنص المادة 8/ 1 ق 49 لسنة 1977 رغم القضاء بعدم دستورية هذا النص، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التصرف القانوني ينصرف إلى كل تعبير عن الإرادة بقصد ترتيب أثر قانوني، وإما أن يكون مصدره العقد أو الإرادة المنفردة، وإنه وإن كان الالتزام في صورته البسيطة يتكون من عناصر ثلاثة، هي الرابطة القانونية التي تربط بين المدين والدائن، والمحل، وطرفا الالتزام، فإن الشرط باعتباره وصفاً يرد على العنصر الأول، أي الرابطة القانونية التي تربط المدين بالدائن، فيعدل من أثرها، فيجعل نفاذ الالتزام أو زواله معلقاً على تحققه فيكون شرطاً واقفاً في الأولى وفاسخاً في الثانية، ومن ثم فهو تصرف قانوني إما مصدره العقد أو الإرادة المنفردة، فيخضع في إثباته إلى القواعد العامة في إثبات التصرفات القانونية المدنية ومنها ما ورد في المادة 61 بند "أ" من قانون الإثبات من عدم جواز إثبات ما يخالف الثابت بالكتابة أو ما يجاوزها إلا بالكتابة، وكان المقرر أيضاً أن تقدير ما إذا كان الالتزام منجزاً أو معلقاً على شرط من مسائل الواقع التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع، كما أن لها سلطة البحث في حقيقة العقد المتنازع عليه واستظهار مدلوله بما تضمنته عباراته على ضوء الظروف التي أحاطت بتحريره وما يكون قد سبقه أو عاصره من اتفاقات، وذلك دون معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها مأخذها الصحيح وكافياً لحمل قضائه. لما كان ذلك، وكان تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن إجارة العين كما قد يكون صريحاً يكون ضمنياً، بأن يتخذ موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته إلى انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني، وأن استخلاص تحقق هذا التخلي أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها بشأنه على أسباب سائغة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر من عبارات عقد التنازل محل النزاع وعقد بيع المطعون ضدها بصفتها لنصف محل تجاري إلى الطاعن أن كلاً منهما ورد في صيغة منجزة ولم ينص في أيهما على تعليق تنفيذه على تنفيذ الآخر، ولم يقدم الطاعن دليل كتابي يثبت به خلاف الثابت بهذين العقدين، وانتهى صحيحاً إلى إعمال أثر التنازل الصادر من الطاعن عن إيجار العين محل النزاع باعتباره إقراراً منه بإنهاء عقد الإيجار والتزاماً بإخلاء العين وتسليمها، ورتب على ذلك قضاءه بتأييد الحكم المستأنف، وكان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً وله مأخذه الصحيح من الأوراق وكافياً لحمل النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس، وإذ كانت هذه الدعامة تكفي وحدها لحمل قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف ولا تساند بينها وبين الدعامة الأخرى التي أقام عليها هذا الحكم قضاءه، وهي احتجاز الطاعن للشقة محل النزاع دون مقتض إعمالاً لنص المادة 8 فقرة أولى من القانون رقم 49 لسنة 1977، والذي قُضي بعدم دستوريتها بالحكم رقم 56 لسنة 81 - قضائية دستورية عليا - والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1997، فإن النعي على الحكم المطعون فيه - في خصوص هذه الدعامة أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج، ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.