أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 579

جلسة 29 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب عباس - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، لطف الله يس جزر، وجيه أديب - نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الكريم.

(115)
الطعن رقم 245 لسنة 67 القضائية

(1، 2) دعوى "انعقاد الخصومة". استئناف.
(1) انعقاد الخصومة. شرطه. إعلان المدعى عليه إعلاناً صحيحاً بصحيفة الدعوى أو مجرد حضوره بالجلسة. م 68/ 3 مرافعات المعدلة بالقانون 23 لسنة 1992. علة ذلك.
(2) حضور الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بعد تاريخ العمل بقانون 23 لسنة 1992. تنعقد به الخصومة سواء أعلنت بصحيفة الاستئناف أم لم تكن قد أعلنت بها أصلاً. م 68/ 3 مرافعات المعدلة بقانون 23 لسنة 1992. علة ذلك.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن" "تحديد الأجرة". اختصاص "الاختصاص الولائي". حكم "الطعن في الحكم: مواعيد الطعن". قانون "سريان القانون" "القانون الواجب التطبيق". نظام عام.
(3) تحديد أجرة الأماكن الخاضعة للقوانين الاستثنائية. تعلقه بالنظام العام.
(4) تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام القانون 136 لسنة 1981 معقود للمالك طبقاً للأسس المنصوص عليها فيه. المادتان 4، 5 من القانون المذكور. حق المستأجر وحده في الطعن أمام اللجنة المختصة على الأجرة المحددة خلال تسعين يوماً. حالاته. عدم مراعاته للميعاد المذكور. أثره. سقوط حقه في الطعن وصيرورة التقدير المبدئي للأجرة نهائياً ونافذاً. مؤداه. اختصاص لجان تحديد الأجرة في ظل القانونين 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 من قبيل الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام. اعتبارها جهة تقدير في ظل القانون الأول وجهة طعن في ظل القانون الثاني. وجوب تصدي محكمة الموضوع لبحث سلطة تلك اللجان وإعمال صحيح القانون بشأن قراراتها أياً كان الطعن المطروح عليها. عدم اعتبار ذلك قضاءً بما لم يطلبه الخصوم أو افتئاتاً على قاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه. علة ذلك. قيام المالك بتقدير أجرة الأماكن الخاضعة للقانون الأخير وصيرورته نهائياً وقانونياً بعدم الطعن عليه من المستأجر. أثره. عدم جواز تصدي لجنة تحديد الأجرة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المؤجر بتقدير أجرتها لانتفاء ولايتها. مخالفتها ذلك. لكل من المؤجر والمستأجر التمسك ببطلان القرار الصادر منها بطريق الطعن عليه أو بدعوى مبتدأة لصدوره من لجنة لا ولاية لها في إصداره.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992..... يدل على أن المشرع ارتأى اعتبار الخصومة منعقدة في الدعوى بأحد أمرين أولهما: إعلان صحيفتها للمدعى عليه والثاني هو حضور المدعى عليه بالجلسة، ووردت العبارة الخاصة بالحضور بصفة عامة مطلقة دون قيد أو شرط، بما مفاده أن المشرع افترض علم المدعى عليه بالخصومة والطلبات فيها بمجرد مثوله أمام المحكمة دون ما حاجة لتوافر أي شرط أو اتخاذ أي مجابهة.
2 - إذ كان الثابت بمحضر جلسة 22/ 9/ 1996 مثول الطاعنة بوكيل عنها - ولا تماري في صفته كوكيل عنها - والذي يتوافر بمجرد حضوره علم الطاعنة بخصومة الاستئناف على نحو تنعقد معه تلك الخصومة بينها والمطعون ضده الأول رافع الاستئناف دون حاجة إلى إعلانها بصحيفته أو تسليم صورتها لها أو لوكيلها الحاضر عنها بالجلسة عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات المستحدثة بالقانون المشار إليه.
3 - المقرر - أن تحديد أجرة الأماكن طبقاً للقوانين المحددة للإيجارات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من النظام العام إذ تتحدد به - متى صار نهائياً - القيمة الإيجارية إزاء الكافة.
4 - مفاد النص في المادتين الرابعة والخامسة من القانون 136 لسنة 1981 في شأن تأجير وبيع الأماكن - يدل وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور وتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب - أن المشرع جعل تحديد الأجرة معقوداً للمالك على ضوء أسس التكاليف المشار إليها بالقانون إلا في حالة عدم موافقة المستأجر على هذا التحديد، فيكون له أن يلجأ إلى اللجنة لتحديد الأجرة وذلك خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد إذا كان تعاقده لاحقاً على إتمام البناء، أما إذا كان تعاقده سابقاً على ذلك، فإن الميعاد يسري من تاريخ إخطاره من قبل المالك بالأجرة المحددة أو من تاريخ شغله للمكان المؤجر أيهما أقرب، وإذا لم يتقدم المستأجر إلى اللجنة في الميعاد المشار إليه فإن التقدير المبدئي للأجرة يصير نهائياً ونافذاً، ولا يجوز للجنة بعد ذلك أن تتصدى لتحديد الأجرة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر الحاصل بعد الميعاد باعتبار أن هذا الميعاد - أخذاً بالغرض من تقريره - يُعد ميعاداً حتمياً وليس ميعاداً تنظيمياً بما يرتب سقوط حق المستأجر في اللجوء إلى تلك الجهة بعد انقضاء الأجل المحدد، ومفاد ما تقدم أن لجنة تحديد إيجار الأماكن أصبحت في ظل القانون رقم 136 لسنة 1981 جهة طعن في تحديد الأجرة التي يتولى المالك تقديرها في عقد الإيجار ويكون الطعن في هذا التقدير من المستأجر وحده - دون المالك - خلال الميعاد القانوني المنصوص عليه، وفي حالة عدم حصول هذا الطعن تضحى الأجرة التي قدرها المالك أجرة قانونية ملزمة للطرفين واختصاص اللجان وفقاً لأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 يختلف تماماً عن اختصاصها في ظل القانون رقم 49 لسنة 1977، إذ أن مفاد نص المادة 13 من هذا القانون أن لجان تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون هي جهة تقوم أصلاً بتقدير الأجرة وفقاً للقواعد الموضوعية المنصوص عليها في هذا القانون من تلقاء نفسها أو بناء على إخطار من المالك أو المستأجر أو الجهة المختصة بحصر العقارات المبنية وهذا الاختصاص الذي نص عليه القانون رقم 49 لسنة 1981 أو الاختصاص المنصوص عليه في القانون رقم 136 لسنة 1981 هو من قبيل الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام، والأصل أن مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة التي يرفعها المالك أو المستأجر طعناً على قرارات تلك اللجان وتعتبر مطروحة دائماً على محكمة الموضوع التي تنظر الطعن وعليها أن تقضي به من تلقاء نفسها وتبحث سلطة تلك اللجان والقرارات الصادرة منها ومدى موائمته لحدود سلطتها الولائية في تقدير الأجرة أياً كان الطعن أو الدعوى المطروحة عليها وصفة رافعه مؤجراً كان أو مستأجراً وإعمال صحيح القانون على قرارات هذه اللجان دون أن يعد ذلك قضاءً بما لم يطلبه الخصوم أو افتئاتاً على قاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه المنصوص عليها في المادة 218/ 1 من قانون المرافعات، إذ أن قواعد تحديد أجرة الأماكن طبقاً للقوانين المحددة للإيجارات من النظام العام ولا يجوز الخروج عليها، ولازم ذلك أنه إذا قام المالك بتقدير أجرة الأماكن المؤجرة الخاضعة للقانون رقم 136 لسنة 1981 ولم يطعن المستأجر في هذا التقدير أو كان طعنه بعد الميعاد الحتمي المقرر قانوناً أصبحت الأجرة التي قدرها المالك أجرة قانونية ولا يجوز للجان تحديد الأجرة أن تتصدى من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المؤجر وتقوم بتحديد أجرة تلك الأماكن لانتفاء ولايتها في التقدير ابتداءً إذ هي - وعلى ما سلف بيانه - جهة طعن فحسب في التقدير الذي يقدره المالك في عقد الإيجار وإذ هي تصدره وأصدرت قراراً بتقدير أجرة تلك الأماكن، فإنها بهذا تكون قد تجاوزت ولايتها واختصاصها المبين في القانون على سبيل الحصر، ويقع هذا التقدير باطلاً ويضحى القرار صادراً من جهة غير مختصة ولائياً لا يحوز الحجية أمام المحكمة المختصة ويكون لكل ذي مصلحة من طرفي العلاقة الإيجارية التمسك بهذا البطلان الذي يجعل القرار منعدماً لصدوره من جهة لا ولاية لها في إصداره، فله أن يطعن على هذا القرار بطريق الطعن عليه أو بدعوى مبتدأة طالباً بطلانه أو يتمسك ببطلانه في أي نزاع مطروح على القضاء. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى حسبما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الأول شغل عين النزاع بموجب عقد إيجار مؤرخ 5/ 2/ 1985 بأجرة شهرية قدرها "100 جنيه" وتقدم للجنة تحديد الأجرة بتاريخ 24/ 12/ 1991 بعد الميعاد المقرر قانوناً طبقاً لنص المادة الخامسة من القانون 136 لسنة 1981 وإذ أخطرت اللجنة الطرفين بقرارها بتقدير أجرة شقة النزاع بمبلغ "37.55 جنيه" شهرياً بناء على إخطارها من المطعون ضده الأول - المستأجر - الحاصل بعد الميعاد، ومن ثم يقع هذا التقدير باطلاً لتجاوزه اختصاصها الولائي لجهة طعن، وتضحى الأجرة الاتفاقية التي قدرتها الطاعنة - المالكة - أجرة قانونية ملزمة للطرفين، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض طعن، المطعون ضده الأول على قرار لجنة تحديد الأجرة على سند من أن قبوله الضمني للأجرة التعاقدية لا يستساغ معه أن يقبل طعنه على قرار لجنة تحديد الأجرة الصادر لصالحه ولا مصلحة له في الطعن عليه حتى لا يضار بطعنه حالة أنه - وعلى ما سلف بيانه - لا يستفيد البتة من طعنه على قرار معدوم لا حجية له أمام المحكمة المختصة ولائياً بالفصل في النزاع حول الأجرة القانونية فلا يعتبر هناك تقدير للأجرة يمكن أن يضار منه المستأجر حتى تقوم لديه المصلحة للطعن عليه فيكون الطعن المرفوع منه غير مقبول، وانتهى في قضائه إلى تأييد القرار المطعون عليه رغم انعدامه، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والتناقض المبطل الذي جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة والمطعون ضده الثاني بصفته الدعوى رقم 54 لسنة 1992 مدني طنطا الابتدائية طعناً على قرار لجنة الإيجارات طالباً الحكم بتخفيض أجرة الشقة المؤجرة له المبينة بالصحيفة بما يتناسب والتكاليف الفعلية، كما أقامت الطاعنة على المطعون ضدهما الدعوى رقم 790 لسنة 1992 مدني طنطا الابتدائية طعناً على ذات القرار المشار إليه بطلب الحكم بإلغاء القرار المذكور واحتياطياً تحديد أجرة شقة النزاع حسب الأسس المبينة بالصحيفة تأسيساً على صيرورة أجرتها الاتفاقية نهائية لعدم إخطار المطعون ضده الأول - المستأجر - للجنة تحديد الأجرة في الميعاد المحدد طبقاً للقانون رقم 136 لسنة 1981. أمرت المحكمة بضم الدعويين وندبت فيها خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت في الدعوى الأولى بإلغاء القرار المطعون عليه واعتباره كأن لم يكن، وفي الثانية بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 389 لسنة 46 ق طنطا وبتاريخ 27/ 11/ 1996 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الطعن رقم 54 لسنة 1992 وبتأييد القرار المطعون عليه، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة أمرت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وحددت جلسة لنظره، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الرابع منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى في الاستئناف رغم عدم انعقاد الخصومة فيه بإعلانها بصحيفته وأورد في مدوناته على خلاف الحقيقة أنها أعلنت قانوناً، ولا ينال من ذلك ما أضافه المشرع في الفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 من عبارة "ما لم يحضر" إذ لم يثبت بمحضر جلسة الاستئناف حضورها بشخصها أو تسليم صورة الصحيفة لها أو لمن ذكر حضوره عنها، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الثالثة من المادة (68) من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أن "ولا تعتبر الخصومة منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر بالجلسة" والذي جاء واضحاً جلياً - يدل على أن المشرع ارتأى اعتبار الخصومة منعقدة في الدعوى بأحد أمرين أولهما: إعلان صحيفتها للمدعى عليه، والثاني هو حضور المدعى عليه بالجلسة، ووردت العبارة الخاصة بالحضور بصفة عامة مطلقة دون قيد أو شرط بما مفاده أن المشروع افترض علم المدعى عليه بالخصومة والطلبات فيها بمجرد مثوله أمام المحكمة دون ما حاجة لتوافر أي شرط أو اتخاذ أي مجابهة. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة 22/ 9/ 1996 مثول الطاعنة بوكيل عنها ولا تماري في صفته كوكيل عنها - والذي يتوافر بمجرد حضوره علم الطاعنة بخصوص الاستئناف على نحو تنعقد معه تلك الخصومة بينها والمطعون ضده الأول رافع الاستئناف دون ما حاجة إلى إعلانها بصحيفته أو تسليم صورتها لها أو لوكيلها الحاضر عنها بالجلسة عملاً بالفقرة الثالثة من المادة (68) من قانون المرافعات المستحدثة بالقانون المشار إليه، ومن ثم يضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والتناقض المبطل، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أورد بمدوناته أن حكم محكمة أول درجة قضى في طعن المطعون ضده الأول - المستأجر - الرقيم 54 لسنة 1992 بإلغاء قرار لجنة تحديد الأجرة محمولاً على أن الأجرة الاتفاقية وقدرها (100 جنيه) شهرياً هي المعتبرة قانوناً لعدم تقدمه للجنة خلال الميعاد المنصوص عليه في القانون رقم 136 لسنة 1981 حال أن طلباته أصلاً في طعنه المذكور تخفيض الأجرة الواردة بالقرار المطعون عليه وقدرها (37.55 جنيه) شهرياً وبذلك يكون قد أضير بطعنه وهو أمر غير جائز أو مقبول قانوناً مما يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في طعنه المذكور، ثم عاد وأورد بمدوناته أن الثابت أن المطعون ضده الأول - المستأجر - تقدم للجنة تحديد الأجرة بعد الميعاد المقرر قانوناً ومن ثم يكون قد قبل ضمناً الأجرة التعاقدية الواردة بعقد الإيجار بما لا يستساغ معه أن يقبل طعنه على قرار لجنة تحديد الأجرة الصادر لصالحه بما لازمه القضاء برفض طعنه وتأييد القرار المطعون عليه، ذلك القرار المعدوم الصادر من لجنة تحديد الأجرة خارج حدود ولايتها مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر أن تحديد أجرة الأماكن طبقاً للقوانين المحددة للإيجارات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من النظام العام إذ تتحدد به متى صار نهائياً - القيمة الإيجارية إزاء الكافة، كما أن مفاد النص في المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن تأجير وبيع الأماكن يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور وتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب - أن المشرع جعل تحديد الأجرة معقوداً للمالك على ضوء أسس التكاليف المشار إليها بالقانون إلا في حالة عدم موافقة المستأجر على هذا التحديد فيكون له أن يلجأ إلى اللجنة لتحديد الأجرة وذلك خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد إذا كان تعاقده لاحقاً على إتمام البناء، أما إذا كان تعاقده سابقاً على ذلك فإن الميعاد يسري من تاريخ إخطاره من قبل المالك بالأجرة المحددة أو من تاريخ شغله للمكان المؤجر أيهما أقرب، وإذا لم يتقدم المستأجر إلى اللجنة في الميعاد المشار إليه فإن التقدير المبدئي للأجرة يصير نهائياً ونافذاً ولا يجوز للجنة بعد ذلك أن تتصدى لتحديد الأجرة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر الحاصل بعد الميعاد باعتبار أن هذا الميعاد - أخذاً بالغرض من تقريره - يعد ميعاداً حتمياً وليس ميعاداً تنظيمياً بما يرتب سقوط حق المستأجر في اللجوء إلى تلك الجهة بعد انقضاء الأجل المحدد، ومفاد ما تقدم أن لجنة تحديد إيجار الأماكن أصبحت في ظل القانون رقم 136 لسنة 1981 جهة طعن في تحديد الأجرة التي يتولى المالك تقديرها في عقد الإيجار ويكون الطعن في هذا التقدير من المستأجر وحده - دون المالك - خلال الميعاد القانوني المنصوص عليه، وفي حالة عدم حصول هذا الطعن تضحى الأجرة التي قدرها المالك أجرة قانونية ملزمة للطرفين، واختصاص اللجان وفقاً لأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 يختلف تماماً عن اختصاصها في ظل القانون رقم 49 لسنة 1977 إذ أن مفاد نص المادة (13) من هذا القانون أن لجان تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون هي جهة تقوم أصلاً بتقدير الأجرة وفقاً للقواعد الموضوعية المنصوص عليها في هذا القانون من تلقاء نفسها أو بناء على إخطار من المالك أو المستأجر أو الجهة المختصة بحصر العقارات المبنية وهذا الاختصاص الذي نص عليه القانون رقم 49 لسنة 1977 أو الاختصاص المنصوص عليه في القانون رقم 136 لسنة 1981 هو من قبيل الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام، والأصل أن مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة التي يرفعها المالك أو المستأجر طعناً على قرارات تلك اللجان وتعتبر مطروحة دائماً على محكمة الموضوع التي تنظر الطعن وعليها أن تقضي به من تلقاء نفسها وتبحث سلطة تلك اللجان والقرارات الصادرة منها ومدى موائمته لحدود سلطتها الولائية في تقدير الأجرة أياً كان الطعن أو الدعوى المطروحة عليها وصفة رافعه مؤجراً كان أو مستأجراً وإعمال صحيح القانون على قرارات هذه اللجان دون أن يعد ذلك قضاءً بما لم يطلبه الخصوم أو افتئاتاً على قاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه المنصوص عليها في المادة 218/ 1 من قانون المرافعات، إذ أن قواعد تحديد أجرة الأماكن طبقاً للقوانين المحددة للإيجارات من النظام العام ولا يجوز الخروج عليها، ولازم ذلك أنه إذا قام المالك بتقدير أجرة الأماكن المؤجرة الخاضعة للقانون رقم 136 لسنة 1981 ولم يطعن المستأجر في هذا التقدير أو كان طعنه بعد الميعاد الحتمي المقرر قانوناً أصبحت الأجرة التي قدرها المالك أجرة قانونية ولا يجوز للجان تحديد الأجرة أن تتصدى من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المؤجر وتقوم بتحديد أجرة تلك الأماكن لانتفاء ولايتها في التقدير ابتداءً إذ هي - وعلى ما سلف بيانه - جهة طعن فحسب في التقدير الذي يقدره المالك في عقد الإيجار وإذ هي تصدت وأصدرت قراراً بتقدير أجرة تلك الأماكن، فإنها بهذا تكون قد تجاوزت ولايتها واختصاصها المبين في القانون على سبيل الحصر ويقع هذا التقدير باطلاً ويضحى القرار صادراً من جهة غير مختصة ولائياً لا يحوز الحجية أمام المحكمة المختصة ويكون لكل ذي مصلحة من طرفي العلاقة الإيجارية التمسك بهذا البطلان الذي يجعل القرار منعدماً لصدوره من جهة لا ولاية لها في إصداره، فله أن يطعن على هذا القرار بطريق الطعن عليه أو بدعوى مبتدأة طالباً بطلانه أو يتمسك ببطلانه في أي نزاع مطروح على القضاء. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى - حسبما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - أن المطعون ضده الأول شغل عين النزاع بموجب عقد إيجار مؤرخ 5/ 2/ 1985 بأجرة شهرية قدرها (100 جنيه) وتقدم للجنة تحديد الأجرة بتاريخ 24/ 12/ 1991 بعد الميعاد المقرر قانوناً طبقاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 136 لسنة 1981، وإذ أخطرت اللجنة الطرفين بقرارها بتقدير أجرة شقة النزاع بمبلغ ( 55 مليم 37 جنيه) شهرياً بناء على إخطارها من المطعون ضده الأول - المستأجر - الحاصل بعد الميعاد، ومن ثم يقع هذا التقدير باطلاً لتجاوزه اختصاصها الولائي كجهة طعن وتضحى الأجرة الاتفاقية التي قدرتها الطاعنة - المالكة - أجرة قانونية ملزمة للطرفين، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض طعن المطعون ضده الأول على قرار لجنة تحديد الأجرة على سند من أن قبوله الضمني للأجرة التعاقدية لا يستساغ معه أن يقبل طعنه على قرار لجنة تحديد الأجرة الصادر لصالحه ولا مصلحة له في الطعن عليه حتى لا يضار بطعنه حالة أنه - وعلى ما سلف بيانه - لا يستفيد البتة من طعنه على قرار معدوم لا حجية له أمام المحكمة المختصة ولائياً بالفصل في النزاع حول الأجرة القانونية فلا يعتبر هناك تقدير للأجرة يمكن أن يضار منه المستأجر حتى تقوم لديه المصلحة للطعن عليه فيكون الطعن المرفوع منه غير مقبول وانتهى في قضائه إلى تأييد القرار المطعون عليه رغم انعدامه، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والتناقض المبطل الذي جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.