أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 42 – صـ 1459

جلسة 18 من يوليه سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد وليد الجارحي، محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين توفيق وشكري جمعه حسين.

(225)
الطعن رقم 2428 لسنة 55 القضائية

(1) نقض "حالات الطعن" "الأحكام الجائز الطعن فيها" "نقض الحكم للمرة الثانية" استئناف. حكم "تسبيب الحكم الاستئنافي". الطعن بالنقض للمرة الثانية. اعتباره موجهاً للحكم الجديد الصادر من محكمة الاستئناف ولو التزم بالحكم الناقض. عدم انصراف الطعن بالنقض في هذه الحالة إلى الحكم الناقض.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش" "حظر احتجاز أكثر من مسكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار".
حق المالك في التأجير المفروش المنصوص عليه في المادة 39/ 1، 2 ق 49 لسنة 1977. اعتباره من قبيل المقتضى الذي يخول له الحق التمسك بأحكام الامتداد القانوني لعقد الإيجار وفقاً لأحكام المادة 29 من القانون المذكور. يحول وحق المؤجر في طلب الإخلاء المؤسس على احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد طبقاً لنص المادة 8 من ذات القانون.
1 - إن الطعن بالنقض للمرة الثانية موجه إلى الحكم الجديد الصادر من محكمة الاستئناف وإن التزامها بالحكم الناقض لا يحول دون الطعن على حكمها الجديد بالنقض ولا ينصرف هذا الطعن إلى الحكم الناقض.
2 - المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن نصت المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - المنطبقة على واقعة الدعوى - على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة 8 من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك ..." والفقرة الأولى من المادة 8 من ذات القانون على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض" إلا أن - الحظر الوارد بصفة عامة في المادة الأخيرة لا يسري على الأماكن التي يؤجرها مالكها مفروشة لحسابه بمقتضى الرخصة المخولة له في المادة 39 من هذا القانون والتي تجيزها الفقرة الأولى منها من أن يؤجر وحدة واحدة مفروشة في كل عقار يملكه وذلك في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون وتجيز له أيضاً فقرتها الثانية استثناءً من حقه الأصلي المقرر بالفقرة الأولى "أن يؤجر وحدة أخرى مفروشة في أي من الأحوال أو الأغراض الآتية أ - التأجير لإحدى الهيئات الأجنبية أو الدبلوماسية أو القنصلية أو المنظمات الدولية أو الإقليمية أو لأحد العاملين بها من الأجانب أو للأجانب المرخص لهم بالعمل أو بالإقامة بجمهورية مصر العربية. ب - التأجير للسائحين الأجانب أو لإحدى الجهات المرخص لها في مباشرة أعمال السياحة بغرض إسكان السائحين وذلك في المناطق التي يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة بالاتفاق مع المحافظ المختص" بما مؤداه أنه إذا توافر للمالك حقه في التأجير مفروشاً المنصوص عليه في المادة 39 المشار إليها فإن ذلك يعتبر من قبيل المقتضى الذي يخوله حق التمسك بأحكام الامتداد القانوني لعقد إيجار المسكن التي تضمنتها المادة 29 من ذات القانون ويحول ذلك بالتالي بين المؤجر وبين حقه في طلب الإخلاء المؤسس على احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد طبقاً لنص المادة 8 من ذات القانون إذ لا يعدو أن يكون التأجير مفروشاً طبقاً لنص المادة 39 من القانون أن يكون استعمالاً لحق خوله القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم 4542 سنة 1980 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 10/ 1958 استأجر منه زوج المطعون ضدها الشقة محل النزاع وأقامت معه فيها حتى وفاته ولاحتجازها شقتين أخرتين بذات المدينة (القاهرة) على خلاف الحظر الوارد بنص المادة 8 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فإنها لا تستفيد مما نصت عليه المادة 29 من ذات القانون من استمرار عقد إيجار الشقة محل النزاع لصالحها ومن ثم أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق وبعد سماع الشهود حكمت برفضها. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 2867 سنة 99 ق القاهرة وبتاريخ 29/ 12/ 1982 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء. طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 88 سنة 53 ق وبتاريخ 20/ 6/ 1984 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وبتاريخ 16/ 6/ 1985 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ودفعت المطعون ضدها بعدم جواز الطعن بالنقض لسابقه الفصل فيه بالحكم الصادر في الطعن سالف البيان وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن أخذاً بهذا الدفع. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدها والنيابة أن المادة 269/ 2 من قانون المرافعات توجب على محكمة الإحالة عند نقض الحكم أن تتبع المسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض فإذا ما التزمت به فإن الطعن على حكمها يعد تعييباً للحكم الناقض وهو أمر غير جائز.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أن الطعن بالنقض للمرة الثانية موجه إلى الحكم الجديد الصادر من محكمة الاستئناف وإن التزامها بالحكم الناقض لا يحول دون الطعن على حكمها الجديد بالنقض ولا ينصرف هذا الطعن إلى الحكم الناقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقول أنه يشترط لإعمال نص المادة 29 من القانون رقم 49 سنة 1977 من استمرار عقد الإيجار لصالح من تضمنهم نص تلك المادة من أقارب المستأجر ألا يكونوا محتجزين لمسكن آخر بذات المدينة بغير مقتض وهو الحظر المنصوص عليه في المادة الثامنة من ذات القانون أما ما نصت عليه المادة 39 من القانون المشار إليه من أحقية مالك العقار في أن يؤجر وحده واحدة مفروشة في العقار الذي يملكه وأن يؤجر هو أو المستأجر استثناءً - وحدة أخرى مفروشة في الأحوال والأغراض المبنية بالبندين أ، ب من نص تلك المادة فهي ميزة استثنائية لا تحول دون انتفاعه من استمرار عقد الإيجار وفقاً لأحكام المادة 29 سالفة البيان - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن نصت المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - المنطبقة على واقعة الدعوى - على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة 8 من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك..." والفقرة الأولى من المادة 8 من ذات القانون على أنه"لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض" إلا أن - الحظر الوارد بصفة عامة في المادة الأخيرة لا يسري على الأماكن التي يؤجرها مالكها مفروشة لحسابه بمقتضى الرخصة المخولة له في المادة 39 من هذا القانون والتي تجيزها الفقرة الأولى منها من أن يؤجر وحدة واحدة مفروشة في كل عقار يملكه وذلك في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون وتجيز له أيضاً فقرتها الثانية استثناءً من حقه الأصلي المقرر بالفقرة الأولى "أن يؤجر وحدة أخرى مفروشة في أي من الأحوال أو الأغراض الآتية أ - التأجير لإحدى الهيئات الأجنبية أو الدبلوماسية أو القنصلية أو المنظمات الدولية أو الإقليمية أو لأحد العاملين بها من الأجانب أو للأجانب المرخص لهم بالعمل أو بالإقامة بجمهورية مصر العربية. ب - التأجير للسائحين الأجانب أو لإحدى الجهات المرخص لها في مباشرة أعمال السياحة بغرض إسكان السائحين وذلك في المناطق التي يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة بالاتفاق مع المحافظ المختص" بما مؤداه أنه إذا توافر للمالك حقه في التأجير مفروشاً المنصوص عليه في المادة 39 المشار إليها فإن ذلك يعتبر من قبيل المقتضى الذي يخوله حق التمسك بأحكام الامتداد القانوني لعقد إيجار المسكن التي تضمنتها المادة 29 من ذات القانون ويحول ذلك بالتالي بين المؤجر وبين حقه في طلب الإخلاء المؤسس على احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد طبقاً لنص المادة 8 من ذات القانون إذ لا يعدو أن يكون التأجير مفروشاً طبقاً لنص المادة 39 من القانون أن يكون استعمالاً لحق خوله القانون لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده بمدوناته من أن "المستأنف (الطاعن) لم يمار في أن المستأنف ضدها (المطعون ضدها) كانت زوجة لمستأجر شقة النزاع وأنها كانت تشاركه الإقامة المستقرة بهذه الشقة حتى توفاه الله لرحمته. لما كان ذلك وكانت حافظتا مستندات المستأنف أمام محكمة أول درجة 6، 13 - دوسيه تضمنتا ما يفيد ملكية المستأنف ضدها العقار رقم 34 شارع علي إبراهيم رامز بمصر الجديدة وأنها تحوز الشقتين رقمي 15، 16 بالدور السادس منه حيث تقوم بتأجيرهما مفروشتين لرعايا الدول العربية اعتباراً من أول يناير سنة 1980 وكان هذا هو مضمون الشهادات الأربع المقدمة من المستأنف ضدها أمام محكمة أول درجة والمشار إليها بأسباب الحكم المستأنف وقد شهد........ بأن المستأنف ضدها تقوم بتأجير عقارها مفروشاً للأجانب كما شهد....... بأن المستأنف ضدها تؤجر وحدات عقارها المملوك لها خاليه عدا شقتين تقوم بتأجيرهما مفروشتين للأجانب وكان حاصل ذلك كله أن ما تحتجزه المستأنف ضدها بالعقار المملوك لها وحدتين سكنيتين فقط تقوم بتأجيرهما مفروشتين للأجانب وهو حق لها في نطاق المادة 39 من القانون 49 لسنة 1977 ومن قبيل المقتضى في حكم المادة الثامنة من ذات القانون فإن مطلب المستأنف إخلاء المستأنف ضدها من شقة النزاع والتي تعتصم في الاحتفاظ بها بحكم المادة 29 من القانون 49 سنة 1977 يفتقر لسنده فيتعين الرفض "وكانت الأسباب التي ساقها الحكم سنداً لقضائه سائغة وتتفق مع أحكام القانون التزم فيها الحكم بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.