أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 667

جلسة 16 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد جمال الدين شلقاني – نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ كمال محمد مراد، حسام الدين الحناوي، شكري جمعة حسين ومحمد شهاوي عبد ربه - نواب رئيس المحكمة.

(132)
الطعن رقم 2894 لسنة 64 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "التحسينات في العين المؤجرة" "التزامات المؤجر". عقد.
مسئولية المؤجر قبل المستأجر عن صيانة العين المؤجرة. مسئولية عقدية. وجوب إعذار المستأجر للمؤجر قبل القيام بالترميم لخصم ما أنفقه من الأجرة. المادتان 567/ 1، 568/ 2 مدني.
(2) التزام "الحق في الحبس" "المقاصة".
جواز امتناع المدين عن الوفاء بالتزامه استناداً إلى حقه في الحبس. شرطه. عدم عرض الدائن الوفاء بالتزام نشأ بسبب التزام هذا المدين ومرتبط به. مؤداه. حق الحبس وسيلة ضمان لعدم تنفيذ التزام مقابل. اختلافه عن المقاصة. اعتبار الأخيرة سبباً لانقضاء الدين.
1 - إذ كانت مسئولية المؤجر قبل المستأجر عن صيانة العين المؤجرة وإجراء ما يلزم لحفظها مسئولية عقدية، وأن مؤدى ما نصت عليه المادتان 567 فقرة أولى، 568/ 2 من القانون المدني أن يعذر المستأجر المؤجر قبل القيام بالترميم وألا يقوم به إلا بعد إعذاره حتى يتمكن من خصم ما أنفقه من مصروفات من الأجرة.
2 - النص في المادة 246 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل مدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه استناداً إلى حقه في الحبس ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام نشأ بسبب هذا المدين وكان مرتبطاً به، مما مؤداه أن حق الحبس دفع يعتصم به الدائن بوصفه وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ التزامه المقابل وهو بهذه المثابة يختلف عن المقاصة التي تشترط أن يكون الحق حالاً ومعين المقدار وتكون سبباً في انقضاء الدينين بقدر الأقل منهما، كما أن استعمال الحق في الحبس لا يتطلب إعذاراً ولا الحصول على ترخيص من القضاء. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك بحقه في حبس الأجرة لقعود المطعون ضده عن القيام بتنفيذ التزامه بتوصيل المياه بالمخالفة لشروط عقد الإيجار وعدم إجراء توصيلات الصرف الصحي والترميمات بالمخالفة لعقد الصلح المؤرخ 29/ 8/ 1988 المبرم بينهما ويستحيل قعوده عن القيام بها بالإنذار المؤرخ 13/ 10/ 1991 المعلن للمطعون ضده مع شخصه كما تسلم الأجرة المستحقة عن شهر أكتوبر سنة 1991 دون اعتراض، ولما كان هذا الدفاع دفاعاً جوهرياً مما يجوز أن يترتب عليه إن صح تغير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن تحقيق هذا الدفاع اجتزأ في الرد عليه على ما قرره من أن الطاعن لم يعذر المطعون ضده قبل القيام بالترميمات، يكون قد شابه قصور مبطل له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 363 لسنة 1992 طنطا الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم وقال بياناً لها إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 10/ 1988 استأجر منه الطاعن هذه الشقة لقاء أجرة مقدارها 25 جنيه شهرياً وإذ تأخر في سداد الأجرة من المدة 1/ 11/ 1991 حتى يناير سنة 1992 رغم سبق تأخره وسدادها في الدعوى رقم 601 لسنة 1990 مستعجل زفتى فقد أقام الدعوى. حكمت المحكمة بالإخلاء. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 47 لسنة 43 ق طنطا، وبتاريخ 26/ 1/ 1994 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، إذ قضى بإخلاء الشقة محل النزاع لعدم سداد الأجرة رغم تمسكه بأنه قام بإجراء ترميمات بالشقة بعد إنذاره واتفق مع المطعون ضده على خصم قيمتها في حدود مبلغ خمسمائة جنيه وطلب ندب خبير في الدعوى أو إحالتها إلى التحقيق، وإذ التفت الحكم عن تحقيق هذا الدفاع وركن في قضائه أنه كان يتعين على الطاعن إعذار المطعون ضده قبل القيام بهذه الترميمات، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كانت مسئولية المؤجر قبل المستأجر عن صيانة العين المؤجرة وإجراء ما يلزم لحفظها مسئولية عقدية، وأن مؤدى ما نصت عليه المادتان 567 فقرة أولى، 568/ 2 من القانون المدني أن يعذر المستأجر المؤجر قبل القيام بالترميم وألا يقوم به بعد إعذاره حتى يتمكن من خصم ما أنفقه من مصروفات من الأجرة، كما أن مفاد نص المادة 246 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل مدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه استناداً إلى حقه في الحبس ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام نشأ بسبب التزام هذا المدين وكان مرتبطاً به مما مؤداه أن حق الحبس دفع يعتصم به الدائن بوصفه وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ التزامه المقابل وهو بهذه المثابة يختلف عن المقاصة التي تشترط أن يكون الحق حالاً ومعين المقدار وتكون سبباً في انقضاء الدينين بقدر الأقل منهما، كما أن استعمال الحق في الحبس لا يتطلب إعذاراً ولا الحصول على ترخيص من القضاء. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك بحقه في حبس الأجرة لقعود المطعون ضده عن القيام بتنفيذ التزامه بتوصيل المياه بالمخالفة لشروط عقد الإيجار وعدم إجراء توصيلات الصرف الصحي والترميمات بالمخالفة لعقد الصلح المؤرخ 29/ 8/ 1988 المبرم بينهما ويستحيل قعوده عن القيام بها بالإنذار المؤرخ 13/ 10/ 1991 المعلن للمطعون ضده مع شخصه كما تسلم الأجرة المستحقة عن شهر أكتوبر سنة 1991 دون اعتراض، ولما كان هذا الدفاع دفاعاً جوهرياً مما يجوز أن يترتب عليه إن صح تغير وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن تحقيق هذا الدفاع واجتزأ في الرد عليه على ما قرره من أن الطاعن لم يعذر المطعون ضده قبل القيام بالترميمات، يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.