أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 674

جلسة 16 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ طلعت أمين - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عزت البنداري، كمال عبد النبي، سامح مصطفى - نواب رئيس المحكمة، ويحيى الجندي.

(134)
الطعن رقم 1289 لسنة 67 القضائية

(1، 2) اختصاص "الاختصاص النوعي". محكمة القيم.
(1) توزيع العمل على دوائر المحكمة. مسألة تنظيمية. لا يخلق نوعاً من اختصاص تنفرد به دائرة دون الأخرى.
(2) تشكيل دوائر مختلفة بمحكمة القيم وتخصيص بعضها لنظر أنواع معينة من المنازعات. تنظيم داخلي للمحكمة. عدم تعلقه بالاختصاص النوعي.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
(4) إثبات. خبرة. محكمة الموضوع.
عمل الخبير. عنصر من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. لها الأخذ بما انتهى إليه محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي بني عليها. عدم التزامها بالرد على المستندات المخالفة لما أخذت به. علة ذلك.
(5) إثبات "طرق الإثبات: القرائن القضائية".
وضع اليد. واقعة مادية. العبرة بما يثبت قيامه فعلاً وإن خالف ما ورد بالأوراق.
(6) نقض "أسباب الطعن: السبب الموضوعي".
الاستخلاص السائغ الذي له أصل ثابت بالأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم. المنازعة في ذلك. جدل موضوعي فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن توزيع العمل على دوائر المحكمة مسألة تنظيمية وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من اختصاص تنفرد به دائرة دون أخرى.
2 - إن تشكيل دوائر مختصة بمحكمة القيم وتخصيص بعضها لنظر أنواع معينة من المنازعات يدخل في نطاق التنظيم الداخلي للمحكمة ولا يتعلق بالاختصاص النوعي.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها لتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
4 - عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع ولها سلطة الأخذ بما انتهى إليه محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي بني عليها دون أن تكون ملزمة بالرد على المستندات المخالفة لما أخذت به لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لما يخالفها.
5 - وضع اليد واقعة مادية العبرة فيه بما يثبت قيامه فعلاً فإذا كان الواقع يخالف ما ورد بالأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع وإطراح ما عداه.
6 - إذ كان استخلاص الحكم سائغ وله أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم - عدا الأخير "وزير المالية بصفته" أقاموا الدعوى رقم 80 لسنة 7 ق أمام محكمة القيم بطلب الحكم باستبعاد مساحة 11/ 21، 21 س، 7 ط، 14 ف، من الأراضي الكائنة بحوض الدير المستجد رقم 16 قسم الدخيلة محافظة الإسكندرية والمبينة الحدود والمعالم بالعقود المسجلة والمشروعات الرسمية الموضحة بالصحيفة من المركز المالي للمحكوم بمصادرة أمواله ( ) عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر وعدم نفاذ حكم المصادرة رقم 21 لسنة 11 ق مصادرة ورقم 1 لسنة 2 ق مصادرة عليا الصادر بتاريخ 24/ 1/ 1987 على هذه المساحات وتسليمهم هذه الأرض وقالوا بياناً لدعواهم إنه بمقتضى خمسة عقود مسجلة مبينة بالصحيفة يمتلكون مساحة 2 س، 21 ط، 3 ف، كائنة بحوض الدير المستجد رقم 16 قسم الدخيلة محافظة الإسكندرية، ويمتلكون أيضاً بذات الحوض مساحة 19.5 س، 10 ط، 10 ف، بموجب عقدي بيع قدم عنهما مشروعين للشهر العقاري، وأن هذا القدر الأخير يمتلكونه مشاعاً في مساحة 15 س، 21 ط، 20 ف مع ( ) بصفته والياً طبيعياً على أولاده القصر وإذ صدر الحكم بمصادرة أموال الأخير وشمل الحكم أموالهم التي يمتلكوها فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره، تدخل الطاعن وطلب الحكم بأحقيته في قطعة الأرض المشتراة بالعقد المؤرخ 27/ 12/ 1987 والتسليم ورفض دعوى المطعون ضدهم عدا الأخير، أعادت المحكمة الدعوى إلى الخبير، وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 18/ 12/ 1993 بقبول تدخل الطاعن خصماً هجومياً في الدعوى وبرفضه موضوعاً، وفي الدعوى الأصلية باستبعاد مساحة 89/ 105 و5 س، 21 ط، 13 ف، المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتقريري الخبير من المركز المالي بمصادرة أموال ( ) عن نفسه وبصفته وتسليمها للمطعون ضدهم عدا الأخير. طعن الطاعن في هذا الحكم لدى المحكمة العليا للقيم بالطعن رقم 7 لسنة 14 ق، ندبت المحكمة مكتب الخبراء ليعهد بالمأمورية إلى ثلاث خبراء، وبعد أن قدموا تقريرهم، حكمت بتاريخ 25/ 1/ 1997 بتأييد الحكم المطعون فيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بعدم اختصاص الدائرة المدنية بمحكمة القيم بنظر الدعوى وأن الاختصاص ينعقد للدائرة الجنائية بها لأنها هي التي قضت بمصادرة أموال الخاضع فتختص دون غيرها باستبعاد الأموال المملوكة للغير والتي تضمنها المركز المالي إعمالاً للمادة 18 من القانون رقم 34 لسنة 1971، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع تأسيساً على أن تشكيل دوائر المحكمة لا يتعلق بالاختصاص النوعي وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن توزيع العمل على دوائر المحكمة مسألة تنظيمية وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من اختصاص تنفرد به دائرة دون أخرى، وأن تشكيل دوائر مختصة بمحكمة القيم وتخصيص بعضها لنظر أنواع معينة من المنازعات يدخل في نطاق التنظيم الداخلي للمحكمة ولا يتعلق بالاختصاص النوعي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه قدم أمام محكمة الموضوع المستندات الدالة على وضع يده على أرض التداعي - محل طلب التدخل - استمراراً لوضع يد البائع له المدة الطويلة المكسبة للملكية المستوفية لشرائطها القانونية، إذ الثابت من الشهادة الصادرة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير "منطقة غرب الدلتا - إدارة التمليك" أن سلفه البائع له السيد/ ( ) يضع اليد على قطعة أرض مساحتها أربعة أفدنة بناحية الدراع البحري الموضحة بالشهادة المؤرخة 29/ 9/ 1956 وأنه تقدم بطلب لشرائها قيد بسجل طلبات تقنين وضع اليد رقم 24 في 29/ 9/ 1956 وقد استمر الطاعن في وضع يده على الأرض المبيعة بعد شرائها من سلفه المذكور بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 27/ 12/ 1977 المقضي بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 786 لسنة 1978 كلي جنوب القاهرة وقدم صورة ضوئية من صحيفة تلك الدعوى المشهرة برقم 429 في 28/ 1/ 1989 إسكندرية وصورة رسمية من الحكم الصادر فيها، وأقام على الأرض فيلا مكتملة المرافق قدم بشأنها ما يفيد توصيل المياه والكهرباء وعقد المقاولة بينه وبين البائع له على إقامة الفيلا وكشف حصر نهائي بالأعمال التي تمت بها وما يفيد استلام البائع لكامل ثمن الأرض، كما قدم كذلك صورة من الشكاوى الخاصة بالتعدي على الأرض وصورة من التظلم المقدم لجهاز المدعي العام الاشتراكي لاستبعادها من المركز المالي للخاضع ( )، إلا أن الخبير ومن بعده لجنة الخبراء لم يبحثا تلك المستندات، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى نفي وضع يد البائع - سلف الطاعن - ومن بعده الطاعن على أرض التداعي المدة الطويلة المكسبة للملكية رغم توافر شروطه من حيث الهدوء والظهور والاستمرار والتفت عما هو ثابت بالمستندات المقدمة منه وعما شهد به شاهديه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها لتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقديرها ولها سلطة الأخذ بما انتهى إليه محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي بني عليها دون أن تكون ملزمة بالرد على المستندات المخالفة لما أخذت به لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لما يخالفها. لما كان ذلك، وكان وضع اليد واقعة مادية العبرة فيه بما يثبت قيامه فعلاً، فإذا كان الواقع يخالف ما ورد بالأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع وإطراح ما عداه. وكان البين من تقرير الخبير أنه خلص إلى أن البائع للطاعن لا يمتلك الأرض المباعة منه بالعقد المؤرخ 27/ 12/ 1977 ولم يكن له وضع يد على هذه الأرض قبل بيعها للطاعن، وأنها تدخل ضمن مساحة 28 ف تسلمها المدعي العام الاشتراكي بتاريخ 13/ 10/ 1987 بالقرار الصادر بمنع ( ) من التصرف في أمواله، وأن البناء الذي أقامه الطاعن على قطعة الأرض أنشأ في سنة 1978 وتم هدمه في 7/ 1/ 1980 بناء على قرار النيابة العامة، وأن المساحة السالفة الذكر التي يدخل ضمنها أرض النزاع ليس بها من مظاهر وضع اليد سوى حجرات للحراسة وأن الخفراء المكلفين بها يعملون طرف المطعون ضده الأول وآخر، كما انتهى تقرير لجنة الخبراء المقدم أمام المحكمة العليا للقيم في خصوص طلب شراء المساحة التي تقع بها قطعة الأرض المقدم من البائع ( ) إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية أنه لم يتم السير في إجراءات البيع وأن صحة تاريخه هو 25/ 5/ 1976 وليس 29/ 9/ 1956 وأنه تبين لهم من معاينة أرض النزاع عدم وجود مباني قديمة أو مغروسات (أشجار) أو مصدر ري (آبار) وأن الأرض موضوع النزاع ضمن مسطح العقد المسجل رقم 2307 لسنة 1974 وفي وضع يد المطعون عدا الأخير والخاضع ( ). لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعن على ما استخلصه من تقرير الخبير من أن البائع للطاعن لم يكن له وضع يد على المساحة محل عقد البيع الابتدائي المؤرخ 27/ 12/ 1977 وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه، فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.