أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 42 - صـ 1482

جلسة 24 من يوليه سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: طه الشريف، أحمد أبو الحجاج نائبي رئيس المحكمة، عبد الصمد عبد العزيز وعبد الرحمن فكري.

(230)
الطعن رقم 3327 لسنة 60 القضائية

(1) التماس إعادة النظر. دعوى.
التماس إعادة النظر. ماهيته.
(2) دعوى "شطب الدعوى" "اعتبار الدعوى كأن لم تكن". استئناف.
بقاء الدعوى مشطوبة ستين يوماً دون أن يطلب أحد الخصوم السير فيها. اعتبارها كأن لم تكن بقوة القانون. م 82 مرافعات. وجوب القضاء به متى طلب المدعى عليه ذلك قبل التكلم في الموضوع. سريان ذلك على الاستئناف. المادتان 230، 240 من قانون المرافعات.
(3) دعوى "سقوط الخصومة" "اعتبار الدعوى كأن لم تكن". حكم "التماس".
سقوط الخصومة لعدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه. م 134 مرافعات. أثره. إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوى. م 137 مرافعات. عدم سقوط الأحكام القطعية الصادرة في الدعوى ولا الإجراءات السابقة على تلك الأحكام. سريان هذه الآثار على القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب في الميعاد القانوني. م 82 مرافعات. علة ذلك. الحكم القطعي. ماهيته. الحكم بسقوط الخصومة في التماس إعادة النظر. صوريته. أثره. م 138 مرافعات.
(4) التماس إعادة النظر. حكم.
الحكم على الملتمس بالغرامة. حالاته. ليس من بينها حالة الحكم باعتبار الالتماس كأن لم يكن. م 246 مرافعات.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التماس إعادة النظر يهدف إلى محو الحكم الملتمس فيه ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره ويتمكن بذلك من مواجهة النزاع من جديد.
2 - مفاد نص المادة 82/ 1 من قانون المرافعات أن الدعوى إذا بقيت مشطوبة ستين يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها اعتبرت كأن لم تكن بقوة القانون وعلى محكمة الموضوع أن تقضي بذلك متى طلبه المدعى عليه قبل التكلم في الموضوع وذلك كجزاءً لتقصير المدعي في موالاة السير في دعواه وحثه على متابعة إجراءاتها، ويسري حكم تلك المادة على الاستئناف وفقاً لنص المادتين 230، 240 من القانون سالف الذكر.
3 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة - أن اعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب في الميعاد القانوني ولم يطلب المدعي السير فيها وفقاً لنص المادة 82 من قانون المرافعات، وكذلك سقوط الخصومة في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه المنصوص عليه في المادة 134 من القانون سالف الذكر لونان من ألوان الجزاء قررهما المشرع لحكمة واحدة وهي تقصير المدعي في موالاة السير في الدعوى وحثه على متابعة إجراءاتها حتى لا تتراكم الدعاوى أمام المحاكم، الأمر الذي يقتضي توحيد الأثر المترتب بالنسبة للجزائين، ولما كان المشرع قد رتب في المادة 137 من قانون المرافعات على الحكم بسقوط الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها بما في ذلك صحيفة الدعوى إلا أنه مع ذلك لم يسقط الأحكام القطعية الصادرة فيها ولا الإجراءات السابقة على تلك الأحكام، وأجاز للخصوم التمسك بها ما لم تكن باطلة في ذاتها، فإن هذه الأحكام تسري بدورها في حالة اعتبار الدعوى كأن لم تكن، إذ ليس في نصوص قانون المرافعات ما يمنع من تطبيقها أو يدل على أن المشرع أراد أن يرتب على اعتبار الدعوى كأن لم تكن آثاراً أشد من الآثار التي رتبها على سقوط الخصومة كما أن الحكمة التي أملت على المشرع تقرير هذه الأحكام بالنسبة لسقوط الخصومة تتحقق كذلك في حالة اعتبار الدعوى كأن لم تكن التي وإن يترتب عليها إلغاء إجراءاتها إلا أنه لا يسقط الحق في الأحكام القطعية الصادرة فيها - والحكم القطعي هو الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو جزءً منه أو في مسألة فرعية عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته، ومفاد نص المادة 138 من القانون سالف البيان أنه متى حكم بسقوط الخصومة في التماس إعادة النظر قبل الحكم بقبول الالتماس يترتب عليه سقوط الالتماس ذاته أما بعد الحكم بقبول الالتماس فتسري القواعد السالفة الذكر.
4 - مفاد نص المادة 246 من قانون المرافعات أنها حددت الحالات التي يحكم فيها على الملتمس بالغرامة وهي حالة الحكم برفض الالتماس أو عدم قبوله أو عدم جوازه وليس من بين تلك الحالات حالة الحكم باعتبار الالتماس كأن لم يكن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 60 لسنة 1980 مدني كلي شمال سيناء على الطاعن بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم للعقار الموضح بالأوراق وقالوا شرحاً لذلك أنهم يمتلكون المزرعة سالفة البيان ميراثاً عن والدهم الذي اشتراها بعقد عرفي مع شقيقه الطاعن وآخر وقام الشركاء بزراعتها وظلت الملكية شائعة حتى عام 1964، وقد اتفق الشركاء على إنهاء حالة الشيوع فاختص مورثهم بالجزء الغربي من المزرعة وإذ قام خلاف بين الشركاء فأقاموا دعواهم بالطلبات. قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 75 لسنة 6 ق الإسماعيلية. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 19/ 3/ 1985 بتثبيت ملكية المطعون ضدهم لأطيان النزاع وتسليمها لهم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التماس إعادة النظر وقيدت الدعوى برقم 187 لسنة 10 ق استئناف الإسماعيلية. وبتاريخ 12/ 5/ 1986 قضت محكمة استئناف الإسماعيلية بقبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر بجلسة 19/ 3/ 1985 في الاستئناف رقم 75 لسنة 6 ق الإسماعيلية وتحديد جلسة ليحدد الخصوم طلباتهم الموضوعية. وإذ تخلف الملتمس عن الحضور بجلسة 11/ 3/ 1987 قررت المحكمة شطب الدعوى. عَجَل المطعون ضدهم الدعوى وطلبوا اعتبار الالتماس كأن لم يكن لعدم تجديده من الشطب خلال الميعاد القانوني. وبجلسة 7/ 6/ 1990 قضت المحكمة للمطعون ضدهم بطلباتهم وبتغريم الملتمس عشرة جنيهات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول بأنه يترتب على الحكم بقبول الالتماس شكلاً وإلغاء الحكم الملتمس فيه عودة الخصوم إلى مراكزهم التي كانوا عليها في الاستئناف وإذ كان الطاعن - الملتمس في مركز المستأنف ضده - وكان المطعون ضدهم - الملتمس ضدهم - في مركز المستأنفين - وإذ عَجَل المطعون ضدهم الدعوى بعد بقائها مشطوبة لأكثر من ستين يوماً تمسك الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن دفعه وقضى للمطعون ضدهم باعتبار الالتماس كأن لم يكن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التماس إعادة النظر يهدف إلى محو الحكم الملتمس فيه ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره ويتمكن بذلك من مواجهة النزاع من جديد. وأن مفاد نص المادة 82/ 1 من قانون المرافعات أن الدعوى إذا بقيت مشطوبة ستين يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها اعتبرت كأن لم تكن بقوة القانون وعلى محكمة الموضوع أن تقضي بذلك متى طلبه المدعى عليه قبل التكلم في الموضوع، وذلك كجزاء لتقصير المدعي في موالاة السير في دعواه وحثه على متابعة إجراءاتها، ويسري حكم تلك المادة على الاستئناف وفقاً لنص المادتين 230، 240 من القانون سالف الذكر، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قضى بجلسة 12/ 5/ 1986 بقبول الالتماس شكلاً وبإلغاء الحكم الصادر بجلسة 19/ 3/ 1985 في الاستئناف رقم 75 لسنة 6 ق الإسماعيلية وكان يترتب على ذلك الحكم عودة الخصوم إلى مراكزهم التي كانوا عليها في الاستئناف، وكان الطاعن - الملتمس - في مركز المستأنف عليه، وكان المطعون ضدهم - الملتمس ضدهم - في مركز المستأنفين، وإذ تخلف الطاعن عن حضور إحدى الجلسات وحضر وكيل المستأنفين - المطعون ضدهم - فما كان للمحكمة أن تقرر شطب الاستئناف، وإذ عول الحكم المطعون فيه على قرار الشطب رغم ما شابه من خطأ وأخطأ تحري مركز الخصوم بعد الحكم بقبول الالتماس مما جعله يقبل الدفع المبدى من المطعون ضدهم باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب في الميعاد رغم أنه ليس لهم الحق في إبداء هذا الدفع لكونهم في مركز المستأنفين وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول بأن اعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب في الميعاد القانوني يرتب ذات الآثار الخاصة بسقوط الخصومة فتزول جميع إجراءات الخصومة فيما عدا الأحكام القطعية والإجراءات السابقة عليها، وأن المادة 138 من قانون المرافعات فرقت بين حالتين الأولى قبل الحكم بقبول الالتماس فإن الحكم الصادر بسقوط الخصومة يترتب عليه سقوط طلب الالتماس نفسه والحالة الثانية بعد الحكم بقبول الالتماس، فتسري القواعد الخاصة بالاستئناف أو بأول درجة حسب الأحوال، وإذ كان الحكم في الالتماس الصادر بجلسة 12/ 5/ 1986 قضى قطعياً بقبول الالتماس شكلاً وبإلغاء الحكم الصادر بجلسة 19/ 3/ 1985 في الاستئناف رقم 75 لسنة 6 ق الإسماعيلية، فإن الحكم الصادر بعد ذلك باعتبار الالتماس كأن لم يكن لا يؤدي إلى زوال الحكم القطعي سالف الذكر بل يبقى قائماً مُنتِجاً لآثاره، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى زوال الحكم القطعي الصادر بجلسة 12/ 5/ 1986 واعتبر طلب الالتماس ذاته كأن لم يكن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب في الميعاد القانوني ولم يطلب المدعي السير فيها وفقاً لنص المادة 82 من قانون المرافعات، وكذلك سقوط الخصومة في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه المنصوص عليه في المادة 134 من القانون سالف الذكر لونان من ألوان الجزاء قررهما المشرع لحكمة واحدة وهي تقصير المدعي في موالاة السير في الدعوى وحثه على متابعة إجراءاتها حتى لا تتراكم الدعاوى أمام المحاكم، الأمر الذي يقتضي توحيد الأثر المترتب بالنسبة للجزائين، ولما كان المشرع قد رتب في المادة 137 من قانون المرافعات على الحكم بسقوط الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها بما في ذلك صحيفة الدعوى، إلا أنه مع ذلك لم يسقط الأحكام القطعية الصادرة فيها، ولا الإجراءات السابقة على تلك الأحكام، وأجاز للخصوم التمسك بها ما لم تكن باطلة في ذاتها، فإن هذه الأحكام تسري بدورها في حالة اعتبار الدعوى كأن لم تكن، إذ ليس في نصوص قانون المرافعات ما يمنع من تطبيقها أو يدل على أن المشرع أراد أن يرتب على اعتبار الدعوى كأن لم تكن آثاراً أشد من الآثار التي رتبها على سقوط الخصومة، كما أن الحكمة التي أملت على المشرع تقرير هذه الأحكام بالنسبة لسقوط الخصومة تتحقق كذلك في حالة اعتبار الدعوى كأن لم تكن التي وإن يترتب عليها إلغاء إجراءاتها إلا أنه لا يسقط الحق في الأحكام القطعية الصادرة فيها، وأن الحكم القطعي هو الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو جزءً منه أو في مسألة فرعية عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته. وكان مفاد نص المادة 138 من القانون سالف البيان أنه متى حكم بسقوط الخصومة في التماس إعادة النظر قبل الحكم بقبول الالتماس يترتب عليه سقوط طلب الالتماس ذاته أما بعد الحكم بقبول الالتماس فتسري القواعد السالفة الذكر. لما كان ذلك وكان الحكم الصادر باعتبار الالتماس كأن لم يكن قد صدر بعد الحكم بقبول الالتماس وإلغاء الحكم الملتمس فيه مما كان يتعين أن تقف آثار الحكم باعتبار الالتماس كأن لم يكن عند الحكم الأخير باعتباره حكماً قطعياً لا يسقط بل يبقى قائماً منتجاً لآثاره، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأورد بأسبابه أنه يترتب على الحكم باعتبار الالتماس كأن لم يكن زوال الحكم الصادر بجلسة 12/ 5/ 1986، وكذلك زوال طلب الالتماس ذاته فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول بأن المشرع جعل مناط الحكم بالغرامة قضاء المحكمة برفض الالتماس أو بعدم جوازه وليس من بين تلك الحالات حالة الحكم بقبول الالتماس أو اعتباره كأن لم يكن فإن الحكم المطعون فيه إذ ألزمه بغرامة عشرة جنيهات كما ألزمه المصروفات والأتعاب حالة كونه لم يخسر الالتماس فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك لأن مفاد نص المادة 246 من قانون المرافعات أنها حددت الحالات التي يحكم فيها على الملتمس بالغرامة وهي حالة الحكم برفض الالتماس أو عدم قبوله أو عدم جوازه وليس من بين تلك الحالات حالة الحكم باعتبار الالتماس كأن لم يكن وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باعتبار الالتماس كأن لم يكن وإلزام الطاعن بالغرامة كما ألزمه المصروفات حالة كونه لم يخسر الالتماس، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الأخير.