أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 695

جلسة 20 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، عبد الرحمن العشماوي - نائبي رئيس المحكمة، محمود سعيد محمود ومحيي الدين السيد.

(139)
الطعن رقم 2642 لسنة 68 القضائية

(1) شهر عقاري "رسوم التوثيق والشهر". رسوم. تسجيل.
نظام التحري الذي يجيز لمصلحة الشهر والتوثيق بعد إتمام الشهر تقدير قيمة الأموال موضوع المحرر المشهر بأكثر مما تضمنه والمطالبة بفروق الرسوم المستحقة. إلغاؤه بالقانون 6 لسنة 1991 المعدل للقانون 70 لسنة 1964. تحصيل ما لم يؤد من رسوم مستحقة. قصره على حالتي الخطأ المادي والغش. المقصود بكل منهما.
(2) حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال: ما يُعد كذلك".
فساد الحكم في الاستدلال. ماهيته. استناد المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر.
1 - إن المشرع بإصداره القانون رقم 6 لسنة 1991 متضمناً فيما تضمنه تعديل بعض أحكام قانون رسوم التوثيق والشهر الصادر بالقرار بقانون رقم 70 لسنة 1964 ارتأى في هذا التعديل إلغاء نظام التحري والذي كان يجيز لمصلحة الشهر والتوثيق - بعد إتمام الشهر - أن تجري تحرياتها للتعرف على القيمة الحقيقية للأموال موضوع المحررات المشهرة حتى إذا ما أسفرت هذه التحريات عن تقدير لهذه القيمة بأكثر مما تضمنه المحرر فإنها تطالب بفروق الرسوم المستحقة بما كان يخلق قلقاً لدى أصحاب الشأن في معرفة ما هو مستحق عليهم من رسوم عند أدائها فاتجه بهذا التعديل إلى اعتناق نظام تحديد قيم هذه الأموال على نحو ثابت وفقاً لأسس حددها القانون أو أحال فيها إلى جداول يصدر بها قرار من وزير العدل وتنتفي معها المطالبة اللاحقة لعملية الشهر واستتباعاً لإلغاء نظام التحري آنف البيان فقد جرى تعديل المادة 25 من قانون رسوم التوثيق والشهر المشار إليه إلى أن "يكون للدولة - ضماناً لسداد ما لم يؤد من رسوم نتيجة الخطأ المادي أو الغش - حق امتياز على الأموال محل التصرف وتكون هذه الأموال ضامنة لسداد تلك الرسوم في أي يد تكون" فاقتصر أمر اقتضاء ما لم يؤد من رسوم في حالتي الخطأ المادي والغش فقط فيصدر بتقديرها في هاتين الحالتين أمراً وفقاً للمادة 26 من ذات القانون والمعدلة بدورها بالقانون رقم 6 لسنة 1991 سابق الذكر - على أن أكثر ما يبرز فيه مفهوم الخطأ المادي هو في الخطأ الحسابي أما الغش فهو - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 6 لسنة 1991 - الفعل العمدي الذي يتوخى به مرتكبه أن يغم على صاحب الشأن إدراك الحقيقة التي يبني عليها قراره سواء كانت هذه الحقيقة أمر واقع أو أمر قانون وهو إذ يقع فإنه يفسد التصرف ويجيز للمصلحة بناء على ذلك أن تتخذ إجراءاتها للتوصل إلى حقيقة ما هو مستحق وفقاً لأحكام القانون وتطالب به باعتباره مالاً لم يؤد.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على نحو ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مكتب الشهر العقاري بالجيزة أصدر أمراً بتقدير مبلغ 24201.10 جنيه قيمة رسوم تكميلية مستحقة على الطاعن عن المحرر المشهر رقم 2955 لسنة 1992، تظلم الأخير من هذا الأمر بتقرير في قلب كتاب المحكمة وقيد برقم 819 لسنة 1997 مدني الجيزة الابتدائية طالباً الحكم بإلغائه استناداً إلى أن التقدير جاء مخالفاً للقانون، أجابت محكمة أول درجة الطاعن إلى طلباته بحكم استأنفه المطعون ضدهما "بصفتيهما" بالاستئناف رقم 2040 لسنة 115 ق "القاهرة" وفيه حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتأييد أمر التقدير المتظلم منه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون مع الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وذلك حين أقام قضاءه بتأييد أمر تقدير الرسوم التكميلية المتظلم منه على ما لاحظه مكتب الشهر العقاري من أن الثمن المدون في العقد يختلف عن الثمن الحقيقي للعقار بالنظر إلى وقوع الأرض موضوع المحرر المشهر داخل كردون المدينة بما يدخل هذا الفرق في نطاق الحالتين المنصوص عليهما في المادة 25 من قانون رسوم التوثيق والشهر رقم 70 لسنة 1964 بعد تعديلها بالقانون رقم 6 لسنة 1991 وهما الخطأ المادي في تقدير الرسوم والغش بما يسمح بصدور أمر بالرسوم التكميلية، وإذ لم يبين الحكم المطعون فيه مصدر عقيدته في هذا الشأن والدليل عليه فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب فضلاً عن مخالفة القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المشرع بإصداره القانون رقم 6 لسنة 1991 متضمناً فيما تضمنه تعديل بعض أحكام قانون رسوم التوثيق والشهر الصادر بالقرار بقانون رقم 70 لسنة 1964 ارتأى في هذا التعديل إلغاء نظام التحري والذي كان يجيز لمصلحة الشهر والتوثيق - بعد إتمام الشهر أن تجري تحرياتها للتعرف على القيمة الحقيقية للأموال موضوع المحررات المشهرة حتى إذا ما أسفرت هذه التحريات عن تقدير لهذه القيمة بأكثر مما تضمنه المحرر فإنها تطالب بفروق الرسوم المستحقة بما كان يخلق قلقاً لدى أصحاب الشأن في معرفة ما هو مستحق عليهم من رسوم عند أدائها فاتجه بهذا التعديل إلى اعتناق نظام تحديد قيم هذه الأموال على نحو ثابت وفقاً لأسس حددها القانون أو أحال فيها إلى جداول يصدر بها قرار من وزير العدل وتنتفي معها المطالبة اللاحقة لعملية الشهر واستتباعاً لإلغاء نظام التحري آنف البيان فقد جرى تعديل المادة 25 من قانون رسوم التوثيق والشهر المشار إليه إلى أن "يكون للدولة - ضماناً لسداد ما لم يؤد من رسوم نتيجة الخطأ المادي أو الغش - حق امتياز على الأموال محل التصرف وتكون هذه الأموال ضامنة لسداد تلك الرسوم في أي يد تكون" فاقتصر أمر اقتضاء ما لم يؤد من رسوم في حالتي الخطأ المادي والغش فقط فيصدر بتقديرها في هاتين الحالتين أمر وفقاً للمادة 26 من ذات القانون - والمعدلة بدورها بالقانون رقم 6 لسنة 1991 سابق الذكر - على أن أكثر ما يبرز فيه من مفهوم الخطأ المادي هو في الخطأ الحسابي أما الغش فهو على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 6 لسنة 1991 - الفعل العمدي الذي يتوخى به مرتكبه أن يغم على صاحب الشأن إدراك الحقيقة التي يبني عليها قراره سواء كانت هذه الحقيقة أمر واقع أو أمر قانون وهو إذ يقع فإنه يفسد التصرف ويجيز للمصلحة بناء على ذلك أن تتخذ إجراءاتها للتوصل إلى حقيقة ما هو مستحق وفقاً لأحكام القانون وتطالب به باعتباره مالاً لم يؤد. لما كان ذلك، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها. لما كان ما تقدم وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وتأييد أمر التقدير المتظلم منه على ما قرره "أنه لما لاحظه مكتب شهر عقاري الجيزة من أن الثمن بالعقد والذي تم تحصيل الرسم النسبي مؤقتاً على أساسه ليس هو الثمن الحقيقي للعقار محل التصرف وأن هناك فرقاً في سعر المتر المربع منه لأن الأرض محل التصرف المشهر داخل كردون مدينة الجيزة وهناك فرق سعر قدره ألفي جنيه في ثمن المتر المربع بين الثمن المدون بالعقد والثمن الحقيقي ولذلك فقد قدر الرسم النسبي وفقاً للثمن الحقيقي وطلب من المستأنف ضده (الطاعن) باعتباره الملزم بأداء الرسوم بسداد فرق الرسم النسبي أو الرسوم التكميلية وهو يعتبر داخلاً في نطاق الحالتين التي نصت عليهما المادة 25 من قانون الرسوم رقم 6 لسنة 1991...." فإن هذا الذي قرره الحكم لا يوضح مقومات اقتناع المحكمة بالذي انتهت إليه بشأن توافر الغش أو الخطأ المادي بالمدلول آنف البيان والذي يبرر صدور أمر برسوم أخرى باعتبارها مالاً لم يؤد ودون أن يبين فيه على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها فيما أقامت عليه قضاءها بل هي أمور افترضها الحكم افتراضاً دون أن يقيم عليها الدليل أو يكشف عن المصدر الذي استقاها منه الأمر الذي يجعله متسماً بعدم السلامة في الاستنباط والفساد في الاستدلال مع القصور في التسبيب، بما يعيبه ويوجب نقضه.