أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 42 - صـ 1501

جلسة 30 من يوليه سنة 1991

برئاسة السيد المستشار / حسين محمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى حسيب عباس محمود نائب رئيس المحكمة، فتحي محمود يوسف، أنور رشاد العاصي وعبد المنعم محمد الشهاوي.

(233)
الطعن رقم 63 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"

(1 - 3) المسائل الخاصة بالمسلمين "التطليق، الطاعة".
(1) دعوى الطاعة. اختلافهاً موضوعاً وسبباً عن دعوى التطليق للضرر. مؤداه. لا على المحكمة أن تنظر كل منهما مستقلة عن الأخرى.
(2) التحكيم في دعوى التطليق للضرر. شرطه. تكرار طلب التفريق من الزوجة لإضرار الزوج بها بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن إثبات ما تتضرر منه.
(3) القضاء بالتطليق للضرر. شرطه. عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين. القانون لم يرسم طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح.
(4، 5) دعوى الأحوال الشخصية "الإثبات".
(4) شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض. قبولها في المذهب الحنفي. الاستثناء. الفرع لأصله والأصل لفرعه.
(5) الأصل في الشهادة. معاينة الشاهد محل الشهادة بنفسه عيناً أو سماعاً. التطليق للضرر. لا تصح فيه الشهادة بالتسامع.
(6) الطعن في الحكم "النقض".
دفاع قانوني يخالطه واقع. عدم قبول إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. مثال.
1 - دعوى الطاعة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب إقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية، بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة، أضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة. ومن ثم فلا على محكمة الموضوع أن تنتظر كل منهما مستقلة عن الأخرى.
2 - النص في المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذ ثبت الضرر وعجز الإصلاح بينهما، فإذا رفض الطلب ثم تكررت الشكوى ولم يثبت الضرر بعث القاضي حكمين وقضى على الوجه المبين بالمواد 7, 8, 9, 10, 11" مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم في دعوى التطليق للضرر لا يكون إلا إذا تكرر من الزوجة طلب التفريق لإضرار الزوج بها بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن ثبات ما تتضرر منه.
3 - المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 وإن اشترطت للقضاء بالتطليق للضرر عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين إلا إنها لم ترسم طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح بينهما، وكان الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة عرضت الصلح بجلسة..... فقبله الطاعن ورفضه وكيل المطعون ضدها. وكان هذا كافياً لتحقيق عجز المحكمة عن الإصلاح بينهما.
4 - المقرر في المذهب الحنفي قبول شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض - عدا الفرع لأصله والأصل لفرعه - مما تقبل معه شهادة الأخ لأخيه.
5 - الأصل في الشهادة هي معاينة الشاهد محل الشهادة بنفسه فلا يجوز أن يشهد بشيء لم يعاينه عيناً أو سماعاً في غير الأحوال التي تصح فيها الشهادة بالتسامع - وليس من بينها الشهادة على التطليق للضرر.
6 - الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم حصول المطعون ضدها على إذن نقابة المحامين الفرعية برفع دعواها ضده وهو دفاع قانوني يخالطه واقع فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2968 لسنة 1986 أحوال شخصية كلي شمال القاهرة على الطاعن - للحكم بتطليقها عليه للضرر. وقالت بياناً لدعواها إنها زوجته بصحيح العقد الشرعي ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وقد دأب على التعدي عليها بالسب بألفاظ نابية على مسمع من الجيران. وإذ تضررت من ذلك فقد أقامت الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بتاريخ 29/ 12/ 1987 بتطليق المطعون ضدها. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 104 لسنة 105 ق أحوال شخصية، وبتاريخ 12/ 1/ 1989 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول أن هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه تخالف الهيئة التي سمعت المرافعة وهو ما يصم الحكم بالبطلان عملاً بنص المادة 167 من قانون المرافعات والتي أوجبت أن تكون الهيئة التي أصدرت الحكم هي بذاتها التي تمت المرافعة أمامها. مما يعيب الحكم بالبطلان ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الثابت من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي نظرت الدعوى وسمعت المرافعة فيها بجلسة 8/ 12/ 1988 هي ذاتها التي أصدرت الحكم بعد المداولة فيه، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع من ثلاثة وجوه، يقول في وجهه الأول أن المطعون ضدها أقامت الدعوى بطلب تطليقها للضرر، كما أقامت الدعوى رقم 439 لسنة 1987 أمام ذات المحكمة بالاعتراض على إنذارها بالدخول في طاعة الطاعن، ورفضت المحكمة طلبه ضم الدعويين معاً للارتباط. ويقول في وجهه الثاني أن محكمة الموضوع بدرجتيها أغفلت اتخاذ إجراءات التحكيم المنصوص عليها بالمادة 11 مكرراً بالقانون رقم 100 لسنة 1985 - وفي وجهه الثالث أن محكمة الموضوع لم تتدخل لإنهاء النزاع صلحاً بين الطرفين. مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير سديد ذلك أن دعوى الطاعة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية، بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة، إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة. ومن ثم فلا على محكمة الموضوع أن تنظر كل منهما مستقلة عن الأخرى. ومردود في وجهه الثاني ذلك أن النص في المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذ ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما، فإذا رفض الطلب ثم تكررت الشكوى ولم يثبت الضرر بعث القاضي حكمين وقضى على الوجه المبين بالمواد 7, 8, 9, 10, 11" مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم في دعوى التطليق للضرر لا يكون إلا إذا تكرر من الزوجة طلب التفريق لأضرار الزوج بها بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن إثبات ما تتضرر منه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن دعوى المطعون ضدها بتطليقها على الطاعن للضرر هي الدعوى الأولى - وقد قضى بتطليقها طلقة بائنة لثبوت المضارة الموجبة التطليق ومن ثم فلا محل لاتخاذ إجراءات التحكيم فيها ومردود في وجهه الثالث ذلك أن المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 وإن اشترطت للقضاء بالتطليق للضرر عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين إلا إنها لم ترسم طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح بينهما، وكان الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة عرضت الصلح بجلسة10/ 11/ 1987 فقبله الطاعن ورفضه وكيل المطعون ضدها. وكان هذا كافياً لتحقيق عجز المحكمة عن الإصلاح بينهما،. ويكون النعي بهذا السبب برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على ما ورد بأقوال شاهديها - مجاملة لها لصلة القربى المباشرة بينها وبينهما، فأولهما شقيقها والثاني زوج شقيقتها وأنهما أكثر الناس عداوة وبغضاً للطاعن، كما جاءت شهادتهما سماعية وغير موافقة لدعواها، كما استبعدت شهادة شاهديه. مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر في المذهب الحنفي قبول شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض - عدا الفرع لأصله والأصل لفرعه - مما تقبل معه شهادة الأخ لأخيه - وأن الأصل في الشهادة هي معاينة الشاهد محل الشهادة بنفسه فلا يجوز أن يشهد بشيء لم يعاينه عيناً أو سماعاً في غير الأحوال التي تصح فيها الشهادة بالتسامع - وليس من بينها الشهادة على التطليق للضرر - كما تتحقق عدالة الشاهد ما لم يقم الدليل على غير ذلك، لما كان ذلك، وكان البين من شهادة شاهدي المطعون ضدها وهما شقيقها وزوج شقيقتها - أنهما شاهدا وسمعا اعتداء الطاعن عليها بألفاظ السباب الثابتة و بالأوراق وتضررها من ذلك فإن شهادتهما تكون قد انصبت على وقائع حدثت على مرأى ومسمع منهما ولا تكون شهادتهما سماعية وإنما هي شهادة عيان توافر لها نصابها الشرعي وموافقة للدعوى، وكان الطاعن لم يبين بسبب النعي وجه الميل للمطعون ضدها أو العداوة والبغض له الذي ينسبه للشاهدين فلا على الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ طرح بينة الطاعن واعتد بشهادة المطعون ضدها وعول عليها في قضائه بالتطليق، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه بالبطلان وفي بيان ذلك يقول إنه وهو محام كان يتعين الحكم بعدم قبول الطعن لعدم استئذان المطعون ضدها نقابة المحامين الفرعية قبل رفع الدعوى ضده. وإذ قضى الحكم بتطليقها عليه قبل الحصول على هذا الإذن فإنه يكون مشوباً بالبطلان بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول - ذلك أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم حصول المطعون ضدها على إذن نقابة المحامين الفرعية برفع دعواها ضده وهو دفاع قانوني يخالطه واقع فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.